قرار الاجتماع الموسع للجنة المركزية الثاني عشر حول

الاوضاع السياسية في العراق

 

منذ 2003 و لحد اليوم لم يرجع العراق الى حالته الطبيعيه والعادية. وبعد هزيمة داعش واسقاط الخلافة الأسلامية في العراق والشام، يمر العراق بفترة انعطافات حرجة واصبح ميدانا جديا للصراعات العالمية والاقليمية وخاصة بين امريكا وايران. ان الأزمة في العراق تتعمق اكثر فاكثر ولا يمكن حلها في هكذا وضع. القوى السياسية في السلطة هي قوى مرتبطة مع الدول الرأسمالية العالمية والأقليمية وباجندات مختلفة. انها قوى وقتية في السلطة تمارس النهب والسلب والفساد ومصدر للكوارث و المأساة للعراق ولا افاق لها وحتى لا تمثل البرجوازية بمعناها الكلاسيكي. ان افاق ارجاع العراق الى الحالة الطبيعية والعادية بعيدة المنال في وقت ان البرجوازية العالمية وبدائلها في المنطقة تواجه نفسها انسداد الافاق والمجتمع لا يستطيع ان ينتظر حل اوضاع العالم والمنطقة حتى ينحل وضع العراق بعد ذلك ولا يمكن للمجتمع ان يقبل بالأنتحار. نحن نشهد تطور الصراع الطبقي يوما بعد يوم الذي يتضح اكثر والأستقطابات الطبقية تتعمق اكثر والجماهير المليونية تبرز في الصراعات و ساحات الأعتصامات. يظهر عراق ما بعد امريكا وداعش بان المجاميع الدينية الطائفية العرقية والعشائرية الحاكمة اليوم هي ليست فقط حصيلة للاحتلال الامريكي ولداعش، بل تظهر بانها الطريقة الوحيدة التي بامكان البرجوازية العراقية ان تحكم بها وتديم حكمها. ان العراق يجسد تراجع افاق البرجوازية العالمية والاقليمية عن الحضارة وعن المجتمع المدني.

ان الانقسامات داخل الكتل في السلطة وتفتت الاحزاب السياسية والصراعات بين الميليشيات وبروز احزاب واجنحة متعددة لا توضح الا الوضع المتأزم للبرجوازية ولبدائلها. لا يزال هنالك ثلاثة قوى تتحكم بمصير المجتمع في العراق وهي الاسلام السياسي الشيعي والسني والقوميون الكرد وانقسامات كل تيار من هذه التيارات فيما بينهم. التيار الموالي لايران يريد التحكم عن طريق ميليشياته وتدخل الحرس الثوري الايراني لحسم الوضع في العراق ولكنهم متأزمون في عقر دارهم. الطرف الاخر البرو- امريكي والغربي الذي يريد اعادة الاستثمار والتعمير للعراق وفرض شروط العمل العبودية القرو- وسطية في العراق من اجل العمل الرخيص والعامل الخانع وفرض الفقر والتجويع والتقشف على العراق ليس له افاق لتوجه الرساميل الى العراق في ظل الظروف الغير امنة والساخنة والغارقة في الحروب الطائفية.

ان الوضع في العراق هو جزء من الازمة العالمية للبرجوازية وخاصة في الشرق الاوسط حيث تبرز نفس الحالة في ايران وسوريا واليمن. ذلك يظهر بان الشرق الاوسط بمثابة مختبر يتم تجربة فيه هذه الانماط من المجتمعات؛ اي المجتمعات القائمة على المكونات الدينية الطائفية والعرقية والعشائرية. تظهر تداعيات الاحداث ان البرجوازية تدفع المجتمع نحو الانهيار والفوضى. وان ما يجري في المنطقة يجسد البربرية بشكل حرفي، وليس هناك اي فرصة لانقاذها من هذا المأزق.

واجهت الحكومة الطائفية – القومية والمحاصصاتية في العراق اعتراضات جماهيرية عارمة في العراق و بشعارات ومطالب علمانية ومتمدنة ومعترضة ضد الدين والتدخل الصارخ للدين ورجال الدين في المجتمع. ان التهديدات تارة والتباهي بالنصر في الحرب ضد الأرهاب وداعش لم تستطيع اخماد الأعتراضات العميقة بين الجماهير بل مطلب اسقاط هذه الحكومة القومية الطائفية و انهاء الطائفية ووضع هذه السلطة في مهب الريح. ان النضال ضد الدين و النضال من اجل التمدن و العلمانية تجذرت في اعماق المجتمع العراقي و تتوسع بشكل كبير . لا الدين و لا التيارات الدينية و الأثنية تستطيع ان تقف ضد هذه التغيرات الأجتماعية العميقة و الأنقسامات بين الكتل و الأحزاب العراقية نتيجة مباشرة لهذا الواقع المضيء. وان نفي المشاركة في الأنتخابات البرلمانية الأخيرة بنسبة عالية يشكل استقطابا جماهيريا بوجه كل القوى و الميليشيات و العملية السياسية بمجملها و سوف تترك اثارها على كل الاطوار السياسية الاحقة في العراق. واليوم يتجه الاستقطاب في الاوضاع اكثر باتجاه اليسار واليمين. فبينما يدفع اليمين كامل المجتمع نحو الهاوية والكارثة، بامكان اليسار انقاذ المجتمع. اليسار هو القوة الوحيدة التي بامكانها انقاذ المجتمع من الكارثة اليوم.

بناء على ما سبق، لا تتجسد الاشتراكية اليوم فقط في مواجهة البرجوازية كطبقة مستغلة للطبقة العاملة، بل ان دور الاشتراكية اليوم اهم واكثر الحاحا من ذلك؛ الا وهو انقاذ المجتمع من الانهيار الكامل الذي تدفع البرجوازية المجتمع نحوه. ان بامكان الاشتراكية  اليوم ارجاع المجتمع الى الحضارة، ولكنها الحضارة بمنظور الطبقة العاملة؛ منظور المساواة والحرية واوسع الرفاه للجميع.

ان حزبنا الحزب الشيوعي العمالي اليساري العراقي هو الحزب الذي يمثل هذا المستقبل. على كل العلمانيين المثابرين في العراق، وكل الديمقراطيين ومحبي الحرية والمساواة والتمدن ان يكونوا اشتراكيين. حزبنا هو ذلك الحزب الاشتراكي الذي يرفع هذه الراية خفاقة.

الحزب الشيوعي العمالي اليساري العراقي

27\5\2018