معضلات الجماهير بين الامس واليوم

 

عباس عبد الرحمن

abbas_left@yahoo.com

 

 

ان مشاكل المجتمع في العراق والكوارث الانسانية فيه كبيرة وعميقة وهي مشاكل على ما يبدو سوف لاتحل وستبقى بدون حلول الى وقت طويل، لان فيه تعقيدات وتراكمات ولايوجد في العراق جهة في السلطة والطبقة البرجوازية الحاكمة قادرة على حلها لتعيش جماهير العراق الغفيرة بامان واطمئنان وحياة كريمة تصون الانسان وتحافظ عليه من الحرمان والانحراف. ان قضايا كثيرة لم تحل في ”عراق ما بعد التحرير“ كما يسميه البعض؛ قضايا مهمة ومهم جدا ان نرى حلا لنهايتها فقضايا الاطفال والنساء والاقتصاد والحالة المعيشية والامان والخدمات والبطالة هي مسائل ساخنة ومهم جدا تخليص الناس منها ليتسنى للجميع وبدون تمييز العيش بكرامة ووفق معطيات العصر الحديث. هناك الالاف من الاطفال في العراق مشردين ويعانون من الفقر والجوع والعنف وهم فريسة سهلة ومشروعا جاهزا للقتل والاجرام ولقمة سائغة للتسول والضياع. كما ان هناك الكثير من الفتيات مشردات في الشوارع والكثير منهن يتعرضن للاغتصاب وامام مراىْ الحكومة ومليشياتها بل والعديد منهن ضحايا لتلك الحكومة .ان الاغتصاب هو اول الاشياء التي تتلقاها الفتاة حينما يكون مسكنها الشارع والرصيف هو مآواها الوحيد في هذا العالم المتوحش !.

 

لايختلف اثنان على ان الخدمات في العراق هي في طي النسيان وان الجماهير في العراق هي اكثر جماهير العالم معاناة في مجال الخدمات خاصة وانهم ذاقوا الامرين بسبب الحروب والحصار الاقتصادي في عهد النظام البعثي وسياسته القومية الرجعية وسياسات الغرب، فضلا عن الاوضاع الامنية القاسية التي مر بها العراق ويمر بها لهذا اليوم وخلال السنوات الاخيرة والتي تعرضت بسببها  الكثير من مراكز ومواقع الخدمات الى التفجير والتدمير فقد ذاق العراقيون الامرين بدءا من النفط والغاز والبنزين وارتفاع اسعار هذه المنتوجات ان كانت متوفرة اصلا فضلا عن انقطاع الكهرباء وعدم توفر الماء الصالح للشرب وانعدام الخدمات البلدية وانتهاءا بعدم توفر الغذاء. ان تواجد المليشيات والعصابات التي اطلقت يدها الحكومة لتعبث بامن وسلامة الجماهير وحياتهم هي مصدر الرعب وعدم الارتياح بين الناس لانهم مزقوا الحياة الانسانية بافكارهم المتعفنة فالمراة ايضا نالت نصيبها من الظلم والحملات الظالمة بحقها لاتتعلق بمنعها من التمتع بحريتها وحقوقها فحسب بل وصل الامر ان تخسر حياتها وهذا طبعا بفضل تساهل الحكومة الدينية المتخلفة بالعراق مع هؤلاء الحثالات من المليشيات المجرمة والفتاوي المتخلفة التي تحرض على قتل النساء هو احد ابرز الاسباب التي اوصلت الامر الى هذه النتيجة الكارثية. ولو اردنا الكلام عن الفساد الاداري والاخلاقي فحدث ولا حرج فلن يختلف اثنان في العراق ايضا على ان الفساد اصبح من الامور الاعتيادية والمنتشرة  واصبح العراق احد اكثر الدول او في مقدمة الدول الغارقة بالفساد ”الاداري“ والحكومي. هذه الظاهرة ليست قصر على قطاع حكومي معين بل تنتشر في كل مفاصل الدولة والمؤسسات الحكومية وان اسباب هذا الفساد يعود الى الطبقة البرجوازية الحاكمة وانهيار الدولة من جهة وتراجع اشكال الدعم الحكومي الى العمال والموظفين والعاملين في المؤسسات الحكومية فضلا عن ضعف الرعاية الاجتماعية والصحية لهم ولعوائلهم مما حدى بالامر ان يتعاطوا الرشاوى ويجبرون الجماهير المحرومة على دفع الرشاوي لهم مقابل حرمانهم من حقوقهم، اضافة الى غلاء الاسعار التي لاتتناسب قطعا مع محدودية الرواتب مما يدفع ببعض الموظفين الحكوميين للجوء الى طرق ملتوية للحصول على موارد اضافية. ان الظروف غيرالاعتيادية في العراق وبسبب الاحتلال الامريكي وحلفائه وبروز تيارات واحزاب دينية متخلفة وصعودها على اكتاف الجماهير وافساح المجال للعصابات والمليشيات المجرمة جعلت من العراق وجماهيره الغفيرة ضحية لاجرامهم وتلاعبهم بمصيرها وبقوتها اضافة الى القتل العشوائي والمتعمد على اساس الفكر والدين والمعتقد , لذا فان تراكمات الماضي والحاضر جعلت من الامور معقدة وغير واضحة  بسبب دخول زمرا حاكمة تسيطر على ثروات العراق وتتلاعب بقوة الجماهير وتقتل وتهمش غير مبالية على ماسيؤل عليه الوضع في كل انحاء العراق. ان الاحتلال الامريكي والحكومة الدينية المنصبة من قبلها ومليشياتهم  هم المسؤولون عن اوضاع العراق الكارثية وحرمان جماهيره من التمتع بحقوقه وتطلعاته نحو مستقبل مشرق تسود فيه الحرية والمساواة.

حزبنا يطرح حله امام الجماهير للالتفاف حول الاشتراكية ، لانها الحل الوحيد القادر على انهاء المأساة وفقدان الامان والامل والجوع والفساد وتخليص المجتمع من شرور النظام الرأسمالي.