لقاء مع سكرتير اللجنة المركزية

بمناسبة انعقاد المؤتمر السابع للحزب الشيوعي العمالي الايراني

 

 

نحو الاشتراكية: اشتركتم في اعمال المؤتمر السابع للحزب الشيوعي العمالي الايراني بصفة مندوب. ماهي انطباعاتكم عن المؤتمر وكيف تقيمونه؟

 

عصام شكـــري:المؤتمر كان مناسبة مهمة جدا وقد حفل بالبحوث والنقاشات ومشاريع القرارات والطروحات الجديدة وسادته اجواء حماسية ورفاقية. تقييمي العام ايجابي واعتبر ان المؤتمر قد نجح نجاحا كبيرا، ليس فقط في توفير القاعدة المادية لحزب ماركسي ثوري يتمتع بمكانة ونفوذ قويين على صعيد ايران والمنطقة والعالم بل في الاجابة على متطلبات المرحلة واعني الاسئلة والمعضلات التي تواجه ثورة جماهير ايران الحالية وقدرة الحزب على توجيه الجماهير الثائرة صوب الاهداف والسياسات الشيوعية العمالية والانسانية؛ اي قيادة الحركة الثورية.

 

نحو الاشتراكية:من المعروف ان لكل مؤتمر عنوان يكتسبه من طبيعة المرحلة، فما هو عنوان المؤتمر السابع برأيك ؟

 

عصام شكـــري:المؤتمر السابع هو بامتياز مؤتمر الثورة الايرانية المندلعة منذ  حوالي 5 اشهر في جميع المدن الايرانية والتي تعبر يوما بعد يوم عن زخم متعاظم وتحدد يوميا وبشكل اكثر تركيزا اهدافها الكبرى في سحق الجمهورية الاسلامية وارساء اسس سلطة انسانية. ان المؤتمر السابع هو مؤتمر ثورة جماهير ايران المتطلعة للحرية والخلاص من الجمهورية الاسلامية. مرة اخرى اؤكد على ان تسميته بمؤتمر الثورة لا يشير فقط الى الثورة الايرانية الحالية ولكن ايضا بمعنى تقديمه الاجابة على شروط تقدمها واحرازها النصر.

 

نحو الاشتراكية: هل لك ان تعطي القراء في العراق نبذة عن الابحاث والقرارات التي صادق عليها المؤتمر ؟

 

عصام شكـــري: كما قلت فان المؤتمر اكتسب سمته من سمات المرحلة الراهنة ومن حقيقة الغليان الجماهيري العارم في ايران ضد الجمهورية الاسلامية. من هنا يمكن ان ندرك ان معظم البحوث ومشاريع القرارت كانت تتمحور حول ذلك. تم المصادقة على 7 قرارات اقرت 5 منها وتم احالة الاثنين الاخيرين الى المكتب السياسي لاقرارهما. اول القرارات هو ”شروط انتصار الثورة الراهنة، والحكومة القادمة“ وهو كما واضح حدد شروط نجاح الثورة ومستلزمات تقدمها وانتصارها ورسم ملامح السلطة السياسية المقبلة. والقرار الثاني هو "السمة الطبقية للثورة الراهنة"، وفيه تم توضيح السمة الطبقية (العمالية) للثورة الحالية وبان الاهداف السياسية للطبقة العاملة هي حاضرة وقائدة في حركة الجماهير الثائرة وهي مجسدة بشكل حي داخل صفوف الجماهير المحتجة. القرار الثالث عني بتحديد الاوضاع في كردستان ومستلزمات تقدم حركة الجماهير الثورية هناك وهو بعنوان "الأوضاع السياسية في كردستان ومهماتنا"، والرابع يطرح شعار  "الجمهورية الإنسانية" وهو بحث جديد متكامل حول ضرورة كشف السمة الانسانية لمحتوى السلطة المقبلة في ايران وتناقضها الكامل مع ما سبق من حكومات سميت زيفا ب"الاشتراكية". كما تم اقرار كلا من “لثورة الراهنة"، المصادق عليه من قبل المكتب السياسي، وقرار "الكادر"، وايضا"حركة التضامن مع جماهير إيران".

 

نحو الاشتراكية: عقد الرفيق حميد تقوائي ندوة مساء يوم الجمعة 4 - 12 قبيل ابتداء اعمال المؤتمر. ماذا بحث في تلك الندوة ؟

 

عصام شكـــري: عقدت تلك الندوة لتوضيح الافكار الخاصة بمشروع قرار شعار الجمهورية الانسانية ولسماع الاراء المختلفة حوله وللاجابة على الاستفسارات والاسئلة المتعلقة به.  كان السيمنار ناجحا في توضيح ابعاد القرار المذكور والاجابة على الاستفسار والملاحظات واهمية القرار وضرورته لتعبئة قوى المجتمع الايراني وكشف المحتوى الانساني للدولة المقبلة.

 

نحو الاشتراكية:ماهي خلاصة البحث بشكل مختصر. يبدو ان هناك اعتراضات معينة حول رفع ذلك الشعار.؟

 

عصام شكـــري: بشكل مختصر (ساكتب ملاحظاتي على القرار بشكل اكثر تفصيلا في الاعداد اللاحقة من الجريدة) ان القرار يمتلك جانبين. اولهما يوضح ان محتوى الدولة القادمة في ايران ليس قوميا ؛ ليس فارسيا ولا اذربيجانيا ولا بلوشيا ولا عربيا ولا كرديا ولا تركمانيا، اي ليس عرقيا او اثنيا بل انسانيا لكل البشر. هذا نفي للدولة القومية (المعرفة ايرانية ، عراقية، روسية، امريكية الخ) والتي هي كما نعرف حصيلة وشكل السلطة السياسية للطبقة البرجوازية تاريخيا. وثانيا ان محتوى الدولة القادمة ليس اسلاميا ( نفي مستقيم للجمهورية الاسلامية )وبالطبع لن يكون المحتوى شيعيا ولا سنيا ولا مسيحيا ولا يهوديا او بوذيا. وكمثال ففد فعل الحزب البلشفي  الشئ نفسه حين اطاح البلاشفة بالسلطة القيصرية في العام 1917 . فقد اختار البلاشفة اسما لجمهوريتهم المترامية الاطراف والمتعددة القوميات بشكل لا يمنحوا من خلاله البشر اي سمة قومية (روسية) ولا دينية (مسيحية ارثودكسية، مسلمة، يهودية الخ ) فسموا الجمهورية الجديدة ب ”الاتحاد السوفييتي”. كان اسما جديدا لم يسبق ان استعمل من قبل ولم يكن احد يعرف معناه. ولكنه كان بحد ذاته نفيا للسمة القومية والدينية للدولة وبالتالي للجماهير. بهذا المعنى كان اسما يشير الى انسانية ثورة اكتوبر ودولتها الاشتراكية الجديدة.  لا يمكن مطلقا فهم اهمية القرار الا بضوء التاريخ، بمعنى ادراك تاريخ 70 سنة من تزييف اهداف الطبقة العاملة باطلاق سمة الاشتراكية على انظمة رأسمالية الدولة وبالتالي تعريفها على اساس كونها النموذج المبشر بها. ان مهمتنا اليوم هو نفي انتماء حركتنا الى ذلك النموذج اللا انساني؛ النموذج الاستبدادي، البوليسي لرأسماليات الدولة المسماة زيفاً اشتراكية. يجب محو اثار عقود طويلة من تدمير المحتوى الانساني للاشتراكية بنماذج دول البوليس السري واجهزة المخابرات وتصفية المعارضين وتجنيد الاطفال منذ اعمار الثانية او الثالثة في معسكرات رياضية شبه عسكرية وتحويلهم الى ادوات تمجيد للدولة. ان ذلك تشويه الطبقة البرجوازية للاهداف الانسانية العظيمة للطبقة العاملة وانحطاط بالاشتراكية ونفي لانسانيتها. شعار “الجمهورية الاشتراكية“ بهذا المعنى يرسم الملامح الانسانية لاشتراكية الطبقة العاملة ( اي انسانية الشيوعية العمالية ) ويبين ان شكل ومحتوى الدولة الاشتراكية المقبلة في ايران انساني.

 

نحو الاشتراكية: كانت لكم كلمة موجهة للمؤتمر بصفتكم سكرتيرا للحزب الشيوعي العمالي اليساري العراقي. على ماذا ركزت كلمتكم وماهي رسالتكم الى رفاقكم في الحزب الشيوعي العمالي الايراني؟

 

عصام شكـــري: وجهت تحية الى المؤتمر والى جماهير ايران الثائرة. قلت نيابة عن رفاقي في العراق اننا ندعم الثورة الايرانية المندلعة ونتمنى لها النجاح والسؤدد. قلت ان صدى الثورة سيتسع ليشمل لبنان وفلسطين ومصر والجزائر والباكستان وافغانستان والصومال ولن تكون محصورة داخل الاطر الجغرافية لايران. قلت ان جماهير العراق تراقب وتنتظر ما يحدث في ايران ؛ تراقب باعجاب بطولة وانسانية الثورة الايرانية. لقد ركزت ايضا على ملاحظتي في ان الثورة الايرانية تواجه رأس حركة الاسلام السياسي في العالم وتريد كسر هذا الرأس الوحشي وتحطيمه وبالتالي فان محتواها ليس فقط تقدمي بل انساني. يتضح ذلك من موقفها ازاء قضية المرأة ومساواتها ومسألة الحرية والرفاه والسعادة، قلت ذلك سيعني بلا شك تغيير الافاق السياسية في كل منطقة الشرق الاوسط وخاصة في العراق الذي يعاني من نفوذ وطغيان الجمهورية الاسلامية وعملائها من قادة الميليشيات الاسلامية داخله. اكدت ايضا على ان هزيمة الجمهورية الاسلامية على يد الجماهير التحررية في ايران يعني كسر العمود الفقري لحركة الاسلام السياسي على صعيد عالمي ايضا. نيابة عن جماهير العراق ارسلت تحية الى جماهير ايران الثائرة من جماهير العراق المتمدنة والطامحة للخلاص من طغيان الاسلام السياسي وجحيم الحرب والاحتلال الامريكي والغربي وقلت لهم اننا وكل البشرية المتمدنة معكم في نضالكم.

 

نحو الاشتراكية: اقر المؤتمر ايضا مانيفستو الثورة الايرانية. هل لك ان تشرح لنا اهمية هذه الوثيقة واهم محاورها؟

 

عصام شكـــري: ان مانيفستو الثورة الايرانية هو بيان شامل يتحدث عن الثورة المندلعة في ايران لا على اساس كونها ثورة ”ايرانية“ الابعاد بل عالمية ويشدد على انسانيتها. بهذا المعنى فهو وثيقة اممية بامتياز. وكما ان شعار ”الجمهورية الانسانية“ لا يمكن فهم اهميته الا من منطلق تأريخي فان المانيفستو هو الاخر لا يمكن فهمه الا من خلال ابعاده الاجتماعية والانسانية الشاملة. لا يتحدث المانيفستو عن ثورة جماهير ايران الا لكي يدرك اهمية الثورة ضد النظام الرأسمالي. يربط المانيفستو نضال جماهير ايران بالاهداف الانسانية العظمى التي وضعتها الجماهير نصب اعينها وصاغها الحزب الشيوعي العمالي الايراني في قراراته. يقر المانيفستو بان الثورة في ايران لن تقف الا بعد ان تسحق كل نظام الجمهورية الاسلامية. وهو جواب لادعاءات اليمين المتخاذلة بان الثورة الحالية تخدم اجزاء من النظام. ومن جانب اخر فان المانيفستو يوضح الماهية والجوهر الانساني للثورة ويكشفها للجماهير بشكل لا سابق له برأيي منذ البيان الشيوعي لعصبة الشيوعيين الذي حرره ماركس وانجلز عام 1848. يؤكد المانيفستو على ان الثورة الحالية تمتلك سمة ثورة جذرية على مجمل الاوضاع السائدة حاليا وتذهب ابعد من المجتمع المدني الى المجتمع الانساني ؛ فهي ضد انعدام المساواة، ضد التمييز الجنسي على المرأة، ضد تعريف البشر على اساس الدين والقومية والاثنية، ضد الجوع والفقر والبغاء والادمان، ضد عمل الاطفال وضد معاناة جماهير العمال الغفيرة من البطالة وانعدام حقوقها التنظيمية. المانيفستو يلخص موقف الشيوعية العمالية من الحركة الثورية الحالية الجارية في ايران بنفس القدر الذي يشكل فيه راية تلك الحركة الثورية.  برأيي هذه اول وثيقة تستطيع ان تدمج دفعة واحدة سمات حركة اجتماعية مادية داخل المجتمع بقدرة حزب سياسي عمالي على قيادة تلك الحركة، تجسيد تطلعاتها وبلورة اهدافها بشكل لا لبس فيه، وبالتالي دمج المسارين معا في مسار واحد متدفق تماما كما فعل البيان الشيوعي مع ثورات اوربا في العام 1848 والذي ظل ”شبحه“ يحوم في سماء حكومات اوربا لعقود طويلة بعد اصداره.

 

نحو الاشتراكية: ماهي كلمتك الاخيرة للجماهير في العراق والتي لا تشهد واقعا ثوريا كذلك الذي في ايران ؟

 

عصام شكــــري: ان نجاح الثورة الايرانية في اسقاط الجمهورية الاسلامية سيفتح افاقا لا قدرة لاحد على تصورها. ولكني متأكد من ان وجود حزبنا ( في العراق وايران ) سيمنح تلك اهدافا وضوحا وانسانية عميقة. نحن نشهد اليوم لا مجرد ثورة ما بل استعادة لارادة الجماهير واخذها لزمامها بيدها. هذه مسألة اساسية في العراق بخاصة. الجماهير في العراق مستلبة الارادة بسبب الاحتلال والتدمير والقصف والقتل وتمزيقها بالدين والعشائرية والقومية وغيرها. من جانبنا علينا ان  ندعم عمال وطلبة ونساء وجماهير ايران في وقفتهم البطولية هذه.  علينا الترويج لهذه الثورة وتطلعاتها واهدافها. علينا ان ندرس بعمق قرارات وافكار وابحاث الحزب الشيوعي العمالي الايراني ونفهمها وننشرها داخل اوساط الجماهير في العراق؛ داخل اوساط الطبقة العاملة العراقية والطلبة والنساء والجماهير الغفيرة. ان تلك الابحاث والمقررات تجسيد للامل المندلع في الشارع بضرورة وحتمية عالم افضل يليق بالانسان. انها تشيع الامل والقوة وكما قال ماركس تعطي للطبقة العاملة وللجماهير ادراكها لذاتها وبكبريائها.

 

 ان ثورة ايرانية مظفرة ستفتح الابواب على مصراعيها في العراق لدخول حقبة جديدة.  حزبنا حاضر ويزيد من استعادادته (هنا في العراق وفي ايران ) لاحتضان التغييرات الثورية وقيادة حركة الجماهير. رغم ان العراق يمر بالكارثة التي خلقتها امريكا والجمهورية الاسلامية ولكن التغيير سيكون اسرع من قدرتهم على التصور.

 

اطلب من الاحرار ومحبي الحرية والانسانية  الالتفاف حول حزبنا. ان حزبنا  هو حزب الثورة القادمة لا محالة وهو الامل الوحيد المتاح  لاستعادة جماهير العراق لانسانيتها وارادتها المستلبتين، ليس بالتقاط فتات السلطة الاسلامية والقومية ولكن بهز اركان المجتمع من قعره وقلب الاوضاع لصالح الانسان والانسانية.