بظل نظام الفصل الجنسي يعرف المجتمع على انه مجتمع الرجل

مقابلة "لا للحجاب" * مع حميد تقوائي ليدر الحزب الشيوعي العمالي الايراني

 

لا للحجاب: كما هو معروف فان 8 آذار يقترب وقد قرر الحزب الشيوعي العمالي الايراني استقباله بشعار " لا للفصل الجنسي ضد المرأة". بالاضافة الى محاولاته عزل نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية بمثابة نظام الفصل الجنسي. لماذا تستخدمون كلمة الفصل الجنسي؟ مالذي يجعل من نظام الجمهورية الاسلامية نظاما للفصل الجنسي؟

 

حميد تقوائي: اعتقد ان جماهير ايران كلها وخاصة النساء يدركون ما نعنيه بكلمة الفصل الجنسي. كما ترين فان المرأة تتعرض للاظطهاد والتمييز وينظر لها على انها مواطن درجة ثانية في كل انحاء العالم. في ايران، على اية حال، فان الجمهورية الاسلامية هي معادية للنساء بشكل غريب. حقيقة انها دولة كارهة للنساء. ان القول بان النساء في ايران محرومات من الحقوق لا تستطيع ان تفصح عن كل الحقيقة فيما يخص ظروفهن. ان الدولة الايرانية هي رسميا، او قانونيا، معادية النساء. انها دولة بقوانين وتشريعات تعرف من خلالها النساء وبشكل سافر وواضح  بانهن غير مساويات للرجال. ان اخضاع وتحقير المرأة هي جزء لا يتجزأ من النظام القضائي لهذه الدولة الاسلامية علاوة على كونه دعامة ايديولوجية من دعاماتها. انها دولة تعزل النساء عن الرجال في الحياة العامة، في التجمعات، والنشاطات الجماعية، وحتى في الحفلات والاجتماعات الخاصة، في صفوف المدارس وقاعات الجامعات، في الباصات، في ساحات الرياضة، في المسابح، الباركات، المماشي العامة، على شواطئ البحر، مناطق الترفيه، في مجالس العزاء، في حفلات الزفاف، وباختصار فان الرجال والنساء، في الحياة الاجتماعية بشكل عام، قانونيا، اي بقدر تعلق الامر بالدولة، يجب ان يعزلوا عن بعضهم البعض. لهذا السبب فان هذه الدولة هي دولة الفصل الجنسي باكثر معاني الكلمة صرامة ووضوحاً.

 

لا للحجاب: هل يعني نظام الفصل الجنسي، عزل النساء عن الرجال والعكس صحيح؟ وبشكل عمومي: ما هي ابعاد الفصل الجنسي على المجتمع ككل، والى اي حد يكون لها تأثير على حياة الناس، اي حياة كلا من الرجال والنساء؟

 

حميد تقوائي: ان العزل هو فقط جزء من المشكلة. ان هذا فصل ليس بمعنى ان الامكانات الاجتماعية تقسم بالتساوي 50 % بين النساء والرجال او بمعنى ان كلا الجنسين يخضعون بالتساوي للقوانين. انه نظام يمكن ادراكه اذا ما تذكرنا نظام الفصل العنصري في جنوب افريقيا. في ايران يبقى على الرجال والنساء معزولين لا كجزئين متساويين في المجتمع ولكن كجزء متفوق وجزء اخر محتقر او من الدرجة الثانية. في نظام الفصل العنصري في جنوب افريقيا، فان السود لم يكن يعتبرون اصلا من البشر. كانوا محرومين من الحقوق. كان المجتمع معرفا على انه مجتمع ابيض، لذا فان السود كانوا يعتبرون مواطنين من الدرجة الثانية. ان الامر نفسه في الجمهورية الاسلامية ولكن بالنسبة للنساء. هنا يعرف المجتمع على انه مجتمع الرجل، وفيه يعتبر الرجال فقط انهم بشراً او اعضاء في المجتمع، بينما تعرف فيه النساء على انهن اشياء تابعة للرجل، او اذا رغبت، انصاف رجال.

 

ان رمز او ممثل نظام الفصل في ايران هذا هو الحجاب. ان الحجاب ليس قطعة ملابس، او زي، بل حقيقة جدار لعزل المرأة كفرد، عما يحيط بها. لم الامر هكذا قد تتسائلون؟ لانه من وجهة نظر الاسلام وبالنتيجة بنظر الدولة الاسلامية فان النساء هم اشياء جنسية، او سلع جنسية والتي هي بسياق الاخلاقية الرجعية الاسلامية الدينية يفكر بها دائما على انها مصدراً للاغواء. ضمن هذا السياق  فان المرأة هي سلعة، تعود ملكيتها في حالة كونها غير متزوجة الى ابيها واخوانها او افراد اخرين في العائلة. وحالما تتزوج تتحول ملكيتها فورا الى الزوج والان يصبح هو الذي تعود اليه حقوق ملكيتها. ذلك هو المنطق الذي يقف خلف الحجاب؛ تغطية المرأة بالسواد من اجل اخفائها عن نظرات (غير المحرم) كما يضعها الاسلاميون انفسهم، او بعبارة اخرى، لكي يتأكدوا من ان هذه السلعة تبقى بملكية الشخص الذي استحصل على حقوق الملكية لاستعمالها ضمن القنوات الدينية المناسبة.

 

برأيي، فان الحجاب يفسر بوضوح تام ما نعنيه بالفصل الجنسي. ان الحجاب هو اكثر لا اخلاقية ولا انسانية مما كان موجودا في جنوب افريقيا.  فهناك لم يكن ينظر الى السود على انهم قوة اغواء في حياة البيض، وكان بامكانهم ، كافراد ان يلبسوا ما يشاؤون وان لون المناطق الظاهرة من بشرتهم لم يكن يغوي أحداً. في ايران فان النساء هم اقران السود في النظام العنصري لجنوب افريقيا ولكن الاكثر انهم يبقون محرومات من حقوقهن كافراد، كنساء، على اظهار ماهيتهن، أي وجهوهن وشعرهن.

 

ان وجود الحجاب بحد ذاته يعلن بان المجتمع هو بطريركي ( ابوي ). انه اعلان عن حقيقة انه حين يتعلق الامر بالنشاطات الاجتماعية، الوجود الاجتماعي، الفعاليات الرياضية والترفيهية، وغيرها، فانها كلها تعود الى الرجال، وان وجود النساء هو خدمة لوجود الرجال انفسهم. من وجهة نظر الاسلام والدولة الاسلامية انت لست امرأة، لست فرداً، انت ابنة رجل ما، او اخت رجل ما، او زوجة رجل ما، وبشكل عمومي فان حقوقك ووضعك الاجتماعي يعرف قياساً الى حقوق ووضع الرجال. في المجتمع البطريركي اذن فان على المرأة ان تتصرف بشكل لا يؤدي الى احداث بلبلة في الوضع السائد والا تجعل "المعصية" تحل عليه. ان ذلك بوجهة نظري يذهب ابعد كثيرا من التمييز ضد المرأة وحرمانها من حقوقها. انه تحقير ودونية صارخة وسافرة. انه اهانة النساء من خلال سلبهن لهويتهن الانسانية. لذا اعتقد ان تعبير "الفصل الجنسي" يعبر عن وضع النساء في ايران. الاهانة الوقحة والتمييز التحقيري الذي تخضعهم اليه الدولة الاسلامية – اكثر من أي مصطلح اخر.

 

علي ان اؤكد هنا بان نظام الفصل الجنسي لا يحقر النساء فحسب بل الرجال والمجتمع بعمومه ايضاً.

 

ان الرجال ايضا يعانون من الجدار العازل الذي يفصلهم عن النساء ويشكل اهانة لهم ايضا. ان الفصل الجنسي هو نظام معادي للانسانية لانه يسجن المجتمع باكمله ويجب ادانته من قبل الناس التقدميين.

 

لا للحجاب: ما اهمية ابراز الجمهورية الاسلامية كنظام فصل عنصري؟ انه نظام فرض الحجاب علاوة على كونه نظام سلب دزينة من الحقوق الاخرى. لم تضعون تأكيدا خاصل على "نظام الفصل الجنسي"؟ هل الحجاب او حرمان النساء من بعض الحقوق الاخرى، ولهذا الغرض، ليست باكثر شمولية من الفصل الجنسي؟ هل تعتقدون بان وضع هذا القدر من التأكيد على الفصل العنصري سيغطي على نضالات البشر ضد الحجاب؛ نضالات تجري يوميا في الشوارع وعلى اصعدة واسعة؟

 

حميد تقوائي: هاتان المسألتلن ليستا منفصلتين. كما قلت من قبل، الحجاب هو رمز، دليل، على الفصل الجنسي. انه فصل جنسي على صعيد شخصي. من خلال الحجاب فان المرأة تجبر على عزل نفسها، كفرد، عن بقية المجتمع. هذه هي وظيفة الحجاب. لذا فاننا عندما نطالب بقوة بمحو الفصل الجنسي فاننا لا نقصد ان نتتبع سياسة مختلفة او شعارا مختلفا. الحجاب هو شكل محدد، دلالة شديدة الوضوح على الفصل الجنسي وان شعار "اسفروا عن رؤوسكن" يبقى هو شعارنا الاقوى هذه السنة ايضا. ان خلع الحجاب او السفور هو مجال يستطعن النساء من خلاله القيام بعمل ما، للوقوف ضد الفصل الجنسي، وهدم جدار الفصل الجنسي عمليا. ولكن، علينا ان ناخذ بنظر الاعتبار باننا ان ركزنا فقط على الحجاب وحرضنا فقط ضده، فاننا لن نكون قد عرضنا ولا تناولنا المسألة من مستوياتها الاشمل، اي، بكليتها. صحيح، ان فرض الحجاب هو واحد من اكثر اشكال التمييز المنحطة وضوحا ضد النساء وللفصل الجنسي. ولكن، الفصل الجنسي ليس مقتصراً على الحجاب. وكما ذكرت للتو، فان فصل النساء عن الرجال في المدارس والجامعات والفعاليات والانشطة الرياضية والترفيهية وحتى في الحفلات الخاصة والتجمعات وغيرها كلها دلائل دامغة على الفصل الجنسي وعلى الاهانة والحط من كل من النساء والرجال، لذا يجب محوها. هنالك نقطة اخرى، سياسة اخرى، والتي هي ليست بجديدة علينا، ولكن، على العكس، شئ طالما اصررنا عليه، وهو بذل كل مسعى من اجل عزل الجمهورية الاسلامية في ايران وعزلها عن بقية العالم كنظام قائم على الفصل الجنسي. ان عبارة " الفصل الجنسي" يعبر وبشكل شبه شامل على حقيقة ان ذلك النظام يحرم النساء من حقوقهن الغير قابلة للنقض، ويفصح عن خصيصته الكارهة للمرأة للناس في كل انحاء العالم؛ وخاصة ان العالم مازال يتذكر بوضوح نظام الفصل العنصري في جنوب افريقيا وطبيعته الرجعية. ان واحدا من الاشياء التي سببت اخيرا سقوط النظام العنصري كانت بان الجماهير التقدمية في العالم قد نهضت بوجه، وحتى انها اجبرت دولا اخرى على عزلهم وقطع علاقاتهم معه. لقد كان ذلك نتيجة لنهوض عالمي، كما انه كان نتيجة تعبئة عالمية للقوى حيث تم دحر نظام جنوب افريقيا وانهياره. هذه الخلفية، هذه المطابقة التاريخية، ستساعدنا بمناشدة الناس في العالم للتعبئة والتحرك واعلاء اصواتهم للاحتجاج ضد نظام الفصل الجنسي في ايران. ان هذا النظام لا يقل باي شكل من الاشكال عن النظام العنصري السابق في جنوب افريقيا. ان هذا هو احد الاسباب التي نعتقد باننا يجب ان نركز على "الفصل الجنسي"، وان نعري الدولة الاسلامية في ايران على انها نظام فصل جنسي. وبسياق النضالات المناهضة للنظام المباشرة لنساء ايران، فان الحجاب سيبقى، بالطبع، يلعب دورا مفصليا؛ وان تركيزنا على فضحه والوقوف بوجه النظام على انه نظام فصل جنسي يجب، على ذلك، ان يجعلنا اكثر اصراراً على التعبئة ضد الحجاب، حيث يرفع النساء الحجاب في 8 آذار كعمل رمزي. ان ندائنا للنساء سيبقى ثابتا؛ بينما يستمر مطلبنا لمحو نظام الفصل الجنسي وادانة النظام كنظام للفصل الجنسي كأمر نتابع عمله على صعيد عالمي، واننا نأمل ان نستطيع جلب المزيد من انتباه منظمات حقوق النساء، اضافة الى المؤسسات التقدمية والانسانية والعلمانية وحقوق الانسان والاتحادات العمالية الخ، الى ذلك الموضوع والطلب منهم ان ينددوا بالجمهورية الاسلامية، فاننا نسلط الضغط على المنظمات العالمية كالامم المتحدة وغيرها ونطالب بان تدين الدولة الاسلامية في ايران وانهاء علاقاتها السياسية معها.

 

لا للحجاب: ماهي الخطوط العامة للنشاطات الضرورية لتعرية وعزل الجمهورية الاسلامية عالميا كنظام للفصل الجنسي؟

 

حميد تقوائي: كما قلت، عندما نبدأ بالوقوف ضد الدولة الايرانية كنظام للفصل الجنسي، نستطيع استنتاج بان المطلب الاساسي ل 8 آذار هذا العام سواء داخل او خارج ايران، يجب ان يكون انهاء نظام الفصل الجنسي. ذلك يجب ان يكون واحدا من الشعارات الاساسية. ان الخطوة العملية والشديدة الاهمية في هذا الاتجاه ستكون بنزع الحجاب. السفور كما هو، في الثامن من آذار كحركة احتجاج ولفترة قصيرة من الزمن امراً ممكناً. علينا ان لا ننسى بان حركة تحرير النساء في ايران قد كانت نشطة منذ لحظة قدوم النظام الاسلامي الى السلطة ، وبانها احتجت باستمرار ضد الحجاب بالاضافة الى النواحي الاخرى من الفصل الجنسي.  حسب احصائيات النظام نفسه فانه خلال الاشهر القليلة الماضية، فان اكثر من مليون امرأة قد اعتقلن لارتدائهن "حجاب غير اصولي" اي لا حتجاجهن من الناحية العملية على الحجاب.

 

ان حركة حقوق النساء في ايران حركة حيوية وديناميكية ومتوسعة وهي قادرة تماما على اخذ خطوة الى الامام عن طريق خلع الحجاب. اما بالنسبة لنشطاتنا خارج ايران فاننا سنقوم بكل جهد – من خلال توزيع المنشورات، الاحتجاجات، وغيرها – لكي، وكما بينت، نجعل الجمهورية الاسلامية تدان من قبل منظمات حقوق النساء، النقابات العمالية، والقوى التقدمية وغيرها بمثابة نظام قائم على الفصل الجنسي. سنحاول ان نجلب الامثلة والشواهد على هذا النظام العنصري امام انظار العالم. سنبذل كل مسعى لكي نري الناس في العالم لم ان هذه الدولة هي ليست باقل دناءة من دولة الفصل العنصري في جنوب افريقيا وكيف انها من الناحية القانونية والرسمية تعتبر ان نصف سكان البلاد هم ليسوا بشرا. ان ذلك يجب ان يظهر وان فعاليتنا يجب ان تتمحور حوله.

 

يجب ان اضيف بان 8 آذار هو واحدة فقط من المناسبات التي ندعو فيها الى عزل الجمهورية الاسلامية عن المجتمع العالمي. الدعوة الى عزله ليست حملة موسمية من قبلنا ولكنها سياسة محورية لحزبنا نتابعها بجدية في كل مناسبة. آمل باننا في 8 آذار هذا العام سنكشف للعالم الوجه القبيح واللا انساني للدولة الاسلامية في ايران وبشكل اوسع من اي وقت مضى.

--------------------------------------------------------

· صحيفة منظمة مناهضة التمييز ضد المرأة في ايران – رئيسة التحرير سهيلة شريفي

· ترجم المقابلة عصام شكـــري عن النص الانكليزي