حول مشاركة اليمين في حركة الشيوعية العمالية في مهزلة "الأنتخابات"

 

حسب بيانها الصادر في 12 أيلول 2009 قررت قيادة الحزب "الشيوعي العمالي" العراقي الاشتراك في مهزلة "الانتخابات" التي تجريها القوى السوداء الحاكمة في العراق المنصبة من امريكا. لم يكن لحزبنا ان يصدر بيان حول موقف اي قوة سياسية من تلك المهزلة لولا ان اسم ذلك الحزب مرتبط بحركة الشيوعية العمالية وهي الحركة التي يناضل حزبنا داخلها ويحمل برنامجها واهدافها ويسعى الى فصل افاقها عن افاق البرجوازية وقواها الرجعية. ان قرار تلك القيادة ليس غريبا او جديدا او مبتكرا، كما انه ليس وليد تغيرات "ايجابية" داخل المجتمع، وبالتالي فان اعلانهم عن الاشتراك ليس مبعثه نيتهم "النضال " او استخدام "منبر البرلمان" لـ "فرض التراجع على القوانين الرجعية" حسب ادعاءهم. بيانهم يرسم صورة وهمية عن الواقع من اجل اخفاء السبب الحقيقي لقرارهم في التواجد في مجمع قوى الرجعية المتوحشة هذا.

 

عندما نقد حزبنا موقف قيادة ذلك الحزب في العام 2004 قلنا انهم اذا ما استمروا في منهجهم اليميني فانهم سيتحولون الى داخل نفس معسكر قوى السيناريو الاسود التي عبثت بحياة وامن ورفاه جماهير العراق بالاشتراك الوثيق مع قوات الاحتلال الامريكي وحلفاءه وسيشكلون بالتالي احد عناصره. وقرارهم اليوم تجسيد عملي لما بدأوا به من قبل في رفع الرايات البيضاء الاستسلامية بوجه البرجوازية للتحالف معها او نيل القوة منها. فمن تلك الرسالة الذليلة لجلال الطالباني والتي اعلنوا فيها ألتوبة و"طي صفحة الماضي" و"الامتناع من جانب واحد"، حتى طلباتهم بالدخول في تحالفات مع اطراف قومية واسلامية " الترا - رجعية "، مرورا بتشكيل المنظمة الصفراء التي حاولوا من خلالها اقامة تحالفات مع رجعيين كاياد علاوي وصالح المطلك او اسلاميين ارهابيين كحارث الضاري وقوى اخرى على اساس "تحرير العراق"، اداموا تلك السياسة اليمينية خطوة بخطوة. قرارهم اليوم امتداد لذلك التاريخ غير المشرف ويهدف الى منح الشرعية لقوى السيناريو السوداء ومحاولة كسب القوة "من الاعلى" على اساس قبول الاخيرة بهم كشركاء في عملية تقاسم النهب المسماة "العملية السياسية" في العراق. الفرق الوحيد هذه المرة هو انهم يقومون بذلك دون واجهات يختبأون خلفها وبعد فشلهم داخل المجتمع، قرروا طرق ابواب القوى الدينية والقومية امام اعين المجتمع كاشفين من خلال هذه المغامرة اليمينية البائسة عن مدى بعدهم عن الشيوعية العمالية.

 

ان تبريرات تلك القيادة ديماغوجية لا واقعية لها. فدعواتهم بان الاوضاع تسير نحو الطبيعية والاشادة بالتطورات الامنية وترسخ الدولة و"التصدي للقوانين الرجعية" او"النضال من اجل الحرية والمساواة" داخل اكثر البؤر معاداة لحرية ومساواة الجماهير وتحقيراً للمرأة خداع مقصود لكسب سكوت نشطاء الشيوعية العمالية والراديكاليين وتظليل الطبقة العاملة والجماهير. جماهير العراق، عمالا ونساءا وشبابا واطفالا، تعرف جيدا ماهو "مجلس النواب" هذا واي "برلمان" هو. تعرف جيدا ان من يحكمهم هم حفنة عصابات اسلامية وقومية، بل وتردد باستمرار "كان لدينا عصابة حاكمة واحدة والان لدينا عصابات !". الجماهير تدرك ان من يطرق باب ذلك المجلس، ناهيك عمن يجلس داخله، سيكون من نفس خامة وطينة القوى المشكلة له. ذلك المجلس الذي يدعون انهم سينقلون قضية العامل والمرأة اليه، ليس فقط لا علاقة له بأي تحرر او مساواة، بل انه وكر المؤامرة ضد كل تحرر ومساواة؛ انه منبر التقسيمات الدينية والطائفية والقومية للجماهير، منبر قتل النساء ونحر رؤوسهن وادعاء الاسف عليهن، منبر شيوخ التفجيرات وملالي الاغتيالات والطوائف ورؤساء القبائل، منبر السرقات ونهب موارد المجتمع، منبر المحاصصات وتهريب الاموال، منبر قبض الرشاوى والعمولات بالمليارات من مخابرات الدول، منبر النهب والاثراء على حساب حرمان الاغلبية الساحقة، ومنبر قتل كل أمل بخلاص عمال ونساء جماهير العراق.

 

حزبنا وهو يأسف لتدهور حزب كان يمثل الشيوعية العمالية الثورية والراديكالية والان يجر الكوادر الشريفة معه الى هذا الوحل، فانه في نفس الوقت يعتبر ان هذه الخطوة هي الناقوس الاخير لنهاية هذه القوة السياسية بمثابة قوة داخل معسكر العمال، قوة كانت تمثل في يوم ما املا بالخلاص، بالانسانية، بالعلمانية، ناضلت، بروح المبدأية والجرأة، في الشوارع والميادين والمعامل والازقة الفقيرة من اجل تقوية صفوف الجماهير وحركتهم الاعتراضية، ومن اجل الاشتراكية، ذهبت اليوم خانعة تطرق ابواب الرجعيين تطلب الصفح وقبول انظمامها الى معسكرهم. ولكن حزبنا لا يأسف لان افاق حركة الشيوعية العمالية لم تتلبد واصبحت اكثر شفافية. بوجود حزبنا فان حركة الشيوعية العمالية في العراق ورايتها لن تنتكس، ويعلن ان لا علاقة لما تقوم بها تلك القيادة اليمينية بحركة العامل والمرأة والشاب المعترضين، او بملايين الاطفال المحرومين، او بتطلعات المجتمع في تغيير هذا الواقع المر وقلبه. شيوعية ماركس ومنصور حكمت ليست متخاذلة او انهزامية او مهادنة او تصالحية بل مبدأية، جريئة ومقدامة حتى النهاية، ومن هذه الجرأة والراديكالية المغالية في انسانيتها ترسم مواقفها. لن تتنازل تلك الشيوعية عن الجماهير او تصدر التبريرات المتهافتة لاجراء تحالفات مع قوى اقصى يمين المجتمع لاجل اجلاسهم معهم واعتبارهم ذلك وصولا "للسلطة السياسية".

 

ان النضال من اجل خلاص جماهير العراق لا يمكن ان يتم من على منابر هؤلاء الاسلاميين والعشائريين والقوميين، لا لانهم لن يعطوهم فرصة الحديث او الترويج وسيخرسوهم بشتى الوسائل، بل لان ذلك المنبر قد اوجد اصلا لتبرير نفس العبودية والتمييز التي يدعون محاربتها. اي تصور اخر غير ذلك هو محاولة لزرع الوهم والتوهين وفرض التراجع على حركة الجماهير التحررية نفسها.  سيديم حزبنا نضاله من اجل تقوية الحركة الاعتراضية والمساواتية والعلمانية والتحررية والاشتراكية داخل المجتمع، تكون مهيئة وقادرة على احداث اعمق التغييرات انسانية. ذلك يشترط اولا واخيرا ازاحة قوى السيناريو الاسود البربرية من على صدر الجماهير وتنظيم الجماهير لبناء سلطتها بشكل حر واقامة مجتمع اشتراكي وانساني.

 

الحزب الشيوعي العمالي اليســاري العراقي

14 تشرين الاول 2009