قرار الاجتماع الموسع الرابع للجنة المركزية للحزب الشيوعي العمالي اليساري العراقي حول

الاوضاع السياسية في العراق

في ظل التغيرات السياسية والاقتصادية العالمية *

 

العراق هو البلد النموذجي الذي حاولت امريكا و نظامها العالمي الجديد تطبيقه كمثال للتقسيم القومي الديني الطائفي وتجريد البشر من هويتهم الأنسانية وفرض الهوية الدينية والقومية والأثنية والطائفية عليهم، خاصة بعد 11 ايلول. ان فشل هذا النموذج الذي سبب قتل مئات الألاف من الأرواح و تشريد ملايين المواطنين والعوائل وتدمير البنى التحتية والأجتماعية للعراق كليا والمدمرة اصلا بسبب الحروب المتتالية والحصار الأقتصادي ادى الى هزيمة طارحي ذلك المشروع و النموذج وانسداد افاقهم  وافولهم. بأفول النظام العالمي الجديد ومواجهته لازمة عالمية اقتصادية وسياسية وايديولوجية انعكس  الامر مباشرة على اوضاع العراق وعلى كافة الأصعدة.

 

لا يزال العراق يمر بسلسلة من التغيرات في الأوضاع السياسية وألامنية الخطيرة بغض النظر عن الهبوط النسبي للأعمال الأرهابية واعمال التفجير والأنتحاريين والقتل على الهوية. فالحكومة العراقية لا تزال حكومة طائفية – قومية – اسلامية ميليشياتية، وكل المؤسسات مقسمة بين الميليشيات التي تنهش بعضها البعض ، وهناك صراعات قوية محتدمة بين قوى سيناريو الاسود. المجتمع العراقي لا يزال يسير في حقول الغام ويمر بمخاطر انفجار الصراعات الدموية الطائفية - القومية بين الاسلام السياسي والقوميين العرب والقوميين الكرد، وبالاخص صراع حكومة بغداد مع القوميين الكرد والتهديد بالحرب التي تتهدد الجماهير بالاندلاع. ان ذلك يظهر فقط قمة الجبل الجليدي.

 

ان تغير سياسة امريكا في العراق بعد مجيء باراك اوباما رئيسا لأمريكا والأعلان عن انسحاب القوات الأمريكية من العراق يجلب تغيرات سياسية جدية على الأوضاع السياسية وانفجار الوضع مرة اخرى بين الميليشيات القومية الاسلامية  المسلحة وهي احد التوقعات المحتملة، ويظهر، ان مسألة الدولة والسلطة السياسية  لاتزال غير محسومة وان الصراع في العراق لا يزال متمحورا حول السلطة السياسية. ولكن بعد نهاية الاحتلال العسكري الامريكي للعراق والتقارب بين امريكا وقوى الاسلام السياسي، فان الفرق بين الاسلام السياسي الموالي لامريكا والمقاتل لها سيتلاشى ويصبح الطرفان اقرب الى بعضهما البعض. ان امريكا والاسلام السياسي والقوميين والعشائريين جميعهم قد اصبحوا قطبا واحدا مواجه للجماهير. ان ذلك سيجعل الصراع الطبقي في العراق اكثر استقطاباً وشفافية.

 

الأزمة الاقتصادية العالمية التي جلبت معها ازمة ايديولوجية للبرجوازية العالمية ايضا، انعكست على الواقع العراقي.  البرجوازية العراقية التي تعلن عن تطبيق قوانين السوق الحرة وخصصة الأقتصاد العراقي، تعاني اليوم، وبعد ازمة أقتصاد السوق الحرة وقوانينها ووقوعها في مأزق وازمة عميقة يكاد يفوق الكساد الأقتصادي العظيم في عقد الثلاثينات من القرن العشرين، قد دفعت البرجوازية العراقية الى التخبط.  ليس للبرجوازية العالمية التي اعلنت قبل عقدين أنتصارها على رأسمالية الدولة بعد انهيار الاخيرة والترويج ل"نهاية التاريخ"، اي قدرة للجواب على الازمة. البرجوازية العراقية تعيش نفس الوضع ونفس انسداد الافاق و الازمة الاقتصادية العالمية قد عمقت التخبط الاقتصادي للبرجوازية العراقية والممتدة من الازمة السياسية لها. ولكن المسالة الأساسية في العراق لا تكمن في ماهية النمط الأقتصادي الذي يعتمدونه ، بل ان المشكلة هي في السياسة والسلطة السياسية. فبدون حسم السلطة الساسية والجواب على فراغ الدولة وجلب الأمان التي تشكل المعضلة الأساسية ومفتاح حل القضايا الأخرى، فان التحدث عن النمط الأقتصادي يكون  مجرد هراء.

 

ان البرجوازية العالمية والمحلية وسعيا للنفاذ بجلدهم يقومون بفرض أشد الظروف المعيشية والامنية قساوةً على جماهير العراق وبمساعدة البنك الدولي و صندوق النقد الدولي ومضاعفة البطالة المتفشية اصلا وتقليل الاجور وسلب حقوق العمال من تقاعد وضمان بطالة وبقية الحقوق الأجتماعية الاخرى من صحة وتعليم. ان فرض السياسة الاقتصادية التقشفية عل الجماهير الجائعة يشكل حالياً الركن الأساسي للسياسة البرجوازية الاسلامية - القومية. اما بالنسبة للجماهير المحرومة فان الدفاع عن ادنى مستويات المعيشة يشكل ميدانا صراعيا يوميا حادا؛ صراعٌ بين الحياة والموت.

 

ان الحقبة الجديدة التي ستلى سحب القوات الأمريكية من العراق وانهاء الحرب والأحتلال من قبلهم، سيحول الصراع بين القوى السياسية والأجتماعية الموجودة  في العراق الى صراع بين قوى البرجوازية العراقية بكل تلاوينها من طرف وجبهة الجماهير والقوى التحررية للاشتراكية والشيوعية العمالية من الطرف الآخر. وبغض النظر عن ان الحروب و المصادمات بين القوى الطائفية والدينية والقومية ستزداد وتشتد ومن الممكن ان تجر معها المجتمع الى حروب اهلية مدمرة، الا ان الحرب بين تلك القوى تعتبر صراعات وحروب داخل نطاق العائلة البرجوازية ولا تمثل اي مصلحة للجماهير.

ان خلاص الجماهير في العراق غير ممكن دون تقوية جبهة العمال والجماهيرالمحرومة. ان تقوية هذه الجبهة رهن ٌ  بتقوية الشيوعية العمالية والتحزب الشيوعي وبتقوية الحزب الشيوعي العمالي اليساري العراقي وتحوله الى قوة سياسية مقتدرة، ولاعب اساسي على الساحة السياسية في العراق.

الأجتماع الموسع الرابع للجنة المركزية

الحزب الشيوعي العمالي اليســاري العراقي

20-4-2009