موقف الحزب

من مهزلة "الانتخابات البرلمانية" في العراق

 

ان العملية السياسية التي تنظمها سلطة الميليشيات الاسلامية القومية التي تسميها "انتخابات" ماهي الا مهزلة اخرى تريد بها تلك القوى كسب الشرعية لنفسها من خلال جلب وكلائها كنواب منتخبين وبعملية مزيفة يضفى عليها شكلا الطابع الديمقراطي ولكن محتواها الحقيقي لصوصي وميليشياتي.

 

ان الهيئة التي نصبتها امريكا في العراق على اساس انها دولة والمؤلفة من مجموعة من الميليشيات الاسلامية والقومية تخطط الدسائس لبعضها البعض عاجزة كلياً عن لعب ذلك الدور. يتضح عجز هذه السلطة من خلال فشلها الكلي في توفير ابسط مقومات ومستلزمات مجتمع متعارف وطبيعي من امان وطمأنينة وخدمات وحياة طبيعية رغم مرور اكثر من 6 سنوات على الاحتلال الامريكي للعراق. مازال المجتمع يخرج من انفجار مهول ليدخل في انفجار مروع. ان هجوم يوم 19 آب على رموز الدولة الاكثر اهمية وتحصينا وتحطيمها كليا وقتل المئات من المواطنين وجرح اكثر من الف شخص وسط اشد الاجراءات الامنية يدل على هذا العجز الكلي وعلى الفوضى الشاملة التي تعاني منها تلك الميليشيات الحاكمة والكارثة التي تعيشها الجماهير مذكرا بان العراق دولة محتلة تنهش مجتمعها الميليشيات الارهابية الاسلامية والقومية، وان ما يسمى الدولة لا تستطيع حتى حماية نفسها داخل مخابئها في المنطقة الخضراء. ان انعدام الامن والطمأنينة والخوف والقلق من المستقبل مازال كما كان يشكل الهاجس الاول والاخير للملايين من المواطنين في العراق. فالتفجيرات الهائلة واعمال القتل والاعدامات الجماعية والاعتقالات والزج بالسجون وتصفية الخصوم واقتحام المنازل وتفخيخ السيارات وتهجير المواطنين والانتهاكات الواسعة لحقوق النساء واستشراء قتلهن مستمرة لحد هذه اللحظة وباعتراف كل دول العالم ومنظماته. مازال العالم يعتبر ان العراق اخطر دولة على وجه الارض.

 

ان المهزلة المسماة الانتخابات التشريعية في العراق ليس لها اي علاقة بالانتخابات كما تجري في دول العالم الاخرى؛ اي بوجود حدود دنيا من الطبيعية ومعايير واسس تدخل الجماهير في تحديد شكل حكومتها ووجود المجتمع المدني والحكومة المنتخبة. ان العملية في العراق تجري برمتها من قبل ميليشيات مدججة بالسلاح وفوق رؤوس الجماهير ومن وراء ظهورهم وظمن صفقات تعقدها تلك الميليشيات مع قادة الجمهورية الاسلامية وجنرالات الجيش الامريكي المحتل. المجتمع كليا خاضع لسطوة هذه الميليشيات؛ في البصرة وجنوب العراق وبغداد ميليشيات الدعوة (الجيش)، قوات بدر - المجلس الاعلى، ميليشيات جيش المهدي – الصدر، فيلق القدس الايراني والمدعومة كلها من الجمهورية الاسلامية الايرانية ومجاميع قتلتها، وفي ديالى وبغداد والانبار والموصل تسرح ميليشيات الصحوة وشراذم القاعدة ومجاميع البعث وجيش محمد لحارث الضاري فارضة سطوتها ومناطقها وخاواتها ورؤسائها المرتبطين مباشرة بالجيش الامريكي، وفي مناطق كردستان تتحكم ميليشيات البيشمركة للحزبين القوميين المدججة بالسلاح تحكما كاملا وتضع نفسها بين الفينة والاخرى في مواجهة ميليشياتية قومية سافرة مع جيش المالكي. في هكذا اوضاع مزرية ومأساوية تتهدد حياة الجماهير في كل لحظة احتمال اندلاع الحرب والمواجهات والانفجارات، فان ما يسمى بالانتخابات التشريعية لا يمكن ان تكون اقل من مهزلة وضحك على الجماهير. انها تعني من الناحية الواقعية استخدام يد الجماهير للدفع بقادة نفس هذه الميليشيات، مرة اخرى، الى "البرلمان" لاعادة انتاج نفس الكارثة: انعدام الامان، انعدام الخدمات والصحة، انعدام الرفاه، استمرار الصراعات الوحشية وسيطرة قوى الدين والطائفية والقومية والعرقية على المجتمع، السرقات، النهب المنظم لموارد البلد، الرشاوي، المحسوبية، تهريب الاموال والاسترزاق، توزيع كراسي الوزارات على المحاسيب والازلام، وهلمجراً. ان اي محاولة لرسم صورة اخرى للواقع المر الذي تعيشه جماهير العراق غير هذه الصورة هي خداع دنئ للجماهير يهدف لتنفيذ مصالح تلك القوى الميليشياتية الارهابية وادامة الكارثة في العراق على حساب حياة وامان ورفاه الجماهير ومستقبلها.

 

ان من السخرية اعتبار البعض ان النزاهة هي معيار الاشتراك او الامتناع في هذه المهزلة. ان من يعتبر ان النزاهة تشكل المعيار الحاسم في هذه العملية هو كمن يطلب في الواقع النزاهة من عمار الحكيم ومقتدى الصدر وحارث الضاري والشيخ خالد العطية والملله جلال الدين الصغير واياد علاوي والمطلك واحمد الجلبي وغيرهم من رؤساء فرق الاغتيالات وقصف الاحياء السكنية والقرى وملالي الجوامع اصحاب فتاوي قتل النساء واغتيال الخصوم بالتفخيخ والسطو على البنوك والدوائر. هذه المهزلة - الكارثة لا يمكن لنزاهة على وجه الارض ان تقترب منها، ما دامت ايادي منظميها ملطخة بدماء الاف الاطفال الذين سقطوا ضحايا الغزو الامريكي والمجازر الطائفية والقومية لتلك الميليشيات في مختلف مناطق العراق. بدلا من اعادة تنصيب تلك القوى على كراسي "مجلس النواب" بعملية استلاب جديدة لارادة جماهير العراق، يجدر جر هؤلاء للمحاكمة كمجرمي حرب متهمين باعمال ابادة بالاشتراك مع قادة الاحتلال الامريكي.

 

حزبنا يسعى الى كشف هذا الاستهتار بحياة الجماهير وامنها ورفاهها ومساواتها وحريتها وينبه الى خطر الانخداع بدعوات تلك القوى التي تريد الاستحواذ على اصوات الجماهير من اجل ادامة وتعميق الوضع الكارثي في العراق. ستعمق هذه الممارسة المهزلة من تهميش الجماهير عن التدخل في تحديد مصيرها وتأجل لفترة اطول نهوضها وكسرها لقيودها واستلابها من قبل تلك القوى المنصبة عليها. خلاص جماهير العراق لن يأتي مطلقا من خلال هذه العملية المزيفة والصورية بل من خلال انهاء الاوضاع الكارثية التي سببها الاحتلال الامريكي من جهة وقوى الميليشيات المسلحة من جهة اخرى وانهيار الوضع الامني جراء ذلك ووضع المجتمع على مسارات الاوضاع الطبيعية لتستطيع بعدها الجماهير ان تقرر وبحرية كاملة وبظروف طبيعية وامنة ومطمأنة تحكيم خياراتها السياسية واختيار شكل حكومتها.

 

يوصي حزبنا بعدم الاشتراك في مهزلة الانتخابات التشريعية لسلطة الميليشيات الاسلامية والقومية ويفضح تلك العملية كتزوير مكشوف لارادة جماهير العراق المتعطشة للحرية والمساواة والامان.

 

الحزب الشيوعي العمالي اليســـاري العراقي

21-9-2009