حول الازمة الاخيرة بين ميليشيات السلطة في العراق
تصاعدت مؤخرا الازمة السياسية في العراق وزيادة اعمال الارهاب والقتل الجماعي في بغداد واحتقان الاوضاع في محافظة ديالى والتراشق الاعلامي بين "شركاء" ما يسمى هزلا بالعملية السياسية. فمن جانبه صعد نوري المالكي رئيس الوزراء الموقف من خلال طلبه القاء القبض على طارق الهاشمي نائب رئيس الجمهورية وعضو القائمة العراقية برئاسة علاوي بتهمة دعم الارهاب، في حين شن علاوي وصالح المطلك في تصريحات جوابية حملة مقابلة واصفين المالكي بالدكتاتور ومشبهينه بصدام حسين.
ورغم ان سبب الازمة بين ميليشيات السلطة يبدو ظاهريا انه جاء متزامنا مع انسحاب الجيش الامريكي، الا ان هذه الازمة اعمق واقدم من ذلك وهي تعود الى ما قبل مرحلة الانتخابات المهزلة التي جرت وفازت بها القائمة العراقية بنسبة اعلى من الاصوات واظطرارها للتراجع عن رئاسة الحكومة بعد ضغوطات الجمهورية الاسلامية واعوانها ورميهم بمنصب كارتوني لا مهمة له اسمه مجلس السياسات الوطنية.
ان الدولة الحاكمة بالعراق هي دولة ميليشيات وان عمليتهم السياسية وشراكتهم هي شراكة ميليشيات وتقاسم مغانم ومناصب.هذه حقيقة بات يعرفها الجميع والناس ترددها في الشوارع. ولكن هذه الحكومة والدولة في العراق هي في الاساس دولة الطبقة الاستغلالية ولا تمثل الجماهير، وان تسليم الراية لنوري المالكي ليصنع هيبة لهذه الدولة التي نصبها الجيش الامريكي من العشائر ورجال الدين والميليشيات الاسلامية والحثالات وتم لفلفة الموضوع بانتخابات صورية لا يعرف الناس فيها احد، وليكون هو وحزب الدعوة ممثلين للدولة المركزية او "دولة القانون"، هذه الحكومة تواجه مشكلة عويصة سببها ان ليس كل اجنحة الطبقة البرجوازية تقبل بتمثيله او تياره الاسلامي لها. ان سلطة المالكي تواجه مشاكل عديدة ليس اولها علاوي والمطلك والهاشمي والحزب الاسلامي ولا مقتدى الصدر وميليشياته ولا ميليشيات القاعدة ودولة العراق الاسلامية، ولكنه الان يواجه اعضاء تافهون في المجالس البلدية لقرى او نواحي نائية في ديالى والانبار حيث يطالبون هم ايضا، بفصل اقاليمهم عن "الحكومة المستبدة" في حين تلقى تلك المطالب تعاطف المطلك وعلاوي دافعين المجتمع برمته الى خنادق الصراع الطائفي. ورغم ان الازمة تبدو انها ممسكة بخناق حكومة المالكي تحديدا ولكنها في الواقع ازمة كامل الطبقة البرجوازية في العراق، في السلطة وخارجها، وان نموذج امريكا "الديمقراطي" لهذه الطبقة يتفسخ وتملأ رائحته الكريهة كامل المجتمع. القائمة العراقية من جهتها تدعي انها تمثل جماهير العراق. ولكن ذلك تظليل. فهي تخشى على ضياع اسهمها في السلطة هي وليس مصالح العمال والمحرومين والعاطلين والنساء والشباب. ان كلا الكتلتين المتصارعتين طائفيتين ويرتكزان الى الدين والشحن الطائفي وما تصريحات الناطق الرسمي باسم العراقية حيدر الملا حول الاستعانة باحد الملالي الاسلاميين الرجعيين في العراق لحل خلافاتهما الا دليل على النفاق الصارخ حول علمانية تلك الكتلة ومدنيتها.
لقد سأمت جماهير العراق من هذه الشراذم والقوى والوجوه الرجعية والتي تتلاعب بمصيرها كل يوم وتستند الى معاناتها وعذاباتها وجوعها وتمزيق اجسادها بالمفخخات وتتعكز على مصالحها ليزيدوا النهب والكسب. ان المجازر اليومية التي تقع في العراق هي مسؤولية الحكومة العراقية بكل فئاتها واجحتها وان دولة القانون والعراقية والتيار الصدري والحزب الاسلامي وكل فئات الاسلاميين والقوميين والعشائريين مسؤولون بنفس القدر عن هذا الواقع الكارثي في العراق. ان اول خطوة للتخلص من الكارثة تتمثل في التخلص من مسببيها. وهذا ما ستقوم به الجماهير.
جماهير العراق التي هبت ببطولية في شباط 2011 للاحتجاج ضد السلطة تتحين الفرصة لاعادة احتجاجاتها الا ان تدهور الاوضاع المعيشية وعسكرة المجتمع والاعتقالات والاختطافات والتعذيب وقتل المعارضين العلني والتجاذبات والتخندقات الطائفية تضعف من حركة الشارع لقلب هذه السلطة بكل تكويناتها الطائفية والدينية المريضة. ولكنها لن تسكت وستعيد انتفاضتها وتخرج الى الشارع من جديد كما خرجت جماهير مصر وسوريا وتونس وليبيا للاقتصاص منهم وكنسهم وتحرير المجتمع من قبضتهم.
الحزب الشيوعي العمالي اليساري العراقي
22-12-2011