التيار اليميني في حركة الشيوعية العمالية يروج للتخاذل والاستسلام للجمهورية الاسلامية

 

عصام شكــــري

ishukri@gmail.com

 

نشر السيد مؤيد احمد عضو المكتب السياسي للحزب ”الشيوعي العمالي“ العراقي مقالة بعنوان” الشعبوية وضرورة التغلب على نقاط ضعف الشيوعية العمالية في ايران“.  المقالة رغم دورانها في حلقة مفرغة من التنظير السياسي العمومي على قاعدة  "اقطع والصق" والذي حاول جهده ابعاده عن الواقع في ايران، فان فحوى المقالة تعلن ولاول مرة، حسب علمي، عن وقوع من كان يعتبر نفسه قطبا اشتراكيا، في حزب توجه نحو اليمين وضرب الشيوعية العمالية والثورية والماركسية، في خندق اليمين وبشكل كامل. فمقالة السيد مؤيد احمد تلك تزود نظام الجمهورية الاسلامية بذخيرة ايديولوجية حية ”رائعة“ تستخدمها في ضرب صدور الجماهير المعترضة في ايران. انه موقف يخدم موقف نظام الجمهورية الاسلامية بشكل مباشر.

 

لنناقش الان ماقاله في تلك المقالة. ولكن قبل ذلك لالخص للقراء اولا مجمل افتراضاته السياسية وابرهن على خطئها الواقعي قبل النظري، وكيف انها تبغي كسر شوكة الحركة الثورية المتصاعدة في ايران وارجاعها الى الخلف بادعاء الحرص على بروز ”الجبهة المستقلة للعمال“. وهنا لا اريد رسم اي فواصل او حدود نظرية بين موقف صحيح وموقف خاطئ بالمعنى الفكري، بل ساتناول الموضوع بجانبه السياسي. فالموقف السياسي يكشف حامله حتى لو تلفح الاخير بالف مقولة للينين او لمنصور حكمت او لماركس. ان الشيوعيين يعملون في الواقع لا في الخيال. ولكي يعمل السيد مؤيد احمد في الخيال فان عليه اولا ان يغير او يحور الواقع ليناسب تنظيراته. هذا ما حاول القيام به في تلك المقالة، هندسة الواقع بما يتناسب مع موقف حزبه العملي، الموقف اليميني الذي اتخذه ازاء الاحداث الثورية في ايران.

 

وفيما يلي الاستنتاجات العمومية للمقالة وردي عليها:

 

ما يجري في ايران ليس ثورة  

 

يقول الكاتب ان ما يجري في ايران ليس ثورة. يسميها موجة اعتراضات. ولكنه يرجع ليقول على مضض بانها احداث ضخمة، ربما ثورة ولكنها برأيه الجازم تجري في اطار صراع قطبي الجمهورية الاسلامية نفسها. كاتب المقالة يخفي، اما عن عدم دراية  او عن عمد، المسائل التالية:

 

1)   1) ان الثورة هو فعل اجتماعي يجسد حالة ان القاعدة الجماهيرية لم تعد تقبل بالسلطة، تناقض شديد، عصي عن الحل بين الاسفل والاعلى، لن يحل الا بقلب الاسفل للاعلى وخلع السلطة السياسية  منه؛

 

و 2) ان الاعلى قد انشق الى نصفين، بسبب الاعتراض المستمر وضغط الاسفل ضده، وليس العكس، اي ليس سبب انتفاضة الجماهير ضد السلطة لدعم احد اجزاء السلطة، بل ان تفكك السلطة سببه اعتراضات الجماهير؛

 

و 3) ان الحزب السياسي للطبقة العاملة، للجماهير الغفيرة، الحزب الاشتراكي الثوري، وفي ايران، الحزب الشيوعي العمالي الايراني، هو جزء لا يتجزأ من مسار الثورة، من صيرورة الثورة، من قوى الثورة. 

 

اما نظرة السيد مؤيد احمد لما يحدث فتقوم على ان الاعتراضات الثورية هي رد فعل الجماهير، وفق اوامر هذا الطرف او ذاك من اقطاب النظام، على الانتخابات او نتائجها. من هنا يريد ان يؤكد على ان الاحداث ضعيفة، وغير مهمة سياسيا. ان ذلك التصور مبتذل لانه تصور ميكانيكي، غير ديالكتيكي، تصور يجعل من الواقع سلسلة خطية من الاحداث السببية غيرالمتفاعلة. بنفس القدر، هو تصور ميتافيزيقي يعتمد على اشاعة الغموض والابهام ومبني على عدم ادراك الواقع السياسي في ايران منتهياً  بترويج الترقب والانتظار حدوث تبدلات خارجة عن ارادة الجماهير. ذلك من الجانب الفلسفي. اما من الناحية السياسية فانه تصور يميني، لماذا ؟ لانه موقف سياسي يؤدي الى تجريد الجماهير كليا من ارادتها، الى شل حركتها الثورية وجعلها مجموعة مستلبة تتحرك باوامر الملالي او تنتظر تغير السياسة الامريكية و"موديلات" الرأسمالية.

 

في مقالات سابقة بينت ان الجماهير الايرانية تدرك ان خروجها واعتراضاتها كان يجب ان يكون تحت غطاء ما.  وقد استعملوا بذكاء غطاء خسارة موسوي وتزييف "الانتخابات“. اما مؤيد احمد، فعلى العكس، ختم ارادة الجماهير بانها تابعة لموسوي ورفسنجاني وانها لا تريد اكثر من تغيير نتائج الانتخابات، برغم معرفته بانها تبنت شعارات تجاوزت بكثير اصلاحية موسوي الى طلب الموت للجمهورية الاسلامية ومرشدها الاعلى. ان الحزب الشيوعي العمالي الايراني، (الذي يطمس الكاتب عن عمد واضح نضاله الجسور) هو بنفس القدر الذي يعتبر فيه ما يحدث ثورة جماهيرية تمتلك عمقا اجتماعيا تاريخيا نشأ ، ليس اليوم، بل مع حركة اسقاط النظام في نهاية التسعينات، وتطورت وتوسعت الى درجة عظيمة، فانه يعتبر بكل مسؤولية انه كحزب سياسي شيوعي عمالي كان القوة الاكثر حضورا وثورية وتقدما داخل المجتمع في ايران، والتي شكلت صيرورة وحركة الجماهير الثورية ورسمت افاقها. الحزب الشيوعي العمالي الايراني الذي يتهمه مؤيد احمد دون ان يسميه بالشعبوية، اذن جزء اساسي من قوى الثورة نفسها، من صيرورة الثورة، من مسارها، من مآلها ونتائجها. الامر مختلف كليا مع ثورة 1979 في ايران عندما كانت الطبقة العاملة عزلاء ولا تمتلك حزبها السياسي المستقل. اليوم تمتلك الطبقة العاملة الايرانية والجماهير الواسعة المحرومة حزبها الثوري وهي تزداد تمحورا حوله. ذلك الحزب ليس قوة تقع خارج المجتمع، تراقب من الجو ما يحدث كما يحاول الكاتب ان يصور، بل هو حزب مقتدر، له حضور، ويؤثر حتى على مسارات الاعتراضات داخل ايران، انه يتموضع في قلب المجتمع وفي قلب الاحتجاجات الجماهيرية، وهو قائد الاعتراضات الثورية رغم الدعاية البرجوازية حول التاثير الاحادي لموسوي ورفسنجاني التي يروج لهما مؤيد احمد ومعه بالطبع ابواق البرجوازية العالمية في البي بي سي والجزيرة وغيرها. تاريخ الحزب هو تاريخ الجرأة والاقدام وقيادة الاعتراضات، وتاريخ نفس ثورة الجماهير الراهنة ولا يتجزأ عنها. مقالة مؤيد احمد المذكورة تريد ان تصور  وكـأن الحزب الشيوعي العمالي الايراني حزب هامشي، ضعيف، خارجي، شعبوي، غير متدخل. ذلك التصور مخادع. ان ما  يثبت ان الحزب كان دائما متدخلا ودافعا بالحركة الثورية للامام هو حقيقة انه لم يتفاجأ ابدا بما حدث. ليس كما تفاجأ جناح كورش مدرسي او اكاديمبي الغرب حين قالوا: صدمنا بجسامة وسرعة الاحداث ولم نتوقعها !. الحزب الشيوعي العمالي الايراني لم يصدم. ببساطة، لانه احد الذين ساهموا في صنع تلك الاحداث ولانه رسم وخطط ونظر لها، فكر فيها، ودفع ، وتنبأ بها، ليس لانه عرافا، بل لانه احد قواها اوجزء لا يتجزأ من حركتها. انه جزء اساسي من كينونتها.

 

من جهتنا لا نستغرب ابدا ان يعتبر السيد مؤيد احمد ان ما يجري في ايران ليس ثورة وينفي عنها السمة الثورية،  ليس لانه  فقط يحاول ان يزيف الواقع ليثبت اقواله، بل لان الموقف العملي لقيادة حزبه، الموقف اليميني، الذي ظهر بهيئة باسفستية (سلبية ) خدمت الجمهورية الاسلامية، يتطلب بحدة الاثبات او البرهنة النظرية؛ فالموقف المتخاذل يتطلب الدعم النظري حتى لا ينهار ويتلاشى، خصوصا بعد الموقف الجماهيري المؤيد والمتعاطف مع نضال الجماهير الايرانية في كل مكان. حزب مؤيد احمد وبتأثير من قيادته اليمينية السائرة مع  كورش مدرسي قد وقف، من الاحداث الثورية في ايران، موقفا خائرا، متذبذباً، مرة يرسل بعض افراده، ليحملوا بخجل شعارات لا علاقة لها بما يجري، ومرة اخرى لا تراهم، لم يكتبوا ولم يعلقوا سوى عبارات الاسى على الضحايا وادانة القمع، واكتفوا بموقف في ظاهره معاد لقطبي النظام الاسلامي الايراني، وفي جوهره يصب في مصلحة وخدمة نظام الجمهورية الاسلامية ( فيما عدا احد قادته الذي عبر بجرأة اكبر عن موقفهم السياسي اليميني نفسه).

 

وفيما يلي مناقشة لبعض من الافكار الواردة في المقالة وابدأها باقتباسات منها: 

 

حتى لو افترضنا بانها ( حركة ) قوية !!

 

هذه العبارة جزء من الجملة التالية: " ان الحركة الشعبية العامة لاسقاط النظام ليست حاليا بنفس تلك القوة والاقتدار السابق في ايران ولكن حتى لو افترضنا بانها قوية الان (التاكيد لي) فانها وفي سياق الاعتراضات الاخيرة في ايران استسلمت لافق الاصلاحيين وشاركت قطاعات من الجماهير في مظاهرات واحتجاجات دعا اليها وحدد اطارها ومسارها الاسلاميين من نمط الموسوي والرفسنجاني".

 

  ولكن لماذا الافتراض؟ اليست للكاتب القدرة (او الجرأة) على تقدير الاهمية السياسية وسعة الحركة وقوتها ؟ اليس هناك مؤشرات يستطيع الركون لها لمعرفة قوة الحركة ؟. ام ان الهدف هو وضع علامة الاستفهام على الحركة، اضعافها، من اجل ان يسهل استنتاجاته النهائية بتفاهتها وضعفها ؟!. الم ير الاخبار وشاهد خروج الملايين من البشر الى الشوارع ببسالة وقوة ؟ هل يصدق عاقل بان الاحداث الحالية "ليست حاليا بنفس القوة والاقتدار السابق في ايران" كما يقول الكاتب ؟. ادعو الى سؤال اي انسان في ايران عن رأيه ومقارنته بين هذه الاحداث وبين ماجرى في السنين السابقة وانظروا ما سيقول؛ بكل بساطة ان ما يجري لم يسبق له مثيل منذ قيام الثورة الايرانية في العام 1979 والامر مستمر ولن يتوقف. ولكن لم يريد السيد مؤيد ان يقول ان ما يجري ضعيف، او، حسنا "لنفترض انه قوي !" ؟ ما معنى لنفترض انه قوي؟ لم اللف والدوران والتلاعب بالكلمات ؟ مئات من البشر قتلوا وعذبوا وكسرت عظامهم والملايين يخرجون للشوارع في مظاهرات هزت العالم، واثارت رعب النظام الاسلامي بكامله واعجاب العالم. هل يتطلب الامر قراءة كل ما تسميه ا“بالادب الماركسي" لمعرفة ان ما يجري هو ثورة جماهيرية، ثورة ستقلب موازين المنطقة والعالم رأسا على عقب ؟ ام ان هناك هدف واجندة لضرب تلك الحركة وتكسير ارجلها لاثبات موقف قيادة حزبك ؟!

 

اليسار والطبقة العاملة غائبين عن الثورة وانها خاضعة لافاق الاجزاء الاصلاحية من النظام الاسلامي

 

يصرح الكاتب بذلك وكأنما استلها من كبد الحقيقة. عبارة لا هدف لها سوى تبرير النكوص عن التواجد في الحركة، للتراجع والخور والتنظير اليميني. لماذا الامتناع عن الانخراط في النضال بين صفوف الجماهير كشيوعيين، من اجل الثورة الاشتراكية، من اجل ان يلعب اليسار دوره ويوجه مسارات الحركة، من اجل الطبقة العاملة ورفع شعاراتها ومطالبها وتقديم بدائلها ؟. لم الركون الى فرض الانتظار والترقب على الجماهير لسنين اخرى، سنين طويلة اخرى تعاني من القمع والسجون والمعتقلات وحكم الملالي وارهاب الاسلام السياسي. لم يريد بقاء الامور على ما هي عليه وينتظر تنظيم " الحركة المستقلة للطبقة العاملة " ؟. وفي نفس الوقت، ينفي مؤيد احمد نضالات الطبقة العاملة الايرانية، واثرها على الاحداث الثورية الحالية، ما قامت به من اضرابات وتظاهرات واخرها يوم الاول من ايار هذا العام في متنزه لاله في طهران حيث اعتقل المئات وحكم على الكثيرين منهم. نسي والاحرى تناسى اثر الحزب الشيوعي العمالي الايراني ودفعه للحركة العمالية والدفاع عن ملايين العمال في سنندج والشوش وديزفول وطهران وغيرها، الترويج لاضرابات عشرات المنظمات العمالية، فضج الجمهورية الاسلامية في المحافل الدولية واخرها في جنيف امام اجتماع منظمة العمل الدولية. نسي ان ممثل الطبقة العاملة يتصدر الميدان، يفرض حضوره في كل منعطف، ويتعامل مع كل الجماهير ويوفر لها الشعارات والتاكتيكات الثورية. بالنسبة له، فان الطبقة العاملة ايقونة، لا وجود لها الا في كتب اليسار والمقولات المقتطعة من ”الادبيات الماركسية“ !.  ان انكار وجود او دور للطبقة العاملة في قلب الحركة الثورية، ميكانيكية تحليله وسطحيته، تعمد اهمال وجود حزب الطبقة العاملة السياسي ودفاعه عن الحركة العمالية في ايران، كل ذلك يشير بوضوح الى عجز الكاتب عن رؤية الموقعية السياسية القيادية للطبقة العاملة في تلك الاحداث. ذلك بلاشك يخدم، مرة اخرى وبكل دقة، نظام الجمهورية الاسلامية، لانه يقوم بتجيير كل هذه الحركة لصالح موسوي ورفنسجاني، مدعيا ان تلك هي الحقيقة، وان الجماهير لاتريد سوى تبديل هذا بذاك. ولو صحت فرضيته الاخيرة، لما كان لخامنئي ان يتردد لحظة في تغيير نتيجة الانتخابات لانقاذ النظام نفسه من الهجمات. خامنئي يعرف اكثر من مؤيد احمد، ان الجماهير الايرانية لن تقف الا باطاحة كامل نظام الجمهورية الاسلامية، لذا امر بتكسير عظامها وقتلها. ولكن الاخير يريد ان يثبت ان الجماهير مسيرة من قبل النظام. لا اكثر.

 

 

 

 ما يجري هو حالة معقدة !

 

 ولكي يتخلص من الخيوط التي لفها حول نفسه فان الكاتب يحيل الموضوع الى القدر، الى الميتافيزيقيا ويقول بشكل كهنوتي ولكن هزلي بنفس الوقت: "ان ما يجري هو احدى الحالات المعقدة التي تحتاج الى نوع من التعمق للخروج برؤيا واضحة تجاه ما يحدث فيها " !  بالطبع ! يجب التعمق للخروج "برؤيا".  ولكن ماهي تلك الرؤيا "النبوية" ؟ هنا يأتي الجواب: "ان ادامة الجمهورية الاسلامية والصراع بين جناحيها الرئيسيين بات ممكنا، ( التاكيد لي) الى حد ما، بسبب حصول تغيرات في الوضع العالمي والاستقطابات العالمية وكسب الموديل الصيني والروسي للاقتصاد نوعا من القوة والاستمرارية في وضع الاقتصاد العالمي الحالي وبوجه تراجع دور امريكا العالمي ووقوع نمطها الاقتصادي في ازمة حادة". 

 

وبالطبع فانها "رؤيا" مناسبة، لانها تلعب نظرية الاحتمالات الشهيرة لكورش مدرسي. هنا يدفع الى محاولة اقناع الجماهير بان الجمهورية الاسلامية باقية رغم كل شئ. ذلك مربط الفرس. ان تلك الجملة الاكثر اهمية في المقالة، والاكثر دلالة على الهدف من موقفهم اليميني ضد ثورة جماهير ايران. يريدون التبرير لبقاء الجمهورية الاسلامية. مرة اخرى يأتي شيوعيا اخر ليقول الظروف ليست مواتية، مرة اخرى الجمهورية الاسلامية قادرة على تجديد نفسها وادامة وضعها، مرة اخرى يجعلون الجماهير تنتظر وتيأس وتتراجع. مرة اخرى القنوط والاحباط وانتظار ما تقرره امريكا ووضعها العالمي. الا يذكر ذلك بشروط الحزب الشيوعي العراقي التي كان يرددها بمناسبة وغير مناسبة "الشروط الموضوعية للثورة غير متوفرة، الطبقة العاملة متخلفة، الاوضاع لم تنضج بعد " الخ الخ ؟!.

 

 موديل الصين وروسيا ؟!

 

ولكن عند ربط الموضوع بمسألة الثورة الايرانية الحالية فان تلك "الرؤيا" تتضح ويزيل الضباب الكهنوتي عن كلام مؤيد احمد وتحل عقدة " الحالة المعقدة ". انه يريد ان يكيف الواقع حسب موقفه السياسي القائل بان موديل الصين وروسيا انتصر على موديل امريكا وان الجمهورية الاسلامية قابلة للحياة الان !. ولكن، من قال ان للدولتين المذكورتين موديلات اقتصادية خاصة بهما ؟ ان تلك الدولتين غارقتان في ديون البنك الدولي وصندوق النقد الدولي واقتصادهما خاضع للسوق الحرة، فعن اي موديل يتحدث كورش مدرسي تحديداً ؟!. ان خلط اقتصاد الصين وروسيا الحاليين بنموذج رأسمالية الدولة للاتحاد السوفييتي والصين ايام الحرب الباردة خطأ فاضح. لم يعد ذلك "الموديل" موجوداً، والنموذج الوحيد الموجود حاليا، الذي يعاني من الهزيمة هو نموذج السوق الحرة. ان اكبر الاقتصاديين البرجوازيين يؤكدون ان نظام السوق الحرة هو الوحيد السائد حاليا وان هناك محاولات لترميمه بعد انهياره. وهم ليسوا متفائلين من ذلك. موديل روسيا والصين سيؤدي الى بقاء الجمهورية الاسلامية ؟! اي ترهات تتغلف بالعلمية تلك ؟! لم لا يتم القول صراحة باننا نتمنى عدم سقوط النظام لنثبت موقفنا ؟ لم لا تقولوا صراحة اننا ضد حركة الجماهير وضد الثورة ونحن نعاديها بدلا من الحديث عن وجود موديلات اقتصادية وهمية؟ ولكن هنالك المزيد...

 

لا يمكن تحويل ما يجري الى ثورة !!

 

ليس فقط ما يجري، بنظر مؤيد احمد ليس ثورة او حركة ذات شأن ، وان النظام الاسلامي قابل للحياة، بل حتى "لا يمكن" تحول ما يجري الى حركة ذات طابع ثوري. !.  ليس فقط التجاوز على الوقائع ونفي الخروج المليوني للجماهير، ليس فقط تأييس الجماهير والفت في عضدها ورمي كل نضالاتها وتضحياتها والامها في مزابل "التنظير"، ليس فقط سد الافاق امام حركة الجماهير صغيرة كانت ام عظيمة، ليس فقط تدمير الامل لدى الجماهير بالخلاص وهي في قمة احتجاجاتها ومرارتها من السلطة الاسلامية، ليس فقط القول لهم ارجعوا لبيوتكم لان هذه ليست ثورة، لا يكفيه ذلك، بل يريد قول، انه لا يمكن  تحويل الحركة السياسية الى حركة ذات طابع ثوري. عجيب حقا هذا التوجه. فما نفع الشيوعيين اذن ؟ ان ذلك الغاء كامل لدور الشيوعيين. لم شارك ماركس وانجلز في ثورة 1849 والبلاشفة في ثورة 1905 وثورة شباط 1917  اذن ؟ ان كان نفس هؤلاء الشيوعيين قد قرروا مسبقا مصير الحركة من مكاتبهم، وختموا بالفشل على تلك الثورات ؟!  لم الدوغمائية والقرارات النهائية بدلا من المساهمة في الحركة، ومنحها زخمها، قوتها، ومحتواها الاشتراكي ؟

 

 ان من المثير للاستغراب لي ان يستشهد مؤيد احمد بكلام لينين ويخرجه كليا عن سياقة التاريخي وعن فهم لينين العام لدور الحزب البلشفي في قيادة الثورة. فكل ثورة تضع امام الشيوعيين مهمات يجب انجازها؛ دورهم في تربية الجماهير وتثويرها وتقوية التيارات الراديكالية وقيادة الحركة الاعتراضية. ان اقتباسه من لينين مظلل تماما وغائي . فهو يختار اقوال لينين بعد ثورة شباط 1917 الديمقراطية وليس قبلها ولكنه لا يقول ذلك. الاقتباس يقول: "...فان تحويل تلك الحركة الديمقراطية الثورية الشعبية ولكنها البرجوازية الطابع الى حركة بروليتارية اشتراكية وثورة اشتراكية غير ممكن دون حصول التحولات في مسار الحركة الاولى وتحقيق اهدافها وبدون وصول الحركة الديمقراطية البرجوازية تحقيق نفسها ونهاياتها المنطقية باي شكل يكون."

 

ماذا يعني تحويل الحركة الديمقراطية البرجوازية الى حركة بروليتارية غير ممكن، دون تحقيق الاولى لاهدافها ؟. الا يعني ان الثورة الحالية ستمهد الطريق، على اقل تقدير، لفتح الف احتمال بانتصار ثورة اشتراكية في ايران؟. مؤيد احمد يورد نص لينين ولكنه يوقفه ضد لينين نفسه، وبدلا من ادراك ان على الشيوعيين، ان كانت هذه الثورة الايرانية ديمقراطية كما يقترح (مع ملاحظتنا وتأكيدنا ان الشيوعية العمالية حاضرة وقوية في هذه الثورة، ومؤثرة في مساراتها لاول مرة في تاريخ ايران ويبرز احتمال قوي بانجازها لمهماتها لصالح العمال)، اليس حري به ان يدعم تلك الثورة او الانتفاضة،  بدلا من الادعاء بانها واقعة تحت تاثير موسوي ومن يسميهم الاصلاحيين ؟!. اليس حري بمؤيد احمد ان يفهم ما قاله لينين حول دفع الشيوعيين للثورة، النضال داخل الثورة لسيطرة العمال على السلطة واعلان الاشتراكية ؟!.  

ان اقتباسه من لينين محاولة فاشلة لمنح الشرعية للمنهج التساومي والذي يبشر ببقاء الجمهورية الاسلامية بدلا من الدعوة على الاقل لانتصار ما يعتقد "دوغمائيا" ودون ادنى ادراك ثوري او حراك شيوعي وبسلبية وباسفستية، بانه ثورة ديمقراطية برجوازية او "اصلاحية" في ايران. الثورة لا تاخذ شكلها من السماء، بل من طبيعة وحركة القوى المادية للبشر المنخرط فيها وان تحولها الى ثورة اشتراكية رهن بوجود الحزب العمالي الاشتراكي. تلك هي الحقائق التي يجب سحبها من افكار لينين، وليس قلب ثورية لينين وتحويلها الى انتهازية تبرر اطالة عمر النظام القيصري في روسيا.

 

  لا نقف بوجه اي اشتراكي يريد ان يحول الاحداث الاخيرة في ايران الى ثورة شعبية عارمة بوجه النظام الاسلامي ولكن نطلب الحق في انتقاد من يعملون ذلك !

 

 شكرا جزيلا على المكرمة. فبدلا من دعوة الشيوعيين الى دعم الثورة في ايران والاشتراك الفعال والترويج والتحريض الشيوعيين وتحديد مسارات وحركة الاعتراضات فانه "يطلب الحق في انتقاد من يعملون ذلك" !!. اي يريد "الحق" في ان ينتقد من يناضل ويؤدي وظائفه كشيوعي !. ان الجماهير تلتف بقوة حول رايات وافكار وشعارات الحزب الشيوعي العمالي الايراني ويقوم النظام الاسلامي الحاكم بالتشويش على فضائية كانال جديد التي تبث البيانات واللقاءات والخطابات لقيادة الحزب الشيوعي العمالي الايراني وتستلم الاف المكالمات من داخل ايران والتي اسمهت في توجيه العديد من الاحداث والتظاهرات داخل ايران وما تزال. في هذه الاوضاع يقول الكاتب " لنا الحق في انتقاد من يعملون ذلك !!".  الا يمكن اعتبار ذلك موقفاً يمينيا،ً ان يعلن احدا ما ان له الحق في نقد من يعمل من اجل الشيوعية وانتصار الشيوعية والاشتراكية، في هكذا اوضاع، ويستنكف هو عن النضال ؟ اليس ذلك موقفا انتي - شيوعياً وبكل الابعاد؟.

 

وكأستنتاج لتحليله الاستسلامي فانه ينتهي الى القول "ان ضعف دور القوى الشيوعية العمالية والاشتراكية في خضم الحركات الجماهيرية... قد جعلنا نتلمس خطورة استمرار هذا الضعف".

 

تلك المقولة لا تجعلنا نصدق انه "عراب الحركة الشيوعية" بقدر ما تؤكد لنا انه يحاول بجهد اسقاط ضعف وهامشية حزبه على حركة الشيوعية العمالية ككل. ان الضعف الذي يشير له هو ضعف وتراجع قيادة حزب مؤيد احمد وكورش مدرسي انفسهم وتحولهم الى الهامش السياسي والاجتماعي، في ايران وفي العراق، وليس ضعف حركة الشيوعية العمالية. الحزب الشيوعي العمالي الايراني الذي سخر مؤيد احمد قلمه لنقده ومهاجمته ومهاجمة ثوريته (دون تسميته)، وضرب حركة الجماهير الايرانية المحتجة، هو حزب مقتدر، جرئ، قوي، مقدام، كوادره يتزعمون النضالات اليومية، والاهم انه، على عكس مؤيد احمد وقيادته، يقوم باداء وظائفه الشيوعية ويرسم الخطط والتكتيكات الصحيحة لحركة الجماهير، بمبدأية ، كل يوم، وكل ساعة. انه حزب شيوعي عمالي تلتف حوله الجماهير وترى راياته في كل مكان. لا يتملكنا الوهم في ان الجماهير الثورية في ايران ومن خلال الدور الفعال والقيادي للحزب الشيوعي العمالي الايراني قادرة على تقوية وادامة ثورتها وتوجيه الضربة القاضية وكسر رأس نظام الجمهورية الاسلامية واسقاطه وفتح اوسع الافاق المشرقة والانسانية للجماهير المحبة للحرية والمساواة والتمدن وعلى رأسهم جماهير العراق. 

 

نحن كشيوعيين عماليين نبث الامل في نفوس الجماهير بان مستقبل افضل يتحقق بسواعد الجماهير نفسها، امر ممكن، واقعي وضروري. ولكن بث الامل يأتي بالنضال والدفاع عن البشر وعن انسانيتهم، لا ببث التراجع والاستسلام.

 

لنعمل من اجل هذا المستقبل، ولننقد، بلا هوادة، كل القوى التي تحاول فبركة العراقيل والفلسفات والميول التخاذلية والمحبطة للجماهير، لا بل ترمي ذلك على اكتاف الجماهير او الطبقة العاملة او تحشرها في افواه قادة حركة الشيوعية العمالية كلينين او منصور حكمت.