”قمتا“ الدوحة ولندن

فشل !

 عصام شكــــري

ishukri@gmail.com

 

مؤتمر ”القمة“ العربية لم يهدف الى حل المشاكل التي تواجهها جماهير المنطقة على وجه التحديد بل اراد ان يحل مشاكل الطبقة البرجوازية الحاكمة نفسها والتي تواجه الازمة على صعيد عالمي وكيفية حلها والظهور على الاقل بمظهر الكتلة الموحدة سياسيا واقتصاديا بعد ان عجزت ”القومية العربية“ وصراخ الوحدة العربية والتضامن العربي عن توحيد مصالح هذه الانظمة الرجعية.

 

ان كلمة ”رأب الصدع“ العزيزة على قلوب تلك الانظمة هي ليست بلا معنى. فان قيمتها تتحدد بالنظر الى الواقع العالمي للبرجوازية والانهيارات الكبرى ليس فقط على صعيد اقتصادي صرف بل بالاساس على الصعد السياسية والايديولوجية والفكرية. وبالطبع فان البطش والاستبداد السياسي بقوى الشرطة والامن والمخابرات والاستبداد الاجتماعي وخاصة ضد المرأة ( من خلال قوى الاسلام السياسي داخل المجتمع ) توفر لتلك الانظمة وقاية من اي قلاقل اجتماعية تحدث اليوم للبرجوازيات في دول اخرى والمظاهرات والاعتراضات الحاشدة وتصاعد نقمة الطبقة العاملة التي يتم رمي مئات الالاف منهم الى الشوارع يوميا بلا عمل ولا ضمانات.

 

ان شكوى الحكومات العربية من التفتت هي شكوى سياسية هدفها حل مسألة كيفية الحفاظ على كل نظام من غضبة الجماهير ومن احتمالات حدوث تصدعات في قدرة تلك الانظمة على السيطرة على الطبقة العاملة العربية وهي لذلك تعتقد ان تكتلها  سيجد لها موقعية عالمية مناسبة ويحميها من الانهيار واحتمالات الانقلابات.

ان احد اهم ما يريده قادة البرجوازية العربية السياسيين هو الاتفاق على كيفية مواجهة التحالفات البرجوازية على صعيد عالمي وكيفية نيل القبول والرضوخ للشروط الاقتصادية التي يفرضها البنك الدولي من اجل الحفاظ على الموقعية السياسية لتلك الانظمة. الا ان المفارقة هي انه في ظل الاوضاع العالمية الحالية فان البرجوازية العالمية نفسها تواجه اكبر مأزق عرفته منذ عشرات السنين. لقد وضح مؤتمر لندن حجم الورطة والاختلاف الذي تعاني منه الاقتصادات الاكثر تطوراً وتصنيعا.

 

اليوم لم يعد زمان الامة العربية المناضلة وليس وقت الوحدة العربية، وبالطبع لم يعد وقت عدم الانحياز و الحياد الايجابي او الطريق الثالثة او اللاشرقية واللا غربية التي كانت سائدة في الحرب الباردة. فتلك العبارات اصبحت تنتمي الى الماضي وان كل همهم الان هو ”رأب الصدع“. انهم لا يريدون اكثر من تحسس الارض التي يقفون عليها في ظل الاوضاع المتغيرة وغير المستقرة. رمال متحركة تحت ارجلهم.

وفي نفس الوقت فان تصريحات البيان الختامي للقمة العربية لا يجب ان تؤخذ على محمل الجد. فهي للاستهلاك الداخلي لا اكثر. فالحديث عن اسلامية العراق وعروبته يتم بدفع من انظمة الاسلام السياسي وخاصة السعودية والحديث عن الارض مقابل السلام هو اجترار لفشل  البرجوازية العربية في حل القضية الفلسطينية واعتمادهم على التحالف مع قطب ارهاب الاسلام السياسي ازاء قطب ارهاب دولة اسرائيل. قمة الدوحة وزميلتها قمة لندن فشلتا فشلا ذريعا في تحقيق اي انجاز فالاولى اكتفت بالشعارات وتحقيق المصالحة بين قوى الاسلام السياسي والقوميين العرب والثانية اكتفت بمنح ترليون دولار الى البنك الدولي وصندوق النقد الدولي لانقاذهم من الافلاس !!

لن تنقذ كل اموال البنوك الطبقة البرجوازية من المأزق الذي تمر به. ان الازمة هي التي تضع ”ترليون“ علامة استفهام فوق رؤوس قادة هذه الطبقة الذين نضبت الحلول لديهم لانتشال طبقتهم لا من الافلاس الاقتصادي فحسب بل السياسي والفكري اساسا.