البديل الثالث

 

عصام شكــري

 

استراتيجيتنا الهادفة الى اخراج القوات الامريكية ونزع سلاح الميليشيات الاسلامية والقومية واحلال قوات اممية تنظم اجواء حرة هي خطتنا العملية لتغيير الاوضاع وانهاء السيناريو الاسود. انها خطة عمل من اجل انهاء الصراع الارهابي بين القوتين الرجعيتين الوحشيتين المتصارعتين في العراق – امريكا والاسلام السياسي واتاحة الفرصة لتفعيل آلية اخرى. تكتسب استراتيجيتنا تلك ابعادها بمثابة بديل ثالث – بديل الاشتراكية من منطلق تمثيلها لمصلحة القوة الثالثة - جماهير العراق. انها لا مصالح امريكا ولا مصالح قوى البرجوازية الاسلامية -  القومية.

 

واليوم باتت جماهير العراق تدرك تماماً أن بقاء القوات الامريكية في العراق يعني عملياً استمرار السيناريو الاسود الدامي، ويعني منح الفرصة لقوى الاسلام السياسي لارتكاب المزيد من الجرائم البشعة ضد الجماهير. كما ان الجماهير تدرك تماماً، من جهة اخرى، بأن القوى الاسلامية - القومية المناهضة للاحتلال (والموالية له على حد سواء) لا تمثل تطلعاتها، ولا هدف لها الا خلق الرعب والدمار واحلال الهمجية من اجل احكام الهبمنة - هيمنة نظام اسلامي رجعي قرووسطي مناهض للانسانية وللتمدن.

 

وفي هذا السياق بامكاننا ابراز بديل الحزب الشيوعي العمالي اليساري العراقي – بديل الجماهير المغيبة والمسحوقة بالجوع والحرب والارهاب. بديلنا هذا يواجه سياسات امريكا الرجعية في العراق من جهة ويتحدى بدائل القوى والميليشيات الاسلامية والقومية من جهة ثانية.

 

المسألة الاساسية في طرحنا لخروج القوات الامريكية وانهاء الوجود المسلح للقوى الاسلامية والقومية بكل الوانها بنفس الوقت هو ان هذه الخطة تمثل جواباً  على معضلة السيناريو الاسود – اي الظرف الحالي الذي يجعل من الجماهير مستلبة الارادة وتعيش تحت طائلة الارهاب والقتل اليومي. الا انه بنفس الوقت يمثل اجابة على سؤآل اعمق وبحاجة الى تدخل الاشتراكيين الفوري – اي مسألة حرية الجماهير ومساواتها ورفاهها غير القابل للتجاوز والتأجيل. من الجائز والممكن ايضاً انهاء السيناريو الاسود في العراق في المدى القريب او البعيد ولكن من المستبعد جداً وبظل المعطيات الراهنة وهيمنة القوى البرجوازية بزعامة امريكا تصور عدم استمرار القوى الاسلامية والقومية بنشب مخالبها في جسد الجماهير وبمعونة امريكا لادامة خنق الحرية والمساواة والرفاه للملايين من جماهير العراق. بعبارة اخرى دون ان تحاول تلك القوى بناء الدولة الاسلامية الطائفية القومية العشائرية. وبناءاً على هذا التصور فأن ستراتيجيتنا لا تمثل فقط حلاً لانهاء الظرف الراهن بل تمثل ايضاً خلاصاً للجماهيرمن حكم الاسلام السياسي وسياسة البطش ومعاداة المساواة والحرية التي عانت منها جماهير الشرق الاوسط سنين طوال.

 

رؤيتنا الاشتراكية هذه تنهل من قناعتنا الراسخة بان الحرية التي سيوفرها خروج القوات الامريكية ونزع سلاح الميليشيات الاسلامية – القومية ستؤدي الى افساح المجال لعموم الجماهير (عن طريق توفير مناخ سلمي اكثر حرية) بانتخاب حكومتها بعيدا عن الضغوط بشتى اشكالها. نعتبر ان الجماهير في ظل اوضاع اخرى لا يشكل الخوف جزءا عضوياً منها ستتطابق اهدافها مع الدولة العلمانية لانها تعبر عن الحرية والمساواة.

 

نكرر القول بان الحكومة العلمانية ستكون اشتراكية. فالبرجوازية في العراق اليوم عاجزة عن تحقيق الحكومة العلمانية. يبقى انجاز هذه المهمة معلقاً بكاهل الطبقة العاملة. انها الوحيدة القادرة على انجازها. من خلال البرنامج السياسي القائم على اساس تعبئة قوى جماهير العمال سيكون بامكان هذه الطبقة العظيمة المنتهكة تحقيق الشكل الاكثر انسانية من اشكال تنظيم الدولة – اي العلمانية. ان دور الشيوعية العمالية في العراق اليوم (على عكس تحريفات التيار الانتهازي اليميني للحركة) لا يقتصر ابداً على المطالبة المثالية المعزولة بالدولة العلمانية؛ مطالبة مثالية بلا رابط بالمسار الاجتماعي والقوى الاجتماعية صاحبة المصلحة المباشرة في تحقيقها. ان جوهر الامر قوة حركة الجماهير. يجب اظهار هذه القوة لصنع التغيير. ذلك يأتي فقط من خلال برنامج الحزب السياسي الممثل لهذه الجماهير. ان تلك مهمة طبقية لقوى اشتراكية عمالية وليست مهمات طبقات متعددة او تحالف لها يتكون بصفقات خيالية - منظمات جماهيرية لتحرير العراق من المحتلين على غرار ما انجزته منظمة المؤتمر الوطني الافريقي – وهي تحالف برجوازي وطني في روديسيا في السبعينات.

 

اليوم في العام 2005 وبظل النظام العالمي الجديد وهيمنة امريكا فان مصير الحرية والمساواة في العراق ملقاة حصرياً على عاتق الشيوعيين. بنضالنا الاشتراكي غير المهادن ولا المعتذر سندفع بمطلب الدولة العلمانية المدنية المتمدنة والانسانية في العراق اشواطا الى الامام.

 

ذلك هو بديلنا وتلك هي مهمتنا الكبيرة – مهمة الاشتراكيين. يكفينا، لتقدير اهميتها التأريخية الان، القاء نظرة على كل المحاولات المحمومة والشرسة للبرجوازية (العالمية والمحلية) في العراق لاجهاضها ومنعها من التحقق بكل الوسائل التي لم توفر لا اجساد الاطفال الابرياء ولا قصف المدن وتدميرها على رؤوس ساكنيها، من اجل تحقيق غاياتها الاجرامية.