تقاسم المغانم

 حول التمسك بالفيدرالية والصراع الرجعي بين قوى السيناريو الاسود

 

يبدو ان نتائج الديمقراطية الامريكية في العراق لم ترق كثيرا لكل قوى السيناريو الاسود. فراحت بعض تلك القوى القومية "تناضل" من اجل كبح جماح الجمهورية الاسلامية الايرانية في العراق وقواها المحلية من الفائزين بالانتخابات من الائتلاف العراقي "الموحد !!". في حين راحت قوى اخرى اسلامية تأجج نار الحقد والكراهية القومية ( عرب واكراد) من اجل امرار مشروعها الاسلامي. ينذر الوضع بين قوى السيناريو الاسود بالانفجار وربما يستدعي التدخل المباشر من قبل الحليف الامريكي المشترك اذا افترضنا بالطبع ان ذلك الحليف قد وقف على الحياد بين هذه القوى طيلة هذه الفترة!.

 

ان اساس الصراع بين هذه القوى لا يتعلق بالطبع بتحقيق مصالح المجتمع او توفير الامان والاستقرار والحريات للجماهير او حتى الدولة العلمانية اللاقومية بل بشئ اخر وضعه هؤلاء نصب اعينهم منذ اليوم الاول لوصولهم مع القوات الامريكية الى العراق: اي كسب السلطة السياسية وتقاسم المغانم .

 

ان قوى السيناريو الاسود تعمل على الايغال بمشروع النظام العالمي الامريكي الجديد وهي لذا تستنفر وضمن قوانين اللعبة الديمقراطية كل قواها لكسب النصر واحراز الجزء الاكبر من الغنيمة الموعودة. احد تجليات ذلك المخطط هو رغبة مختلف الاطراف الاسلامية منها او القومية في تفتيت المجتمع على اسس قومية وطائفية والاستيلاء على محميات او كانتونات طائفية وقومية تهيئ الى مرحلة جديدة اكثر خطورة وتنذر بالانفجار واحتمال اندلاع الحرب القومية - المذهبية. فنفس قوى الاسلام السياسي "عديمة الرأس" تحاول ارضاء قوى اخرى من القوميين الكرد من اجل الحصول على موافقتهم الضرورية على مرشحهم لمنصب رئآسة الوزارة ابراهيم الجعفري. ورغم ما يقال عن الجعفري في انه شخصية " معتدلة" و"مقبولة" ( ويقصد لدى امريكا) الا ان شبح الحكومة الاسلامية الملازم لرئيس حزب الدعوة الاسلامية يثير لدى القوى القومية الرفض لان ذلك سيتعارض مع مصالحها الحالية.  اما القوميون الكرد فيطالبون بالفيدرالية لكردستان وضم كركوك الى تلك الفيدرالية بينما يرفض هذه الفيدرالية البعض بشدة ويلتزم الصمت حيالها البعض الاخر. ومن جهة اخرى يتصاعد التنافس على المحاصصة الفيدرالية القومية والمذهبية حين يقترح بعض الاسلاميين الجدد "التقاة" من امثال احمد الجلبي بأن تكون مناطق الجنوب خاضعة لفيدرالية اسلامية مستقلة ومن منطلقات غاية في الرجعية والانتهازية للقوى الاسلامية الموالية لايران. هذه المهاترات والصراعات الرجعية بين اقطاب البرجوازية المنصبة على رؤوس ومصائر جماهير العراق والمدعومة من قبل امريكا ستؤدي الى ادخال العراق في نفق مظلم وتزيد من تعميق الازمة وانعدام الامن وزيادة الصراع الارهابي في المجتمع.

 

الحل الوحيد المتاح لاخراج العراق من هذا النفق المظلم والسيناريو المخيف الذي ترسمه تلك القوى المتخلفة يتمثل في حشد قوى الجماهير حول بديل الحزب الشيوعي العمالي اليساري المتمثل باخراج القوات الامريكية – البريطانية ونزع سلاح كل هذه الشراذم الاسلامية والقومية الرجعية واحلال قوات دولية محلها. ذلك الامر يتطلب ادراك ما يخطط له هؤلاء وكشفه للجماهير. انه السبيل الواقعي لخلاص المجتمع العراقي الاسير لتلك القوى السوداء وحليفتهم امريكا والنابع من ارادة الناس لا من ارادة تلك القوى. تلك القوى التي لن تجلب للمجتمع الا مصيرا ملتهبا بالحرائق والارهاب والصراعات الرجعية القومية والمذهبية وتمتلئ افاقه بانعدام الامان والخوف.