معنى

”الاشتراكية الآن“

 عصام شكــري

    

 

حزبنا يرفع شعار الاشتراكية الان ويستعمله كمفهوم سياسي اساسي في نضاله. ماذا تعني مقولتنا "الاشتراكية الان" ؟ ولم نؤكد عليها ؟. ولم يثير هذا الشعار حفيظة من يدعون الاشتراكية تحديداً؟

 

ولكن لنبدا بطرح السؤال معكوسا: لم لا نستعمل "الاشتراكية الان" ؟ مالمانع؟ و لم تحجم القوى المدعية بالشيوعية والاشتراكية كالحزب الشيوعي العراقي و"اجنحته" او الجناح اليميني للشيوعي العمالي العراقي او المجاميع المدعية بال "ماركسية"- الديمقراطية او الثورية او اليسارية والجيفارية والماوية و"الماركسية اللينينية" والتي تقود "جيوش البروليتاريا" في اروقة الخيال، عن رفع شعار "الاشتراكية الان" وحمل رايته في المجتمع وجعله شعار كل العمال والتحرريين والعلمانيين والنساء؟!. لم تحاول تلك القوى بمجملها ان تمنع رفع هذا الشعار وبكل التبريرات والوسائل وترفع بدلا منها شعارات (مستترة) فحواها: "الاشتراكية ليست الان" – "الاشتراكية في المستقبل" – "الاشتراكية فيما بعد".

 

السبب هو انها قوى غير اشتراكية لانها غير مقتنعة بالاشتراكية. انها تدعي الاشتراكية ولكنها تؤمن برأسمالية "افضل". فقد دخلت الساحة السياسية وهي تضع في صدورها شارات الشيوعية "الثورية والمحبوبة" وهي اليوم لا تستطيع طرح هذا "الباج" جانبا لتنخرط في مشاريعها البرلمانية والدخول في "اللعب السياسي"داخل اروقة ودهاليز السياسة البرجوازية واقطاب السيناريو الاسود في العراق الذين اغرقوا الناس بالدم والدمار. حتما سيظل هؤلاء يعرفون انفسهم بانهم اشتراكيون. والسؤال: لم اشتراكيتكم في كل وقت الا "الآن"؟!.

 

وفي هذه المقالة اود ان أوضح مغزى استعمال حزبنا لشعار "الاشتراكية الآن" وكيف انه شعار سياسي بالاساس يميز حركة الشيوعية العمالية الثورية في مجتمع العراق عن الميول الاخرى الإصلاحية والتساومية ويختصر بدلالة ميلها نحو تحقيق هدف الشيوعية الفوري وهو  انشاء الدولة الاشتراكية. ان هذا الشعار يضع مهمة تحقيق الاشتراكية من قبل الشيوعيين على المحك. ان شعار "الاشتراكية الان" يمتلك عدة معاني:

 

الاول:

معنى النقض: ان تلك المقولة هي مقولة نافية او ناقضة. انها نفي لمقولة القوى التي تدعي انها اشتراكية ولكنها في الواقع تؤجل هذه الاشتراكية وتفضل ان تناضل من اجل الديمقراطية او التعددية او التحالفية الفوقية مع البرجوازية او أي شئ اخر. تلك المقولة نفي للتأجيل والتسويف واختلاق الاعذار والذرائع وادعاءات "التحليل العلمي"و"الموضوعية" و"فهم الواقع" وكلها من اجل الغاء مهمات النضال الاشتراكي الان وتاجيلها واحلال مهمات اصلاحية صرف محلها. ان شعار: الاشتراكية الان هو نفي للاشتراكية المؤجلة - المحنطة او المتخيلة. الاشتراكية الان تعني ان الاشتراكية حية وليست جثة هامدة. وفي نفس الوقت فان الاشتراكية الان هي نفي لبديل البرجوازية. الاشتراكية الان تعني نقض بديل ادعياء الشيوعية من اجل ادامة حكم البرجوازية والنظام الرأسمالي و"تحسينه".

 

الثاني:

الاشتراكية الان شعار اجتماعي وليس فلسفي او ايديولوجي - عقائدي.الاشتراكية مفهوم اجتماعي. انها ليست منظومة عقلية علينا اسقاطها على المجتمع من فوق او ندخلها في عقولهم "بالتلقين" كما يلقن الاسلاميون الاطفال تعاليم الدين. ان الاشتراكية موجودة كحركة اعتراضية في المجتمع ضد الاستغلال الرأسمالي. انها موجودة في قلب كل عامل  مهما كانت عقيدته او دينه او درجة ثقافته او "وعيه". انها موجودة "الان"- في هذه الساعة والدقيقة وليس فيما بعد. الاشتراكية بحد ذاتها حركة  رفض واعتراض واحتجاج وتذمر ضد الواقع. شعار الاشتراكية الان يعني ان الاشتراكية حركة وصيرورة مادية يقوم بها الملايين من العمال والنساء والعلمانيين والشباب وفي كل ارجاء العالم وليس في العراق وحده – ويقومون بها الان. ان رفع رايات هذه الحركة وجعلها مرئية للجماهير هي مهمتنا نحن الشيوعيين. ولكننا لا نعمل على ايجادها. فهي موجودة رغما عنا. الاشتراكية في العراق هي حركة البشر في المجتمع الرافض للاستغلال ولانتهاك انسانيته وحقوقه من قبل قوى البرجوازية العالمية والمحلية من جيوش امريكا وبريطانيا المحتلة الى قوى الاسلام السياسي والقوميين وميليشياتهم البربرية الدموية. ان قولنا بان الاشتراكية هي حركة مادية حية ونابضة في المجتمع (وان كانت ضعيفة) يعني ان على قوى الشيوعية والاشتراكية والانسانية والتمدن ان تنهض لقيادة تلك الحركة وان عليها فعل ذلك الان.

 

الثالث:

ومن جهة اخرى فان الاشتراكية وقد عرفت بانها حركة مادية موجودة في كل المجتمعات الرأسمالية ومنها المجتمع في العراق وبان كلمة "الان" تشير الى مهمة الشيوعيين في قيادة وتنظيم هذه الحركة فان "الاشتراكية الان" تعني ايضا ان على الاشتراكيين اليوم مهمات "آنية" وعاجلة. تعني ان الاشتراكية قادرة اليوم على انجاز مهمات المرحلة وانجاح اعتراضات الجماهير وتحويلها الى قوة مادية قادرة على التغيير. ان الاشتراكية الان تعني ان الاشتراكية رسمت خطوط نضال الجماهير من اجل خلاصهم من الاستغلال الرأسمالي، الان وليس فيما بعد وهي جاهزة للدخول الى معترك الصراع السياسي الان.

 

الرابع:

 الاشتراكية الان تعني ايضا قدرة الاشتراكية على ان تحل يديلا للمشروع البرجوازي المنهار. اقتدار الاشتراكية بمعنى قدرتها على قيادة المجتمع ومعالجة مشكلاته وازماته وانهاء معاناة جماهيره الناتجة من الاحتلال والعسكريتاريا وانعدام الامان والحرمان الاقتصادي والثقافي وسطوة الدين وارجاع التخلف والخرافات وانعدام المساواة وانتهاك الحريات. انها الاشتراكية الحية القادرة على الجواب ( العملي والنظري) الان وليس الجواب فيما بعد. الجواب بمعنى الاقناع وايجاد الحلول وادارة المجتمع والقول للبرجوازية انها وبكل قواها اصبحت عاجزة وبان استعمالها  للارهاب الواسع ضد الجماهير بشقيه ارهاب الدولة (امريكا والغرب) وارهاب الاسلام السياسي، والقتل والتدمير وانتهاك الانسانية هو تماما الدليل المادي على عجزها وافلاس مشروعها.

 

الخامس:

الاشتراكية الان تعني ان الاشتراكية اليوم قادرة على تعبئة الجماهير من اجل احداث تغيير جذري وراديكالي أي من اجل انجاز الثورة الاجتماعية. ما من قوة اخرى غير الاشتراكية وقوى الشيوعية العمالية قادرة على فعل ذلك ولو منحت لنفسها الف تسمية ووسام. الاشتراكية قادرة "الان" على اطلاق اكبر الاليات الاجتماعية حيوية وانسانية من اجل احداث التغيير الجذري وقلب الواقع رأسا على عقب لصالح الناس.

 

واخيراً:

الاشتراكية الان، تعني، ان جذوة التغيير وضرورة عالم افضل والخلاص من هذا الظلم في قلب كل عامل وامرأة هي جذوة حية الان ومتاججة اليوم . لا مجال لتاجيل انهاء الام الناس دون ان نمتلك وفي نفس الوقت الشجاعة لاعلان هزيمتنا على الملأ ونقول ان الامل بضرورة عالم افضل انساني امل مزيف دافعين الملايين من البشر الى اركان اليأس والهزيمة. الاشتراكية هي الامل بوجود عالم افضل. والاشتراكية الان، هي ضرورة تحقيق هذا الامل...اليوم.  علينا تقع هذه المهمة.

 

ان حزب الاشتراكية في العراق – الحزب الشيوعي العمالي اليساري العراقي هو اداة الجماهير لانتصار الاشتراكية. فلنعمل على رفع هذا الشعار الانساني والتحرري - "الاشتراكية الان"!!.