اكاذيب الرئاسة

 

عصام شكـــــري

ishukri@gmail.com

 

ان افتتاح جلسة مايسمى بالبرلمان يوم الثلاثاء 6-5 بقراءة رسالة ”رئاسة الجمهورية“  وتلقف بعض ممن يسمون زوراً بنواب الشعب لتلك الرسالة على انها العلاج الشافي والوافي للتغطية على الارهاب الرسمي لقوات حكومة المالكي من جهة ولاجرام ميليشيات مقتدى الصدر وبقية قوى الاسلام السياسي، هو نفاق دنئ من قبل القوى الميليشياتية التي تتلفح برداء الشرعية والقانون والدستور والوطنية ودولة المواطنة العادلة ، وهي نفسها قوى مغرقة في الميليشياتية والعصبوية بل وفي ارتكاب الاعمال الارهابية ضد الالاف من المواطنين في العراق. 

 

لا تبغي تلك الرسالة ارساء قواعد العمل او الاحتكام الدستوري والقانوني (اي قانون بالظبط؟!)، بل ان هدفها الاساسي هو حرف الانظار عما ارتكبته حكومة المالكي من اعمال ارهابية وحشية ضد المواطنين في حربها الاخيرة مع ميليشيات وعصابات مقتدى الصدر. لقد تم قصف المناطق السكنية بالطائرات والسمتيات بحجة التخلص ممن يسمونهم بالقوى الخارجة عن القانون. ان من يسمع كلام المالكي حول مقتدى الصدر على انه قوة خارجة عن القانون يكاد يصدق ان المالكي هو القانون بعينه !!. في حين ان الجميع يعرف بان المالكي  هو مجرد اسلامي ميليشياتي (خارج عن القانون هو نفسه) لا فرق بينه وبين مقتدى الصدر سوى بموالاته لامريكا ولمشروعها وخططها في العراق لا اكثر ولا اقل. انه لمجرد ضربة حظ ان يكون هذا الشخص عميل للادارة الامريكية ويتم  اختياره لتنفيذ الاجندة الامريكية ومن ظمنها مهمة تقسيم الجماهير في العراق الى طوائف واديان متقاتلة وفي نفس الوقت تعبئته كالمنبه ليصرخ يوميا بعبارات ببغائية:“ القانون - الدستور - الوطن“!. من اين لهذا الشخص ان يحظى بدعم عشرة اشخاص في العراق لولا جورج بوش ؟ الجماهير تعرف انه مجرد العوبة بيد امريكا لا تقوى حتى على ”تحرير“ البصرة ناهيك عن ميناء كام قصر من اجهزة المخابرات الايرانية وعملائها ”المهدييــن”.

 

ان رسالة حليف المالكي، جلال الطالباني الى ”البرلمان“ هي رسالة ساخرة، انها  تهزء بالجماهير وتهدف الى تسويق كذبة ممجوجة مفادها ان ”قادة” العراق الجديد هم رجال دولة يحترمون القانون وساسة مدنيون على درجة عالية من التهذيب ويراعون مصالح المواطنين.

 

وهم في ذلك قد تفوقوا على ”الطاغية“ صدام حسين في احترام القانون والدستور. فالاخير كان يقتل الناس بشكل جماعي ويقدم تبريرات قومية لا تبدو اكثر بؤسا من تبريرات هؤلاء. فقد كان صدام يقتل الابرياء بدعوى حماية البوابة الشرقية بينما يقتل هؤلاء المئات من الابرياء في مدن الثورة والبصرة والعمارة والديوانية والكوت والناصرية وكربلاء والموصل وغيرها وبحجة ”الخارجين عن القانون“. نفس المنطق البربري.

 

ان عبارات جلال الطالباني الفارغة لن تخدع احد في العراق فالملايين من العمال والكادحين يعرفون ان هذه عصابة تحكم بقوة السلاح الامريكي وهي عاجزة كليا عن انجاز اي مهمة. لا هم لهذه المجموعة الحاكمة غير النهب والسرقة وتمزيق المجتمع اربا الى طوائف واديان وقوميات واثنيات متناحرة والى سحب المجتمع المدني الى اوطئ درجات الانحطاط واطلاق العنان لاقذر القوى الدينية والطائفية والعشائرية لتتحكم بالمجتمع.

 

لقد ادى وجود هذه السلطة الرجعية بكل مكوناتها واحزابها من الاسلاميين الشيعة الى الاسلاميين السنة الى القوميين العرب الى البعثيين السابقين الى القوميين الكرد والتركمان والعشائريين الى تمزيق المجتمع المدني في العراق كما وادى الى جلب القوى القرووسيطة والمنحطة كقوى مقتدى الصدر وبن لادن والقاعدة وغيرها من القوى التي تريد تطبيق الاسلام على المجتمع المدني بالمتفجرات.

لو كان هناك فعلا (قانون) بحدوده الدنيا كما يدعي المالكي لكان اول ما قامت به الجماهير هو احالته هو ومن يمثل في هذه السلطة الكارتونية المهلهلة الى المحاكمة لمعاقبته عما فعله جيشه في المدن والقرى ودك البيوت والمناطق السكنية بقنابل الطائرات الامريكية وقتل الالاف من المواطنين مع شريكه (الخارج عن الطاعة) مقتدى الصدر الذي لم  يتورع عن تجنيد الاطفال في ميليشياته.

 

ان اي حديث عن الحريات الواسعة والدستور والوسائل السلمية في النضال السياسي وغير ذلك من العبارات المستلة من الدساتير الليبرالية البائدة ( والتي لم تعد صالحة بعد الان) ليست باكثر من عبارات مجوفة يراد بها الطنين العالي للتغطية على الجرائم التي ارتكبتها سلطة المالكي واعوان امريكا وستظل ترتكبها بالاشتراك مع قوات مقتدى الصدر واسامة بن لادن والقوات الامريكية في صراعها البربري من اجل السلطة والنفوذ.  لا أمل يرجى من هذا البرلمان الدمية ولا من الحكومة الالعوبة بيد المحتل الامريكي ولا من القوى التي تسمي نفسها معارضة وترفع شعارات اسلامية رجعية معادية للحرية وللمساواة. يجب ازاحة كل هذه القوى بمجموعها من الساحة واحلال بديل الجماهير اليســــاري الاشتراكي والعلماني والمساواتي.

 

لقد جربت الجماهير القوى الحالية بكل ميولها القومية والاسلامية والطائفية والعشائرية وجربت قوى الاسلام السياسي الهمجية وكلها اثبتت فشلها وعجزها عن حل المشكلة الاساسية والملحة التي تواجه المجتمع اليوم وهو مشكلة الارهاب واحلال الامن والطمانينة.

 

ان الطبقة العاملة وقواها الاشتراكية قادرة على انهاء الاوضاع الحالية وازاحة هذه القوى الرجعية وايجاد حلول جذرية لكل المشاكل في المجتمع واولها الامان والطمأنينة والرفاه والحريات. يجب تصعيد النضال من اجل احلال بديل الطبقة العاملة؛ بديل اليسار والاشتــــراكية والانسانية.