خطاب عصام شكــري سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العمالي اليساري العراقي

في مراسيم ذكرى منصور حكمت التي اقيمت في مركز يورك المدني

في مدينة تورونتو مساء 7 تموز 2006

 

 

رفاقي واصدقائي

مساء الخير

 

نحتفي اليوم بذكرى القائد العظيم والمفكر الماركسي منصور حكمت. لن أركز اليوم على منصور الشخص، رغم أهمية ذلك، بل على منصور السياسي. أود التأكيد على شغف وتعلق هذا القائد العظيم بالاشتراكية وبقضية الانسانية في القضاء على الاستغلال وتحقيق المساواة والحرية لكل البشر.

 

لم يكن منصور حكمت ثورياً فقط ولم يكن مجرد اصلاحي ايضاً. كان منصور حكمت ماركسياً ثورياً،  بمعنى انه، وبينما كان يهتم برفاه البشر ويعمل بتفان ودأب من اجل تغيير حياتهم ومن اجل حقوقهم الانسانية، فانه لم ينس بان الخلاص الحقيقي للانسانية انما يتحقق في التخلص من النظام الرأسمالي.

 

كان ماركسياً بمعنى انه لم ينس او يهمل، ولو لدقيقة واحدة، حقيقة انه كان يناضل من اجل الاطاحة الشاملة بالرأسمالية واحلال نظام اكثر انسانية محلها.

 

انتقد منصور حكمت وسخر من الميول الثورية النظرية التي سادت في اوساط الاحزاب "الماركسية" الاوربية وفي اماكن اخرى وانخرط كلياً في النضال اليومي من اجل نيل الحقوق المتساوية للنساء والعمال والشباب والاطفال والكادحين ومن اجل رفع مستوى حياة الملايين من الجماهير.

ان نظراته الى الثورة لم تكن على انها حلم، او معادلة رياضية بحاجة الى حل عقلي. بالنسبة له مثلت الثورة الاشتراكية امكانية عملية وضرورة. امكانية عملية يجب السعي من اجل تحقيقها وليس مجرد رغبة او حلم ، وضرورة لان ليس بامكان البشرية المضي قدماً وبشكل انساني دون انجازها.

 

في ندوة عقدها في الايام الاولى  من نضاله في العام 1982 حدد منصور حكمت الحزب على انه التجسيد الشامل لاستقلالية الطبقة العاملة في كل من النظرية السياسية والممارسة العملية. وقد اعلن حينها بان على الماركسية الثورية وضع مسألة تأسيس الحزب على رأس جدول اعمالها. وتأسيساً على هذا المبدأ فقد شكل منصور حكمت وبالاشتراك مع رفاقه الشيوعيين، الحزب الشيوعي الايراني، ومن ثم أسس حزب الشيوعية العمالية وكتب برنامجه.

 

واليوم فاننا في العراق على اعتاب تأسيس حزب الشيوعية العمالية بالمعنى الذي اشار اليه منصور حكمت قبل قرابة الـ 24 سنة. تنتصب امامنا المئأت من العراقيل. انها اوقاب صعبة فعلاً لبناء حركة شيوعية في بلد مزقته آلة الحرب الامريكية وترسانة الاسلام السياسي الهمجية والبربرية.

 

عقدنا قبل اشهر قليلة المؤتمر الاول لحزبنا في العراق. عقد مؤتمرنا في ظروف صعبة للغاية ويأتي قلة الامان والطمأنينة في المجتمع على رأس تلك المصاعب. الا ان تلك المصاعب لم تعرقلنا او تردعنا.

 

كان مؤتمرنا مناسبة ناجحة، استطعنا من خلالها ان نرسي دعائم حزب شيوعي عمالي. كانت مناسبة مهمة في العراق لانها مثلت وعلى اوسع صعيد، اهمية تأسيس حزب سياسي اشتراكي للعمال. اعلنا عزمنا الراسخ على النضال من اجل العلمانية والمدنية. اصدرنا مجموعة قرارات تتعلق باستراتيجيتنا لمناهضة كلا قطبي الارهاب واستقطاب الجماهير حول مقترحنا. اصدرنا قرارات تتعلق بالاستفتاء في كردستان حول الانفصال واخرى عن علاقتنا بالحزب الشيوعي العمالي الايراني ودور الرفيق حميد تقوائي في الدفاع عن الشيوعية العمالية. اظهرنا مساندتنا الى رابطة تحرير المرأة في العراق وقدمنا تحليلنا السياسي للوضع الراهن وبديلنا. كما تناولنا المواضيع الخاصة بالتنظيم الحزبي لحزبنا الجديد ومبادئنا التنظيمية واسسها.

 

ان حزبنا في العراق في توسع. لقد نجحنا في استقطاب الاعضاء الشيوعيين واثارة اهتمامهم الجدي واهتمام الكوادر بالرغم من الظروف القاسية. واليوم فان لدينا 4 تنظيمات محلية في العراق؛ في بغداد والناصرية وكركوك والسليمانية. لدينا خلايا في كل من الشطرة والسماوة في جنوب العراق. هذه المنظمات تعمل من اجل توسيع نفوذ الحزب ونشر دعايتنا السياسية من جرائد وادبيات وبيانات.

 

ان الحرب المدمرة بين قطبي الارهاب في العراق هي كابح قوي لتطبيع المجتمع واستعادة عافيته. ان السيناريو الاسود في العراق يعني حشر كامل المجتمع العراقي داخل نفق خطير خانق ولا نهاية له. لا تعرف الجماهير متى ستنتهي هذه المأساة والحالة المزرية، متى سينتهي هذا اللا امان والخوف والدمار. ليس بامكان تلك الجماهير ان تجيب على مسائل في غاية الاهمية تتعلق بحياتها ورفاهها. لا تعرف ان كان مجتمعها سيرجع مدنيا ام سيوغل في التحول الى غابة للاسلاميين. ان السيناريو الاسود وفي انفلاته الكامل في العراق يعني الاغتراب الكلي لارادة الجماهير عن التحكم بمصيرها.

 

ان موقفنا المبدأي منذ العام 2004 ضد الجناح اليميني في حركة الشيوعية العمالية لم يكن محض صدفة. اننا نعتبر محاولات ريبوار احمد وقيادة حزبه اليمينية مع حلفاءهم "الحكمتيين" في الشق الايراني بمثابة امتداد لتكتيكات قديمة. ان هذا الميل يحاول انهاء مهمة غير منجزة؛ مهمة كان عبد الله مهتدي والجناح القومي الكردي قد فشلوا في اتمامها قبل قرابة العشرين عاماً. تلك المهمة قد تم عرقلتها والتصدي لها في حينه من قبل حزم ولا مهادنة منصور حكمت ونقده الراديكالي الحاد للميل القومي في الحركة الشيوعية. اليوم نحن في الحزب الشيوعي العمالي اليساري العراقي نقوم بالتأكد من ان الشيوعية العمالية في العراق ستبقى بمنأى عن نفوذ القومية والانتهازية التي تتجسد اليوم في الميل اليميني لمنظمات حزب ريبوار احمد ومحاولاتها المفضوحة للتوافق والانحناء امام القوميين الكرد المنصبين اليوم في السلطة.

 

انها لمسؤوليتنا لتخليص حركتنا من هذا الطفيلي المدمر. لقد ناضل منصور حكمت ضده من خلال التصدي لتيار عبد الله مهتدي وناضل حميد تقوائي ضده من خلال تصديه المبدأي والحاسم للتيار الانفصالي اليميني لكورش مدرسي. بالنسبة لنا فان النضال للحفاظ على شيوعية منصور حكمت هي مسألة بالغة الاهمية.

 

رفاقي واصدقائي

 

ان عمل منصور حكمت وافكاره ومعتقداته السياسية لن تموت. ستستمر في الحياة لاننا سنتأكد من ادامتها. نبغي اشاعة تلك الافكار بين اوساط العمال والجماهير وان نحول تلك الكلمات الى قوة محركة بامكانها تغيير هذا العالم المقلوب وغير العادل.

 

واليوم فان لنا حزبين للشيوعية العمالية المنظمة في العراق و ايران. لدينا العديد من الاصدقاء والتحرريين يقفون الى جانبنا. لقد اظهرنا تأثيراُ ونفوذاً قويين داخل المجتمعات التي نعيش فيها. يكن الناس لحركتنا احتراماَ وينظرون الينا عالياً من اجل توفير البديل للوضع الراهن. علينا اليوم ادراك اهدافنا بوضوح ومعرفة كيفية تحويل حزبينا الى قوة قوية ومقتدرة. علينا استغلال هذه القوة للتأثير على الوضع لصالحنا. علينا في العراق مهمة التصدي للسيناريو الاسود وقواه. علينا مهمة ايقاف حرب الارهابيين: امريكا والاسلام السياسي. علينا دفع هذه القوى الرجعية الى الهوامش. علينا مهاجمة القومية والعشائرية كقوى رجعية معادية لمصالح الجماهير. علينا الدفاع عن العلمانية وفصل الدين عن الدولة. علينا النضال من اجل حقوق النساء والمساواة الكاملة بين المرأة والرجل. علينا الدفاع عن حريات وحقوق الشباب في حياة سعيدة ممتعة وصحية. علينا الدفاع عن الاطفال وحماية برائتهم من انتهاك وبربرية الدين. تلك اهداف وتطلعات الملايين من البشر سواء في المجتمعات المبتلاة بالاسلام او في بقية انحاء العالم.

 

ان المعسكر الثالث هو مثال اود اليوم التأكيد عليه. انه تجسيد لما كتبه منصور حكمت في " العالم بعد 11 ايلول". بامكاننا ان نجعل من هذه الحملة العالمية قوة محركة للملايين من الجماهير وجلبهم الى المقدمة من اجل دفع قوتي البربرية والارهاب الى الخلف. انتهز هذه المناسبة لدعوة اصدقائنا لمشاركتنا المعسكر الثالث.

 

علينا بناء حزبنا في العراق. علينا التوسع والتحول الى بديل حي وفعال. علينا العمل لادراك اهداف وآمال منصور حكمت.

 

كان منصور حكمت مناضلاً لا يهدأ. بهذه الصورة اود تذكر هذا القائد العظيم. وبهذه الصورة أأمل ان نكون؛ مناضلين من اجل الاشتراكية.

 

الاشتراكية هي البديل للبشرية.

 

عاش منصور حكمت

عاشت الشيوعية العمالية

عاشت الاشتراكية

 

شكراً،

7-7-2006