لماذا”تدويل” الهجوم على ”حصون“ حكومة المـــــــالكي ؟!

 

عصام شكـــــري

ishukri@gmail.com

 

وزارات المالية والخارجية والمنطقة الخضراء هي حصون حكومة المالكي التي تمت مهاجمتها بكل عنف يوم الاربعاء 19 آب 2009 واوقع الهجوم مئات القتلى والاف الجرحى. ولكن من السخافة الظن او التصديق بان المالكي يطلب المحاكمة من اجل ”ضحايا الانفجارات“ وانه يطلب لهذا الغرض ”العدالة“ الدولية.

اصل المسألة هو استرجاع ”هيبة“ حكومته واعتبارها التي طمرا تحت الركام. وهو يريد هذه الهيبة ان تسترجع تحديدا من امريكا والغرب ..

 

فنفس ذلك الغرب نصبه في السلطة اصلا والمالكي يدرك ان الغرب مظطر الى سماعه والقبول بطالباته. فبعد ان فشلت في مشروعها الدموي اوكلت امريكا للمالكي واعوانه مهمة انشاء الدولة و“امروه“ بانجاحها.

ان محاولة المالكي وحزب الدعوة الاسلامية تدويل الصراع المحتدم يجري ضمن اوضاع متغايرة اليوم. فبعد انسحاب امريكا من المدن وتغير سياستها ازاء الاسلام السياسي المعادي لها والذي يمثله اقليميا  الجمهورية الاسلامية ومحليا القاعدة و“المقاومة“ المؤلفة من الاسلام السياسي المتحالف مع حزب البعث والقوميين العرب، فان استخدام ”المجتمع الدولي“ هي حل اخير للخروج من ورطة فشله العميقة. لقد دخلت سلطة الميليشيات الاسلامية والقومية بزعامة المالكي اليوم في عمق جديد من ازمتها تكشف معها بشكل اكبر من اي وقت مضى عجزها عن حل الاوضاع في العراق.

المسألة لا تتعلق بالارهاب كما كان الامر في السابق بل بالصراع على السلطة ووجود نفس القوى التي نصبتها امريكا. ان تدويل الموضوع هو  استغاثة  من حكومة الميليشيات الاسلامية والقومية للغرب ولامريكا بان الاوضاع في غاية الخطورة وان عليهم التدخل لصالحها.

ان محاولة انشاء محكمة دولية لا علاقة له بالنظام البعثي السوري و“مؤامراته“ ضد ”العراق“ كما يستعمل المالكي تلك التسمية ليصور نفسه كوطني غيور او قومي متحمس بل بالصراع بين اعداء وحلفاء امريكا على السلطة في العراق وتصعيد الصراع بين تلك القوى الارهابية والرجعية الى مستويات جديدة.

حزب الدعوة والاحزاب القومية الكردية ومنها الاتحاد الوطني والمجلس الاعلى والحزب الاسلامي والتيار الصدري وكل القوى الاسلامية والقومية في ”البرلمان“ تدرك ان مصالحها واحدة امام قوى الاسلام السياسي والقوميين العرب الذين يحاولون زعزعة ثقة الغرب بالمالكي و خلق فراغ يستطيعون النفاذ منه للمساومة مع امريكا لنيل حصتهم. ذلك تؤكده  حقيقة تغير سياسات امريكا تجاه اعدائها وانتهاج ”الحوار“ مع الاسلام السياسي المعادي والذي كما قلنا وضع حزب البعث نفسه في خندقه لاسباب تاكتيكية صرف. وبكل الاحوال فان المالكي اليوم وحكومته وسلطة امريكا في العراق بشكل عام في مأزق حرج وان التدويل  يعبر عن ازمة الحكومة العراقية لا عن قدرتها.

الجماهير وحدها التي تدفع فاتورة صراع المصالح الخاصة بين تلك القوى الوحشية والاجرامية وتستمر اعمال القتل والدوس على جثث الابرياء سواء جاءت من قبل الاسلاميين الموالين لامريكا او المعادين لها او من قبل البعثيين ( الجماهير لها خبرة في ”انسانية“ البعث !!) ولا مصلحة لها مع اي من تلك الاطراف الاجرامية.

ان تغيير مسارات الاوضاع ممكن وهو ليس قدراً محتما خاضع لتفجيرات الارهابيين وميليشياتهم الاسلامية والقومية. ان تدخل الجماهير وقواها المعادية لطرفي النزاع الرجعي هو السبيل الوحيد لتخليص مصير المجتمع من مؤامرات حلفاء امريكا واعدائها  من الاسلاميين والقوميين وارهابهم.

ولكي تستطيع جماهير العمال والنساء والشباب والتحرريين والعلمانيين ان تتدخل في رسم مصير المجتمع وانقاذه  فان على حزبنا كممثل لارادة ومطامح الجماهير بالحرية والمساواة والعلمانية والرفاه ان يكون نفسه قوة متدخلة اكثر واكثر في رسم مصير هذا المجتمع. عليه ان يفرض نفسه ويكشف للجماهير بمديات اعمق واكثر نفاذا مؤامرات البرجوازية وقواها السياسية وان يحشد قواها ضدها.  الوقت سانح لتدخل الشيوعية العمالية  وانقاذ المجتمع من قطبي الاسلام السياسي والبعث وكل القوى التي تحاول جر الجماهير الى المزيد من الويلات والكوارث وادامة دمار المجتمع.