لا علاقة لنا بجوعكم ومرضـــــــكم!!

 

عصام شكــــري

 

في لقاء تلفزيوني معهما ابدى كل من علي الدباغ الناطق باسم حكومة المالكي وجعفر الحمداني رئيس اتحاد الغرف التجارية في العراق ارائهما حول اسباب سوء الاوضاع المعيشية للمواطنين في العراق. علي الدباغ قال في تبرير سياسة الحرمان والتجويع الذي تمارسها حكومة المالكي ضد الجماهير بان العراق لديه اتفاقية مع البنك الدولي تشترط على العراق الاتجاه نحو الاستثمار وان الاستثمار يزيد من فرص العمل ويقلل من البطالة ويزيد من مستويات الدخل وعزا السبب الى عدم حصول ”تقدم“ الى فقدان وجود قدرة للدولة على التخطيط ذو مستوى ستراتيجي تنتقل بالبلد من حالة دفع الرواتب الى حالة التخطيط المركزي لعدة سنوات. اما جعفر الحمداني رئيس اتحاد الغرف التجارية فيقول ان ارتفاع الاسعار هو ارتفاع عالمي نتيجة للاحتباس الحراري !. ويشرح بلغة اقتصادية ”حصيفة“ بان ارتفاع اسعار الوقود نتيجة الجفاف وقلة الامطار وغيرها قد اثرت على ارتفاع الاسعار في العالم وانعكست بالتالي على اسعار المواد الغذائية والاستهلاكية وان العراق جزء لا يتجزا من العالم ووالخ الخ!!.

 

ممثلي الطبقة البرجوازية هذان يقولان للجماهير العمالية الجائعة والمريضة بالتيفوئيد والكوليرا التالي:  نحن...؟! لا علاقة لنا ولا لحكومتنا ونظامنا بمأساتكم وفقركم، بجوعكم ومرضكم! الاسباب (وياللاسف) اسباب خارجة عن ارادتنا وسيطرتنا وامنياتنا: انها البنك الدولي الذي يربط حكومتنا ”كالنعجة“ من رقبتها وبالتالي فاننا مظطرين الى تجويع وافقار الناس !!، وفي حالة ” رئيس اساقفة “ التجار جعفر الحمداني فان السبب اكثر تجريدية؛ انه اول اوكسيد الكاربون !! المسبب الاول والاخير للاحتباس الحراري !!. ما العمل اذن والاسباب كلها تتعلق بشئ ما يقع خارج دائرة سيطرة المالكي وحكومته : اي اما في واشنطن او في الفضاء الخارجي؟! . علي الدباغ يطرح حلا بائسا ليخدع به الناس الا وهو  وجوب الانتظار لغاية انشاءه ورفاقه الاسلاميين والقوميين المرتبطين ”برقابهم“ بالبنك الدولي، لدولة اكثر قدرة على التخطيط الاستراتيجي (اقرأ... دولة اكثر قدرة على البطش وممارسة النهب بشكل استراتيجي مخطط!) لكي يرضى عنها البنك الدولي وصندوق النقد الدولي ويمنحوها قروضا اعلى يزيدوا به ربط الملايين من العمال والجماهير الغفيرة بسياسات تلك المؤسسات الحقيرة، التي لاوظيفة لها الا نشر الفقر والمآسي، او، وبحل موازي، وحسب الحمداني فانه يجب النضال ضد ”الاحتباس الحراري“ او انتظار التئام ثقب الاوزون!!.  حله يريد ان يعكس ما فعلته الطبقة البرجوازية والنظام الرأسمالي في بيئة الارض من تلف وتلوث وانهيار كشرط  مسبق قبل ان تتحقق اي درجة من درجات الرفاهية او للقضاء على الفقر والتجويع. يريد ان يتخلص اولا من ثقب الاوزون ومن ثم يستطيع اقناع ”غرفه“ التجارية بخفض ارباحها على حساب موت المواطنين وتجويعهم !!

 

ذلك ليس هذيانا او كلام ترهات ! انه قلة حياء لممثلي الطبقة البرجوازية!. سبب الجوع والامراض والفقر والحرمان كما الحرب والقتل والطائفية وعسكرة المجتمع وصرف مليارات الدولارات على رجال الدين والجيش والاسلحة والمتفجرات والارهاب والسجون والمعتقلات والاختلاس والرشوات والنهب والفساد ودفع رواتب المرتزقة والحثالات المسلحين والعصابات الاسلامية والقومية التي يرعاها علي الدباغ ونوري المالكي، وضرب الصحة والاستشفاء  والتعليم المجاني ... 

 

والضمانات الاجتماعية والتقاعدية ( شروط البنك الدولي رفع يد الدولة عن كل شئ وتركه لرحمة الشركات الخاصة ) لحد اعادة تفشي الامراض البائدة كالتيفوئيد والكوليرا والحصبة الخ، كما ان سبب التهجير والاستيلاء على منازل الناس وانعدام الكهرباء والمياه النظيفة والصرف الصحي والشوارع المبلطة والمتنزهات الخضراء والبيئة الصحية للاطفال، ودك اسس المجتمع المدني وتعميم احتقار المرأة ونشر القوانين الاسلامية والعشائرية الرجعية، كل تلك سببها  سياسة السلطة الحاكمة ومجاميع الميليشيات الاسلامية والقومية التي نصبتها امريكا بقيادة نوري المالكي كما انها سياسة دولة امريكا نفسها. ان سبب الاستغلال والحرمان والمرض والموت والتجويع ليس تغير المناخ او نقص الاوكسجين ولا سياسات منظمات لم يكن لها ان تقوم بشئ  لولا علي الدباغ والمالكي والطالباني والاحتلال والحرب الامريكيين، كما ليس سببه فقر الدولة او غناها كما يدعي الدباغ. بل ان  سبب مأسي الطبقة العاملة والملايين من الجماهير المحرومة هي السياسات التي تنتهجها الدولة التي تمثل مصالح الطبقة التي ينتمي لها هؤلاء السياسيين ونظامها الرأسمالي القائم على الاستغلال وعلى مراكمة الارباح على حساب شقاء وانسانية الملايين من البشر. ذلك النظام المعادي للانسانية يقدس الملكية الخاصة وينتهج سياسات الافقار وتشديد قبضة الاستغلال ضد الملايين من اجل ادامة نفوذه. سياسة حكومة المالكي تمثل مصالح واهداف الطبقة البرجوازية بشقيها العالمي والمحلي، البنك الدولي وصندوق النقد الدولي ومنظمة الكات والبرجوازية الامريكية والعالمية والمحلية من جهة اخرى.  تلك السياسة هي السبب في حرمان الجماهير في العراق معيشيا وفي اطلاق العنان لاليات اقتصاد السوق والغرف التجارية وجشع الرأسماليين يتحكم بلقمة ورفاه وصحة الملايين من البشر بعد  ان دكوا مجتمعهم بالقنابل واغرقوه بالنفايات والازبال الاسلامية والقومية والعشائرية ورسخوا تحقير المرأة والابوية والعشائرية وكل الكوارث الاخرى.

 

سبب الكارثة الانسانية في العراق هو سياسات الطبقة البرجوازية التي ينتمي لها علي الدباغ وجعفر الحمداني ويحاولون تزوير الحقائق لاخفاء ذلك الانتماء.