نحو اكتوبر جديد !

 حول مؤتمرنا الاول

 

  عصام شكــري

ishukri@gmail.com

 

حينما تأسس حزبنا في 17 تشرين الاول من العام الماضي بعد نضال دؤوب ضد الجناح اليميني في حركة الشيوعية العمالية كنا على وشك خوض غمار تجربة جدية وثرية. اليوم وبعد مرور اكثر من عام على بياننا التأسيسي فاننا نمضي قدماً بارادة اشد نحو مؤتمرنا الاول عاقدين العزم على بناء اركان حزبنا الاشتراكي العمالي رغم الظروف السوداء الكالحة التي صنعتها البرجوازية للجماهير في العراق.

 

تنطلق اهمية مؤتمرنا من الاهداف التي يضعها نصب اعينه والمهمات التي يلقيها على عاتقه. لن يكون هذا المؤتمر مناسبة عابرة على حياة الطبقة العاملة والحركة الاشتراكية العمالية في العراق والمنطقة. ان مؤتمرنا سيحدد ألمسارات السياسية لنضال هذه الطبقة العملاقة المسحوقة من اجل تلاحمها وتعبئتها لانجاز مهمة الثورة الاشتراكية. وفي الوقت الذي تسخر فيه البرجوازية واحزابها وذيولها الانتهازية من الثورة وتعتبر ان اوانها قد مضى و" انها فعل غير متمدن" !!، تهب على المنطقة والعالم رياح جديدة من موجات الجماهير المحتجة الساخطة منذرة بانهاء اوضاعها المزرية ومطالبة بعالم افضل واكثر مساواة وانسانية وعدالة.  من شوارع السليمانية الى ساحات الارجنتين ومدن فرنسا وامريكا تسعى الجماهير الى التغيير، تسعى الى الثورة، الى الاشتراكية.

 

وبامكاني هنا ان احدد وبشكل اولي وعاجل المهمات الاساسية لمؤتمرنا والتي تتضمن (ولا تقتصر) على؛ تشكيل قيادات الحزب ومؤسساته، وانجاز تقييم شامل للوضع السياسي في المجتمع، واصدار القرارات السياسية التي ستحدد خطوط نضال الشيوعية العمالية للمرحلة القادمة، وتحديد مهماتنا العاجلة واهداف حركتنا وعكسها في برنامج الحزب، وبطبيعة الحال رسم الظوابط التنظيمية لتشكيلات الحزب ومؤسساته وتنظيماته. كل تلك المهام وغيرها تفضي الى بناء كيان راسخ وحديث واجتماعي للحزب بمثابة منظمة سياسية اشتراكية ذات هدف واضح ومحدد وهو تعبئة العمال من اجل قلب النظام الرأسمالي في العراق وانشاء الجمهورية الاشتراكية وبشكل عاجل لا يقبل التأجيل او التسويف.

 

ان المهمات التي نضعها نصب اعيننا لن تكون سهلة ويتطلب التصدي لها التحضير والتهيئة العاليتين. ان حزبنا يقوم بمواصلة العمل على تهيئة مستلزمات انجاح مؤتمره الاول ويرى ان اهم تلك المستلزمات هو الرؤية السياسية الاشتراكية الواضحة، رؤية جسورة غير مساومة او خائرة ستوجه مسار حركتنا السياسي المستقبلي.

 

ان ضرورة عقد المؤتمر وتهيئة اجواء انجاحه هو جزء اساسي من وظائفنا  الاشتراكية في هذه المرحلة. لا يجب ان يغيب عن بالنا لحظة واحدة ادراك اهمية دور حزبنا كقوة اشتراكية وحيدة في العراق تسعى من اجل تحقيق الدولة الاشتراكية. ان النقطة الاساسية التي نؤكد عليها دوماً هو مطلب الدولة العلمانية في العراق والتي لن يحلها مطلقا انهاء الوضع الراهن (السيناريو الاسود) لوحده،  بما يعنيه من انعدام امن و فساد وارهاب واحتلال امريكي وميليشياتي لارادة الجماهير. ان مطلب الدولة العلمانية لن يكون بمقدور اي جناح من اجنحة البرجوازية او تلك الذليلة المساومة من الحركة اليسارية في العراق تحقيقها.  اكدنا ونؤكد على انها مهمتنا، مهمة الاشتراكيين ومهمة حزبنا تحديدا وحصريا، تشكيل دولة علمانية تفصل الدين عن مؤسساتها وعن انظمة التربية والتعليم وتؤسس المجتمع المدني بما يعنيه من مجتمع المواطنة المتساوية ومجتمع مساواة المرأة الكاملة بالرجل.

 

لن نكون غامضين في اهم ما تواجهه البشرية المتمدنة في العراق اليوم. انها مهمتنا "المقدسة" ان شئتم: الدفاع عن مدنية الجماهير ضد همجية البرجوازية واسلاميتها ورجعيتها وعشائريتها. وتلك نقطة محورية في رؤيتنا لوظائفنا الانية الحيوية كاشتراكيين وشيوعيين.

 

ان مهمة تحقيق الدولة العلمانية لن تتحقق بالمساومة مع البرجوازية بل باعلان الجمهورية الاشتراكية. دون هذا الفهم الاشتراكي الاساسي لدور الطبقة العاملة والحركة الاشتراكية في الدفاع عن مدنية المجتمع، لن يكون بمقدور حزبنا تحقيق ادنى التغييرات في حياة الجماهير ناهيك عن مهمة قلب النظام الرأسمالي. ان الرؤية الاشتراكية الثورية ليست مقتصرة على الهدف النهائي لنضالنا. بل يجب ان تواكب حركتنا الانية ونضالنا اليومي وبشكل دائم.

 

ذلك هو مفهومنا الاساسي لاهم جبهة نضالية للطبقة العاملة العراقية اليوم، جبهة الدفاع عن مدنية المجتمع باسره، جبهة النضال من اجل العلمانية، جبهة الدفاع عن المرأة وحقوقها المساوية لحقوق الرجل، جبهة الدفاع عن الاطفال وانسانيتهم وطفولتهم، جبهة الدفاع عن الشباب وحريتهم وعنفوانهم، جبهة الصراع مع مشروع البرجوازية الاكثر سوادا - النظام العالمي الجديد لامريكا؛ التفتيت الاجتماعي للمجتمعات وتحويلها من المواطنة المتساوية الى الاثنية المتصارعة، الى تكوينات عصور ما قبل الحضارة، مجتمعات ارجاع المرأة الى كهوف ومغارات عصور الخلافة الاسلامية البربرية الغابرة.

 

مؤتمرنا الاول سيطلق كوادر الاشتراكية العمالية الى كل اركان المجتمع عاقدين العزم على النضال من اجل الاشتراكية والانسانية، من اجل الحرية والمساواة والرفاه لكل المجتمع.

 

بهكذا عزيمة وبهكذا رؤية بامكاننا يارفاق ان نمثل تلك الطبقة الكبيرة المحرومة ونقود نضالاتها نحو التحرر النهائي، بهكذا اصرار بامكاننا ان نكون ذراعهم السياسي الجسور.