مهزلة الحكومة الاسلامية والقومية

 

وزارة التعليم العالي والبحث العلمي تناقش ”معوقات“ التطور العلمي مع إمام جامع !!

  

نقلت الاخبار نبأ زيارة وفد من وزارة التعليم العالي والبحث العلمي لامام جامع براثا جلال الدين الصغير في مكتبه يوم الثلاثاء 14 تموز 2009. وقال الخبر ان ”الوفد عرض امام الشيخ اهم المشكلات التي تواجهها الجامعات العراقية والمعوقات التي تحول دون النهوض بالواقع العلمي الى المستوى المطلوب !“.

 

خبر عجيب حقاً ولكنه بالتأكيد يستحق التعليق. فامام جامع براثا في بغداد جلال الصغير يناقش شؤون العلم والبحث العلمي في العراق و"يشخص" المعوقات. رائع حقاً !. انتهينا من معالجة تدخل مشايخ وملالي الدين في الحياة العامة وفرض الدونية على النساء والفتيات وجرائم القتل والارهاب والحجاب الاجباري وتطبيق الشريعة الاسلامية العنصرية ضد المرأة، والان علينا ان نلتفت الى نفس الملالي وهم يقحمون انوفهم  ”الطاهرة“ في شؤون البحث العلمي ويفتون في شؤون العلم !. الملالي  لا شغل لهم سوى نشر الاكاذيب والترهات الفكرية والخرافات والفكر التمييزي والقدري يقررون لملايين الطلبة والطالبات في الجامعات والكليات والمعاهد والدراسات العليا في العراق معوقات البحث العلمي ؟!.

 

ان الشيخ امام الجامع وممثل كتلة احد اكبر القوى الاسلامية الطائفية في ”البرلمان الاسلامي والقومي“ وهي كتلة المجلس الاسلامي الاعلى، معذور بالطبع بحكم موقعه السياسي كممثل لاكبر حركة رجعية وارهابية، اسلامي لا يعتقد حتى بان المرأة انسان كامل وربما مازال يظن ان الارض مسطحة وان الشمس هي التي تدور حولها، ولكن الوزارة التي تسمي نفسها وزارة البحث العلمي تصر على انه لديه الجواب على معضلات البحث العلمي في العراق.

 

ان تاريخ حياة الملله الاسلامي المحترف (حتى وان كان لا يمثل سياسيا اي قوة من قوى الاسلام السياسي الحالية) هي حياة مسخرة لبث ونشر الخرافات والنفايات الفكرية والترهات التاريخية بين اوساط الجماهير. رجل الدين هو الوحدة الاساسية من جهاز دعاية الطبقة البرجوازية التي تسعى في كل دقيقة لبث الافكار القدرية واشاعة  اليأس والخنوع للاوهام وللميتافيزيقيا، وفي تحقير المرأة وتأليب الرجل على ضربها واهانتها والزواج باكثر من امرأة وفرض الحجاب عليها ومنعها من التمتع بحقوقها وحرياتها.

 

من يقرأ الخبر دون ان يسمع باسم "سماحته" المقدس سيظن حتما ان الوزارة اوفدت وفدا للاجتماع باكاديمي مرموق له مؤلفات ومقالات وبحوث، واسمه يتداول في الاوساط العلمية والاكاديمية. ولكنه رجل دين معمم، اسلامي محترف، امام جامع مسؤوليته تتمثل في اقامة الصلوت وتناول شئون الايمان التي يفترض ان تكون الهية ليست بحاجة الى شرح. ولكن يبدو ان الوزارة اذكى من ان تقوم باستشارته لتلك الاسباب وانها قامت بذلك بسبب منصبه كمسؤول في حزب المجلس الاعلى الاسلامي وربما بسبب علاقته بالجمهورية الاسلامية واموالها الوفيرة!

 

وكما قلنا فان العتب ليس على امام الجامع نفسه  بل على وزارة التعليم العالي والبحث العلمي التي ترسل وفودا لاشخاص بهذا العيار الرجعي لكي يقرروا في الشؤون العلمية والاكاديمية والبحثية.

 

لذا فاني لا اوجه السؤال سوى للوزارة ومسؤوليها ووزيرها واطلب منهم الاجابة:

 

ماذا يفعل وفد الوزارة يجتمع مع رجل دين يدبج الخرافات والاكاذيب اليومية ويلفق التاريخ ويزيف الحقائق العلمية ويستبدلها بالترهات الدينية ؟! ماذا تفعل هكذا وزارة تدعي انها تدافع عن البحث العلمي مع رجل دين مهمته الاساسية الحط من شأن الملايين من النساء، لتناقش معه مستقبل وحياة الملايين من طلبة الكليات والجامعات والمعاهد في العراق ؟!.

بامكان وزبر التعليم العالمي بالطبع اعتبار هذا السؤال موجها من لدن الطلبة والطالبات انفسهم. الا تدعي الوزارة انها تخدم مساعيهم في البحث العلمي المنزه عن المقاصد والاغراض، وفي اجواء بحثية حرة لا يتدخل فيها ”الايمان“ والخرافات؟!. الا يستحق الطلبة والطالبات وحتى التدريسيين والباحثين جواباً ما ؟

 

ان وظيفة رجال الدين  هي رعاية شؤون الايمان والمعتقدات  الدينية التي تؤمن بالجن وبالحوريات النواهد الكواعب الــ 77   وبان المرأة مخلوق من ضلع الرجل وانها ناقصة العقل وليس لها كيان او ذات ومرتبتها اوطئ من الرجل وهي مسخرة للانجاب ولخدمته وتربية اطفاله وارضاء حاجاته الجنسية. والدين ملئ بالقصص الخرافية التي يناقضها العلم في كل تفصيل. ولكن الوزارة تصر على ”استخارة“ رجل الدين جلال الصغير في شئون العلم والبحث العلمي.

 

ان الوزارة ذهبت لتناقش معوقات البحث العلمي مع ممثل احد اكبر معوقات البحث العلمي في العراق، حركة الاسلام السياسي وطاقم الملالي والائمة المأجورين التابعين لتلك الحركة الرجعية .

 

*******

يا طلبة وطالبات العراق،

 

لا اظنكم ترضون بهكذا مستوى منحط. ان وزارة التعليم العالي والبحث العلمي تدعي انها تمثل مصالحكم وتريد تطوير واقعكم العلمي والبحثي والدراسي. فبدلا من الالتقاء والتشاور مع اساتذة وباحثي الجامعات الاوربية والامريكية والعالمية وتزويد الجامعات العراقية باحدث المراجع الاكاديمية العلمية والمواد البحثية، والاجهزة والمختبرات، وبدلا من جعل مصادر العلم متوفرة لكم جميعا بشكل مجاني وتوفير ارقى المكتبات الالكترونية والمطبوعة وجعل الانترنيت متوفرا لكل مواطن وخاصة الطلبة، وبدلا من انشاء وتجهيز مكتبات عامة بملايين المجلدات العلمية والمصادر الحديثة، وبشكل مجاني، وبدلا من منع تدريس الدين وخرافاته للاطفال والتلاميذ كيما يستطيعوا تطوير ملكاتهم العلمية والتحليلية بحرية، دون خوف ورعب بقصص خرافية رهيبة تترك ندبا ابدية في ارواحهم، فاذا بالوزارة تذهب الى الاتجاه المعاكس، انها تذهب الى اعداء العلم،  الى من يمثل نفي العلم، الى شيوخ الجوامع والملالي ليسلموهم مصير التطور العلمي  في مجتمعكم وبطريقة: "الصالح" و"الطالح" !.

 

اعترضوا على ما تقوم به الوزارة بحقكم وبحق العلم والبحث العلمي. نظموا اعتراضاتكم بشكل جماعي على سياساتهم. قولوا لهم لا نريد ربط العلم بالدين ولا برجال الدين وملاليه. لا مكان لاعداء العلم في الجامعات والمعاهد وقاعات الدرس. لا مكان للدين ورجال الدين في قاعات العلم.

 

لا تقبلوا بسياسة الوزارة التي تريد تفضيل مصالحها ومصالح الدولة التي تمثلها على مصالح الملايين منكم؛ الملايين المتعطشة الى الحرية والمساواة والحق في العلم والبحث العلمي الحر وفي التعبير عن ارائهم بحرية كاملة وفي مجتمع مدني بعيد عن تدخل الدين وتفجيرات الاسلام السياسي واظطهاد البشر.

 

 

ويا اساتذة وتدريسيي واكاديميي العراق، لا تسمحوا ولا تقبلوا بهذه السياسات المعادية لمصالح طلبتكم ولكل قيم العلم والموضوعية العلمية. انتقدوها وهاجموها. لا تقبلوا اهانة ضميركم العلمي !. ان العلم يعني تقدم ورفاه وتطور البشرية لا تحقيق المصالح السياسية لقوى الاسلام السياسي ورجال الدين والملالي والسلطة التي تروج الخرافات والجهل.

 

لنكافح من اجل فصل الدين عن الدولة، بجميع اجهزتها. بامكانكم ان تتبنوا مطلب فصل الدين عن التربية والتعليم، عن مناهج الدراسة، عن وزارة التربية ووزارة التعليم العالي والبحث العلمي، عن اللقاء بالملالي ورجال الدين واعتبارهم اناس مرموقين مسموعي الكلمة.

 

لا رابط بين العلم والدين. هناك تنافر بينما وعلاقة نفي. يجب الا يسمح بتدريس الدين للطلبة. الدين خرافة مبنية على الميتافيزيقيا والعلم حقائق مبنية على التجربة المخبرية او الامبريقية empirical .ان دمج الدين بالتعليم والتربية يجعل طلبتكم وملايين من الشباب والشابات في العراق عاجزين فكريا ومشلولين عن الاندماج مع ركب الحضارة الانسانية وتطوير الحياة وعن التفكير الحر والخلاق وتحقيق مساعي ملايين البشر لتحقيق السعادة لهم.

 

العلم عدو القدرية بينما الدين يرسخ القدرية. 

 

العلم يطلق حرية الانسان وخلاقيته وابداعه والدين يكبحها ويجمدها، ويشيئ الانسان ويجعله عبداً مسلوب الانسانية.

 

انتقدوا مساعي السلطة الاسلامية والقومية في جلب الدين الى قاعات الدرس والى الجامعات والمراكز العلمية.

 

التفوا حول مطالب فصل الدين عن الدولة والتربية والتعليم وابعاد الدين عن الحياة العامة واعتباره شأنا ايمانيا  شخصيا خاصا بالافراد. التفوا حول العلمانية والتمدن.

 

عصام شكـــري