حول تصريح رئيس الوزراء لحل البطالة في العراق

 

عصام شكـــري

 

 الطبقة البرجوازية تتخبط . فهم على سبيل المثال، ولاجل الاجابة على مسألة البطالة المتفاقمة في العراق، يطرحون حلول عاجزة انتهى اوانها حتى في الدول التي سارت مجتمعاتها بشكل "طبيعي" - اي بلا حروب وقتل ومليشيات وكواتم ومفخخات واسلام سياسي.

 

رئيس الوزراء نوري المالكي يطرح الحل؛ زيادة الاستثمارات في العراق، ويدعو الى تغيير القوانين الاستثمارية لتسهل تنفيذ هذا الامر، في اشارة طبعا لاستمالة الرساميل الخارجية ( والتي يؤمل ان تحصل الطبقة الحاكمة وميليشياتهم على عمولات جيدة منها). نوري المالكي والطبقة البرجوازية والرأسمال الذي يمثله سياسيا ليس لديهم شئ جديد، كما هو واضح، سوى اجترار حلول السوق الحرة التي تواجه الفشل والنقمة الشعبية الهائلة في دولها.

 

الرأسماليون في العراق وممثليهم السياسيين في السلطة يريدون من الجماهير ان تعطيهم (صك على بياض) ليفعلوا ما يشاؤون بالعمال والارض والمجتمع والهواء والماء والبترول والموارد الطبيعية والغاز، بكل شئ. صك على بياض في ان يخضعوا كامل مجتمع العراق الى صندوق النقد الدولي والبنك الدولي والبنوك العالمية وبقية اخطبوطات الرأسمال الدولي. ولكن لنسأل دون الدخول في اية تفاصيل اقتصادية: هل نجحت سياسة السوق الحرة في نفس اوربا ؟ في الغرب ؟ في امريكا وكندا واستراليا واليابان ؟ هل يرى نوري المالكي و"مستشاريه" نتائج سياسات السوق الحرة على تلك المجتمعات ؟  حول ماذا تدور احتجاجات وول ستريت وروما واثينا ومدريد وطوكيو وسدني اذن !. وهنا في المنطقة، ماذا فعل اقتصاد السوق الحرة بشعب مصر؟ على ماذا ثارت جماهير مصر غير سياسات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي و"الانفتاح" الاقتصادي ومنفذها المخلص حسني مبارك وحزبه الوطني وحفنة الرأسماليين الذي يقبع جزء منهم اليوم في السجون وسيسربون خلسة !.

 

ومن جانب اخر فان على رئيس الوزراء ان يجيب ايضا على التالي: هل يمكن له كرئيس حكومة، ان يظبط مسألة الامن في العراق ؟ انه يعرف اكثر من غيره مقولة "رأس المال جبان"، فهل سيوفر نوري المالكي لهذا "الجبان" الحماية الكافية ليأتي "يسرح ويمرح" مع جائعي وفقراء وعاطلي العراق ؟

 

هل سيحمي نوري المالكي (رأس المال الجبان) بما يكفي لكي يشغلوا العمال العراقيين العاطلين في المساطر بابخس الاجور و"يمرمطوهم" كما يشاءون؟هل يستطيع ذلك؟. ولكن التجربة تبين فشله وعجزه. فما زالت الجثث تتطاير في الشوارع (وايضا جثث المحرومين والعاطلين).

 

سؤال اخير: هل يستطيع ان "ينظف" نوري المالكي وزاراته من الحرامية ؟ من الميليشيات ؟ من البلطجية ؟ من المرتزقة والافاقين وخريجي السلب والنهب ؟ هل يثق اي رأسمالي ”محترم“ بهؤلاء ؟ هل يضمنون عدم مطالبتهم بال"براطيل" مهولة لا بل شراكة بالاكراه كما يجبر القوميون الكرد المستثمرين في اربيل والسليمانية !. كلا. لن يقدر. فهم منظومة كاملة و"سستم" وشبكة مافيا كاملة، موزعة الادوار، كل عضو فيها يمتلك ما يكفي من الاوراق ليشهرها بوجه الاخر. انهم يعيشون على بعضهم البعض.

 

اذن تصريحات المالكي حول القضاء على البطالة لا قيمة لها. وهو يعرف ان اجابته مظللة لانها خاطئة. ولكنه يريد ان يقول شيئا ما من اجل ان يقتنع الفقراء والعاطلين ”بمنطقه“ الرأسمالي الحر ويرجعوا عن ”غيهم“ بالاحتجاج ضده!.

 

ولكن الحل ليس بيده ولا بيد الطبقة التي جلبته للسلطة، بل بيد الجماهير المتأهبة للانقضاض. بيد الثورة القادمة.