6 سنوات على الحرب الامريكية

عنف اقل، خوف أكبر!

عصام شكــــري

ishukri@gmail.com

 

في 20-3-2003 شنت القوات الامريكية والبريطانية الحرب على العراق بعد حصار اقتصادي دام 12 سنة.

 

وقبل ايام صرح الرئيس اوباما بانه سيسحب قواته المقاتلة من العراق في خريف 2010 ويبقي قوات لدعم الحكومة.

 

وفي نفس الخطاب ناقض اوباما نفسه بنفسه حين قال انه يحذر القوى المعادية لحلفاءه ( الحكومة العراقية ) من ان قواته ستكون في جهوزية عالية ومستعدة للقتال بعد انسحاب الدفعة الاولى في 2010 ويجب الا يتصور الاعداء ان امريكا ستتخلى عن حلفاءها ! . ولكن هل سيسحب اوباما قواته المقاتلة ام لا ؟ اذا كان الجواب نعم فمن اين له ان يواجه اعداء ”حلفاءه“ ؟ باية قوة قتالية ؟ كيف سيزج بقوات مقاتلة في حرب قد تنشب للاطاحة بالحكومة اذا كان سيسحب قطعاته المقاتلة وخاصة ان حربا كهذه ستكون بحاجة الى قطعات مقاتلة ارضية وجوية كبيرة كما اثبتت الاحداث السابقة ؟ ام ان قصة الانسحاب كلها فبركة للاستهلاك الداخلي الامريكي لدعم موقفه ضد خصومه ؟!

 

الا ان الامور ليست بهذا الغموض. لا يحتاج الناس الى اوباما ليفهموا ما يحدث. الكل يعرف ان قوات امن الحكومة المنصبة من امريكا هي قوات موزعة الولاءات على ميليشيات دينية وطائفية وقومية وعشائرية.  قوات الامن تحمل جنين تفككها وتشرذمها داخلها حال رفع القوة الممسكة بها كوحدة واحدة. لا علاقة للامر بسخافات ”الولاء للعراق“ او الولاء للوطن والتي يكررها الظباط الامريكان بشكل هزلي وقد دمرت قواتهم ذلك ”العراق“ ولو كانت نصائحهم (حول الولاء للوطن ) مجدية لكان عليهم ان ينصحوا وحدات الجيش العراقي بالقبض عليهم فوراً او قتالهم !!.  المسألة لا علاقة لها بحجة ان القوات العراقية لم يجهز تدريبها بعد وبحاجة الى فترة اكبر. ان المسألة الاساسية هو في كون الجيش او قوى الامن تعكس طبيعة النظام السياسي الذي اوجدته امريكا في العراق وهو نظام يقوم على تحالف بين قوى الاسلام السياسي والقوميين والعشائريين وتقسيم المجتمع على هذا الاساس وبالطبع الجيش وقوى الامن جزء من النظام. ان ذلك ما يقوله بالظبط الجنرال بترايوس وضباطه المشرفين على تدريب وحدات الجيش والالوية القمعية التابعة لحكومة المالكي الاسلامية القومية.

 

نعم انخفضت وتيرة العنف والحرب الطائفية بشكل نسبي ولكن السؤال هو:

1) باي ثمن ؟ و 2) الى متى؟

 

ما ثمن انخفاض اعمال العنف الديني والطائفي في العراق؟ هل بقوة ”دولة قانون“ المالكي حقا؟ ام بتطبيق سياسة العزل المناطقي الطائفية والدينية والقومية والعرقية والاثنية واتباع سياسات التهجير والقسر على بيع الممتلكات او احتلالها وقتل السكان ممن لا ينتمون الى الاسلام او ممن يسمونهم ”بالاقليات الدينية“ كما حصل مع اتباع المسيحية والصابئة والشبك واليزيديين وغيرهم؟ لقد استمرت سياسات التهجير التي مارستها سلطة المالكي نفسها واستمرت لاكثر من 3 سنوات واسفرت على رحيل وترحيل وقتل وارعاب الملايين من المواطنين من اماكن سكنهم اما الى خارج العراق و اما الى مخيمات وصرائف واما الى مناطق سكنية اخرى تقبلهم طائفيا او دينيا. هل هذه نتيجة جيدة ؟ هل هي نتيجة لمجتمع سيعيش بسلام وامان ويشعر بالمدنية والمواطنة وشئ من الطبيعية ؟ ام انها نتيجة تسبب الخوف والترقب من احتمالات اندلاع الحقد الديني والطائفي والمذهبي ؟. هل يمكن القول ان الامور ستتحسن هكذا ؟.

احاول ان اناقش المسألة على صعيد المجتمع نفسه، حيث مازالت القوى الدينية والطائفية والقومية والعشائرية مخيمة على مقدرات المجتمع ولها النفوذ السياسي المدعوم من امريكا او الجمهورية الاسلامية او معا.  اتحدث هنا عن الجدران الكونكريتية التي بنيت بين المناطق السكنية في بغداد وكركوك وديالى والبصرة والعمارة والموصل وخانقين وعزلت الناس عن بعضها البعض لاختلافات الدين والطائفة والمذهب والعرق والاثنية والقومية بل والعشيرة. تلك السموم والاحقاد التي اوجدتها قوى الاسلام السياسي والقوميين كامنة تحت رماد وانقاض المجتمع. دون ازاحة القوى السياسية التي تنتج تلك السياسات والمناهج والهويات بين البشر لا يمكن ان نتوقع تحسن الامور واخراج المجتمع من المأزق الذي وضعوه فيه.

 

والسؤال الاخر هو هل يعرف احد الى متى ستظل الاوضاع هادئة نسبيا؟ الجميع يسأل ومتوجس: هل سيستمر الامر ام ان الامور ستنغير فجأة؟

 

الجماهير تعرف ان الاوضاع قلقة وان ما يزيدها قلقا هو وجود القوى الدينية الاسلامية والقومية والصراعات بينها على النفوذ والمكانة السياسية والاجتماعية.

 

بعد ستة سنوات من الحرب المدمرة لا يمكن ان يستمر الانتظار. يجب انتهاز الفرصة وتنظيم الصفوف لمنع تدهور الاوضاع ورهنها بقوى دينية وطائفية متخلفة.

 

الفرق بين بدأ الحرب والان هو ليس تحسن الوضع الامني بل حقيقة ان الجماهير كشفت وفضحت قوى الاسلام السياسي والقوميين والعشائريين.

 

اليوم لدى الجماهير في العراق حزب سياسي انساني؛  حزب يدافع عن تمدن المجتمع ووحدانيته ومواطنيته. حزب يدافع عن النساء ومساواتهن الكاملة غير المنقوصة ولا المشروطة بشروط التقاليد والاعراف والدين. حزب يدافع عن العلمانية وفصل الدين عن الدولة وعن التربية والتعليم؛ حزب يقول لا عالية لكل هؤلاء ولديه كلام مختلف للمجتمع.

 

تعالوا ايها الجماهير، ايها التحرريين، ايها الانسانيين، ايها العلمانيين، ايها الشباب والطلاب والطالبات، ايتها النساء، ايها العمال والكادحين، ايها الموظفين ، تعالوا وانظموا لهذا الحزب. انه حزب انساني ويستوعب كل امالكم وطموحاتكم.

 

بتقوية حزب الانسانية بامكاننا ان نغير الاوضاع: نحقق الامان والطمأنينة والعلمانية والمساواة والمواطنة والرفاه والامان والسعادة للاطفال وللجميع.

 

فقط من خلال بناء حزبكم الشيوعي العمالي اليساري العراقي بامكان الجماهير ان تطلق العنان لارادتها وتحدث تغييرها الحقيقي وتبني مجتمعا انسانيا راقيا وعصريا.