من يمثل العمال في ميدان السياسة؟

عصام شكـــري

 ishukri@gmail.com

المجتمع اليوم، في العراق والعالم، مقسم الى جانبين: جانب تقف فيه الطبقة البرجوازية. وفي الجانب الاخر الطبقة العاملة. في صدر معسكر البرجوازية تقف الاحزاب السياسية للبرجوازية: الاحزاب التي تدافع عن مصالح البرجوازية، الدعوة ، المجلس الاعلى، تيار الصدر، الاتحاد الوطني، الديمقراطي الكردستاني، الحزب الاسلامي، جبهة التوافق، مجالس الصحوة ، مجاميع بن لادن الارهابية، تنظيمات القوميين العرب والبعثيين، وغيرهم. اما في جانب الطبقة العاملة فيقف العمال. ولكن من يمثل العمال في ميدان السياسة؟. قبل الاجابة على السؤال لنبدأ اولا من الاصل؛ من المجتمع.  ولنتحدث قليلا عن علاقة كل من الطبقتين بعملية الانتاج الجارية في المجتمع.

 

في المجتمع المعاصر تجري عملية لانتاج الاجتماعي والخدمات والتسويق ضمن نظام يسمى النظام الرأسمالي. في هذا النظام الرأسمالي تدفع الطبقة البرجوازية للطبقة العاملة اجور، لقاء عمل الاخيرة او بالاحرى لقاء شراء الطبقة البرجوازية منها قدرتها على العمل. نتيجة لهذه العلاقة ، تراكم الطبقة الاولى الارباح من الفارق الذي تستولي عليه بين قيمة السلع عند بيعها في السوق، وبين اجور العمال لقاء انتاجهم لتلك السلع (هناك مصاريف اخرى للصيانة والاندثار.. الخ ولكن الفرق هو ربح الرأسمالي يبقى في جيبه). تحول الطبقة البرجوازية ارباحها تلك الى رأسمال جديد، بتشغيله، معيدة الكرة من جديد. تتراكم الرساميل عند البرجوازية وتنفق السلعة التي يبيعها العامل ( اي قدرته على العمل: صحته وعافيته). نتيجة لهذه العلاقة بين العمل والرأسمال، فان الطبقة البرجوازية تتمتع بوسائل المعيشة المرفهة وبحياة مترفة وباذخة ، اما الطبقة العاملة ( وهي اكثر عددا بملايين المرات ) فتعيش على اجرة ضئيلة، تصرفها بسرعة على حاجياتها الاساسية وتعيش بقية الاسبوع او الشهر خائفة من الفاقة ومد اليد والعوز. والبرجوازية تعرف ان وسائل حياة الطبقة العاملة بيدها هي. وهي لا تريد ان يعيش العمال مرفهين، لان رفاه العامل يعني ان اجوره مرتفعة اكثر من اللازم. ان ارتفاع الاجور ليس في مصلحة الرأسمالي لان ذلك يقلل من ارباحه ويمكن العامل من تصليب مطالبه.

 

البرجوازية تملك كل شئ في المجتمع. انها تعامل المجتمع، برمته، على انه ملك لها. تسمي المواطنين ابنائها، والجماهير شعبها، والارض وطنها، وعمل الملايين من البشر وكدحهم، انتاجها، وصناعتها وتجارتها. الطرق طرقها، والمدن مدنها، والحدائق حدائقها بل والانهار والبحار مياهها. كل شئ في المجتمع يجب ان يمتلك سماتها ويحمل خصائصها. ولانها تستولي على السلطة السياسية فهي تخلق منظوماتها: في الاخلاق ، المعرفة وانتاج الافكار، الدين والخرافات، القوانين والتشريعات وغيرها. انها تستخدم جيشا جرارا من المأجورين: جيش وشرطة وحرس وهيئات اعلام ورجال دين وادارات وجمعيات ومنظمات وهيئات قضائية وتشريعية ومندوبين وناطقين رسميين وغير رسميين، يركضون كلهم خدمة لمصالحها ولترويج الدعاية لها. علاوة على ذلك، تصور البرجوازية نظامها على انه ازلي، وفي نفس الوقت على انه نظام الهي منزل من السماء، تكفي محاولة تغييره، او التشكيك به، لاتهام المتجاوز بالتعدي على الذات الالهية !. تدفع البرجوازية لمرتزقتها من الائمة والملالي والشيوخ وغيرهم اجورا مجزية، لكي يديموا الصراخ بحمدها ليلا ونهارا (اتحدث عن كامل الطبقة البرجوازية وليس الدولة تحديدا)، لكي يدافعوا عن نظامها ونظام استغلالها و يبرروا للملايين من العمال والنساء والاطفال بؤسهم وشقاءهم، على انه هبة من الله لا يمكن ردها او الاعتراض عليها، واعدينهم بتعوض حياتهم البائسة تلك، في نهاية المطاف، بحياة اخرى، ابدية ، لا حرمان فيها، لا عمل فيها ولا استغلال، جنان قطوفها دانية وخمور وعين حور (جنة البرجوازية رجالية صرف فهي تخلقها على صورتها الارضية). الطبقة البرجوازية يجب ان تخمد الاحتجاج والاعتراض من الطبقة التي تقوم باستغلالها وبالتالي فانها توزع خرافات الدين والوطن والقومية وتحرير الامة والتراب المقدس وراية الوطن على انها مقدسات لا يمكن لاحد المس بها. انها تريد ادامة خضوع الطبقة العاملة لها. ومن يعصى تلك المقدسات فانه خائن يجب قتله.

 

ويقوم بلعب كل تلك الادوار بالطبع، ممثلي الطبقة البرجوازية السياسيين اي الاحزاب السياسية التي تقوم بتبرير الاستغلال والظلم والبؤس وتصوره على انه مرحلة عابرة او ديمقراطية وليدة او ”الام الوضع“. وفي جانب الطبقة العاملة، ومعسكرها فان العدو هو النظام الرأسمالي الذي لا تستطيع منه فكاكا. انها داخل هذا المجتمع الذي يطحن عظامها طحنا لا تجد من يمثلها ويرفع صوتها في ميدان السياسة ولو حزب واحد من احزاب البرجوازية.

حتى في الدول الاكثر تطورا، وحين يلجا العمال الى احزاب البرجوازية الاشتراكية - الديمقراطية، تحت ضغط نضالها وظروفها القاسية، فانها سرعان ما تدرك ”خيانة“ تلك الاحزاب لوعودها لها. تدرك انها لا تريد اكثر من تحسين النظام نفسه لا الطبقة العاملة.

الحزب الشيوعي العمالي اليساري العراقي يمثل العمال في ميدان السياسة.  انه صف من صفوف الطبقة العاملة الاكثر راديكالية.  واقداما. حزبنا يريد ويناضل من اجل نظام لا استغلال فيه للبشر. يريد ان تتحول الملكية البرجوازية لوسائل الانتاج الى ملكية المجتمع.  ان برنامج الحزب في انهاء سلطة البرجوازية (التي اصبح عجزها واجرامها ورجعيتها واضحة بجلاء) يعني ان الطبقة العاملة صار لها صوت في السياسة ، صوت يعبر عن طموحها في انهاء الاستغلال ، لا تجميله ، لا تحسينه وترقيعه،  بل انهاءه والقضاء عليه ، لاقامة نظام اخر اكثر انسانية وهو الاشتراكية.

 

من يشكك في ان الاشتراكية، هي اساسا ليست اختراع شيوعي، بل طموح ومطلب كل عامل وعاملة في العراق والعالم، فليذهب لسؤال العمال انفسهم. سؤالا بسيطا: هل تحبون النظام الحالي ؟ هل تحبون ان يعيش الناس في مجتمع اخر بلا فقر ولا فاقة ولا خوف ولا تمييز ولا دين ولا تخلف ولا بؤس ولا حرب ولا طائفية ولا انتهاك لحرية المرأة ؟ مجتمع حديث حر ومتساو وانساني ؟!.

 

 بالنسبة للرأسمالي العامل ليس انسانا ، لا مشاعر له ، لا اهمية لحياته او موته ، بنظره ، انه مجرد وسيلة لادامة ارباحه ؛ امتداد لالة او لارض او لعقار يملكه. ونتيجة لهذه العلاقة عديمة الضمير ، فان البرجوازي سيرحب بالتضحية بحياة العامل اذا ما تطلبت مصالحه ذلك. ومن يعتقد ان تلك مبالغة فلينظر الى التاريخ الملئ بالملايين من اسماء العمال الذين ذبحتهم البرجوازية في حروبها البربرية من اجل توسيع النفوذ ، داخل وخارج حدودها ، وخلال العمر القصير لهذه الطبقة. ولكن لم نذهب بعيداً ؟ يكفي النظر الى تاريخ العراق خلال ال 5 سنوات الماضية. قتلت البرجوازية اكثر من مليون انسان في العراق.

 

صراع البرجوازية والعمال ليس صراعا على الورق ، ليس صراع فكري، انه صراع مادي ، طاحن ، حقيقي وواقعي يجري في كل لحظة داخل المجتمع. حزبنا الشيوعي العمالي اليساري العراقي يمثل جانب العمال في هذا الصراع ، بينما تمثل كومة ومجاميع الاحزاب الاخرى البرجوازية الجانب الاخر.  حزبنا يقود نضال العمال نحو  وحدة صفوفهم من اجل الاشتراكية والانسانية، والجانب الاخر يقود البرجوازية نحو المزيد من تفتيت صفوفهم من اجل ادامة اوضاع الجوع والفقر والحرمان والدين والطائفية،

 

*****

 

وانتم باي جانب تقفون ؟!