حرية السوق أم الانسان؟ *

عصام شكـــري

ishukri@gmail.com

 

نحن ، في العراق ، ذقنا كلا الاقتصادين، رأسمالية الدولة (في عهد صدام حسين)، ورأسمالية السوق الحرة تحت الاحتلال الامريكي / الغربي. لدينا معرفة بكليهما. ولكن على مدى السنوات ال 7 الأخيرة اصبح للعراقيين تجربة قوية بمدى "إنسانية" السوق الحرة وديمقراطيتها، بشكل حميم وعن كثب !. مئات الآلاف من الناس قتلوا، قطعت اوصالهم، افقروا، وتشردوا، بعد حملات القصف والتفجيرات من قبل الولايات المتحدة ودول الغرب "الديمقراطية" (بما في ذلك اسبانيا). وفي محل صدام نصبت مافيات إسلامية، وقيل للناس : هاكم ما اردتموه ! تعيشون الان برغد الديمقراطية والاقتصاد هو الاخر "حر".! لديكم برلمان. تمتعوا واهنأوا بالملالي وقوانين الشريعة الإسلامية. تحيا الديمقراطية Vive la démocratie. حصلتم على مبتغاكم. تستحقون ذلك بجدارة.

 

اليوم أنت حر في الموت جوعاً، حر في بيع أطفالك مقابل بضع مئات من الدولارات في الشارع، بل انت حتى حر في بيع اعضاء جسمك إلى بليونيرية الخليج !. أنت حر!.

ولكن لنتكلم عن الحرية. هل هناك حرية للنساء ؟ حرية للشباب ؟ حرية للعمال ؟ حرية اختيار مصيرك ؟ حرية اختيار حبيبك وعلاقاتك ؟. انسى كل ذلك. هل هناك حرية حماية البشر من العنف والإرهاب على الأقل ؟. اذا كان لا، لم اذا تربط حرية الناس ورفاههم ومساواتهم بالسوق الحرة وليس بحرية البشر؟. لماذا تسيطر السوق دائماً على الإنسانية ؟

نظرة على جماهير الولايات المتحدة. ملايين فقدوا منازلهم لأنهم لا يتمتعون بالحماية من المصارف التي استحوذت على بيوتهم ورمتهم في الشوارع. هل هذه هي الديمقراطية ؟ أوباما سلم تلك البنوك مليارات من الدولارات في حين أن الناس في نيويورك يصطفون في صفوف طويلة طلبا لوجبة غذاء. مثال آخر. المملكة العربية السعودية فيها اقتصاد السوق الحرة. أين هي الديمقراطية للمرأة ؟ لا تستطيع المرأة حتى اظهار وجهها أو قيادة سيارة ؟. اليس اقتصاد مصر هو السوق الحرة ؟ لم يغرق الناس في البؤس اذن ويعيشون في المقابر ويتم استغبائهم بالدين والإسلام ؟ أين هي الحرية والرفاه ؟. الا يحدث كل ذلك بالضبط بسبب أن الاقتصاد حر ؟!.

يريد الناس الحرية والمساواة لأنفسهم هم وليس "للسوق". يريدون الحرية للجميع وليس فقط للاغنياء. اليوم السوق الحرة والديمقراطية اصبحتا مفلستين كلياً. في أزمة. لم "يجهزا" سوى البؤس لملايين وملايين من البشر وقد حان الوقت لتغيير ذلك. حان الوقت لفوز الإنسانية؛ الانسانية لا السوق.

·         رد الى صديق اسباني حول ادعاءه بان السوق الحرة هي التي توفر الديمقراطية للبشر.