ادامة الحرب الارهابية  

 

عصام شكــري

 

ان تأسيس دولة اسلامية - قومية في العراق لن يكون مناهضا للحريات المدنية والفردية للجماهير فحسب بل سيضع كامل المجتمع على شفير مرحلة جديدة من حرب ارهابية بين الولايات المتحدة وعملائها من جهة وقوى الاسلام السياسي وادواته المحلية في العراق من جهة اخرى.

 

فمن المعروف ان صعود الائتلاف العراقي الاسلامي الشيعي وحصوله على الغالبية الضئيلة في الانتخابات الامريكية فد تم باشراف ودعم كامل من قبل الجمهورية الاسلامية واجهزة مخابراتها النشطة في العراق في ظل الفوضى العارمة السائدة. الا ان الائتلاف رغم كونه يمثل الاسلام السياسي الحاكم في ايران الا ان الشراذم المؤتلفة داخله لاتمثل بمجموعها الخيار الايراني كاملاً بل ان هنالك لاسلام السياسي الموالي لامريكا والذي يخطط لخدمة المصالح الامريكية من خلال فرض الاسلام على المجتمع بطرق مقبولة لامريكا. ومن هذه الزواية تحديدا يقارن احد الاسلاميين الموالين لايران موفق الربيعي"ان امريكا ليست باقية هنا للابد، الا ان ايران باقية!!". وبطبيعة الحال بامكاننا غض النظر عن هراء هذا التصريح والقول بان النظام الاسلامي الهمجي الذي يتمنى بقاءه الى الابد هو الاخر مؤقت بارادة جماهير ايران التي ستقتلعه من الجذور قريبا.

 

ان الولايات المتحدة الامريكية في حالة صراع مع الاسلام السياسي وعلى صعيد عالمي. ورغم ألاسلام الذي يطلق عليه وزير الدفاع اليميني رامسفيلد الاسم الحركي "المعتدل" ويعلن عن قبوله له وتقوية دعائمه ازاء الاسلام الموالي لايران (المجلس الاعلى) فان الظاهر ان الولايات المتحدة لا تريد للاسلام المعادي لها او الموالي لايران السيطرة في العراق. وباعتبار ان ايران تمثل قطب الاسلام السياسي المعادي لامريكا في المنطقة فان الاخبرة تود تحدي الاولى في مناطق المواجهة الاكثر سخونه بين الارهابيين اي العراق وفلسطين، وتحاول كسر شوكتها.

 

ان صراع الارهابيين هذا اي بين ارهاب الدولة الامريكية وارهاب الاسلام السياسي يزداد تعمقا نتيجة سياسة النظام العالمي الجديد التي تتبعها الولايات المتحدة منذ انتهاء الحرب الباردة مع الكتلة الشرقية. فالعراق اليوم اصبح ميداناً مفتوحاً لذلك الصراع الرجعي المدمر. ورغم ان الولايات المتحدة تهدد وباشكال مختلفة بضرب ايران الا انه من غير المرجح ان تقدم امريكا في الوقت الحاضر على القيام بذلك لقلقها من احتمالات تداعي الاوضاع وتفجر الفوضى العارمة مخلفة فراغ سياسي لن تغامر بتوفيره امام جماهير ايران اليسارية وقوى الاشتراكية العمالية القوية في ايران ممثلة بالحزب الشيوعي العمالي الايراني. ان تلك الحالة في ايران فريدة ولاتطابق ما واجهته امريكا في العراق اوافغانستان.

 

يعزز تردد الولايات المتحدة في ايران موقفها المتردي والفشل الذريع الذي تواجهه في العراق. فهي تمر بمأزق في العراق لانها تستنزف سياسيا وعسكريا بشكل جدي ولم تحقق ما تبغيه من تثبيت سلطة موالية لها تستطيع (دون المغامرة بتحولها الى سلطة عميلة للاسلام السياسي الايراني) ان تمثل مصالح النظام العالمي الامريكي الجديد. يضاف الى الترجرج السياسي لامريكا، الخسائر التي تتكبدها في العراق في مواجهتها مع قوى الاسلام السياسي المعادي لها ( تحالف البعث والوهابيين) والتي تجعل من وضعها اكثر ضعفا بشكل مظطرد لاسيما عالميا وازاء الرأي العام الامريكي.

 

ان كل تلك المعطيات تبين بان المواجهة بين قوى الارهاب الدولي تتصاعد داخل العراق وليس خارجه في هذه المرحلة (ايران) مما سينقل العراق الى ساحة مواجهة اكثر خطورة من قبل. ان مواجهة امريكا مع قوى الاسلام السياسي ينذر بعواقب وخيمة على الجماهير في العراق لان الصراع بين هذين القطبين هو صراع ارهابي تتكبد الجماهير كل خسائره. ان خطوط المواجهة بين هؤلاء ترسم من جهة ملامح النظام السياسي الذي تخططه امريكا لجماهير العراق وبالتنسيق مع عملائها من الاسلام السياسي "الصديق" وهو نظام يقع حتما ضمن دائرة الدولة الاسلامية المقنعة. هذا النظام السياسي اذا ما وجد في العراق فان جماهير العراق وحدها ستدفع الثمن على صعيدين: اولهما القمع وانتهاك الحريات وخاصة تجاه النساء والشباب والعلمانيين وارساء اسس نظام رجعي معادي للتمدن والعلمانية والمساواة والحرية. ومن جهة اخرى تزيد من سعير المواجهة الدموية بين قوى الاسلام السياسي المناهض لامريكا وعملائها وقواتها في العراق من جهة اخرى. والاخيرة كفيلة بادامة اراقة الدماء وانعدام الامان والجرائم وقطع الرؤوس وحرق البشر وهم احياء وقتل الاطفال والابرياء في الشوارع وقصف المدن على رؤوس الجماهير المنهكة. ان ابواب جحيم السيناريو الاسود تزداد مواربة مع تعميق تطبيق المخطط الامريكي والذي ترى امريكا نفسها مجبرة على تطبيقه. وفي جميع الاحوال فان السيناريو الاسود سيزداد قتامة.

 

ذلك يستدعي اخراج جماهير العراق الى الميدان. ولكن هنالك العقبات الكأداء بوجه الجماهير لممارسة دورها في وقف صراع الوحوش هذه. ومن هنا يأتي دور قوى اليسار والعلمانية والشيوعية والاشتراكية وكل من يعارض تحويل العراق الى سجن اسلامي حقير ويطلق يد الوحوش الاسلاميين والامريكيين لتعبث بمدنية المجتمع العراقي. على اليسار ان يعمل لاحباط تحول المجتمع الى غابة اسلامية.

 

ان امامنا مهمتين متداخلتين اساسيتين الاولى منع تشكيل دولة اسلامية سواء كانت تابعة لايران او لامريكا. سواء رأسها الحكيم او السيستاني او الجعفري. اما المطلب الثاني فهو ستراتيجي وجوهري ويتعلق بطرد هاتين القوتين كليا من العراق لانهاء الصراع وتوفير المناخ الامن للجماهير. يجب ان تتمحور مطالبنا بالنسبة للمهمة الاولى حول تأسيس الدولة العلمانية غير القومية ومطلب فصل الدين عن الدولة والتربية والتعليم والمجتمع المدني في العراق وفي الثانية من خلال الدعوة الى اخراج القوات الامريكية - البريطانية ونزع سلاح الشراذم والعصابات الاسلامية القومية من كل الالوان والاشكال. ذلك هو الحل الستراتيجي والذي يجب ان نعمل لتحقيقه من خلال تغبئة الجماهير والقوى الانسانية حوله وبسرعة.