اوباما والتقارب مع الاسلام السياسي

عصام شكــــري

ishukri@gmail.com

 

الرئيس الامريكي ياراك اوباما  قال في تصريح انه يريد ان يحضر القمة الاسلامية المقرر عقدها في مصر من اجل ان يخبر ”قادة المسلمين” بانه ”يحترم ثقافتهم ويفهم دينهم“. تلك التصريحات نقلها ريتشارد وولف مراسل مجلة نيوزويك الامريكية.

 

اليوم اصبح اوباما وقادة امريكا الجدد يسعون، في كل مناسبة سانحة، الى التقارب وابداء المودة لقيادات الحركات الاسلامية (يسميهم اوباما قادة المسلمين- اي يعرف الناس من خلال الدين  ولكنه لن يجرؤ على تعريف جماهير امريكا او اوربا دينيا !). وبدلا من ان يقول اوباما، الذي اتكأ طويلا اثناء حملته الانتخابية على اسم توماس جيفرسون ومبادئ ”المؤسسين الاوائل“ والدستور الامريكي التحررية، فانه يمد يده اليوم للتصافح مع قادة حركة بربرية كالاسلام السياسي.

انها تمثل حركة اكثر التيارات البرجوازية المعاصرة ارهابا وعنصرية. اوباما يطلق على قاذورات فكر الاسلام السياسي اسم الثقافة ويتمادى اكثر في قوله :“احترم ثقافتكم“ وافهم دينكم.  الا ان نفايات ”التعددية الثقافية” التي يمثل اوباما احد مروجيها اليوم ليست موضوعنا بل السياسة الامريكية الجديدة وعلاقتها بالاسلام السياسي تحديدا.

لا حاجة بنا للقول بان حملات اوباما الانتخابية وكلامه المنمق   المنسجم باحكام مع نقمة الناس في امريكا ضد سياسة المحافظين الجدد وجورج بوش والكارثة الاقتصادية العالمية، لم تسفر عن اية نتائج تذكر على الصعيدين الاقتصادي و السياسي. كما لاحاجة بنا الى القول ايضا بان اوباما حين كان يردد كلمات: التغيير، التغيير والتغيير... فانه لم يقصد تغيير اوضاع الجماهير  نحو الافضل بل يقصد ”التغيير“ في مكانة امريكا؛ اعادة تثبيت موقعية امريكا على صعيد عالمي واعادة الهيبة التي فقدتها كزعيمة للبرجوازية العالمية فقط لالقاء نظرة عاجلة في نتائج سياسته (آملين ان تسنح الفرصة في المستقبل لنحللها اكثر).

ان سياسة التقارب مع الاسلام السياسي التي تنتهجها الادارة الامريكية قد تؤدي بامريكا والغرب الى الاعتراف بشرعية قوى الاسلام السياسي في السلطة. ان اوباما يريد ان يقول للقوى الاسلامية المعادية لامريكا في السابق بانه وادارته راضين عن اعتبارهم ممثلي رأس المال في مناطقهم وشركاء في الرأسمال العالمي، ومن هنا يأتي بعباراته  حول ”احترام ثقافتهم وفهم دينهم“. ان  هذه التوطئة و“المداعبة“ الايديولوجوية ( القبول بالاسلام على انه ثقافة محترمة !) هي انعكاس لواقع  قبول الغرب رسميا باشراك هذه القوى الرجعية فعلياً في النظام الرأسمالي على صعيد عالمي ومنحها حصتها.

 

ورغم ما يبدو للبعض بان تلك مناورة ذكية من قبل امريكا ”لاحتواء“ الاسلام السياسي المعادي لها، الا ان امريكا في الواقع ستخسر في المحصلة النهائية من جراء هذه السياسة. فهي ستفقد مصداقيتها كليا ازاء الجماهير التي ترى امريكا تصطف مع اعداء الجماهير وتقف في جبهة واحدة  رجعية واستغلالية.

 

اما  قوى الاسلام السياسي فسيصيبهم الضرر الكبير ايضا ونتيجة لانهم معرفين منذ صعود حركتهم البربرية بشعارات وعبارات ”الموت لامريكا ولا للشيطان الاكبر والموت للكفار الغزاة“ الخ، فكيف سيستطيعون اليوم لملمة صفوفهم وتحت اية شعارات؟