عراق إسلاميّ ؟

مقابلة مع عصام شكري

 

مريم نامازي : سمعنا أن بوش قال أنه سيقبل على مضض الحكم الإسلاميّ في العراق إذا كان نتيجة لانتخابات مفتوحة و عادلة . هل تقبل عراقاً إسلاميًّا ؟

 

عصام شكري : في الواقع لا . لن نقبل بحكم إسلاميّ بغضّ النّظر عن الطريقة التي سيأتي من خلالها. ان العمليّة الانتخابية التي يشير بوش لها هي بنظري, غير شرعيّة . البلد مُحْتُلَّ حاليًّا من قبل الولايات المتحدة , وحكومته قد صنعت بإشراف الولايات المتّحدة و تُدارَ تقريباً من قبلها . هذه الحكومة مكوّنة من العناصر الأكثر تخلفاً  في المجتمع العراقيّ, وبشكل رئيسيّ من الإسلاميّين, و القوميين , و بعض الزّعماء العشائريين و بقايا نظام البعث . لا يمكن أن تدير هذه الحكومة ما يسمّى انتخابات عادلة و مفتوحة و حرّة .

تحت هكذا ظّروف , الانتخابات غير قانونيّة . أريد التأكيد على نّقطة هنا وهي انه بغضّ النّظر عن كل شئ , فلا يجب أن يُسْمَح للاسلام بأن يحكم العراق . الإسلام السّياسيّ حركة وحشيّة, ملطّخة بالدّماء , تحتقر النّساء , و بصفة عامّة, هو ضدّ البشريّة . اذا ما اتيح له حكم العراق , فسيخلق مأساة بشريّة أخرى . في الحقيقة, بوش يحبّذ الإسلاميّين المؤيّدين لأمريكا لأنه يريد الحفاظ على دور لاسلام سّياسيّ صّديق للولايات المتّحدة في الشّرق الأوسط ومن اجل إبقاء العلمانيين و المعتقدين بالمساواة تحت المراقبة ,  ومن ضمّنًهم الشيوعيّين , النّساء المتحررات , العمّال وهكذا . يقدم الاسلام هنا خدمة للجناح اليميني في الولايات المتّحدة فيما يخص العراق.

 

مريم نامازي : البعض قد يقول و بوش قد قال ايضا بأن الدّيمقراطيّة هي الدّيمقراطيّة و "إذا كان ذلك ما تختاره النّاس, فذلك ما تختاره النّاس" , ماذا ستقول عن ذلك ؟

           

عصام شكري : لا يمكن أن أفهم كيف يمكن أن تكون هذه الانتخابات حرّة في الاطار العامّ فعلاً؟ . لا يمكن أن يكون لديك انتخابات حرّة والمجتمع بعمومه مستعبد !!. ولكني أعرف فعلاً, رغم ذلك, أن شعب العراق لن يختار الإسلاميّين أبدًا لو كان حرّاُ . في هذه الظّروف اليوم , فان العراقيين يعيشون حياةً شاقّة جدًّا, يعانون بسبب الاحتلال الأمريكيّ و سيناريوه المظلم و إطلاق يد القوّى المتخلّفة في العراق . هذا مجتمع مختنق و متأزم .

يتوق شعب العراق الى الأمن, والخبز و الحياة الطبيعية . تحت مثل هذه الشّروط , فان الولايات المتّحدة حرّة في الواقع أن تقدّم بديلها و تفرضه على شعب العراق . لكنّ العراقيّون غير أحرار على الإطلاق في أن يرفضوه . ليس هناك من خيارات كثيرة امامهم . ولكن بالرّغم من هذا الوضع المزعج, أعتقد أنهم لن يحبّذوا الاسلاميين الرجعيين، كارهي النساء.

 

مريم نامازي : حديثًا أُجْرِيَ استفتاء بتّمويل أمريكيّ في المعهد الجمهوريّ الدّوليّ . وجدوا بأنه إذا اجريت انتخابات اليوم في العراق, فان الشّعب العراقيّ سيصوّت و يعطي الأغلبيّة للإسلاميّين . ألا يناقض ذلك ما كنت تقوله ؟

 

عصام شكري : الاستفتاءات ليست مصدر موثوق لمعرفة الميل السّياسيّ  في مجتمع معيّن . أعتقد أنّه نفسه يستعمل أداةً أحيانًا للتّخويف و في معظم الاحيان للتحكم في الرأي العام . تُوضَع الأسئلة دائمًا بطّريقة معيّنة أو ان الإجابة تقتصر دائمًا على كلمتي نعم أو لا .

 

هذا أيضًا يحدث في الولايات المتّحدة . يقولون مثلاً : تبين الاستفتاءات بأنّ بوش سبق كيري في هذه الولاية أو تلك , وذلك لكي يبدأ النّاخبون المتردّدون في الميل نحو بوش . إذا أردت التّعليق على الإحصاءات في هذا الاستفتاء فملاحظتي ستكون : إذا كان حقيقيًّا أن العراقيين يريدون الإسلاميّين في السلطة فلماذا إذًا دفعوا الإسلاميّين دفعاً في مجلس الحكم السابق - منذ حوالي 6 أشهر – لسحب اقتراحهم سّيّئ السّمعة و الذي سمّوه القرار 137 الذي استهدف استبدال قانون العائلة شبه المدني الحاليّ بآخر إسلاميّ في العراق؟!. الإسلام في العراق غير مقبول . لا يريد شعب العراق الاسلام . المجتمع العراقيّ لا يمكن أن يُوصَف بأنه إسلاميّ على الإطلاق , أسلوب حياتهم , طموحاتهم ، جميعها في تناقض واضح مع القيم الإسلاميّة .

 

تزدري النّساء التّعاليم الإسلاميّة بخاصّة و يكرهن ان يعاملن كمواطنات من الدّرجة الثانية او الثّالثة . أعتقد أنّ هنالك عامل آخر لهذه النّتائج المظللة و هو ضّعف الحركة اليسارية في العراق بوجهٍ عامّ . شعب العراق محاصر بين الولايات المتّحدة الأمريكيّة و الاسلام السّياسيّ . يخير النّاس على سبيل المثال بين اياد علاوي, العلماني المزيّف,  من جهة و الإسلاميّين الرّجعيّين من جهة اخرى . ذلك المستوى متدني و دون توقّعات العراقيّين . لو خيروا بين اليساريّين و الإسلاميّين , أنا واثقٌ من أنهم سيختارون اليساريين أو الاشتراكيّين بمعنى أدق .

 

مريم نامازي : يجب أن تكون هناك نوع من الانتخابات ليكون بامكان النّاس تحدّيد الحكومة المستقبليّة للعراق . لا أتكلّم فقط عن الانتخابات العاديّة حيث يمكن أن يكون هناك انتخابات من خلال المجالس وهكذا . كيف يمكن ان تحدث الانتخابات ؟ ما هي الشّروط المسبقة لاجراء انتخابات حرّة و عادلة في العراق ؟ لكي يكون بمقدور الجماهير أن تختار ما تريده فعلاً ؟

 

عصام شكري : يجب أن يكون هناك نوع من الانتخابات أو شكل اصولي لاختيار الحكومة المستقبليّة . أتّفق معك. لكنّ مثل أيّ بلد آخر في العالم , يجب أن يتم ذلك في بلد خالي من قوّة الاحتلال , مثل الولايات المتّحدة الأمريكيّة و حلفاءها , و كشرط مسبق , يجب ان تتوفر هناك أيضًا بيئةً حرة ً للنّاس للاختيار دون ظلم او تعسف قوّات الاحتلال أو خصومهم الذين هم في هذه الحالة الإسلاميّين و بقايا البعثيين .

أعتقد أنّ شعب العراق يريد بيئة حرة و هي تتضمّن أساساً الأمن و الأمان و باشراف قوة دولية لحفظ السّلام ثمّهد للمشاركة الحرة لكلّ الأحزاب و الميول السّياسيّة , الحرّيّة الكاملة للأنشطة السّياسيّة في العراق , إلخ. هذا كله مشروط  بانسحاب الولايات المتّحدة الأمريكيّة من العراق . تفتقر النّاس اليوم إلى الأمن و الحرّيّة , و ليس لدى النّساء اي  حرّيّة, لا في المجتمع ولا في الانتخابات ولا في البيت ولا أيّ مكان آخر . ومن جهة اخرى فان الولايات المتّحدة تُعْتُبِر بمثابة قوّةً إجراميّةً . انظري إلى فضيحة سجن أبو غريب و الوحشيّة التي مورست , قصف مدن الفلوجة و سامراء , الانفجارات في بغداد ، اقتحام البيوت وهكذا . ليس هنالك من ظّروف بامكان اجراء انتخابات حرّة وعادلة بظلها.

الدّولة في العراق دمية ليس لغرض قمع عمّال العراق تحت ظّروف عاديّة فحسب , بل أيضًا لتلعب كامتداد إلى حكومة الولايات المتّحدة الأمريكيّة في الوقت الراهن . تبدأ الشّروط المسبقة لاجراء اية انتخابات حرّة من خلال انسحاب الولايات المتّحدة من العراق .

 

النص السابق هو مقابلة في تلفزيون انترناشيونال اجريت في 24 تشرين الاول 2004

http://www.anternasional.tv/english