” طرد“ المشهداني 

 

عصام شكــــري

ishukri@gmail.com

 

 

طرد محمود المشهداني من منصبه كرئيس لمجلس النواب لم يكن بسبب ”طول لسانه“ او رجعية افكاره وكراهيته وتمييزه ضد النساء وسخريته منهن داخل البرلمان بل بسبب انهيار الركيزة التي استندت اليها تحالفات القوى الاسلامية - القومية التي نصبتها امريكا بعد الحرب ووصول خلافاتهم الى درجة التفكك.

 

المشهداني هو احد اعضاء مجلس الحوار الوطني (الاسلامي  - السني -  الطائفي) والتي كانت منضوية تحت ذراع الحزب الاسلامي وهو الطرف الاقوى في جبهة التوافق الاسلامية بالاضافة الى جماعة عدنان الدليمي المعارضة لامريكا. ان تفكك جبهة التوافق وسيطرة الحزب الاسلامي الذي يمثل قائده طارق الهاشمي احد اركان السلطة التنفيذية البرجوازية الاسلامية - القومية (نائب جلال الطالباني) هو نتيجة  لانهيار وفشل سياسة امريكا على صعيد عالمي في حل الازمة العميقة التي خلقتها بسياستها العسكريتارية. ان فشل امريكا ادت الى الاهتزاز العنيف لاركان المنشأ الكارتوني الذي نصبوه كدولة في العراق، دولة نصبوها وادعوا انها منتخبة ديمقراطيا بنسج الاكاذيب !.

 

ولكن هل  كون المشهداني ينتم الى الاسلام السياسي المعاد للمساواة والرجعي لاقصى الحدود هو ما جعل ”الكتل“ البرلمانية تطالب باقصاءه ؟!. هل تطاوله على المجلس ”الموقر“هو السبب ؟!. ولكني لم ار من اعترض في السابق على كلامه وملاحظاته غير المحترمة اثناء الجلسات بل كانت مثار السخرية فحسب. ولم ينبهه احد او يعترض عليه بشكل جدي! انهم اليوم يدعون انه طولب بالاستقالة لانه ”اهان“ المجلس.

 

ان حقيقة طرد المشهداني تكمن بسبب كونه اصبح عقبة ( مع مجلس الحوار الوطني الذي ينتم له) بوجه حليفه الحزب الاسلامي الموالي لامريكا. فالحزب الاسلامي اصبح يأتمر باوامر امريكا تماما كما التحالف الكردستاني والشيعي آملا في الحصول على مواقع  وغنائم اكبر في الفترة الانتقالية التي يعيشها العراق والمنطقة نتيجة اهتزاز موقع امريكا وتراجع نفوذها وترتيب اموره لما سيحدث فيما بعد.  لذا فان الحزب الاسلامي قد امتعض من قيام العناصر الموالية للاسلام السياسي المعادي لامريكا والقوميين والبعثيين والتنظيمات  ”الجهادية“ الارهابية داخل جبهة التوافق بالدعاية والتحريض ضد امريكا داخل احد اهم مؤسسات البرجوازية التي نصبتها امريكا بنفسها واشرفت عليها—اي البرلمان الاسلامي القومي والعشائري. ان الخلاف السياسي داخل صفوف حركة الاسلام السياسي من قوى السيناريو الاسود هو سبب تخلص الاسلام الموالي لامريكا من محمود المشهداني وجماعته الاسلامية المعارضة لامريكا.

 

ومن جانب اخر فان محمود المشهداني قد زيف الحقيقة بقوله انه طرد لانه كان يحارب الطائفية بينما الحزب الاسلامي يدافع عن الطائفية.!

الجميع يعرف ان محمود المشهداني كما الحكيم واالصدر  والهاشمي وبقية القوى الرجعية من دينية او طائفية او عشائرية قبلية رؤساء لمجاميع طائفية . انها بالاساس مجاميع دينية والدين مقسم طائفيا واساس وجوده طائفي. انها بمجموعها كتل طائفية وقومية . ان النظام برمته نظام طائفي ديني اسلامي وقومي اثني وعشائري. انه يدعي انه ضد الطائفية ولكنه جلس على مقعد طائفي وانتمى لكتلة طائفية اسلامية ورأس مجلسا مقسما على اسس طائفية. فكيف يكون الحزب الاسلامي لوحده طائفيا ؟. ان الادعاء بالبطولة المزيفة لن ينفع المشهداني  الا لرد جزءا من اعتباره الشخصي. ولكن ماهي الاستنتاجات التي يمكن ان نصل اليها من معرفة حقيقة الصراعات بين تلك القوى—اتفككها وانهيار المنصة التي تقف عليها؟! منصة  النظام العالمي الجديد لامريكا؟

 

الاستنتاج بسيط وقد اعربنا عنه في اكثر من مناسبة وهو ان الطبقة البرجوازية في العراق وخارجه قد اصبحت عاجزة  عن الاجابة عن اي معضلة والتقدم باي حل لاي مشكلة. ان ممثلي البرجوازية العراقية اليوم مؤلفين من شاكلة المشهداني والمالكي والصدر والسستاني والطالباني والهاشمي والحكيم والجلبي وغيرهم من بقية القوى الرجعية، وليس ثمة امل في ان تبرز اي قوة برجوازية سياسية قادرة على  ايجاد حل اخر او بديل اخر والاجابة على مايعاني منه الملايين من البشر. البرجوازية تعاني من ازمة خانقة على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي على حد سواء. فمالحل ؟

 

الحل هو في ان تحل الطبقة العاملة المتمدنة والانسانية محل الطبقة  البرجوازية في ادارة المجتمع.

 

سالطبقة العاملة هي الوحيدة المؤهلة اليوم والقادرة على ذلك . البرجوازية لم تعد قادرة واطرافها دخلت في صراعات وتصفيات لن يعرف لها نهاية. انهم يسيرون من مأزق لاخر. الطبقة العاملة قادرة وبحزبها السياسي الاشتراكي الحزب الشيوعي العمالي اليساري العراقي على ادارة المجتمع وتحقيق مجتمع امن وحر ومتساو ومرفه.