المجتمع المدني والعلمانية

جبهة اساسية للصراع الطبقي في المجتمـــــع

عصام شكــري

ishukri@gmail.com

 

انتهت امريكا من صنع مسخها المشوه في العراق، الحكومة. وهي تنوي تعميم هذا المسخ، كنموذج وبنمط وعلاقات انتاج "نظامها العالمي الجديد"- اي من خلال الحروب والابادة وتفتيت المجتمع وتنصيب شيوخ الاسلام والاديان وزعماء القبائل والعشائر والقوميين الرجعيين واعادة تعريف الملايين من البشر على اسس غير انسانيتهم.

 

اليوم تقدم امريكا هذه الدولة المتهرئة - انموذجها- على انه النموذج الاعلى لادارة وتنظيم المجتمع الانساني في القرن الواحد والعشرين، مغطية اياه باكاذيب الحديث عن الحرية وتحقيق المساواة والعدالة ومكافحة الارهاب وكانها بريئة من الاجرام.  ان البرجوازية ( بشقيها العالمي والمحلي) تتحالف اليوم مع اكثر الحركات انحطاطاً وعداءاً للانسانية؛ الاسلام السياسي، القومية، العشائرية. انها تنصبها في السلطة لاعادة انتاج نفس شروط النظام العالمي الجديد؛ اي فرض التراجع الشامل على المجتمعات وخنقها بالصراعات وارجاع المجتمع الى ماقبل عصر الحضارة. ان تنصيب امريكا للقوى الاسلامية - القومية في السلطة هو وصفة امريكا لانحطاط المجتمع في العراق.

 

 ان الجماهير وهي تعاني من السيناريو الاسود وتسعى للخلاص من اقطابه المجرمة: امريكا من جهة، والاسلام السياسي والعصابات القومية الاخرى من جهة اخرى، فان عليها ان تضع نصب اعينها السؤال الاهم؛ كيف يتحقق المجتمع المدني والدولة العلمانية في العراق؟  كيف نهزم بدائل البرجوازية المعادية للجماهير: اي بديل المجتمع المؤسلم بالعنف والدولة الدينية - القومية المتوحشة. من هي القوى في المجتمع المؤهلة للاجابة على تلك الاسئلة؟ انه وبالرغم من عجز البرجوازية وعدم قدرتها عن الاتيان بالمجتمع المدني والحكومة العلمانية فان مسألة تحقيق البديل الاخر الانساني لا تعتمد على مراهنة الجماهير التواقة للعلمانية والتمدن على "فشل" او ضعف البرجوازية في مساعيها. ان تحقيق بديل المجتمع المدني والدولة العلمانية يعتمد على نشاط القوى الاشتراكية المعادية للبرجوازية في العراق؛ الحزب الشيوعي العمالي اليساري العراقي تحديداً والطبقة العاملة في العراق.

 

ان الطبقة العاملة هي الوحيدة اليوم، القادرة، بحكم وضعها الطبقي وميلها الاشتراكي ومصالحها، على انقاذ كامل المجتمع من براثن البرجوازية ومشاريعها في سحب المجتمع الى مستنقع الطائفية وحكم الاسلام السياسي وترسيخ اسس الدولة الدينية - القومية العشائرية المتخلفة المعادية للتمدن.

ان مهمة الاشتراكيين اليوم هو تأسيس المجتمع المدني في العراق وانشاء الدولة العلمانية. انها مهمتنا نحن. مهمة الطبقة العاملة والكادحين. مهمة الاشتراكيين والشيوعيين. انها مهمة الاتيان ببديل انساني للمجتمع. انها مسؤولية تقع على عاتقنا وحدنا.

 

العلمانية والمجتمع المدني في العراق اليوم تشكلان جبهة اساسية اليوم من جبهات الصراع الطبقي بين البرجوازية والاشتراكية.  بين الرأسماليين والعمال.  وان على العمال والشيوعيين وكل العلمانيين والتحرريين ومحبي الحرية امعان النظر في مصير المجتمع وما يتنظره على ايدي البرجوازية الرجعية في العراق فيما لو قدر لمشروع الدولة الدينية القومية النجاح. ان تأجيج الصراع مع البرجوازية اليوم ومن قبل العمال الراديكاليين والشيوعيين يأتي من خلال خوض النضال من اجل المجتمع المدني والدولة العلمانية. يجب علينا ابراز دفاعنا ونضالنا من اجل هذا المجتمع وهذه الدولة. ان هذا النضل سيقرر مصير المجتمع ويجسد بشكل عملي معنى الدفاع عن الحرية والمساواة والتمدن الاجتماعي.

 

الحزب الشيوعي العمالي اليساري العراقي لا يفصل ابدا بين نضاله من اجل الاشتراكية وبين نضاله من اجل الدولة العلمانية والمجتمع المدني. اننا نعتبر ان النضال من اجل العلمانية هو نضال اشتراكي من منظور ان الدولة العلمانية الوحيدة القابلة للحياة اليوم في العراق ستكون الجمهورية الاشتراكية.