اعتراضات طلبة البصرة ضد الاسلام السياسي  انتصار للعلمانية والتمدن

 

عصام شكــري

antisanctions@yahoo.com

 

 

الطلبة ميالون وبشكل عفوي الى العلمانية. لماذا؟ لانهم جزء من الشريحة المظطهدة الواسعة جدا في العراق والمحرومة من الحرية والمساواة والحقوق الانسانية؛ كحق الحياة، حق العيش والتسلية والاستجمام والامان والسلامة وغيرها من حقوق الافراد في المجتمع. من حق المواطنون في العراق التمتع بكل تلك الحريات بلا تعسف او حرمان او اكراه اطار او نموذج او تقنين لهذه الحرية والتذرع بالحجج الواهية الاخلاقية الاسلامية او العشائرية لتبرير عملية تقنين الحرية. ان الطلبة والشباب ميالون الى التمدن الاجتماعي. فالعلمانية تعني التمدن الاجتماعي من خلال مطلبها فصل الدين عن الدولة والتربية والتعليم و منع الدين من التدخل في شؤون المجتمع المدني وحريات الفرد.

 

ان حركة طلاب جامعة البصرة الاعتراضية واضراباتهم الطلابية تدخل ضمن اطار معارضة ومواجهة قوى الاسلام السياسي. ان حركة طلاب جامعة البصرة التحررية والمساواتية لا تدخل فقط ضمن معارضة الاستبداد الاجتماعي والسياسي بالمفهوم العام وان مثلت جزءا اساسيا من ذلك الا انها تدخل ايضا ضمن اطار المواجهة السافرة ( وهي ظاهرة جديدة) مع قوى الاسلام السياسي والمتمثلة باكثر تلك القوى وحشية اي تيار مقتدى الصدر والذي اسفر عن وجهه العدواني والمتخلف وقد وضع نفسه وجها لوجه امام الحركة المتمدنة الطلابية.

 

اما الطلبة الجريئون فلم يبخلوا بمواجهتهم الصريحة مع هؤلاء المتخلفين بالدعوة الى طرد كل القوى الاسلامية من الحرم الجامعي والى تقديم الجناة الارهابيين الى المحاكمة ولكن الاهم من ذلك دعوا الى اوسع المطالب تحررية وتمدناً من قبيل مساواة المرأة بالرجل وفصل الدين عن الدولة.  بهذا المعنى تكتسب الحركة الطلابية وجه العلمانية والتحررية المناهضة لرجعية وتخلف قوى الاسلام السياسي في العراق.

 

الدولة الاسلامية والحقوق المدنية

 

هنالك تعارض وتناقض صارخ بين مفاهيم الحرية والحقوق المدنية للجماهير وبين الدولة الاسلامية لان الاخيرة لا توفر اي من الحريات المدنية والفردية للمواطنين وقد اثبتت على مدى التاريخ الحديث للمجتمعات المبتلية بحكم الاسلام السياسي في دول الشرق الاوسط مثلا ان هذه الدول ليست فقط مستبدة بالمعنى البوليسي او العسكريتاري او الديكتاتوري الشمولي ولكنها ايضا دول قائمة على التمييز الجنسي والمواطني وسلب الحريات المدنية من اوسع الجماهير. فالدول التي يحكمها الاسلام لا تكرس حرية التعبير او المعتقد او الدين او الالحاد او التجمع او التظاهر واقامة التجمعات والتظاهرات والاحتفالات ولا توفر مساواة المرأة بالرجل ولا حرية الملبس للنساء او حرية التنقل في ارجاء البلد دون مرافق من الذكور.

 

ان الدولة الاسلامية تشرع قوانين معادية لمساواة المرأة بالرجل متسببة في تدني وضع المرأة الاجتماعي بشكل هائل كما في الدول التي وصل فيها الاسلام السياسي الى السلطة كأيران وافغانستان والسعودية والخليج وغيرها او تلك الدول التي مازال يشكل الاسلام السياسي فيها قوى معارضة تعتمد الارهاب السافر والاجرامي كما في العراق.

 

الدولة الاسلامية مناهضة للحرية والمساواة

 

ان الدولة الاسلامية تعتمد على الاخلاقية الاسلامية.  والاخلاقية الاسلامية مستنبطة من بطون الكتب العتيقة والاقوال الالهية البائدة والسخيفة التي ناهز عمرها ال 1400 سنة والتي صيغت في عصور البربرية المتأخرة ومازالت تتبجح بمنعها لوأد المرأة والتي اصبحت اليوم مثارا للتهكم لبدائيتها وبؤسها. ان الدولة الاسلامية تعد هذه المراجع الاسلامية والدينية بمثابة دساتير للاخلاقية الصالحة وتسخف وتهين كل ما هو تحرري او مساواتي بين البشر بحجة الفجور والانحلال الاخلاقي والخلاعة. في حقيقة الامر ان تلك القوى الرجعية المتخلفة تهدف من خلال الترويج الى الاخلاقية الاسلامية الصالحة الى اشهار سيفها الاسلامي على رقاب الملايين من الشباب والنساء و تبرير استعبادهم ومحاولاتها الدؤوبة تحميقهم وايهامهم لشل قدراتهم وسلبهم لارادتهم. انها تجعل من حياتهم جحيما لايطاق وهي تنتهك في كل دقيقة حقوقهم الانسانية وحرياتهم.

 

ان الدولة التي يسيطر عليها الاسلام السياسي في عالمنا اليوم هي دولة رأسمالية. هي دولة مناهضة لطموحات الجماهير وامالهم وخصوصا الطبقة العاملة المحرومة والمستغلة. الطبقة العاملة التي يمثل الشباب جزءاً اساسيا منها لانهم تحديدا اولاد وبنات هذه الطبقة المستباحة من قبل البرجوازيين الاسلاميين وشرائعهم الاكثر تخلفا ومعاداة للانسانية. من هذا المنطلق تحديدا فان مطالبتنا بدستور علماني يفصل فيه الدين عن الدولة والتربية والتعليم يعد مطلبا معاديا ومواجها للرأسمالية كنظام في العراق. من هذا المنطلق نقول ان الاشتراكيين وحدهم هم حملة هذه الراية الانسانية المساواتية. الاشتراكيون وحدهم هم حملة راية التصدي للدولة الاسلامية وانتصار العلمانية.

 

كيف بامكان العلمانية ان تنتصر في العراق؟

 

ان انتصار العلمانية في المجتمع يأتي فقط من خلال تحولها الى قوة. يجب ان تتحول العلمانية الى قوة اجتماعية. لا يمكن ان تقوى الحركة العلمانية من خلال ابقاءها بلا قوة جماهيرية وحبيسة القوالب التجادلية بين نخب مثقفة هامشية. ان تحول العلمانية الى قوة اجتماعية سيمكن العلمانية من ان تلف الجماهير حولها وان تتحول الى بديل لادارة المجتمع ونظاما للدولة.

 

ان منظمة الدفاع عن العلمانية والحقوق المدنية في العراق هي المنظمة التي تسعى الى تحويل العلمانية من اطار المبادئ العامة او السنن الفكرية الى قوة جماهيرية. قوة بامكانها الوقوف امام القوى الدينية والاسلامية الرجعية وغير المتمدنة وان تفرض بديلها على تلك القوى التي تستميت من اجل ترسيخ قيم عبودية الانسان في العراق.

 

ان منظمة الدفاع عن العلمانية والحقوق المدنية في العراق عازمة على تفعيل دورها في المجتمع من خلال الاشتراك الفاعل في الحياة المدنية؛ الدفاع عن العلمانية ، الدفاع عن الحقوق المدنية للطلبة والشباب وعموم الجماهير. تفتح هذه المنظمة ابوابها لجميع العلمانيين والعلمانيات، التحرريين والتحرريات من النساء والرجال ، من الطلبة والشباب والعمال والادباء والكتاب والفنانين والمفكرين وكل من يعتبر نفسه علمانيا محبا للانسانية وقيم الحرية والمساواة بين البشر.

 

ان الناس بحاجة ماسة الى الامان والرفاه في العراق ولكن لا امان ولا سلام دون نظام علماني يضمن المساواة والعدالة والحرية للجميع، ولا امان دون قوى العلمانية المتمدنة والتحررية التي تساوي بين البشر وتعاملهم على اساس مواطنيتهم المتساوية لا على اساس دينهم او مذهبهم او عقيدتهم او جنسهم او قوميتهم.

 

ان مثال ما حدث في البصرة من اعتداء غاشم على حقوق الطلبة والطالبات منهم على وجه الخصوص ، والاجرام غير المحدود للعصابة الاسلامية التي قامت بهذا الفعل الوحشي لا يدع مجال للشك بان القوى الاسلامية ان هي سيطرت على السلطة في العراق فانها ستحول الجماهير الى كتلة اسيرة محرومة من ادنى مستلزمات العيش الكريم والمواطنة المتساوية والحرية. ستسعى منظمة الدفاع عن العلمانية والحقوق المدنية الى التحول الى قوة محترمة وجدية بامكانها طرح بديلها في العراق بقوة الجماهير المتمدنة. تمتلك الجماهير التمدن الكافي بدورها لتطالب لنفسها باوسع الحريات والحقوق.

 

ندعو احرار العراق من الشباب والطلبة الى الاستمرار في نضالهم الرائع من اجل الحرية والمساواة والعلمانية ونقول لهم باننا معكم ونساندكم وبان نضالكم هو نضالنا من اجل عراق افضل – من اجل عالم افضل.