الدولة العلمانية لن تكون الا أشتراكية

 

 عصام شكــري

ishukri@gmail.com

 

 

لا يمكن النضال من اجل الدولة العلمانية في العراق دون النضال من اجل تحقيق الاشتراكية. من الاهمية بمكان توضيح هذا المبدأ لكل الاشتراكيين والمهتمين بقضية الحرية والمساواة والرفاه للجماهير ولكل من يسعى من اجل تحقيق مجتمع مدني وانساني راق في العراق. ان من يدعي خلاف هذا فانه؛ اما يتعامى عن رؤية التلاطم الطبقي الحاد بين جماهير العمال المليونية والبرجوازيين في العراق او انه مغرض يسعى الى طمس او ابعاد هدف الاشتراكية عن متناول ايادي الملايين من العمال والكادحين والنساء والشباب والاطفال المحرومين.

 

ان حزبنا الشيوعي العمالي اليساري العراقي وهو يناضل من اجل تحقيق الدولة العلمانية اللاقومية لا ينزلق في مهاوي الاشتراكية الانتهازية والتي يمثلها التيار الانتهازي للشيوعية العمالية المتنازل عن الاشتراكية من اجل عقد الصفقات والقيام بالحركات الاستعراضية مع قوى البرجوازية. ان حزبنا يبين وبوضوح وشفافية لكل الجماهير بانه ما من طبقة اجتماعية اليوم في العراق غير الطبقة العاملة وما من قوة سياسية الا القوة الاشتراكية بقادرة على تجسيد مطلب الجماهير في انشاء الدولة العلمانية اللاقومية او الحفاظ على مدنية المجتمع.

 

اننا نؤكد في برناجنا السياسي وفي منهجنا النضالي وفي استراتيجيتنا بان الطريق نحو المجتمع العلماني المدني الانساني المتساو والمتمدن هو طريق النضال الاشتراكي الثوري. ان معنى ذلك هو ان الطبقة الاجتماعية صاحبة المصلحة الانية والمباشرة في تحقيق هكذا مجتمع – اي الطبقة العاملة -  تقف في الخندق المواجه لكل قوى السيناريو الاسود الحالية من قوى الاحتلال الامريكي الى قوى الاسلام السياسي والقوميين والعشائريين ومجمل البرجوازية المحلية.

 

من الممكن ان نوضح فكرة ان الدولة العلمانية لن تكون الا اشتراكية من خلال النقد السياسي لمشاريع الحركة الانتهازية للشيوعية العمالية والتي تتبنى تاكتيك المساومة مع البرجوازية كما في منهج منظمة حرية العراق والتي يتبناها الحزب الشيوعي العمالي. فالقول بان بامكان الجماهير ان (تنظم نفسها) وفق برنامج المنظمة غير الاشتراكي والبرجوازي ذو الاهداف التحريرية الوطنية و"من ثم" تأسيس الدولة العلمانية غير القومية - اي دولة المنظمة كما طرحها السيد كورش مدرسي، يعني بوضوح بأن الدولة العلمانية غير القومية قابلة للتشكل في رحم البرجوازية لا الطبقة العاملة.

 

التناقض الاساسي يكمن في ان الجميع يدرك بان البرجوازية اليوم في العراق اصبحت رجعية بتحالفها مع الاسلام السياسي وقوى العشائرية ومن الاستحالة بمكان الوصول معها (حتى ضمن مظلة منظمة شعبوية كهذه) الى تشكيل اي دولة علمانية. ان انطلاقهم من فكرة "الدولة الائتلافية" التي باتت كالاشكالية المزمنة لدى هذا الفريق وهاجس دائم له هي السبب في طرح هذه الافكار " المبدعة " كما يهنأون انفسهم بتسميتها. ان هذه الافكار المبدعة هي عرض من اعراض الهوس المزمن لديهم بالتحالف والائتلاف مع البرجوازية الايرانية المسماة معتدلة (والتي يبدو ان اليميني محمود احمدي نجاد قد طرحها ارضا بفوزه برئاسة الجمهورية الاسلامية). ان التحالف والائتلاف هو جوهر هذه الافكار كما طروحات مؤدلجهم.

 

 ان التساومية وغياب الهدف الاشتراكي والليبرالية الوطنية في دستور هذه المنظمة واضح لكل من يستطيع القراءة. فادعاء هذه المنظمة بان بالامكان الوصول الى انشاء الدولة العلمانية دون قوة طبقية وبراية اشتراكية يعني اما انها ستستعين بقوة البرجوازية لتقيم اركان هذه الدولة وهذا الاحتمال قد تم نفيه سابقا او انها تحاول استغباء وبالاحرى خداع العمال والكادحين من اجل حرفهم عن نضالهم وطموحهم في تحقيق الدولة الاشتراكية. ان افكار هذا الفصيل افكار مثالية في احسن احوالها وتظليلية مخادعة في أسوأها. ان جماهير العراق اليوم وهي ترى فصول السيناريو الاسود تزداد قتامة امامها لاتنتظر مثل هذه المنظمات الدعائية القائمة على اثارة البريق الاعلامي ومحاولة جلب القوى من الاعلى والتحالف معهم في الصالونات.

 

بامكاننا نحن الاشتراكيون ان نفعل قوى الجماهير فقط من خلال برنامجنا الهادف الى تعبئة قواها ولانجاز الثورة الاجتماعية الشاملة وقلب كل الموازين بتحقيق الاشتراكية - برنامج  يفجر مكامن قوة الجماهير الطبقية في الشارع ويبين لها بكل وضوح بانها قادرة (وان في احلك الظروف كالتي يمر بها المجتمع اليوم) على قلب هذا النظام الجائر الوحشي اللاانساني واحلال نظام انساني محله. دون اعلان هدف تحقيق الاشتراكية ودون وسيلة النضال الاشتراكي اليوم وليس غدا لن يكون بالامكان تحقيق اي مطمح جذري للجماهير. فقط بهكذا رؤيا يمكن ان نفكر بانهاء السيناريو الاسود او ان نطمح باخراج القوات الامريكية وانهاء وجودها الكريه في المجتمع ونزع سلاح القوميين الاسلاميين العشائريين او تشكيل الدولة العلمانية الانسانية المتمدنة.

 

 فقط بالرؤيا الاشتراكية العمالية سيكون بامكان الجماهير رسم مستقبل اخر وضاء ومشرق بيدها هي وليس بيد قوى البرجوازية الرجعية المعادية لكل ماهو حر ونبيل وانساني.