اللعبة الامريكية

 

عصام شكــري

antisanctions@yahoo.com

 

انتهت لعبة الانتخابات الامريكية في العراق في اجواء حربية مكثفة لا علاقة لها باجواء المدنية والحرية. وسائل الاعلام والصحافة البرجوازية المأجورة والمرتبطة مصالحها بالخطة الامريكية في العراق تطبل وتزمر لنجاح الانتخابات وديمقراطيتها. انها تقول: هاهي ديمقراطية اخرى تنتصر بفضل امريكا. اليس النظام العالمي الجديد رائعاً؟؟. استغل هؤلاء طموحات الجماهير نفسها لخنق كل امل لديهم بالخلاص من الوضع المأساوي وابعاد تلك القوى المتخلفة الرجعية عن التلاعب بمصائرهم.!!  

 

وفي الوقت الذي زيفت فيه البرجوازية القومية (البعثية) ولعقود طويلة ارادة الجماهير من خلال استعمال القمع والاستبداد السياسي وحملات الابادة والاعتقالات والتهجير فأن قوى السيناريو الاسود في العراق اليوم تلعب بموجب شروط البرجوازية الامريكية. ان تلك القوى على وحشيتها وهمجيتها ليست من القوة والتوحد "بعد" لتستطيع ان تقوم بما قامت به القومية العربية المقاتلة الشرسة بقيادة صدام من استبداد وطغيان واسع. انها تعرف ومتيقنة من انها في ظروف حرة وآمنة بمعزل عن اي تهديد او تخويف، لن تكون قادرة على التسيد وحكم الجماهير ولو للحظة واحدة.

 

لقد حاولت الانتخابات الامريكية اكراه الجماهير على الاقرار بأحقية القوى السوداء وشرعية سلطتهم ( او ارهابهم السافر) وبقدرتهم على انقاذ تلك الجماهير مما سببته هي لهم من رعب وارهاب لسنتين كاملتين؛ من التفجيرات والقصف على المدن الى التجويع والبطالة وفقدان اسس المجتمع المدني واستشراء قوى الاسلام السياسي وقيم المذهبية والقومية المعادية للانسانية. ان سيادة اجواء الرعب تلك جراء الوجود الحربي الكثيف للقوات الامريكية البريطانية والقوى الاسلامية والقومية يعد بحد ذاته خرقا فاضحا لحقوق الجماهير في انتخابات حرة. لا يمكن ان تكون نتائج تلك العملية تعبر عن اي مصلحة لجماهير العراق.

 

لقد سادت تلك الانتخابات اجواء مخيفة واحساس كبير بعدم الامان. ففي الشوارع تواجدت قرابة 300 الف من القوات الامريكية والحرس الوطني العراقي. كما قتل الاسلاميون العشرات من المواطنين في هجمات ارهابية بالسيارات المفخخة. وقد بين العديد من الصحفيين النزيهين غير التابعين لوسائل الاعلام البرجوازية بحصول تلاعبات كبيرة وتنسيق من قبل القوى الموالية لامريكا وتحديدا من قبل الحكومة المؤقتة لتزييف النتائج. ان العديد من المواطنين العراقيين قد شكوا من تعرضهم الى الضغط للقيام بالانتخاب رغم عدم قناعتهم بها. فلقد تحدث العديد عن ربط السلطة الموالية لامريكا للحصة التموينية بالبطاقة الانتخابية لاكراه الناس على الانتخاب تحت طائلة قطع الحصص التموينية عنهم في حال الامتناع.

 

ان الاكاذيب التي تسوق الانتخابات الى الجماهير كمخلص لهم من العذاب ورداءة حياتهم وسوء طالعهم تهدف اساساً الى تسويق فكرة شرعية البرلمان والحكومة المنبثقة لادامة المصير القاتم والاسود لقوى اليمين العراقي بكل الوانه القاتمة.

 

ان رفض الحزب الشيوعي العمالي اليساري للانتخابات الامريكية وتنديده بها وبنتائجها لا ينبع مطلقاً من عدم اعتقاده بعملية الانتخاب كممارسة مدنية او حق للجماهير تعبر من خلاله عن خياراتها السياسية واعطاءها الحرية الكاملة في تقرير مستقبلها دون اكراه او غصب. ان ذلك هو بالضبط ما نقصده عندما نقول ان تلك الانتخابات تفتقد الى الشرعية لانها حرمت الحرية عن الجماهير وتمت من خلالها مصادرة ارادتها لمصلحة قوى السيناريو الاسود واليمين الامريكي الحاكم. ان الانتخابات الامريكية وما ستسفر عنه من مجلس وطني وحكومة تفتقد الى الشرعية ولا علاقة لها باختيارات الجماهير مابقيت الجماهير ترزح تحت ارهاب الولايات المتحدة والقوى الاسلامية - القومية.

 

مع كل ذلك، فان امريكا وعملائها لن تنجح في لعبتها هذه لان قوى الطبقة العاملة واليسار والعلمانية والتمدن والاشتراكية حاضرة ومتيقظة لفضح محاولاتهم تزييف ارادة الجماهير لاحكام سيطرتهم على الملايين من العمال والمحرومين. حزبنا سيكون على رأس تلك القوى وسيناضل من اجل ضمان تحقيق الظروف الامنة والحرة للجماهير لتقرير مصيرها بعيدا عن تدخل أمريكا او قوى السيناريو الاسود الاخرى. ذلك لن يتم الا باخراج القوات الامريكية ونزع سلاح القوى الاسلامية – القومية اولاً.