حذار حذار من الانسـياق وراء سياســــــاتهم

 

عصام شكــــري

ishukri@gmail.com

  

تتعمق الازمة السياسية بين ممثلي اطراف البرجوازية الاسلامية والقومية الحاكمة في العراق دافعة الامور الى المزيد من الاحتقان والجماهير الى المزيد من التفتت .

 

فمنذ ازمة المادة 24 المتعلقة بتوزيع الحصص على القوميين والاسلاميين داخل مجلس محافظة كركوك، وامرار مجلس النواب الاسلامي والقومي لتلك الفقرة ضمن قانون مايسمى انتخابات مجالس المحافظات باقتراع سري اثار احتجاج القوميين الكرد وخروجهم من القاعة، فان الازمة داخل صفوف القوى الرجعية اخذت بالتفاقم والتعمق مهددة بتفجير كل منجزاتهم”الرائعة“ على رؤوس الجماهير.

 

فمباشرة عقب التصويت على الفقرة المذكورة وخروج القوميين الكرد احتجاجا، بدأ يعلو التهديد والوعيد من قبل ”اصحاب المناصب الرفيعة في العراق الجديد“ لــ“اخوانهم“ الاخرين من قوميين واسلاميين ممن وافقوا على تمرير الفقرة 24  والمناوئين بشكل خاص للقرار 140 الخاص بكركوك. وقد هدد اعضاء حزبي التحالف الكردستاني بقية القوى بقلب الطاولة على رؤوسهم ورؤوس الجميع اذا ما استمر ”التآمر“ على ”كردية“ مدينة كركوك مصرين عن العودة الى القرار 140 .

 

وكخطوة اجهاضية اخرى، قام مجلس الرئاسة وهو هيئة  تمثل في الواقع صمام امان للقوميين الكرد  بوجه القوميين والاسلاميين العرب ، منحه الامريكان  لهم،  ويمثلها رئيس الجمهورية المنصب من قبل اليمين الامريكي الحاكم - جلال الطالباني برفض المادة 24 بحجج تتعلق بخرق القواعد الدستورية وسرية التصويت وغيرها من الفذلكات القانونية التي يبدع القوميون والاسلاميون هذه الايام بالتفلسف حولها وكأنهم اعادوا اكتشاف قانون الجاذبية الارضية.

 

لقد جهدت هيئة الرئاسة ان تعطي تبريرات قانونية واصولية لكي تخفي الطابع السياسي المحض للصراع القائم بين القوميين الكرد و القوميين العرب والتركمان على مدينة كركوك. فمن المفترض، حسب الادعاءات البرجوازية، ان رئاسة الدولة في الحكومات ”ألديمقراطية“  ”تسمو“ على الصراعات السياسية وهي تمثل حكما محايدا في اي صراع داخل البرلمان.

 

ولكن لنتذكر ان القوى الحاكمة والتي رتبت كل هذا الكرنفال السخيف والسقيم ؛ الدولة والحكومة والرئاسة والبرلمان ومجالس الانتخابات والمفوضيات العليا والسفلى، هي بمجموعها لا تستطيع وعاجزة كليا عن تشكيل اي سطة لتحل اي مشكلة، وما تهديدات القوميين الكرد والتراشق القومي والعنصري الراهن الا دليل على ذلك. الازمة بين تلك القوى بدأت بالاشتعال واللهيب سيحرق الجماهير.

 

خطت الازمة خطوة اخرى نحو الهاوية الكارثية حين فجر انتحاريون انفسهم وسط تظاهرة حاشدة نظمها القوميون الكرد في مدينة كركوك احتجاجا على المادة 24 وقع اثرها مواطنون ابرياء قتلى. كما اعقب التفجيرات اطلاق نار بين قوات البيشمركة الكردية التابعة للحزبين القوميين الحاكمين في بغداد واربيل وبين القوميين التركمان المرتبطين بتركيا داخل مبنى الجبهة التركمانية ادى الى مقتل المزيد من المواطنين من الطرفين.

 

ثم جاءت ازمة لواء البيشمركة المتمركز في ديالى والذي رفض الخروج من المدن ”الكردستانية“ التابعة لتلك المحافظة لتعقبه مباشرة احداث مدينة خانقين والمظاهرات الحاشدة التي اخرجها القوميين الكرد احتجاجا على دخول جيش الحكومة المركزية الى المدينة بحجة اخلاء المباني الحكومية من الاحزاب المسيطرة عليها !!. وهكذا دواليك . من  ازمة الى ازمة تتعمق الخنادق القومية والعنصرية .

 

ومن جهة اخرى وفي ازمة متوازية يتصاعد تهديد حلفاء الجمهورية الاسلامية من العصابات الاسلامية وميليشيات الصدر التي تهدد بالرجوع وتنفيذ العمليات ضد الميليشيات الاسلامية الحاكمة للحكيم والمالكي وبقية  قوى الاسلام السياسي الموالية لامريكا ولقوات امريكا بالطبع.

 

كل تلك الاحداث تؤشر على وجود ازمة سياسية حقيقية وخانقة تعيشها قوى البرجوازية التي نصبتها امريكا في السلطة. وان ازمتها ليست ازمة قوى سياسية مدنية داخل مجتمع مدني، قوى تطرح برامج سياسية محددة، بل هي ازمة قوى رجعية ومتخلفة وغير مدنية طائفية او قومية عشائرية او خليط من النوعين على النفوذ والمغانم والحصص والمكاسب. ان تلك القوى على استعداد لا لقلب الطاولة على رؤوس كل جماعاتها كما يهدد القوميون الكرد بل الى حرق كل الجماهير  في سبيل تحقيق المصالح الخاصة في الهيمنة وادامة النفوذ.

 

ان ما يفعلوه ازاء مسألة كركوك يدل بوضوح على ما نقوله. فان احتمالات حدوث صراعات قومية فاشية مدمرة وكارثية بات امرا وشيكا لو  لا حذر الجماهير من الانجرار وراء هذه السياسات الفاشية للقوميين والاسلاميين سواء من العرب او الكرد او التركمان او اي سياسة قومية تهدف الى حرق الجماهير وضربها ببعضها البعض.

 

ندعو الجماهير في كل انحاء العراق الى عدم فسح المجال لهؤلاء القوميين والاسلاميين الرجعيين بالتمادي في ضرب الجماهير ببعضها البعض تمهيدا لعمليات الابادة بالوكالة. لا تجعلوا سياسات هؤلاء الرجعيين المستندة الى الدين والقومية والطائفة والعرق تسلب انسانيتكم وتسمم حياتكم بسمومها.

 

ندائنا موجه على وجه الخصوص الى جماهير مدينة الكركوك برفض توجهات القوميين والاسلاميين العرب والكرد والتركمان وكل ما يفرق وحدة الجماهير وانسانية هوية مدينة كركوك. يجب ان ترفضوا هذه السياسة وان تنتقدوها بحدة. انهم يريدون اغراقكم بدماءكم ودماء اطفالكم.  حذار حذار من مخططاتهم.