أيها الاشتراكيون اليمينيون، ليس للعمال وطن!

 

 جليل شهباز

gelil@arcor.de

 

لقد نشر قبل فترة بلاغ موقع من من قبل رئيس المكتب السياسي، لما يسمى الحزب الشيوعي العمالي (حزب ريبوار أحمد) باللغة الكردية على موقع الحزب المذكور للأنترنيت، بعنوان سيناريو الانتخابات أضحوكة،... إلخ. ما أثار اهتمامنا من ذلك البلاغ هو أن نهايته  قد زينت بشعار "عاشت كردستان حرة ومستقلة"!!.

لا شك انه عندما تصبح كردستان حرة ومستقلة، في ظل الأوضاع السياسية والاجتماعية الحالية للعراق والمنطقة والتي تتميز بخضوع العراق لتأثير الظل الثقيل والمرعب للسيناريو الأسود الأمريكي، فلا يستطيع أحد أن ينكر محاسنها وفوائدها لجماهير كردستان فعلى أقل تقدير سيزول الظلم القومي عن كاهل جماهير كردستان وسيتحرر ربع سكان العراق من جحيم السيناريو الأسود الأمريكي. إضافة إلى كل ذلك فإن زوال الاضطهاد القومي سيزيد من شفافية الصراع الطبقي داخل المجتمع الكردستاني. ولكن عندما يختفي وراء مثل ذلك الشعار سياسات يمينية وحنين للنزعة القومية لدى حزب يصف نفسه بالماركسي ويدعي الاشتراكية ويرتدي رداء اشتراكية ماركس والخط الثوري لمنصور حكمت فإن ذلك يعني الانزلاق نحو النزعة الوطنية وتقديس الوطن. كما وإن هذه التوجهات اليمينية التي انزلق نحوها حزب ريبوار أحمد لم يكن أمرا" مفاجئا" بالنسبة لنا لأننا قلنا في حينه، وتحديدا" عندما أعلن المكتب السياسي لذلك الحزب تأييده المطلق والسافر للجناح اليميني المنشق من الحزب الشيوعي العمالي الإيراني، بأن ذلك التأييد هو تراجع خطير عن اشتراكية ماركس. وحتى نذكر القراء الكرام بمضمون ما قلناه سنذكرها هنا من جديد ( بما أن المكتب السياسي للحزب مصمم على التعامل مع الظواهر والقضايا السياسية الخطيرة والأحداث السياسية الكبيرة داخل حركتنا وحزبنا الشيوعي العمالي بمثل هذه المنهجية الشكلية، فإننا على يقين بأن المكتب السياسي سيجر الحزب ورائه نحو تراجعات أكثر خطورة" وسيتبعها بالضرورة انحدار المسيرة النضالية للحزب نحو منعطفات مجهولة المعالم والاتجاهات وربما تسقط في هاوية لا مخرج منها ومن ثم تذهب إلى حيث لا يحمد أحد عقباه. ) ـ المقتطف مأخوذ من مذكرة تأييد موقف آخر من الانشقاق رفعها مجموعة من كوادر وأعضاء منظمة ألمانيا للحزب الشيوعي العمالي العراقي إلى المكتب السياسي للحزب ـ . ومع شديد الأسف فإن ما توقعناه بدأ يحصل بصورة منهجية ومخططة. ونؤكد للجميع مرة" أخرى، إذا ما استمر انزلافهم على هذا المنوال فلا مفر من وقوعهم في الهاوية.

على اية حال لنعود مرة" أخرى إلى الدلالات السياسية والطبقية التي تختفي وراء ذلك الشعار.

لو ألقينا نظرة خاطفة على البراكتيك السياسي لحزب ريبوار أحمد منذ إعلان تأييده للجناح اليميني المنشق من الحزب الشيوعي العمالي الإيراني ولحد هذه اللحظة فسيبدو واضحا" بأن منحنى الخط البياني لانزلاقهم نحو اليمين قد ارتفع على نحو غير متوقع. فخلال هذه المدة القصيرة بدأ انزلاقهم بخطى سريعة ووقفوا في الخندق اليميني المعادي لنضال الطبقة العاملة داخل الحركة الشيوعية العمالية بشكل علني ولعبوا دورا" بارزا، منذ بداية ظهور الخلافات السياسية داخل حركتنا، في دفع تلك الخلافات نحو الانشقاق ولما حدث الانشقاق وعلى الرغم من أن حركتنا قد تلقت ضربة موجعة بسببها، ولكنهم مع ذلك لم يتوقفوا عند هذا الحد بل، توغلوا بصورة أعمق في الوحل اليميني فأسقطوا الاشتراكية من أجندتم السياسية وسلكوا طريق الإصلاح الانتهازي، وكان ذلك واضحا" في بلاغ ليدرهم التي عبر به بشكل واضح عن موقفهم وتحركهم الخجول للاشتراك في مهزلة الانتخابات الأمريكية التي تسعى لتضفي الشرعية الجماهيرية من خلال تلك الانتخابات على حكومة طائفية وقومية لتحكم العراق بقوة الحديد والنار والقبضة الفولاذية وذلك لضمان بقاء جماهير العراق تحت مفعول السيناريو الأسود لكي تمضي أمريكا قدما" في تنفيذ سياساتها اللآإنسانية ومن ثم تحقيق أهدافها الرجعية المتمثلة في تنظيم عالمها الجديد والهيمنة على العالم.

وعلى الرغم من أن حزب ريبوار أحمد قد تراجع شكليا" عن تلك السياسة ويتظاهر حاليا" بأنه يعارض الانتخابات ويناشد جماهير العراق لمقاطعتها! إلا أن ذلك لا يغير أي شيء من واقع الحال، لأنهم تراجعوا عن تلك الخطوة بعد أن تيقنوا بأن الشيوعية العمالية داخل الطبقة العاملة والمجتمع العراقي وبرفقتهم كل دعاة الحرية والمساواة والتمدن والعلمانية والحداثة يناهضون تلك الانتخابات وسيقاطعونها بكل تأكيد وحين ذاك فقط تأكد لهم بأن ظنهم قد خاب! وبما أنهم يدعون الاشتراكية ويتظاهرون برفع راية منصور حكمت!! فما كان أمامهم غير التراجع. ثم استمر  منحنى خط انزلاقهم بالارتفاع درجة أخرى فحلوا شعار الحكومة المدنية والعلمانية محل شعار الحكومة العمالية والجمهورية الاشتراكية! ونظموا القصائد في صحافتهم الحزبية بمحاسن الحكومة العلمانية وخصائصها ومميزاتها النافعة لجماهير العراق ويسعون حاليا" وبكل قوتهم لإقناع جماهير العراق بهذه الأسطورة الخيالية ( اي العلمانية من خلال التحالف مع البرجوازية) وأنهم لحد هذه اللحظة يتحركون ضمن خيال سكرة تلك الأسطورة ولكنهم سيصطدمون إن عاجلا" أم آجلا" بالجدار الصلب لتلك الأسطورة وسيتبين لهم عمليا" بأن أية حكومة تصعد على السلطة، في ظل شروط الإنتاج الامبريالي والسيناريو الأسود الأمريكي والحضور السياسي المسلح لمختلف المجاميع والزمر الإسلامية والقومية الإرهابية في الساحة السياسية العراقية، لا يمكن أن تكون غير دينية وغير قومية ولكنني كل ما أتمناه عندما يصطدموا بتلك الحقيقة أن يفيقوا من سكرتهم وأن يعودوا إلى رشدهم!!..

 

وللأسف لم يتوقف ذلك المنحنى اللعين عن الارتفاع حيث أنهم ساروا خطوة أخرى نحو اليمين عندما رفعوا شعار "عاشت كردستان حرة ومستقلة". أما بخصوص هذه المسألة فإننا قد قلنا فيما سبق بأن حرية كردستان واستقلالها أمران جيدان لا وبل ضروريان لإنقاذ جماهير كردستان من كل التاثيرات اللاإنسانية للسيناريو الأسود الأمريكي بالإضافة إلى أنها ستعجل من عملية الاصطفاف الطبقي داخل المجتمع الكردستاني فجدير بالحزب الماركسي أن يدافع عنهما لأنهما تشكلان معا" كعنصر سياسي واحد ضمن استراتيجية سياسية ثورية تساعد على تعجيل المسيرة النضالية للطبقة العاملة والقوى الثورية داخل كلا المجتمعين الكردستاني والعراقي نحو الاشتراكية. فهل هذا هو الغرض الذي يسعى إليه حزب ريبوار أحمد من خلال تحقيق ذلك الشعار؟! بكل تأكيد الجواب هو كلا!. لأنه عندما يتزامن رفع ذلك الشعار، بالنسبة لحزب يدعي الماركسية، مع سلوكهم طريق الإصلاح الانتهازي وإسقاط الثورة الاشتراكية والحكومة العمالية من حساباتهم السياسية فإن رفع مثل ذلك الشعار لا يعبر إلا عن الروح الوطنية والنزعة القومية!!

 

فيا أيها السادة المحترمون! انزعوا قناع الماركسية من وجوهكم! فإن ذلك أفضل لكم ولنا أيضا"! ولكن قبل أن تفعلوا ذلك أذكركم بأنه ليس للعمال وطن!.

لقد كانت الانتهازية والتحريفية تظهران دوما" بخصائصهما التاريخية الملموسة داخل الحركة الشيوعية العالمية والأحزاب الماركسية برداء الماركسية إما بشكل منفصل أو بالتوازي وإلى جانب بعضهما البعض للدفاع عن النضال الطبقي للعامل وقضية الاشتراكية قولا" وللدفاع عن البرجوازية فعلا". في حين إن الخاصية التاريخية الملموسة للاشتراكية اليمينية المعاصرة داخل حركتنا الشيوعية العمالية هي أنها استطاعت وبجدارة أن تجمع بين هاتين الظاهرتين معا.!  وبطبيعة الحال فإن هذه الخاصية من شأنها أن تلحق أكبر الخسائر والأذى بالشيوعية العمالية وقضية النضال من اجل الاشتراكية لأنها، تمكنت في نفس الوقت ربط مساعيها من أجل الحصول على بعض المناصب المغرية وربما كرسي في البرلمان مع طروحات نظرية وسياسية غير ماركسية تجعل تطبيقاتها السياسية بالضرورة النضال الطبقي للعامل من أجل الاشتراكية ذيلا" للحركات البرجوازية وخاضعا" ذليلا" لتأثيرها السياسي داخل المجتمع. وبما أن حركتنا الشيوعية العمالية قد تحررت منذ مدة قصيرة من تأثير مختلف أشكال التحريفية والاشتراكية البرجوازية بعد انهيار الاتحاد السوفيتي والقطب الشرقي فإن أية هزة قوية تتعرض لها ربما ستكون آثارها مدمرة على حاضر ومستقبل هذه الحركة لأنها لم تكتسب بعد الصلابة السياسية والمبدئية الضروريتين اللتين تساعدهما على الصمود أمام مختلف العواصف والهزات السياسية.

 

وعلى هذا الأساس فقد تأسس الحزب الشيوعي العمالي اليساري العراقي للدفاع عن الأسس النظرية والسياسية للشيوعية العمالية بلا هوادة حتى تبقى، راية ماركس ومنصور حكمت عالية، وتصبح رمزا" لمواصلة المسيرة النضالية للطبقة العاملة وكل القوى الثورية داخل المجتمع العراقي نحو دحر النظام البرجوازي وإقامة المجتمع الاشتراكي بتأسيس الجمهورية الاشتراكية.