الانتصارات الوقتية للاسلاميين، لن تركع الجماهير الثائرة في المنطقة!

 

 جليل شهباز

gelilshahbaz@yahoo.com 

 

عندما ثارت جماهير المنطقة ضد أنظمتهم الاستبدادية في المنطقة، وعند اقتراب بعض الأنظمة الاستبدادية من السقوط على أثر الاعتراضات الجماهيرية المليونية ضد تلك الأنظمة كان كل شعاراتهم ومطالبهم هي شعارات ومطالب انسانية، والكل يعلم بأنها كانت تقتصر فقط على استعادة الكرامة الانسانية والحريات الشخصية والمدنية وتحقيق العدالة في توزيع الثروات الوطنية ومكافحة الفساد الاداري والسياسي الذي نخر أجساد أنظمتهم و...إلخ، وأثناء ذلك أصابت كل المؤسسات السياسية والاستخباراتية الغربية بالحيرة وفقدوا بوصلتهم في كيفية التصرف والتعامل مع الأوضاع الثورية والانتفاضات العارمة التي عمت المنطقة. وهذه الأوضاع الثورية قد وضعتهم أمام احتمالين، فإما الوقوف في جبهة الحكام المستبدين والدفاع عن أنظمتهم الفاسدة فكان هذا يعني الاصطدام بارادة الشعوب وفقدان المصداقية أمام الرأي العام في الداخل والخارج، وربما كان مثل هذا الموقف ستدفعهم للوقوع في كارثة سياسية رهيبة تهز عروشهم وسيطرتهم السياسية والاقتصادية، وإما الوقوف مع الثوار وانتفاضاتهم الثورية وكان يعني ذلك الوقوع في دوامة سياسية لا يعلم أحد عقباه، لأنه لم يكن بوسع أحد ان يعلم فيما اذا كانت هذه الثورات ستقف عند الحدود التي لا تهدد نظام العمل المأجور، أم لا، ولذلك فقد استمرت حيرتهم حتى تمكنوا من استدراج القوى الاسلامية البربرية تحت ظل أجنحتهم ومن ثم بدأوا فورا" بعقد مختلف الصفقات السياسية الحقيرة والمشبوهة والمعادية للتطلعات الجماهيرية معهم، وقد فعلت الدوائر السياسية والاستخباراتية الغربية كل ذلك ادراكا" منهم بأنه في ظل الأوضاع الثورية السائدة فقط، بامكان القوى السياسية الاسلامية الرجعية أن تدافع وتحمي نظام العمل المأجور وكل المنظومة الاقتصادية والسياسية الرأسمالية، كنتيجة" لافلاس بقية البدائل السياسية البرجوازية من جهة وضعف التيار العلماني وقوى اليسار الثوري، من جهة اخرى. ولكنه مع ذلك فاننا نحن الماركسيين ومعنا كل المدافعين الفعليين عن النضال الطبقي للعامل قد أدركنا جيدا" ، وتحديدا" عندما كانت الثورات الجماهيرية في أوج نهوضها وتوسعها، وعندما كان الملامح السياسية لما بعد الأنظمة الدكتاتورية لازال غير واضح بالنسبة لكل المراقبين السياسيين وكل المهتمين بالشأن السياسي  والمستقبل التاريخي للمنطقة، خطورة الدور المشبوه والرجعي للقوى السياسية الاسلامية في تلك الانتفاضات والوثيات الثورية وقد أكدنا للجماهير الثائرة في المنطقة من خلال بياناتنا وبقية أدبياتنا السياسية بانه اذا لم تنظم الجماهير صفوفها في المجالس الجماهير واذا لم تبرز حركتهم المجالسية داخل صفوف الجماهير بوصفها البديل السياسي الوحيد التي تجسد الارادة الجماهيرية وكل تطلعاتهم والتي من شأنها وحدها ان تحقق كل الأهداف والرغبات الجماهيرية، والتي من أجلها اندلعت تلك الثورات، فإن القوى السياسية الاسلامية الرجعية سوف تسلب منهم السلطة بالدعم الامريكي الغربي. وقد تحققت كل تنبئاتنا بكل حذافيره وتفاصيله. وكما أوضحنا فقد تمكنت القوى السياسية الاسلامية، بعد الاطاحة ببعض الأنظمة المستبدة، من تحقيق الفوز في كل البلدان المتحررة من مخالب أنظمتهم الاستبدادية والصعود الى سدة الحكم. أما بهذا الخصوص فاننا ما زلنا عند توقعاتنا ونحذر الثوار السوريين واليمنيين بان نفس السيناريوهات السياسية من الممكن ان يتكرر عندهم، اذا لم تبادر الجماهير الثائرة في هذين البلدين من تنظيم صفوفه في مجالسهم الجماهيرية وتسعى جاهدا" لاستلام السلطة السياسية.

 

ولكنه على الرغم من كل ذلك فان تلك القوى السياسية الاسلامية البربرية التي سلبت السلطة من الجماهير هم أمام احتمالين لا ثالث لهما،

 فاما النزول عند الرغبة الجماهيرية وعند الاردة الجماهيرية والعمل ياتجاه تحقيق كل التطلعات الجماهيرية وكل أهدافهم ومطالبهم الانسانية، وهذا أمر غير ممكن على الاطلاق بسبب الطبيعة السياسية للقوى الاسلامية القائمة على أشد ايديولجية سياسية رجعية" وجمودا" ومعاداة" للانسان بكل حيثياتها وتفاصيلها السياسية والفكرية. واما الاستمرار على نفس طريقة الحكم السياسي الاستبدادي السابق ارضاء" لأسيادهم في الغرب وللطحالب المتسلقة في بلدانهم. وفي هذه الحالة سيرون بأم أعينهم الى أي منقلب سينقلبون وعندئذ سوف لن يكون مصيرهم أفضل من مصير القذافي وبن علي ومبارك، لأن تلك الفترات التي كان الجماهير تركع للأنظمة الاستبدادية بسبب دموية وقمع تلك الأنظمة، قد ولت والى الأبد. وليعلم هؤلاء الرجعيين والوحوش البشرية بأنه عندما التف الناس حول سلفهم موسى ضد الفرعون في الأزمنة الغابرة فان حكماء  ذلك الزمان قد أكدوا بأن ما حصل لم يكن حبا" بموسى، بل كرها" بالفرعون! والان نحن نقول لهم نفس الشيء، حيث أنه عندما صوت لكم الجماهير في الانتخابات، لم تكن حبا" بكم، بل كرها" بكل القوى السياسية المدافعة عن النظام الرأسمالي.

 

 

وان غدا" لناظره قريب!.