إلى ماذا ترمي نادية محمــــــود

من حملتها ضد أتحاد المجالس والنقابات العمالية في العراق ؟!

جليل شهباز                                                                                  

gelilshahbaz@yahoo.com                                                                             

 

أنطلاقا" من المفاهيم والافكار المتعلقة بالعمل النقابي الواردة في العدد السابق سنحاول أن نوضح أن نزاع نادية محمود وحزبها مع أتحاد المجالس والنقابات العمالية لا علاقة له بمصالح الحركة العمالية ولا بتوحيد العمال او ايجاد حلول عملية لمشاكل تلك المنظمة.

تقول نادية محمود في مقالتها التي نشرت في موقع الحوار المتمدن تحت عنوان رسالة نادية محمود إلى الرفاق في أتحاد المجالس:

 

بعد الاستماع إلى مداخلات الرفاق إستنتجت بأن هناك مشكلة " إدارة وقيادة المنظمة " وكما هو الحال دائما"، المسؤول الأول هو " المسؤول " عما يجري في المنظمة...“  ( التأكيد لي). حسنا": إذا كان

       

الأمر كذلك فهل بإمكاننا أن نقر بأن ما جرى للبلاشفة بعد وفاة لينين وصعود ستالين والبرجوازية القومية الروسية إلى السلطة السياسية في روسيا، كان سببه الرئيسي ستالين؟ وبامكاننا توجيه نفس السؤال حول العراق واعتبار مثلا بأن ما حدث في العراق بعد صعود حزب البعث إلى السلطة، هو تجسيد لإرادة صدام حسين ونزواته الشخصية ؟!.

 

 أن تراكم كم هائل من السنن والتقاليد اللآماركسية والوجود القوي والمؤثر لمختلف التيارات الفكرية والسياسية والأجتماعية التي تولد مثل تلك السنن والتقاليد داخل المنظمات، وبالنسبة للحزب الديمقراطي الاشتراكي الروسي، الفشل في إنجاز الطبقة العاملة للمهام الأقتصادية للثورة كان السبب الرئيسي الذي فتح الباب بمصراعيه أمام الليبرالية القومية لأنتزاع السلطة السياسية من العمال الروس بقيادة ستالين. الامر لا يتعلق بالاشخاص وانما بالسياسة.

 

بناء" على ذلك التحليل هل إن سؤال حول كفاءة رئيس اتحاد المجالس والنقابات العمالية في العراق هو سؤال صحيح ام تظليلي ؟ المسألة لا تتعلق كليا باسئلة حول قدرة هذا الشخص او ذاك بل حول السياسة المطبقة والميول السياسية داخل هذه المنظمة والتي بالتأكيد لم تكن تتفق مع توجههكم السياسي خصوصا بعد 2004.

 

ان ما حصل لا علاقة بضعف قيادية فلاح علوان بل بوجود أقلية لا تتعدى أصابع اليد من مؤيدي الخط المحفلي  اليميني لحزب ريبوار احمد والذين إنشقوا عن أتحاد المجالس والنقابات العمالية وبدعم من بعض قيادي محفل ريبوار احمد تحديدا وبتشجيع منهم. ورغم أنكم وظفتم قناتكم التلفزيونية وكل قوتكم الحزبية لدعم مساعيهم ونواياهم اللا عمالية والمعادية للاشتراكية، إلا أنهم مع كل ذلك أخفقوا في أحتواء أتحاد المجالس وترويضه لإرادة حزبكم. وتلكم هي النتيجة !

 

ومن جهة اخرى ورغم اظطراركم الاقرار بأن أتحاد المجالس كان ولا يزال منظمة عمالية وإن برنامجه هو برنامج عمالي، فبعد أن إشتد الصراع بين الطرفين داخل المجالس قرر غالبية أعضاء وكوادر أتحاد المجالس البقاء في تلك المنظمة وبقيت كل المؤسسات والهيئات التابعة لأتحاد المجالس والنقابات العمالية على حالها دون تغيير كما وأن نشاطاتها العمالية لم تتوقف بل ربما أزدادت. ان ما  حصل يعاكس رغبة البعض من قيادة المحفل اليميني في حزب ريبوار احمد في تصفية اتحاد المجالس والنقابات العمالية. ان اي انسان له قدر متواضع من المنطق سيسأل : ما الذي أجبر غالبية أعضاء وكوادر أتحاد المجالس أن يسيروا خلف قائد عمالي هو حسب نادية محمود ضعيف ولا يتقن إدارة النضال الطبقي للعامل وكيفية تنظيمه؟ لم بقوا معه اذن ولم يجيئوا مع القيادة المظفرة المنشقة ؟!. ان الجواب هو لان الاختلاف الاساسي سياسي وليس حول شخص مسؤول المنظمة. ولكنك تريدين تصوير الامر وكأن العملية مرتبطة بفلاح علوان لكي تخفين سياسات حزبكم اليمينية المعادية للميل الاشتراكي داخل المنظمات العمالية والميالة نحو التساومية والتحالفية الفوقية.

 

إن نظرة" خاطفة على تاريخ ذلك الصراع الذي حدث في البداية داخل حزب ريبوار أحمد حول مشاكل أتحاد المجالس والنقابات العمالية، توضح أن ذلك الصراع لم يكن له صلة بالعمل التنظيمي والممارساتي النقابي بل كان صراعا" حادا" حول السياسة: صراع بين جناحين متضادين حول الاسس والمفاهيم والاتجاهات السياسية داخل ذلك الحزب، وقد تم جر  أتحاد المجالس والنقابات العمالية إلى ساحة المعركة تلك والتي لا زالت مستعرة لتصفية الحسابات بين هذين الأتجاهين السياسيين. أما قدر تعلق الأمر بأتحاد المجالس، فان رئيسه هو طرف من اطراف ذلك الصراع السياسي وهو في نفس الوقت يقف على رأس أهم منظمة عمالية في العراق!!. هذا هو مربط الفرس، هنا التناقض!! فكيف يجوز أن يقود شخص يعارض الخط الرسمي لمحفل ريبوار احمد اليميني التساومي ويقول له كلا، وفي نفس الوقت يتمتع بتلك المكانة الاجتماعية العمالية ويرأس اتحاد المجالس والنقابات العمالية ؟!! غيرممكن طبعا ان يجري ذلك في حزب تسوده التقاليد والسنن السياسية والتنظيمية البرجوازية ومناهج المساومات وعقد الصفقات مع الرجعيين من حثالات الاسلام السياسي والقوميين (عربا وكردا !!). هناك الكثير من الوقائع التي تثبت دقة تحليلنا وقد اصبحت جزءا لا يتجزأ من تاريخ ذلك الحزب ولا يمكنه الخلاص منها لسوء الحظ.

 

إذا رجعنا قليلا" للوراء وألقينا نظرة على الأهمية السياسية والأجتماعية، لأتحاد العاطلين عن العمل في كردستان في التسعينات وبعده في وسط وجنوب العراق، أو أتحاد المشردين، أو حتى المكاسب التي حققتها الحركة النسوية التابعة للحزب الشيوعي العمالي العراقي، للحركة الشيوعية ومستقبل النضال الطبقي في العراق، سنرى بأنه عندما أنهارت تلك المنظمات العملاقة تحت تأثير المغامرات السياسية لقيادة ذلك الحزب وعجزهم عن تقييم الاوضاع السياسية والأجتماعية او وضع ستراتيجية لها، لم تبدي قيادة ذلك الحزب أية ردة فعل يذكر ويبدو الأمر وكأن شيئا" لم يكن، ولم نسمع لحد هذه اللحظة أية كلمة بهذا الخصوص، وليس هذا فقط، بل لم يكلف احد منهم نفسه حتى يتوجيه كلمة أسف أو أعتذار، لضحايا مغامراتهم ومجازفاتهم، لسبب بسيط ألا وهو أن قادة تلك المنظمات والأتحادات كانوا أوفياء ومخلصين لريبوار أحمد والخط الرسمي لمكتبهم السياسي، ولأن تلك الأتحادات والمنظمات أعتبرت دوما" وكأنها فروع للحزب وقد أخفقوا في تحقيق مهماتهم الحزبية كما هو العادة دائما"!. ولولا القوة الجماهيرية التي وقفت لحد الآن مع كل المعارضين لهم، لطردوا منذ زمن بعيد خارج الحزب والأتحادات التي يمثلونها. ان الاتجاه المحفلي ازاء الطبقة العاملة واضح كل الوضوح في حزب ريبوار احمد.

 

ولكن التغير الاساسي في حزب ريبوار احمد كان حينما حملوا مشروعا سياسيا مستوحى من قائد المنشقين عن حركة الشيوعية العمالية كورش مدرسي وهو مشروع المنظمة البرجوازية التي صممها بنفسه لتكون مظلة للقوى الرجعية ( على امل ان يشكل معها دولة علمانية !! ) تلك المنظمة البرجوازية المعادية للعمال وصاحبة الاجندة البرجوازية شرعت في عمل التحالفات والمساومات وعقد الصفقات مع اعداء الامبريالية الامريكية من اسلاميين امثال حارث الضاري وصالح المطلك وقوميين عرب كاياد علاوي وتذلل استسلامي للقوميين الكرد ( رسالة ريبوار احمد الى جلال الطالباني والتي يرفع فيها الراية البيضاء بعد ان نصب الامريكان المام جلال رئيسا للدولة )

 

تلك المنظمة البرجوازية – مؤتمر حرية العراق - والتي تحاول نادية محمود جاهدة الدفاع عنها وعن رئيسها قد تم تصميمها لتكون مظلة ( كما تقول) لتحشيد القوى الرجعية والحثالات المعادين للامبريالية (الاسلام السياسي والقوميين العرب والعشائر). تلك المنظمة لعبت دورا اساسيا ( ومازالت حتى اللحظة) في محاولة  قصم ظهر المجالس والنقابات العمالية بل عموم الطبقة العاملة في العراق بعد ان كشفت اوراقها على صعيد المجتمع وتركت ”العمل التساومي“ لانكشافها.

 

هل تجرأ نادية محمود على قول ذلك ولو من باب النزاهة السياسية ؟

 

سنتناول ذلك في الجزء القادم