مقابلة مع جليل شهباز عضو المكتب السياسي

حول الانتفاضات الثورية التي تجتاح العالم

الجزء الاول

 

نحو الاشتراكية:العالم اليوم يشهد تصاعدا ثوريا عظيما. ان الانتفاضات الثورية نشبت في عدة مناطق من العالم وبدأت هنا في الشرق الاوسط وشمال افريقيا  لتصل الى وول ستريت في نيويورك وشوارع باريس وروما وتورونتو وفانكوفر ولوس انجيليس ومازالت مرشحة للتوسع اكثر فاكثر. ماهي طبيعة هذه الثورات برأيك وضد ماذا يحتج الملايين ؟

 

جليل شهباز: فيما يخص الشق الأول من سؤالكم ، ان الثورات الحالية في المنطقة والعالم لا تختلف كثيرا" عن ثورة اكتوبر من حيث المضمون والمحتوى  ذلك لأن كل أهداف هذه الثورات هي أهداف انسانية وكذلك ان كل مطاليب الجماهير الثائرة ضد أنظمتهم الاستبدادية هي ايضا" مطاليب انسانية، كما وأن أسباب اندلاع هذه الثورات هي الاخرى لاتختلف كثيرا" عن الأسباب التي اندلعت من أجلها ثورة اكتوبر الاشتراكية العظمى وخصوصا" طغيان رأس المال على حياة ومعيشة الانسان في هذه البلدان الثائرة، والتي على اثرها توسع واشتد الحاق الذل والبؤس والحرمان بالانسان في كلا الحالتين وكان امرا" طبيعيا" ان تندلع من جرائها تلك الثورات. أما وجه الاختلاف بين كلا الحالتين فهي غياب دور العنصر الذاتي المتمثل بالحزب الطليعي القادر على قيادة وتنظيم الاعتراضات الاجتماعية اسوة" بالحزب البلشفي ودوره الريادي في الثورات الحالية، ولذلك فان غياب هذا العنصر في الثورات الحالية هي من أهم عوامل الضعف التي جعلت هذه الثورات أسيرة" للنزعة الاصلاحية ولذلك فعلى الرغم من أن الجماهير الثائرة قد تمكن من الاطاحة بأنظمتهم الاستبدادية، إلا أنه مع ذلك بقيت هذه الثورات غير مكتملة  لأنه فقط النتائج والافرازات السيئة والثقيلة على حياة الانسان ومعيشته التي أولدتها الرأسمالية في هذه البلدان قد  تعرض للهجمة الجماهيرية الثورية، في حين ان كل الاسباب التي أوجدت تلك النتائج والافرازات في تلك البلدان بقيت على حالها دون ان تمس أما بهذا الصدد فأمر بديهي اذا أردنا الغاء النتائج فينبغي الغاء أسبابها . وكما علمنا ماركس ولينين ان كل أسباب مختلف أشكال الظلم الاجتماعي تكمن في تناقضات النظام الاجتماعي البرجوازي القائم على الملكية الخاصة والعمل المأجور وعلى هذا الأساس فأن تحقيق كل الأهداف الانسانية واماني الجماهير الثائرة في الثورات الحالية أمر مشروط  بالغاء الملكية الخاصة ونظام العمل المأجور وحينها ستكتمل هذه الثورات وستصل نهاياتها الطبيعية والتاريخية.

 

أما فيما يخص الشق الثاني من سؤالكم، فإن حتى بوسع أكثر الناس بعدا" عن السياسية أن يلاحظ بأن جماهير هذه البلدان الثائرة بكل طبقاته الاجتماعية متعطشة الى الحرية والمساوات والرفاه الاقتصادي واستعادة كرامتهم الانسانية، وأمر طبيعي عندما يتراكم حرمان الانسان من الحقوق، وعندما تزداد الفجوة بين مختلف طبقات الشعب، وعندما يتم حرمان غالبية المجتمع من لقمة العيش، وعندما يذل الانسان على أيدي خدم البرجوازية حتى لأتفه الأسباب، فلابد أن التراكم المستمر لكل هذه العوامل السياسية والاقتصادية والاجتماعية أن يولد الانفجارات الاجتماعية على شكل ثورات جماهيرية عارمة لتعصف بكل العوامل التي من شأنها أن يذل الانسان ويعرضه للجوع والحرمان.

نحو الاشتراكية: هل ترى اكتوبر جديدة تشرق على العالم ؟

 

جليل شهباز: لا شك أن العالم المعاصر ومنذ فترة طويلة بحاجة ماسة الى ثورات عظيمة من على شاكلة ثورة اكتوبر العظمى وكومونة باريس ذلك لأن كل الحركات الاصلاحية وكذلك كل الحركات القومية والوطنية والدينية والليبرالية في العالم ممن أستلموا مقاليد السلطة السياسية في مختلف بلدان العالم وعلى امتداد فترات حكمهم الأسود، لم يتمكنوا من وضعد حد لمعاناة الانسان وحرمانه أو بالأحرى لم يبذلوا أي جهد لتحقيق وذلك لكونهم من الخدم الأذلاء والوضيعين لرأس المال والتي أسند اليهم أسيادهم البرجوازيين مهمة حماية طغيان رأس المال وجبروته على حياة الانسان ومعيشته، وأصبح معروفا" لدى المجتمع الانساني بأنه نتيجة" للسياسات اللاانسانية لتلك الحركات، ونتيجة" لسلطتهم الرجعية قد زاد بؤس الانسان وشقائه وحرمانه وكل تاريخهم الأسود يشهد بذلك، وما أهو أسوء من ذلك فأن الانسان في ظل الأوضاع الاسياسية والاجتماعية الحالية وفي ظل التطور التكنولوجي والانتاجي المذهل في الوقت الحاضر فان أكثر من ثلثي المجتمع الانساني في هذا العالم المقلوب لم يشهد تدهورا" في أوضاعه المعاشية مثلما هي عليه الان على امتداد كل التاريخ الانساني كما وان ما لحق بالأجيال الحالية من مأسات وكوارث انسانية رهيبة نتيجة" لحروب الرأسمالية المستمر وطغيان أنظمتها السياسية الوحشية، لم يشهد مثيلها حتى في العصور المظلمة من تاريخ البشرية. ولهذا فأنه فقط بوسع ثورات عظيمة مثل ثورة اكتوبر ان تحقق الذات الانساني وينقذه من لجة الفقر والجوع والحرمان ذلك لأن مثل هذه الثورات لا تسعى فقط الى تحرير الطبقة العاملة من براثن نظام العمل المأجور والملكية الخاصة الرأسمالية، بل تسعى تحرير كل البشرية مع تحرير الطبقة العاملة لأنه ليس من مصلحة العمال وثورتهم الطبقية بقاء وادامة أي شكل من أشكال الظلم الاجتماعي، بل بالعكس من مصلحة العمال ازالة كل أشكال الظلم على الانسان مهما كان شكله أو سببه لأنه فقط بازالة الظلم على الانسان يزداد شفافية النضال الطبقي للعامل ويصبح الطريق ممهدا" وسالكا" أمام العمال وثورتهم لالغاء نظام العمل المأجور وتحقيق الاشتراكية.

 

تتمة المقابلة في العدد القادم ويدور حول الذكرى 94 لثورة اكتوبر الاشتراكية العظيمة.