مقابلة نحو الاشتراكية مع خبات مجيد عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي العمالي اليســـاري العراقي حول زيارات عبد الله غول وعلي لاريجاني والمعلم الى العراق

 

 

نحو الاشتراكية: شهد العراق زيارات متعددة من مسؤولي الدول المجاورة للعراق ومنهم عبد الله غول رئيس الدولة التركية وعلي لاريجاني رئيس برلمان الجمهورية الاسلامية ووليد المعلم وزير خارجية سوريا. كيف تنظرون الى تلك الزيارات واسبابها خصوصا انها اتت في وقت متزامن. هل برأيكم ان لها علاقة مع تغير سياسات امريكا و تصريحات اوباما الاخيرة بقرب انسحاب القوات الامريكية ام بمسائل اخرى؟.

 

خبات مجيد: في حالة طبيعية وفي بلدان مختلفة هناك علاقات دبلوماسية عادية . تلك العلاقات الدبلوماسية البعض منها معلن اي يتم تغطيتها بوسائل الاعلام والبعض الاخر مخفي وسري. ان قصدي هو ان العلاقات بين تركيا وايران وسوريا والاحزاب الاسلامية والقومية في المنطقة ليست جديدة. هنالك علاقات مخفية قوية جدا بين تلك القوى. حزب المالكي اي حزب الدعوة الاسلامية هو فرع من الجمهورية الاسلامية الايرانية ولديه علاقات قوية وزيارات متبادلة ومتعددة ولديهم علاقات مخفية مستمرة ودائمة مع الجمهورية الاسلامية. بالنسبة لتركيا فان لديها علاقات قوية مع رؤساء الاحزاب القومية الكردية في العراق وهناك اتفاقات التزم فيها مسعود البارزاني وجلال الطالباني بجلب الاستخبارات التركية ” ميت“ الى داخل كردستان العراق وتحديدا للتجسس على معسكرات حزب العمال الكردستاني ”البي كي كي“. اذن هنالك علاقات مخفية ومستمرة. ان الزيارات الاخيرة والتي غطتها الوسائل الاعلامية بتصوري هي علاقات معلنة ولكن اهداف تلك الزيارات مخفي، لا احد يعرف بها. ان ما يعلن في وسائل الاعلام عن طبيعة العلاقات والمسائل الدبلوماسية هي معلومات مظللة، غير صحيحة وغير حقيقية. بالنسبة للسؤال حول ان لتلك الزيارات ربط بتغير السياسات الامريكية فان تصوري هو ان هناك تغيير شكلي فقط في السياسات الامريكية وليس تغير ستراتيجي. ان سياسة اوباما لديها معنى ما لدول وقوى الاسلام السياسي في المنطقة ولكن الزيارات الاخيرة برأيي ليس لها علاقة مباشرة بتغير سياسات اوباما لان سياسات امريكا لا تمس المنطقة او العراق فحسب بل  ان تغيرها يجري على صعيد العالم. ان للزيارات علاقة مباشرة برأيي مع تغير موقعية الحكومة العراقية والمسائل الاخرى المتعلقة بعلاقة الحكومة العراقية بالقوى الاخرى الاقليمية. ان سياسة ادارة السلطة في العراق اصبحت الان مختلفة. فان السياسة الفدرالية الان قد ولت والان تجربة الفدرالية محدودة ومحصورة بكردستان فقط، وبرأيي ان عمر هذه التجربة قصير ايضا. ان لتلك الزيارات علاقة بتقوية الحكومة المركزية او ما يسمى دولة القانون والتي جلب المالكي لها الاصوات في انتخابات مجالس المحافظات بعنوان ائتلاف دولة القانون . ان مسألة الدولة المركزية لها تأثير على العلاقات مع دول المنطقة التي تعرف ان هناك دولة في العراق لا تحترم حقوق ما يسمى الاقليات او القوميات الاخرى وغير مقتنعة بالحكومات المحلية او الفدراليات ودول المنطقة ليس لديهم مصلحة في وجود الدويلات الفدرالية او الحكومات الفدرالية. ان علاقات تركيا وايران لها صلة مباشرة بتقوية حكومة المالكي. ان تقوية حكومة المالكي تمثل مصلحة لهاتين الدولتين. بالنسبة للدولة التركية فان تقوية الحكومة المركزية يعني اضعاف القوى القومية الكردية في العراق واضعاف التجربة في شمال العراق وان تقوية الحكومة المركزية يعني ايضا بالنسبة لتركيا هو تصعيد حملات الحكومة المركزية على معارضة الحكومة التركية نفسها واقصد حزب العمال الكردستاني ال بي كي كي. اما بالنسبة للجمهورية الاسلامية فان لها علاقة برغبة الجمهورية الاسلامية بخلق حكومة في العراق على غرار الجمهورية الاسلامية وايضا من اجل اضعاف المعارضة الموجهة ضد الجمهورية الاسلامية اي المعارضين الكرد او منظمة مجاهدي خلق. اما سوريا فان علاقاتها وموقعها الان ازاء امريكا واسرائيل ضعيفة وان لزيارة المعلم علاقة بذلك حيث ان العراق يحاول ان يتدخل في قضية فلسطين وان دفع الحكومة العراقية لمبلغ 50 مليون دولار لاعمار غزة له دلالة واضحة.

نحو الاشتراكية: لقد صرح جلال الطالباني ان على حزب العمال الكردستاني ان يوقف هجومه على تركيا او يغادر العراق. ان موقف القوميين الكرد تجاه تركيا قد تغير وايضا موقف تركيا من القوميين الكرد في العراق وان هناك علاقة ودية الان بالرغم من ان تركيا قد مارست ولفترة طويلة سياسة فاشية ضد الناطقين باللغة الكردية في جنوب تركيا ولحد الان. مالذي يجعل الطالباني والبرزاني والزيباري وبرهم صالح يقفون ذلك الموقف الان ويحاولون تقديم ضمانات الى تركيا ؟  

 

خبات مجيد: لدي ملاحظة حول مسألة ضرورة ايقاف هجوم البي كي كي على تركيا. برأيي ان الصحيح هو القول بضرورة وقف الهجوم التركي على البي كي كي.  ان الامر ليس كما يصفه الطالباني بل بالمقلوب تماما. وبغض النظر عن نظرتي السياسية وموقفنا من البي كي كي فانه الان موضوعيا في موقف دفاعي. ان الدولة التركية تقوم ومنذ سنتين بشن هجوم عسكري كاسح على حزب العمال الكردستاني من خلال المدفعية والقوة الجوية وبمساعدة المخابرات الامريكية والاسرائيلية وفي هذا الوقت بالذات يصرح جلال الطالباني بضرورة وقف الهجوم البي كي كي على تركيا !!. ان الامر معاكس تماما كما قلت. ان جلال الطالباني يريد ان يخدم الدولة التركية. الان جلال الطالباني وبصفته رئيس جمهورية العراق ليس لديه مصلحة في الدفاع عن القضية الكردية او الدفاع عن البي كي كي بل مصلحته تكمن في الدفاع عن موقعيته الحالية كرئيس لدولة العراق  والوقوف بالضد من القضية القومية الكردية وضد البي كي كي وضد قوى المعارضة لتلك الانظمة في المنطقة. اما موقف الدولة التركية تجاه الوضع السياسي في العراق فاني قد وضحت ذلك. بنظري ان سفر عبد الله غول الى العراق هو رسالة غير مباشرة الى القوميين الكرد في العراق بان يقفوا الى جانب الحكومة العراقية وان يقووا الحكومة المركزية ويريد ان يقول للقوميين الكرد ان مصلحتهم تكمن في الوقوف مع الحكومة المركزية. حتى تصريحات عبد الله غول اثناء اجتماعه مع نيجرفان البارزاني حول حكومة الاقليم هي تصريحات وسطية ولديها علاقة بمسألة الانتخابات الجارية حاليا في تركيا. هناك حزب قومي كردي في تركيا يخوض الانتخابات الان يدعى ” دي تي بي ” ولديه تنظيم قوي منافس لحزب اردوغان في كردستان. ان كلام عبد الله غول الوسطي مع نيجرفان البارزاني يهدف الى اسماع جماهير كردستان تركيا من اجل انجاح الحملة الانتخابية الجارية في تركيا. وباختصار ارى ان موقف جلال الطالباني من حزب العمال الكردستاني لم يتغير وليس جديدا بل هو موقف قديم. لقد هجم جلال الطالباني منذ قرابة 6 سنوات على مقرات حزب العمال الكردستاني وحتى وعد بتسليم البي كي كي للدولة التركية. وتصريحاته الاخيرة حول تشكيل الدولة الكردية بانها حلم ، كلها تؤدي الى نفس المسار ومتصلة ببعضها.

 

نحو الاشتراكية: هل ترى وجود تناقض بين مواقف جلال الطالباني والقوميين الكرد في التشنج الحاصل مع حكومة المالكي قبل فترة من خلال احداث كركوك وخانقين وجلولاء وبين قولك ان جلال الطالباني كان منذ 6 سنوات يريد خدمة الدولة التركية؟

 

خبات مجيد: برأيي ليس هناك تناقض. ان الاحزاب القومية الكردية في العراق  لديها تاريخ في ضمان خط رجعة مع الحكومة المركزية. ان القوميين الكرد دائما كان لهم علاقات قوية مع ايران وتركيا ودونهم هم ضعفاء وليس لديهم اي تأثير. او ان يكون لهم مفاوضات مع الحكومة المركزية في بغداد. ان تلك خصيصة للحركة القومية الكردية في العراق.

 

نحو الاشتراكية: ما رأيكم بموقف القوى السياسية الحاكمة في العراق من منظمة مجاهدي خلق ومحاولة تسليمهم الى النظام الاسلامي الايراني؟ لم يصر موفق الربيعي على نفيهم الى الصحراء او تسليمهم الى ايران؟

خبات مجيد: مع ان لمجاهدي خلق تاريخ سئ في العراق. منذ الثمانينات تحولوا الى كتيبة  من كتائب جيش ”القادسية“ لصدام حسين. وحتى اثناء الانتفاضة في كردستان لديهم موقف سئ في وقوفهم مع الحكومة العراقية ضد الجماهير المنتفضة. مع كل ذلك فان موقف الحكومة العراقية وموفق الربيعي والمالكي من مجاهدي خلق وبغض النظر عن المسائل السياسية ومواقف تلك المنظمة موقف غير انساني. هذا جانب. من جانب اخر فان الامر متعلق بجانب سياسي وهو انه حين ينجح المالكي والربيعي في اخراج او طرد المنظمات المعارضة من العراق فان ذلك يعني ان معارضات الانظمة الاخرى في المنطقة لن يكون لديها اي حقوق في طلب المساعدة من الدول المجاورة. ان دول المنطقة هي دول استبدادية ودكتاتورية وان هناك دائما معارضة مطاردة. ان نجاح الربيعي والحكومة العراقية في ذلك يعني قطع الطريق امام تلك المنظمات السياسية في ممارسة المعارضة . ان موقف الربيعي يأتي تلبية لطلب مباشر من الجمهورية الاسلامية والمخابرات الايرانية باخراج مجاهدي خلق او تسليمهم الى ايران.

 

نحو الاشتراكية: لقد عبر الحزب عن موقفه بشأن تغير سياسة امريكا ازاء القوميين الكرد وعدم فسح المجال لهم بالتنافس مع الحكومة  المركزية وخاصة ازاء كركوك والمناطق المتنازع عليها ؟ انتم تطالبون باستفتاء جماهير كردستان وتدفعون الى الاستقلال وتأسيس دولة مستقلة عن العراق ؟ لماذا؟  وخاصة ان الامور تبدو في طريقها الى الحل والاتفاق ضمن ما يسمونه الفدرالية ؟

 

خبات مجيد: بنظري ليس للقوميين الكرد اي توجه لحل المسألة. حتى الان ليس هناك توجه من الحكومة المركزية او القوميين الكرد لحل المسألة الكردية. ان الظلم القومي ليس موجودا في كردستان الان. اقصد بمعنى ان هناك ظلم من قومية اخرى ممثلة بالحكومة المركزية التي تهجم على كردستان وتمارس البطش على اسس قومية. ذلك ليس موجودا الان. ولكن المسألة الكردية بحاجة الى جواب. لحد اللحظة ليس هناك جواب لها. وانها معلقة. حتى الحكومة الفدرالية ( حكومة الاقليم ) لا تلبي اي مطلب للجماهير في كردستان ولو يحصل اليوم استفتاء في كردستان العراق خارج سلطة المكاتب السياسية للاحزاب القومية الكردية المسيطرة فاني اتصور ان 95% من جماهير كردستان سيعطون صوت لاستقلال كردستان. بنظر الحزب الشيوعي العمالي اليساري العراقي فان الاستفتاء حول استقلال كردستان واستقلال كردستان فعليا يمثل الحل الوحيد لتلك القضية اي القضية القومية لكردستان. ان حل الحكومة المركزية والحكومة الفدرالية لا يجيب على المسألة برأيي. ان استقلال كردستان لا يمثل حلنا للمجتمع بل ان حلنا هو في اجراء الاستفتاء. ولكن في الاستفتاء نحن سنشجع الجماهير على التصويت لاستقلال كردستان. ان تصورنا هو انه فقط من خلال الاستقلال سيتم الاجابة على القضية الكردية. ان وجود دولة مستقلة في كردستان بعيدة عن صراعات الحكومة الحالية القومية والدينية والطائفية في المنطقة وبعيدة عن الارهاب والانفجارات الاسلامية. ان بامكان استقلال كردستان ان يوفر دولة متمتعة بقدر من الامان. ان طرحنا بالطبع لشكل وماهية الدولة المستقلة ليس الدولة القومية. في حال حصولنا على قوة في كردستان ولدينا قوة جماهيرية مقتدرة فاننا سنعلن فوراً الجمهورية الاشتراكية.

 

نحو الاشتراكية: رفيق خبات شكرا جزيلا .