الاشتراكية تحقق آمال

الشعوب المظطـــــــهدة

 خليل نوري

 

 ابدء مقالتي بكلام جلال الطالباني حول امكانية قيام دولة كردية قائلا بأنه ”حلم مستحيل غير قابل للتطبيق“.

لقد شاءت الاقدار أن يولد البشر في كردستان وهم يتكلمون اللغة الكردية المغايرة للغة اؤلئك القاطنين بجوارهم وحولهم. فعندما اعلنوا عن نيتهم العيش مستقلين رفض جيرانهم ذلك وتقوم القيامة عليهم ويحكم عليهم بالموت والهلاك وتحاك ضدهم ابشع انواع المؤامرات اقليميا ودولياً سواء بقطع  الارزاق عنهم اوبمحاربتهم لابادتهم عن بكرة ابيهم.

 

وإذا القينا نظرة سريعة على مجريات التاريخ وخصوصا احداث المنطقة التي يعيش فيه الاكراد (ايران – تركيا – العراق – وسوريا) فلم يخل ذلك التاريخ من محاولة تأسيس دولة  مستقلة عبر حركات قومية مستمرة خصوصا  في  القرن الماضي . ويجدر ذكر حركة (سمكو) لسنة 1920-1925 واعلان جمهورية (مهاباد) كاحدى ابرز تلك الحركات القومية والتي انتهت بقتل  سمكو عام 1931 و اعدام (قاضي محمد) في30  - اذار – 1947 ومعه قياديين اخريين .وبعد تلك المحاولات تنازل قادة الحركة القومية عن المطالبة تأسيس الدولة الكردية واختصرت مطالبهم حول النظام الديمقراطي والحكم الذاتي والفدرالية.

وحتى حزب العمال الكردستاني—وهو الحزب القومي الذي قصم ظهر الحكومة الكمالية التركية فقد تنازل عن مطلب انشاء الدولة الكردية بعد المؤامرة التي ادت الى  القاء القبض على قائده (اوجلان).

 

وهناك احزاب قومية اخرى في الساحة السياسية وخصوصاً الاتحاد الوطني الكردستاني و الحزب الديمقراطي الكردستاني والتي لم تتبنى انشاء دولة كردية ولكننا نسمع من بعض قياديها بين الفينة والاخرى من يصرح بان للكورد الحق بانشاء دولة ”كردية“ ولكن  تلك المطالب لا تدخل الى من باب الاستهلاك المحلي او لاجل المناورة لكسب بعض المطالب من الفئات والميليشيات الاخرى. ومن ثم يطلعوا علينا بتصريح اخر ينفي ما قيل مباشرة ويعتبره ”حلماً“ لا يمكن تحقيقه.

 

ان هكذا تصريحات من قبل  ابرز قياديي الحركة القومية الكردية لا يأتي في الحقيقة من فراغ ولا بسبب  الموقع الجغرافي او الحصار، وانما بسبب طبيعة تلك الحركات  وهي جميعها على الاطلاق حركات قومية وعشائرية كان معظم قادتها من روؤساء العشائر والاقطاعيين ”الاغاوات“ ورؤساء قوى برجوازية قومية. انها تتركز على المصالح الذاتية لتلك الفئآت وقياداتها وطبقتها ولاعلاقة لها البتة بقضية شعب مظطهد.

 

وهنا اود التطرق الى  اهم الاسباب الذي ادت الى انهيار جمهورية مهاباد عام  1947 والذي يذكره  جان احمد سلو  في ذكرى ”استشهاد قاضي محمد“ وينوه على ماقاله (الدكتور قاسملو) حول اسباب انهيار جمهورية مهاباد 1* ومنها مثلا نسبة الامية بين الاكراد والجهل والتخلف وكذلك اعتماد قاضي محمد على الاغاوات والشيوخ الاقطاعيين في تشكيلة دولته واستياء الفلاحيين والفقراء من الحكومة .

 ان الشعب الكردي ونتيجة الاضطهاد القومي المزمن  الذي وقع عليه من قبل الحكومات المركزية القومية الشوفينية والرجعية المتتالية وفي كل الدول المتواجد فيها  فقد اصبحت اكثرية هذه الجماهير من الطبقة المسحوقة والمتخلفة سياسيا واقتصاديا وثقافياً.

هناك طريقتين امام الجماهير في كردستان من اجل خلاصها من محنتها واضطهادها وكليهما مرتبطتان بالنضال الاشتراكي وبناء دولة اشتراكية سواء مع الشعوب المتعايشة معه او بصورة مستقلة. لايمكن ان يتم حل مشكلة الاظطهاد القومي للاكراد وغيرها من القوميات في العراق او غيره من الدول في اطار دولة موحدة  يحكمها دستور طائفي وقومي، لا بالحكم الذاتي ولا بالفيدرالية.

ولو ننظر الى ”حكومة“ العراق والتي يحاول الطالباني ترقيعها يوميا لكي لا تسقط  ويبني اماله  من خلالها لحل القضية الكردية عن طريق ما يدعونه بالحكومة الديمقراطية فهو ليس سوى هراء ووضع الرمال في عيون الجماهير. انظروا الى  الممارسات الديمقراطية! هل نجد فيهم كتلة او مجموعة واحدة تؤيد حقوق جماهير كردستان او حقها في تقرير مصيرها ؟! انظروا ”للمؤسسات الدستورية والتنفيذية“ التي تسيطر عليها الميليشيات الاسلامية والقومية وكيف يدافعون عن حقوق الطائفة وجماعاتهم الطائفية والدينية وكيف ان مؤسسات ”الدولة“ هي في الحقيقة مؤسسات مشايخ العشائر ورؤساء الطوائف ورجال الدين والملالي وارباب العمل واصحاب الاموال!. انظرو الى الفساد الاداري الذي ليس له مثيل في العالم وبهذه الفضاعة والاجرام!. انظرو الى الجحيم الذي صنعته تلك المجاميع والقوى الميليشياتية الاسلامية والقومية للشعب العراقي !. انظروا واسمعوا الى وسائل اعلامهم كيف تروج للطائفية والعشائرية والنعرات القومية، كل يوم بل وكل ساعة.

 

هكذا سلطة لا يمكن ان تعطي حقوق شعب اغتصب واضطهد ودمر اقتصاديا  وثقافيا على مر عشرات السنين. ان منح حقوق الجماهير لن يتحقق من خلال  تمثيلهم  بأشخاص يلبسون الزي الكردي او يتكلمون اللغة الكردية او انهم ينتمون الى نفس القومية و يعملون من اجل ملء جيوبهم بملايين ومليارات الدولارات.

ان الديمقراطية بدون اشتراكية هي كذب وخداع ليس في العراق فقط بل وفي امريكا و اوربا ايضا. ان ماكنتهم الديمقراطية بنيت على  سياسة الحروب و تعاسة الشعوب التي استعمرت والموارد التي سرقت ونهبت وبددت والطبقة العاملة المهاجرة التي استغلت وهجرت وتدفقت الدول تحت ضغط الفاقة والهجرة. اسألوا الطبقة العاملة عن ماهية تلك الديمقراطية التي تمارس معها في حياتهم اليومية في الانظمة الراسمالية واستمعوا الى الجواب.