هل تدافــع وزيرة الدولة لشــــؤون المرأة عن المرأة؟

 

خيال ابراهيم

مسؤولة منظمة تحرير المرأة في العراق ومعدة ومقدمة برنامج تلفزيون سيــــــكولار

 

هل تدافع وزيرة شؤون المرأة وكالة نرمين عثمان عن حقوق المرأة ؟ ام عن شئ اخر؟

 

ماهو ذلك الشئ الذي تدافع عنه وزيرة الدولة لشؤون المرأة يا ترى؟

 

في ”حوار“ اجري معها في صفحة الانترنيت من قبل صحفية عراقية  بتاريخ 16-5-2008 تحدثت نرمين عثمان عن النساء في العراق وحقوقهن واوضاعهن بلغة المناضلة وهي تجلس في مكتبها الوزاري الفخم بينما تعيش نساء العراق تحت سواطير ”حلفاءها“ في الحكومة الاسلامية والقومية وعشائرية “رفاقها“ القوميين الكرد في رئاستي الحكومة المركزية وحكومة “الاقليم“.

 

تحدثت نرمين عثمان  في ”الحوار“ المذكور عن اوضاع النساء في كردستان قائلة ان المرأة هناك  استطاعت ان تؤسس لها مكانة !. غريب حقا هذا الادعاء. اية مكانة تلك التي نالتها المرأة في كردستان؟!.  هل ان قتل الفتاة ”دعاء“ عن طريق الركل بالارجل وضربها على رأسها بالحجارة من قبل رجال عشيرتها الوحوش المجرمين حتى موتها الفاجع امام مرأى الناس و ”رجال“ شرطة حكومة الوزيرة المبجلة نرمين عثمان المشاركين في الجريمة،  هل هذه هي مكانة المرأة في كردستان التي تتحدث عنها؟! ام انها مكانة  المرأتين اللتين قتلتا ”غسلا للعار“ بعد ان تم الاعتداء عليهما جنسيا من قبل رجلين ”مسلمين“ ؟!، ام  انها مكانة الفتاة الصغيرة البريئة في مدينة دهوك التي كان عمها يعتدي عليها حتى حبلت منه، وعندما بلغت الثالثة عشرة قتلها ابوها ”غسلا للعار“؟! . 

 

ام ان مكانة المرأة في كردستان تتجسد في حالات انتحار النساء والفتيات بالمئآت بحرق انفسهم بالنفط هربا من الحياة التعسة التي اصبح من الصعب جدا على رفاق السيدة الوزيرة في سلطات ”حكومة الاقليم“ ان تخفيها لكثرتها وتكرارها بشكل واسع حتى تحدثت عنها الصحف والوكالات العالمية ؟! اي مكانة تلك بالظبط ؟

 

ان اجابات وتعليقات نرمين عثمان مثيرة للاستغراب  وللتساؤل: لماذا هذا الكذب ولم اخفاء الحقائق؟ ولمصلحة من؟ ماذا تهدف نرمين عثمان من التصريحات الكاذبة ؟ عن من تدافع نرمين عثمان؟ عن شؤون المرأة حقا؟ ام عن شؤون القوى التي تقتل المرأة، في كردستان والعراق ؟

 

ولكنها هي التي تجيب على السؤال بنفسها حين تطالب  المرأة الالتحاق بالميليشيات القومية الكردية ”البيشمركة“ !!. فاذا كانت الاحزاب الكردية القومية تدفع معاش نرمين عثمان لكي تنشر الاكاذيب فان المرأة في كردستان لا يمكن ان تخدع بهذه السهولة !. هل يمكن للمرأة في كردستان ان تنسى افعال هذه الاحزاب ؟ هل يمكن ان تمحى من ذاكرة نساء كردستان اعمال وممارسات القوى القومية الكردية خلال فترة 17 سنة الماضية ؟ هذه القوى التي جائت للسلطة المركزية في بغداد وحكومة  كردستان على ظهور الدبابات الامريكية ومن خلال حرب امريكا التي قتلت مئات الالاف من البشر وسلمت المجتمع المدني في العراق الى حفنة من الاسلاميين والقوميين وضربت نضال المرأة لعشرات السنين من اجل حرياتها ومساواتها عرض الحائط ؟.

عند استيلاء الاحزاب القومية الكردية على مقاليد السلطة في كردستان فان اول مهمة قامت بها هي  تثبيت هيمنتها العشائرية على جماهير كردستان واعداد قوائم لا نهاية لها باسماء النساء بغرض اجبار الرجال في عوائلهن على قتلهن ”غسلا للعار“ والا سيقوم رجال ”البيشمركة ” انفسهم بقتلها وعندها سيلحق العار بالعائلة للابد!!. هل نسيت نرمين عثمان تلك القوائم حينما تتحدث عن ”مكانة ” المرأة في كردستان ؟! 

 

ان الوزيرة تمتدح دور الاحزاب العلمانية في تعزيز مكانة المرأة دون ان تتجرأ بذكر حقيقة ان  من عزز مكانة المرأة من هؤلاء العلمانيين هم تحديداً الشيوعيون والاشتراكيون واليساريون وهم الذين ناضلوا ضد الاحزاب القومية الرجعية المستندة الى العشائرية والاسلام من اجل تثبيت هذه المكانة، وهم الذين فضحوا جرائم  البارتي واليكيتي (الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني) ضد النساء. ان حركة الشيوعية العمالية وعموم الشيوعيين هم الوحيدون الذين تصدوا ووقفوا بوجه جرائم القوميين الكرد والتي ما تزال تمارس ضد المرأة كقتل الشرف لحد اليوم وان كانت تمارس اليوم بشكل اخر لا يعلن عنه.

 

كل الجماهير في كردستان تعرف ان ”البيشمركة“ هي التي قمعت بوحشية، الاحزاب الشيوعية العلمانية بكل الوسائل حيث قتلت العديد من الفعالين  كآرام علي وشابور وقابيل وطاردت العشرات غيرهم لمجرد انهم كانوا يدافعون عن حقوق الانسان والمرأة ويطالبون بمساواتها الكاملة بالرجل.

 

وليس ذلك فحسب بل ان ”البيشمركة“ التي تتبجح بها نرمين عثمان وتدعو النساء الى الانخراط في صفوفها، هي التي هاجمت مقرات الاحزاب الشيوعية والعلمانية واغلقتها بالاضافة الى اغلاق سنتر النساء (مركز حماية النساء) ومصادرة الجرائد والمجلات كمجلة يكساني (المساواة) الصادرة من منظمة ألمرأة، بل وقامت باغلاق المحلات وهاجمت الاكشاك والدكاكين التي توزع تلك الصحف والادبيات.

وبجرأة غريبة تتحدث نرمين عثمان عن مسألة الحرية الاعلامية في كردستان وعدم اخفاء الحقائق واعتبارها حالة صحية في المجتمع. اجيبها قائلةً بان الموضوع لا علاقة له بالحريات الممنوحة من القوميين الكرد، بل ان حجم الممارسات القومية المعادية للمرأة ولحرية التعبير قد اصبح من الكبر بحيث بات اخفاءه مستحيلا وان حجم الرعب والتخويف والارهاب الذي يمارسها حزب كالبارتي مثلا في شوارع دهوك واربيل لا تضاهيها الا حملات الارهاب التي مارسها صدام حسين وازلامه في حزب البعث في الثمانينات والتسعينات في جميع انحاء العراق. فبمجرد ابداء شخص ما لرأيه حول الاوضاع سيجد نفسه في غرف التعذيب الوحشية، وتشهد السجون المكتظة بالمعارضين على ذلك.

 

ومن جهة اخرى، فان نرمين عثمان لا تحاول اخفاء تعصبها  القومي حين تقول: ان الرجل الكردي اكثر تفتحا ونظراته ليبرالية لحقوق المرأة بشكل عام.  وسؤالي هو: وفق اية احصاءات او بيانات استندت في تصريحها التمييزي هذا؟ كيف تجرؤ على هذا القول، في حين انها تعرف سجلات ”رجال“ البارتي واليكيتي ضد المرأة، بل وهي نفسها اليوم  تتحالف مع اكثرهم رجعية واسلامية في السلطة ؟ كيف تجروأ وزيرة على ادعاء ان الرجال في قومية معينة اكثر تحررا من رجال قومية اخرى؟ لم  لا تنبس بحرف في نقدهم او تعرية مواقفهم المخزية من المرأة ؟! اي منطق واي تملق وتزلف لدى وزيرة تدعي الدفاع عن المرأة في كل العراق في حين انها تقوم بالترويج للفكر القومي والتمييز على اسس عرقية بين مواطنين واخرين ؟. والاجدر بمن في منصبها ان تعرف حقيقة ان حقوق المرأة هي حقوق عالمية وليست تابعة لدين او قومية او طائفة وهو حصيلة نضال المراة على صعيد عالمي وليس صفة منزلة على قوميات معينة دون اخرى.

اقول للسيدة نرمين عثمان بان مطلب المساواة بين المرأة والرجل ليس بحاجة  الى كلام منمق بل بحاجة الى جرأة في فضح القوى التي تنتهك حقوق المرأة وتسميتها بالاسم والاشارة لها.

 

ان نرمين عثمان تشكو ضعف الموارد. ولكن قول الحقيقة ليس بحاجة الى موارد وامكانيات مادية ضخمة كما تدعي الوزيرة. انه بحاجة الى استنكار تلك الاحزاب،  نقد حركة الاسلام السياسي والحركة القومية، المطالبة بفصل الدين عن الدولة وعن التربية والتعليم وانهاء دور الدين في حياة النساء، رفع الصوت والنداء من اجل المساواة الكاملة للمرأة بالرجل، والنضال ضد القوى المظطهدة للمرأة.

 

ان مجرد القول بان الامكانيات غير متوفرة من اجل الدفاع عن المرأة من العنف والقتل ومن اجل توفير ”شيلترات“ او ملاجئ لحماية النساء من الاستبداد الابوي والديني والعشائري، هو قول مردود فتلك القوى الرجعية تعرف جيدا كيف تقوم بنهب وسرقة كل موارد المجتمع من اجل تحويلها الى ارصدتهم او لبناء قصورهم وتجويع الناس، بينما يتباكى وزراءهم ووزيراتهم على عدم وجود المخصصات الكافية لصرفها على توفير الحماية والرعاية للنساء.

 

في ظل الظروف الصعبة والقاسية في العراق، فان المرأة لا تريد تمييزا اكثر من ذلك : كردية او عربية مسلمة او مسيحية اثورية او يزيدية او تركمانية.  المرأة في العراق تريد المساواة الكاملة مع الرجل ولا تريد وزيرة لشئونها تقوم بتزييف الحقائق ورميها بوجهها.

 

 

ادعو النساء في العراق الى ظم صوتهن الى الحركة النسوية التحررية العالمية وان يعرفن انهن جزء لا يتجزأ من هذه الحركة وان حقوق النساء في العراق لا تقل عن حقوق النساء في اي دولة من دول العالم المتمدنة.