من مقدمات الاشتراكيه العراقيه الثانيه

ليث الجادر

laithgader@yahoo.com
 

دونما اي تردد ..دونما اي وجل ...وبعيدا عن اوهام تردد حسابات المصالح السياسيه ...وبقليل من الفطنه وربما بكثير من الشجاعه التي بات يفتقدها الكثيرون ويعانون من مرض نقصانها ..علينا ان نعلن بوضوح لا غبار عليه باننا دعاة ثوره ...دعاة تغيير واننا سنمضي في هذا الطريق والى نهاية المطاف مهما كانت الخيارات واولها وليس اخرها تبني العنف الثوري منهجا وسلوكا ...فلا مهادنه مع هذا الطرف ولا مصالحه مع ذاك ...لا تراجع عن خط الثوره ...لا تراجع عن الطريق المؤدي الى الى اندلاع اوارها الحق ....وان كانت ظروف الانتكاسات التي مرت بها حركتنا بفعل نشاط القوى المضاده وتامر المنحرفيين والمتردديين من بين صفوفنا ..قد منحتنا عطلة راحه اجباريه تصورها البعض من المتوهميين على انها رحلة اللاعوده ..فان هذه الفتره التعيسه بقدر ما انها ابعدتنا عن ميدان الفعل السياسي فانها بنفس المقدار ان لم تكن اكثر رسخت عمق مبادئنا وطورت جوهر توجهاته في مجمل حركة تطور مجتمعنا الانساني ..لقد تركنا مرغميين التاريخ لان يمضي قدما في مسيرته ...بينما توهم خصومنا بانهم قادريين على رسم خطاه حيث يقودونه الى دهاليزهم المظلمه وان يغتالوا حتمية ولاءه للثوره ...الى درجه انهم باتوا في لحظات معينه وفي نشوة من نشواتهم الزائفه من ان يعلنوا وبغباء لا مثيل له بان التاريخ قد مات ..وكان قبل ذلك اعلن المتردديين وضعيفي الفكر ان زمن الثورات قد مضى والى الابد ...لكن التاريخ وحركته لا يمكن ان يغتالها نصر الراسمال ولا يمكن ان يكون زمن الثورات الا جزءا لا يتجزء من تاريخ ..ويعنمد تفسير هذا على بديهيه واضحه للعيان لا يمكن ان لا يبصرها الا اللذيين يغمضون عن عمد اعينهم او اولئك الجبناء المتردديين اللذيين يجدوا مبتغاهم في الاستسلام والركون الى الراحه والخنوع ...فما دام الراسمال بملكيته الخاصه موجود ما دام هذا المارد يلهم ويتعملق مادام فعله ونشاطه يتضخمان ...فان فعل الرد عليه تتسع قاعدته وتكبر على هيئة طاقه كامنه ..وكلما تركز الراسمال وصاغ قدراته بيد فئة المترفيين الاقليه ..اتسعت الهوه بينها وبين الاغلبيه المسحوقه ..كلما قوت بشكل موضوعي شروط الصراع وتهيئت ظروف النضال الطبقي وصاغت نفسها ذاتيا ... بمعنى توافرت ظروف الثوره ودواعيها بشكل مزمن ...ولان التاريخ لا يمكن ان يعود الى الوراء لكنه يتقدم بدوافع الوراء وهو يعيد انتاج تناقضاته وجوهرها باشكال اخرى ومحتوى مضخم ان لم تستطيع حركة تطور المجتمع من ترجمة اشكال تلك التناقضات في سياقها الزمني وهذا ما يفسر مثلا الخط المتنامي لصفة العنف الثوري من مرحلة الى مرحله ومن ثورة الى ثوره ..تماما مثلما يفسر باتجاه اخر تنامي رغبة التدمير في الحروب ..وبصيغة مكمله ...فما دام هناك انتاج سلعي ومادامت هناك قيمه تبادليه تفرض وبقوه نفسها ...اذن هناك تمايز طبقي ..هناك شروط للثوره ..وكلما تضخمت تلك العوامل وتطورت وسائل قمعها ...تضخمت في الجانب الاخر القوه الكامنه للتغيير فامام تقلص الكم يكون هناك تمركز للنوع ...وحركة تطور المجتمعات الانسانيه بالتاكيد لم تكن تمضي باتجاه زمني واحد ثلما ان التاريخ لا يمضي الى عبر سبل ملتويه ومتداخله فان تباين هذه الحركه سبب استطاله زمنيه لمراحل تطور الثوره مما اوحى بصوره سطحيه الى اطلاقية وابدية الشروط التي افرزتها معطيات تلك المرحله ..زفليس من الصحيح مثلا تفسير دواعي الحروب التي شنتها الامبرياليه منذ بداياتها على انها تعود الى طبيعة الراسمال النزاعه الى النمو والاحتكار ...بل ان تنامي قوة الطبقه العامله ونضوج عوامل تفجر ثوراتها وتبايين درجة تطور المجتمعات هو المحرك الرئيسي لتلك الحروب التي مثلت افرازاتها شكل الاستطاله الزمنيه لواقع الصراع الطبقي للمجتمعات الصناعيه المتطوره فاجلت بذلك موعد انبثاق الثوره لكنها من المؤكد انها لم تلغي شروطها ..ولقد دخل هذا التاجيل بحكم الضروره في علاقات التاريخ الجدليه وهكذا بدى النظام الاقتصادي الراسمالي وكانه مقوله ثابته لا تقبل النقض لكن الصحيح هو ان ظاهرة الاستطاله هي التي اوحت بذلك هي نفسها ستنفي ابعادها المجرده بفعل نمو محتوى تناقضاتها الذاتيه الذي يقودها بصورة حتميه الى اعلى درجات تمركز الراسمال وتكثف حدة تناقضاته الرئيسيه التي مازال ذلك التاجيل قد اوقفها وهو في نفس الوقت يدفعها الى تمركز نوعي ....وما يسمى اليوم بنظام العولمه ما هو الا تلك العلامه القويه البارزه على حالة تازم التاريخ الانساني الناتجه من جراء ضعف عوامل تاجيل الثوره ..ولهذا فان القوى الامبرياليه المتفرده والمتمثله بالولايات المتحده تسعى الان وباندفاع هستيري لاعادة انتاج ظاهرة استطالة وتمييع واقعها الاجتماعي من خلال تحويل افرازات تناقضاته من وجهها الاجتماعي الحقيقي الى وجه سياسي زائف ومصطنع ..ولان الراسماليه هذه قد استنفذت بحكم الضروره كل بدائلها القديمه فانها وجدت نفسها في محاولتها الجديده امام جمله من الثوابت والوقائع المفروضه والتي من ضمنها وعلى الصعيد السياسي انها باتت مجبره على ان تتخلى عن اسلوب تنفيذ اهدافها عن طريق خلق انظمه عميله وتابعه لها وان تقوم بدل ذلك بتنفيذ اهدافها بالاسلوب المباشر ومرة اخرى تجد نفسها مرغمه على العوده الى الاسلوب العسكري والدخول في معارك تسعى فيها الى ان تكون في اقصى ضراوتها ووحشيتها ...لكن طبعا ليس لاحتلا ارض والامساك بها ونهب خيراتها على منوال لصوصية المحتل التقليديه بل ولفتح منافذ محليه لهيمنة الراسمال ومبادئه ...واذا كانت حمى الوطنيه الابرجوازيه قد افلحت في العهود السابقه من ان تغطي وجه التمايز الطبقي وتبرر بصوره كاذبه شروط بقائه فانها والحال هذا باتت عاجزه تماما عن الاتيان بمثل هذا الفعل فالراسمال المحلي الفتي ينحرف بفعل القوه الجديده متجها نحو بؤره المركز وهو لا يتوانا لان يعلن انفسه هوية امميه وجزءا من نظام عالمي راسمالي متكامل وصلب ..لكن اليس لحظة الولاده هي نفسها لحظة بدء العد التنازلي للموت ...او ليس المضي في النضوج هو المضي قدما نحو الاضمحلال ..واذا كانت حركة التاريخ خاضعه من حيث الجوهر لهذه الحقيقه الا يعني هذا ان نمو سلطة الراسمال على مستواه الكوني يفسر حالة اعلى درجات نضوجه وبالمقابل الا يعني هذا توافر شروط النضال الساعي الى اقتطاف ثمرة نضوجه ؟؟ اذا كان العقل قد استساغ هذه المقدمات فانه بالتاكيد قادر على هضم حقيقة توكد نضج شروط اندلاع الثوره والتي اصبحت مظاهر مبرراتها اكثر شمولية وتمركزا على الصعيد الانساني برمته .,.لكن هذا ايضا لا يعني مطلقا ان للثوره وحركتها حتمية تمنحها اقدام تسير بها لان كل ما تقدم هو في طبيعة الحال يمثل ادراكا فكريا وجهدا نظريا يبقى عاجزا تماما عن التحقق ما لم يمتلك القوه التي تحوله الى حقيقه موضوعيه وهذه القوه لا بد وان تكون نابعه من مركز محيط تاثرها القوي اي ان تكون الطبقه العامله مصدرها ..فالثوره الاجتماعيه لهي حتميه في اطار الفكر الذي يجب لن نتذكر انما هو انعكاس لحركة تطور المجتمع لكن حتمية انتصارها تبقى مرهونه بشكل جوهري على تبني القوى الاجتماعيه المعنيه لها وهذا التبني تتفرع شروطه ودوافعه بصوره متوازيه مع تطور تفرعات التطور العام الى ان يتحول الى شبكه معقده من التداخلات لا يمكن ان يوحدها ويفرزها الا شكل الوعي الذي يتاطر تحت مسمى النضال الاشتراكي والذي يمثل القاسم المشترك لكل تلك التفرعات ... فليس بالضروره ان يكون كل نشاط عمالي هو توجه اشتراكي ..لكن من المؤكد ان كل ما هو اشتراكي يجب ان يكون نضالا عماليا ..ان هذا الوعي وهذا المرتز يضعنا مباشرة وجها لوجه امام القوه الراسماليه المتعملقه كخصوم الداء ..فهي تحاول من ان تشتت اتجاهاتومطالب الثوره وان تجزئها تحت شتى المسميات محاولة ان تبتعد بميدان الصراع عن المركز الذي يمثل مصدر قةتها وديمومتها وهي ان افلحت في ما مضى من ان تخلق طبقه عامله مرتشيه على اصعده محليه وتسعى الان لان تحافظ على ذلك فانها وبحكم المنطق الذي تتوجه به غير قادره على تكرار واعادة نموذجها المحلي ..فالعامل في الدول الراسماليه صار قاب قوسيين او ادنى من الاندماج في امميته لان سلطة النقد وروح الراسمال قد انكر محليته واعلن كونيته وليس غريبا وفق المنطق هذا من ان الطبقه العامله في العراق على وجه الخصوص اليوم قادره فعلا على ان تهز وجدان عمال الدول الامبرياليه وان تنضج وعيها بعد ان توجه انظارهم الى ان نظريه اضمحلال الصراع الطبقي ومقولة مجتمع الرفاه البرجوازيه ما هي الا اكذوبه ومحض وهم وان التحسن النسبي في شروط حياتهم لم يكن في حقيقته الا ثمنا بخسا دفع لهم وسيدفع مقابل سكوتهم عن اضطهاد رفاقهم الطبقيون وحينما يدركوا بان هذه الرشوه ستصادر بفعل نضال وثورة اؤلئك الارفاق فانهم سيكونون مرغميين على الاندماج في تلك الحركه التي ستضع الانسانيه جمعاء على اعتاب تاريخ جديد وليس امام نعشه المزعوم ...فالعمل هو الذي صنع التاريخ والقائمون به هم وحدهم القادرون على تحديد مصيره ......ان حقية هذا التوجه التاريخي الفاصل تضعنا بصورة لم يسبق لها مثيل على الاقل عبر فترة الاستطاله تلك امام خيار مصيري غير قابل نهائيا للمساومه او التعديل ..انه خيار الثوره العماليه ...خيار انتزاع ملكية الانتاج ووسائله فورا لكن طبعا ليس بدفعه واحده واعتبار كل توجه اصلاحي او توفيقي ما هو الا توجه معادي يجب تصفيته والانقضاض عليه ...ولعل ذريعة الثوره هذه واولى خطواتها المقدسه يجب ان تبدء بنسف كل تلك الكيانات النقابيه على مختلف مسمياتها ومشاربها ..انها الان تمثل وصة عار وتخاذل في جبين النضال العمالي وعلامه بارزه تدلل على التردد والتوافقيه وروح الانهزاميه في انتزاع الحق ..وان التنظيم الوحيد الذي يجب ان ينطوي تحته وبصورة كامله نضال العمال هو حزبهم وتنظيمه السياسي الذي يجب ان يرفع مطلبه النضالي الاول وهو انتزاع الاداره من براثن السلطه واعلان ((((( الاداره العماليه ))) ...ادارة التسيير الذاتي الكامله ...هذا المطلب سيمثل الشراره الاولى لاندلاع الثوره وان تحققه يعني الوقوف فعلا على مشارف النصر الاكيد .....وحيث ان ما يمكن ان نسميه بالاشتراكيه العراقيه الاولى قد اتمت كل شروط ماتمها واكملت تجهيز جنازتها واقفلت راجعة الى جذورها البرجوازيه ...وحيث ان الاشتراكيه العراقيه الثانيه الفتيه قد شمرت عن ساعديها وراحت تفرد رايتها ...فان على تلك النقابات الاصلاحيه ان تلملم خرقها الباليه وتتبع جنازة من خلقها ورعاها ...فحقيقة الامر ان ثورتنا الاشتراكيه فيها من روح الكبرياء والاعتداد بالنفس ما يجعلها تستنكف من ان يلتحق الى صفوفها مثل اؤلئك الاصاحيين الرثيي.