بلى ايها الرفيق لقد دفعوا الثمن ..لكن!!؟

 

ليث الجادر
laithgader@yahoo.com


 ما بين يوم 26 نوفمبر عام 1917 وحتى يوم 7 اكتوبر من العام ذاته كان طوفان المد الثوري الروسي قد اكمل بالفعل تدفق ينابيع روافده المتفجره منذ حركة الديسمبريين عام 1825 مرورا بجمعية (الارض والحريه) و(التقسيم الاسود) و ارادة الشعب...ثم الجمعيه ...وحزب العمال ...وجناحيه البلاشفه والمناشفه.

وكان رجالات هذا الطوفان الذي دام على ما يقارب قرن بداءا من الضباط المتاثريين بمبادىء الثوره الفرنسيه ومرورا بالمفكريين الثوريين امثال هيرزن ثم لافروف بل حتى نيتشف وبالطبع بليخانوف قد اسلموا مقاليدهم طوعا وكرها بيد ثائر من طراز فذ عرف كيف يكون وريثا مظفرا لارث صعب وعنيد بعد ان توجهه بهدي الاشتراكيه العماليه والتي دوى صوتها عاليا وهي تردد شعار ثورتها( كل السلطات للسوفييتات) كل السلطات لمفوضي المجالس. هذا الوريث الامين موجه ذلك الطوفان الثوري العارم تمثل بشخص الرفيق فلاديمير ايليتش اوليانوف – لينين، الذي يبقى رغم ما اصاب حركة ثورة اكتوبر التي قادها من تشويه وتحريف ورغم (اللمم) الذي وقع فيها، فانه يبقى رمزا اشتراكيا عملاقا وقائدا عماليا ظافر استطاع ان يرفس وجه الراسماليه القبيح ويذل جبروتها.

ولاننا بصدد استذكار حاله شخص هذا القائد وهي ذكرى وفاته ال81 ولان مثل هكذا محاوله لا يمكن ان تتم بمعزل عن تاريخ حركة الثوره حيث الانصهار التام ما بين شخصه وبين مجريات احداثها فحسبنا اذن من ان نستذكر معا بعضا مما يؤكد ايمانه الراسخ والاكيد في نضوج عوامل الثوره واستشفافه العميق والمبكر لها الى درجه جعل من موقفه هذا عاملا حاسما ومتفردا من عوامل ظفرها. لقد حدد لينين بعمق وعيه الفكري والثوري توقيت شروعها الاخير ولحظة وثوبها، بينما كان الاخرون يتارجح قرارهم بين نقطة التردد ذات البواعث المختلفه وبين الانتظار الذي رسمته منطلقات فكريه ثابته، انبرى لينين وباصرار ثابت ومتيقن ليحسم الامر متحملا بذلك مسوؤلية خطورة الموقف. راح يحث رفاقه ويحاول اقناعهم بشتى الطرق قائلاً "ستصبحون خونه وانذالا اذا لم تعينوا على الفور جناح البولشفيك بكامله في المصانع والمعامل ثم تعملون على تطويق المؤتمر الديمقراطي وتعتقلون الحثاله الاجتماعيه".  كانت هذه الرساله موجهه الى اللجنه المركزيه بعدما علم ان حزبه كان سيساهم مع الحكومه المؤقته في تنظيم اولي للعمل ريثما يتم اتنخاب المجلس التاسيسي. ولقد ذكر بوخاريين فيما بعد "ان اللجنه قررت بالاجماع احراق رسالة لينين ..وبقى الحادث طي الكتمان".  وفي رسالة بعثها الى قادة الحزب في بتروغراد وموسكو اوضح استراتيجيته قائلا " بعد الحصول على اكثريه لدى نواب العمال والجنود السوفييت في كلا العاصمتين بامكان البولشفيك بل يجب عليهم من الاستيلاء على الحكومه" وفي 8 تشرين الاول وحينما وردت للينين اخبار اعادة تنظيم الحكومه المؤقته واستشف من ذلك ضروره ذهابه الى بتروغراد واعلان الثوره من هناك، قررت اللجنه المركزيه تاجيل عودته. وعندما ابلغه بذلك احد رفاقه ردد بغضب " لن اترك الامر يقف عند هذا الحد" "ان شكاوي كيرنسكي من اضطرابات الفلاحيين تشير الى ان الريف قد تحول نحو البولشفيك ...لقد حان الوقت للاستيلاء على السلطه" وبعد ايام كتب " وفي الظروف الحاليه ارى ان الانتظار عمل اجرامي والبولشفيك ليس لديهم حق الانتظار عليهم الاستيلاء على السلطه فورا".

وفي 6 تشرين الثاني بعث لينين برساله الى اعضاء اللجنه المركزيه كتب فيها " ان التاريخ لن يغفر للثوريين تباطؤهم عندما يتمكنون من تحقيق النصر اليوم وسوف ينتصرون اليوم بينما يجازفون بخسارة كل شيء في الغد".


لقد خاض لينين نضالا صعب
اً داخل حركه المناضلين من اجل اقرار لحظة الولاده ولقد افلح. ومع هذا فلقد بقى الكثير من رفاقه في اللجنه المركزيه غير واثقين من النصر ولعل ابلغ صوره توضح هذه الحال هي حينما وصلت انباء اعتقال الحكومه المؤقته الى القاعه الكبرى حيث انعقد مجلس مؤتمر السوفيت ...نزع لينين شعره المستعار فهمس في اذنه احد رفاقه "اعطني اياه ..ساخبئه ..فقد تحتاج اليه يوما ما ...من يدري ؟!!".  مقابل هذا الشعور المتردد كان لينين يقف في الجانب الاخر شامخا وهو يخاطب الجموع المحتشده "من الان فصاعدا ستفتح صفحه جديده في تاريخ روسيا ..كما ان هذه الثوره الروسيه الثالثه سوف تقود بصيغتها النهائيه الى انتصار الاشتراكيه" " يجب ان نشتغل الان ببناء دوله اشتراكيه بروليتاريه ..لتحيا الثوره الاشتراكيه العالميه".

هكذا كان لينين موفقا في اختيار لحظات الثوره، لانه كان دوما على يقين من انتصار نضال العمال وان يقينه هذا كان جزءا لا يتجزء من شخصيته الفذه التي قدر لها ان تنجبل على رفض الظلم والطغيان. وربما كان حدث يوم الثامن من ايار عام 1887 احد اهم معالم ثوريته حينما علم بخبر اعدام اخيه الكسندر بعد محاولته اغتيال القيصر ...حينها صرخ لينين الفتى  "اقسم بشرفي ...ساجعلهم يدفعون الثمن".

 بلى ايها الرفيق لينين لقد جعلتهم يدفعون الثمن غاليا...لكن !!