الانتخابات في العراق واحلام الاحزاب الاسلامية

 

 نوزاد خالد

nawzad@get2net.dk

 

مع موعد قرب اجراء الانتخابات في العراق يزداد عدد الاحزاب والشخصيات التي تنوى المشاركة فيها وتعلى الاصوات المنادية بضرورة المشاركة في تلك الانتخابات المزعمة اجراءها في نهاية شهر كانون الثاني من العام القادم. مجرد نظرة على قائمة اسماء الاحزاب المشاركة نرى بوضوح غلبة الاحزاب الاسلامية من كل لون وطائفة ومناداتها بقوائم مشتركة لضمان اكبر عدد من الاصوات. هذا هو شكل الموضوع، اما جوهره ونية هذه الاحزاب ومشاركتها في الانتخابات فهي مبهمة للمواطن العادي ولا يسمع غير تحويل البلاد الى بلد الشريعة والدين والعدالة الاسلامية المنافية من الفها الى ياءها للحقوق المدنية للمجتمع المعاصر. دخول هذه الاحزاب في هذه المسيرة كان من منطلق تصريحات  لحكومة بوش بالاعتراف بأية سلطة منتخبة في العراق. وكانت هذه مناسبة وفرصة ذهبية لهذه الاحزاب للمشاركة في الانتخابات منتهزة فرصة تواجد القوات الامريكية واشتداد الصراع بينها وبين قوى الاسلام السياسي الرجعي. فامريكا تلعب لعبتها حيث تبارك من جهة مشاركة هذه الاحزاب وامكانية فوزها بالانتخابات و من جهة اخرى تأهل الارضية لتقوية الاسلام السياسي الرجعي ببقائها في العراق وحملاتها العشوائية ضد المدنيين العزل في مدن العراق، مستدلة الستار على استراتيجية اكبر منها وهي هيمنتها على العالم ولعب دور الشرطي الوحيد لضمان سيطرتها على منابع النفط في العالم وتحكمها بالقوى العالمية الاخرى كاليابان والصين واوربا ناهيك عن تثبيت دورها للرأسمالية العالمية بأنها القوة الوحيدة القادرة على حماية الراسمال من اية قوة تحاول تعديل هذه العالم المقلوب. لاتهتم امريكا بنتيجة الانتخابات في الوقت الحاضر فالمهم لها ان تثبت للرأي العالمي انها قد حققت وعودها واجرت انتخابات انتخب فيها العراقيون حكومتهم المقبلة لتسدل الستار على سياساتها الرجعية والمستقبلية في المنطقة وتحول انظار الرأي العالمي عنها. الاحزاب الاسلامية الرجعية من جهتها تعلم جيدا ان ليس لامريكا نية للخروج من العراق لاسيما انها قد جددت تواجد قواتها حتى العام 2010، لكنها ترى في هذه الاوضاع السياسية فرصة لنيل رضى الامريكان واخذ موقع لها في سياسات امريكا وفي اثبات قدرتها على قمع كل حركة منادية بالانسانية والتحرر وتلوين المجتمع بطابعها وقانونها الرجعي.

من هنا يتضح لنا ان الانتخابات في العراق ليست سوى اسدال للستار وتحويل للانظار. الغائب في كل هذا هو مصير حياة الملايين من الجماهير التي عانت وتعاني من عدم الاستقرار السياسي والامني والاقتصادي، فلا الانتخابات ولاغيرها من الاشكال الصورية للسلطة تستطيع اليوم ضمان حياة واستقرار الجماهير مادام جوهر المشكلة باق وهو بقاء القوات الامريكية وبقية القوى السوداء من اسلامية وقومية وغيرها في  العراق.

الاجواء السياسية التي خلقتها تواجد القوات الامريكية في العراق و اشتداد المد الارهابي فيها في الوقت الحالي، ليست بالارضية المناسبة لامكانية تحقيق الارادة الحقيقية للجماهير لانها ستعيد نفس قوى السيناريو الاسود، وحتى هي ليست بالارضية المناسبة لتحقيق نلك الانتخابات المعبرة عن مطامح جماهير العمال والكادحين في العراق.

فالموقف السياسي الصريح والواضح لاي حركة تهمها مصالح الجماهير العمالية والكادحة هو تعرية هذه الانتخابات وفضحها، وتجميع قوى الجماهير المنادية بالحرية والاشتراكية لطرد القوات الامريكية والتخلص من كل قوى السيناريو الاسود معها وكل الانعكاسات السلبية الناجمة عن وجودها، فمستقبل التحرر والاشتراكية في العراق مرهون بطرد هذه القوى.