حول اوضاع العمال

 

نضال عبد الله

 

وضع العمال في اي معمل او مصنع في العراق اليوم هو بطبيعة الحال حالة موروثة من العهد السابق للبعث ومستمرة على نفس النهج مع انهيار اكبر في مستواهم المعاشي. فقد كانت العاملات سابقا في المعمل والورش يعانين من تحرشات ومضايقات اجهزة الامن الصناعي التابع للبعث. البعض منهن كان يظررن الى ترك العمل خوفا من البطش والاخريات يظطررن الى مجاراة اؤلئك او ألخضوع لهم. العاملات يتعرضن اليوم الى اذلال واهانة مشابهة من ناحية المضايقة وفرض الزي الاسلامي والحجاب ومحاربة ومضايقة من لا تود الانصياع لرغبات الفئآت والحركات الاسلامية.  نفس الاهانات والمضايقات تستمر الان بظل القوى الرجعية الجديدة. ان احوال العمال والعاملات سيئة للغاية في العراق.

 

فاجور العاملات والعمال والذي هم بنفس الرتب الوظيفية تتراوح بين 100 – 200 الف دينار والبعض من هؤلاء العاملات امضين في الخدمة قرابة ال 25 سنة مع العلم ان ايجار شقة صغيرة جدا في منطقة شعبية لا يقل اليوم عن 200 الف دينار شهريا. وفي احد معامل النسيج في بغداد توجد هنالك حوالي 3000 عامل وعاملة يتعرضون الى اقسى انواع المحاسبة من الادارة والى ضغوطات مستمرة. اما العاملات اللواتي لديهن الاطفال فلا يمكن لهن وضع اطفالهن في اي روضة او حضانة فيضطررن الى تركهم تحت رحمة الشوارع والازقة ليلعبوا بين الاوساخ والنفايات والازبال والمياه الاسنة القذرة مما يعرضهم الى شتى صنوف المخاطر الجسدية والروحية. اما بخصوص نظام السلامة المهنية فهي عموما سيئة. وبالرغم من وجود المعامل الحكومية والتي يكون الوضع فيها نسبيا افضل، هنالك المعامل الاهلية التي لا تمتلك اصلا شئ اسمه سلامة مهنية.

 

وفي حالة تعرض العامل او العاملة الى اضرار او جروح اثناء العمل فليس هنالك اي تعويض مادي. كما ان الادارة لا تكترث حتى بتوجيه اي رسالة شكر او مساندة او مواساة للعامل او العاملة الذي يتعرض الى اضرار العمل واضطروا الى المكوث في المنزل. هنالك فقط الوعود بالمكافآت المالية والتي تبقى مجرد وعود كاذبة لا تتحقق ابداً. وكمثال على ذلك فقد تعرض احد العمال الى دخول مواد كيميائية سامة في احدى عينيه مما ادى الى اضعافها بشدة ولكنه بالمقابل لم يحصل على اي تعويض او مقابل من الادارة وليس من قانون يحميه. ان الحالة المعتادة هو ان العامل المتضرر يذهب الى البيت ولكن بلا اعانة فيتوسل بعد حين من الادارة ان يرجع الى عمله وهو مصاب وبطبيعة الحال لا يقبل رجوعه الى عمله في معظم الاحيان. ومن جهة اخرى هنالك اعمال النقل التعسفية للعمال والتي تقوم بها ادارة المصانع من قسم الى اخر وبشكل مزاجي وكيفي وحسب رغبات مدير الادارة وكنوع من انواع العقوبة في بعض الاحيان لمن يعترض على سياساته من العمال والعاملات. وفي ايام البعث حصل ان اختلس احد الاداريين اموالا من احد المعامل الحكومية للنسيج ولكنه بدلا من ان يعاقب فقد ارسل الى البيت في اجازة ليعاد بعدها بشهرين الى المعمل ويعين مديرا في قسم آخر.!! ان الفساد الاداري والرشاوي والمحسوبيات كلها تعد اليوم ممارسات عادية ويومية للادارة او من يتواطئ من العمال مع الادارة.

 

على العمال والعاملات ان يتسلحوا بالشيوعية العمالية والماركسية وان يناضلوا من اجل الدفاع عن زملائهم العمال والعاملات بلا اي تمييز جنسي او طائفية او قومية. يجب ان ينشط العمال والعاملات الثائرون من اجل حماية حقوق زملائهم العمال والعاملات بلا كلل او ملل امام الادارة التي تمثل الطرف المناقض والمواجه لمصالح العمال ورفاههم. ان جماهير العمال بحاجة الى تأسيس مجالسهم وبحاجة الى الماركسية لانها سلاحهم النظري الحاد بوجه استغلال رأس المال. ان العمال اليوم ضعفاء ومنكسري الارادة. ان الشيوعية العمالية تعطي الامل اليوم للعمال بالخلاص من وضعهم الحالي وكسر حلقة الاستغلال البشعة الجديدة ضدهم وتزيد من ثقتهم بنفسهم وقدرتهم على تغيير هذا الواقع الظالم بحقهم وحق اطفالهم. ان الشيوعية العمالية وحزبها الشيوعي العمالي اليساري بامكانها ان تجعل من اعتراضات العمال والعاملات اليومية قوة مادية حقيقية قابلة لتغيير الواقع بدلا من التشتت والاستسلام والتراجع. ان للشيوعية العمالية مكانة رائدة بين صفوف العمال لانها تعبر عن مصالحهم المستقلة بعيد عن خرافات الحركات البرجوازية التي توههمهم وتزرع بذور التفرقة والتخلف بين صفوفهم لا لشئ الا لتسهيل كسر قوتهم الطبقية العظيمة. ان قوة الطبقة العاملة لو توحدت لن يكسرها شئ. الملاحظ اليوم وبعد سنتين من الدعاية بين اوساط الحركات الاسلامية داخل صفوف العمال ان العمال والعاملات فقدوا الثقة تماما بهذه الحركات البرجوازية وصاروا يفتشون عن البديل الذين بامكانهم الوثوق به. بديلهم الذي يبغي تنظيم صفوفهم لتحقيق الدولة الاشتراكية وسيطرتهم على مقدرات حياتهم بانفسهم.

يتسائل العمال والعاملات اليوم عن الشيوعية ويودون معرفتها بشغف لانهم يعجبون بقدرتها على تسليحهم بالوعي الطبقي وبقوتهم. يجب تسليح العمال من خلال تنظيم الحلقات والمجالس وتزويدهم بادبيات الشيوعية العمالية والحزب الشيوعي العمالي اليساري. المجال اليوم مفتوح واكثر ملائمة لكل قادة العمال في ان يصبحوا شيوعيين عماليين يساريين وان يشرعوا ببناء الحركة المجالسية لتصبح قوة ضخمة في العراق بامكانها تحطيم مشاريع البرجوازية الارهابية بشقيها المحلي والعالمي.