مقابلة نحو الاشتراكية مع سمير نوري حول الهجوم الاسرائيلي على الجماهير الفلسطينية في غزة

 

 

نحو الاشتراكية:رفيق سمير لقد قامت اسرائيل يوم السبت 27-12-2008 بضرب غزة بالقنابل والصواريخ مدعية انها تقوم بحملة ضد ارهاب حركة حماس الاسلامية. هل لك ان تصف موقف الحزب من القصف الاسرائيلي الحالي ولم تعتبرونه جريمة في الوقت الذي تحارب فيه اسرائيل حركة اسلامية بربرية كحماس ؟

 

سمير نوري: لغاية كتابة هذه الكلمات قتل اكثر من 660 مواطنا غزاويا منهم 225 اطفال و 59 امراة وقرابة 3000 من الجرحى. ان المستشفيات في غزة في حالة انهيار كامل، وقصف الجيش الأسرائيلي مدارس تدار من قبل منظمة الأمم المتحدة لاغاثة المشردين وماوى للناس والاطفال وقتل اكثر من 44 مدنيا اكثرهم من الاطفال. ان مجرد ذكر هذه الأرقام يكفي لكي نبين مدى كذب حكومة اسرائيل ومدى بربرية هذا الحكومة ضد اكثر من مليون انسان. بعد فرض الحصار الأقتصادي عليهم ومعاقبتهم بشكل جماعي وكل الوسائل الأعلامية تتحدث عن بشاعة الوضع حيث انعدام الماء و الكهرباء و الظلام والبرد. يتم كل هذا تحت اسم محاربة الأرهاب. برأيي ان من يقتل اطفالا هو ارهابي و مجرم ايضا، ومن يفرض الحصار على المواطنين و يمنع وصول الأدوية و المواد الغذائية لهم و هو ارهابي ومجرم ايضا، وان دولة اسرائيل دولة عنصرية قومية دينية تمارس الأرهاب منذ اكثر من 6 عقود ضد الفلسطينييين و جرائمها البشعة لا تسمح لها التحدث عن الأرهاب. ليس فقط اسرائيل دولة ارهابية تمارس ارهاب الدولة بل ان جورج بوش والمحافظين الجدد واليمين الامريكي مشارك في هذا الجريمة ايضا.

ان ممارسات المنظمات الأسلامية الأرهابية كحماس والجهاد الاسلامي و حزب الله في لبنان، لا يبرر لاحد ان يمارس الأرهاب ضد الجماهير. نحن نعلم بأن الأرهاب الأسلامي عائق امام حل القضية الفلسطينية و انهم يمارسون الأرهاب ليس فقط ضد الأسرائليين انما ضد المواطنين في البدان الذي يمارسون نشاطاتهم او بالأحرى ارهابهم، لكن هذا لا يعطى الضوء الأخضر لاحد ان يمارس القصف العشوائي و الحصار والقتل الجماعي ضد المواطنين. ان اسرائيل هي المسببة لقضية الفلسطين وتمارس ابشع الارهاب والجرائم ضد المواطنين في فلسطين وليس في امكانها ان تنهي الأرهاب بل بالعكس ستقوي الارهاب المعاكس، ان اسرائيل والمنظمات الأسلامية تقوي بعضها البعض بممارسة وتشديد الأرهاب و القتل الجماعي. 

 

نحو الاشتراكية: لقد قامت اسرائيل وبالاشتراك مع الدول المحيطة بغزة وخاصة مصر بقطع المساعدات والامدادات الغذائية والوقود اللازم لادامة الحياة في غزة وفرصت حصارا تجويعيا على قرابة مليون انسان. ما موقفك من الحصار الاقتصادي كوسيلة للعقوبة الجماعية ؟

 

سمير نوري: اني ضد قطع المواد الغذائية والأدوية والمحروقات الى المواطنين مهما كانت المبررات. الطفل لا يعرف ماذا يدور بين الكبار حتى يعاني مما لا ذنب له به اطلاقا. نحن لحد اليوم نرى اثار الحصار على الشعب العراقي التي فرضته امريكا والامم المتحدة  تحت اسم معاقبة الحكومة البعثية وكان موقفنا ضد ذلك الحصار واضحا وقويا، في نفس الوقت، كنا نناضل ضد الحكومة البعثية بكل الوسائل. ان الحصار الأقتصادي هو عقوبة جماعية لهذا ارفضه. هناك وسائل اخرى يمكن ممارسته لردع اطراف او حكومات مجرمة مثل الحصار العسكري والدبلوماسي وتقوية التيارات الأنسانية، ولكن الحصار الاقتصادي لم يعط اي نتائج ايجابة بأتجاه انهاء نفوذ حكومات او قوى مجرمة بالعكس، فانها تؤدي الى تقوية الحكومة والقوى المجرمة وتضعف بالمقابل قدرات الجماهير للنضال ضد المسلطين عليهم وان تجربة العراق واضح كالشمس.

 

ان تشديد الحصار على غزة من قبل اسرائيل و مصر هو جريمة بشعة و كارثة انسانية يجب ان تنتهي فورا بدون اي مبررات. لجماهير غزة الحق في الحياة. ان الحصار هو اعدام جماعي وبشكل تدريجي وامام انظار العالم.  وان المجتمع الانسانى الآن تحت سؤال: كيف يقبل لدولة اسرائل بمساعدة حكومة حسني مبارك بفرض هكذا حصار على المواطنين الفلسطينيين. وبالمقابل هناك نضال جدي من قبل العمال و التحرريين على الصعيد العالمي وعلى صعيد اسرائيل ومصر للتنديد بهذا الجريمة ولكسر هذا الحصار.

  

نحو الاشتراكية: عمر القضية الفلسطينية بلغ ستين سنة ( منذ ما يسمى بنكبة 48) واليوم مازال الشعب الفلسطيني مشردا ويعيش في مدن الصفيح بل ويضرب بالقنابل بشكل دوري ويقتل منه الالاف دون ان يرف جفن المجتمع الدولي. امريكا تحاول الحل والاتحاد الاوربي حاول والدول العربية حاولت ومحمود عباس حاول ولا جدوى؟ لماذا؟

 

سمير نوري: هناك اطرف لا يعترفون بحل القضية و لهم مصلحة في ذلك. لقد اقتربت القضية من الحل بعد سقوط الكتلة الشرقية وتم جلوسهم على طاولة المفاوضات وبدأ عملية السلام وخطت خطوات جيدة الى الامام و لكن بعد اغتيال اسحق رابين وفرض الحصار على عرفات وتقوية اليمين في كلا الطرفين اسرائيل و فلسطين وبدأ ممارسة الارهاب والقتل على الجانبين حيث تنتم دولة اسرائيل الى الى احد الأقطاب الأرهابية على الصعيد العالمي وهي امريكا من جهة وهناك الأسلام السياسي في الطرف الأخر. لذا نرى انه بوجود هذين الطرفين لن يكون هنالك جدوى من المحاولات والمؤتمرات والتي ليست سوى حبر على ورق. بعد كل مؤتمر نرى الوضع يزداد سوءا. لقد اعلنا بعد مؤتمر انابوليس بأن أدعاء تشكيل الدولة الفلسطينية المتساوية الحقوق مع اسرائيل قبل انتهاء ولاية جورج بوش هي زوبعة في فنجان ولا تقدم اي شيء للفلسطينيين. وفعلا بعد المؤتمر مباشرة بدأت اسرائيل ببناء مستوطنات جديدة والآن نرى ان الاوضاع قد وصلت الى حالة اسوأ مما كانت عليه في قبل حرب 67 بكثير وان الجماهير الفلسطينية تعاني بشكل كبيرة جدا. من جهة اسرائيل تهاجم الجماهير بالصواريخ والطائرات ومن جهة تقصف حماس المدنيين العزل بصواريخ قسام. ان السبب الرئيسي للفشل في ايجاد حل هو سيطرة اليمين على على حياة الجماهير و اللعب بمصير البشرية على الصعيد العالمي وفي المنطقة.

 

نحو الاشتراكية: الاسلام السياسي حركة رجعية وارهابية معادية لكل ماهو انساني وهي تسيطر الان على قطاع غزة . هل تعتقد ان اقامة دولة فلسطينية متساوية الحقوق سيعجل من نهاية حماس والجهاد وبقية القوى الاسلامية الرجعية ؟ كيف ومن هي القوى القادرة على فرض حل الدولتين متساويتي الحقوق ؟

 

سمير نوري: نحن في قرارنا حول فلسطين اعلنا بأن هناك قوى تقف كعثرة امام حل القضية في كلا الطرفين. ان اسرائيل التي تمارس الأرهاب بشتى الوسائل وغير حاضرة للأعتراف بالدولة الفلسطينية متساوية الحقوق وتمارس شتى الوسائل لاعاقة هذا المسعى وتخلق شتى العوائق لحل القضية ببناء الستوطنات بشكل مستمر وفرض الحصار، وقصف المناطق الفلسطينية وتدمير البيوت وتشريد الناس من مساكنهم و مناطقهم، وهذا بسبب وجود اليمين الأسرائيلي  وهيمنته على مصير دولة اسرائيل، وفي المقابل هناك المنظمات الأسلامية كحماس و الجهاد المتشبثتين بشعار رمي اليهود في البحر وهو نفس الشعار التي تركه القوميون العرب بعد هزيمة 67 و عدم الأعتراف بوجود دولة اسرائيلية وممارسة الارهاب بشكل مبرمج و مستمر ضد المدنيين في اسرائيل وبمساعدة ايران، لن يسمح بتقدم عملية السلام و انهاء هذا الوضع الماساوى. بمعنى اخر، ان الأطراف اليمينية لا يريدون ولا يسمحون بحل القضية بل بالعكس يعقدون الوضع اكثر ويزيدون الويلات على رؤوس الجماهير في كلا الطرفين. ان حل القضية الفلسطينية و افاق هذا الحل مرتبط ارتباطا وثيقا بالتغيرات في توازنات القوى السياسية والأجتماعية على صعيد المنطقة والصعيد العالمي. اننا نشهد مرحلة بعد 11 ايلول و تأثيرات هذه الكارثة على الصعيد العالمي وصعود اليمين المتطرف ودفعه العالم الى الحروب والأزمات وتفشي الجرائم والهجوم على مكتسبات البشرية . بدون هذه التغييرات في هذا الواقع يصبح من العسير توقع حصول تغييرات حول القضايا الساخنة سياسيا على الصعيد العالمي.

 

ان افاق تقوية الحركة الانسانية و الأشتراكية و اليسار على الصعيد العالمي مسألة مطروحة، ان هزيمة المحافظين الجدد و رجوع الناس الى ماركس و الى الأشتراكية مرة اخرى يفتح الأفاق امام كثير من القضايا ان تحل بشكل انساني . ان القضية الفلسطينية ليس قضية محلية، لذا بدون تقوية الحركة الأنسانية على الصعيد العالمي و المنطقة ليس من الممكن تصور حصول تغييرات كثيرة بأتجاه ايجابي. اما على صعيد المنطقة فان تقوية الجبهة الثالثة؛ جبهة مناهضة لكلا قطبي الأرهاب، ارهاب الدولة بقيادة امريكا والأرهاب الأسلامي هو شرط ضروري لفتح افاق حل لقضية فلسطين حلا انسانيا، و ان تشكيل دولتين متساويتي الحقوق مرتبط بتقوية هذه الجبهة. وفي نفس الوقت فان حل هذه القضية ايضا يساعد على نهوض سريع للوعي الطبقي والأنساني و خلاص الجماهير من الخرافات القومية و الدينية في كلا الطرفين لبناء عالم افضل.

 

نحو الاشتراكية: شكرا على اجاباتك.