دخول المستنقع !

لقاء مع سمير نوري عضو المكتب السياسي للحزب حول مهزلة الانتخابات واشتراك القوى المدعية بالشيوعية فيها

 

حول مهزلة الانتخابات وتحضيرات القوى والمجاميع الاسلامية والقومية لها

 

نحو الاشتراكية: الملاحظ ان هناك حركة جديدة لاقامة تحالفات جديدة كلها تستعمل تعبير "الوطني" في عناوينها؛ الحركة الوطنية العراقية، تحالف دولة القانون، التحالف الوطني العراقي. ما هو تعليقك على هذه التحالفات، الى ماذا تشير وماسبب استعمالها لكلمة "الوطني" رغم ان القوى هي نفس القوى الدينية والطائفية والقومية والمذهبية السابقة وليس هناك اي تغيير جديد على ماهية تلك القوى ؟

 

سمير نوري:برأيي لم تتغير الاوضاع كثيرا. الحركات الاجتماعية الموجودة هي هي واقصد الحركات الاصيلة الموجودة كتيار الاسلام السياسي باجحته المختلفة الشيعي او القاعدي – التكفيري - السني والقوميين العرب او التيار القومي العروبي. ذلك التيار كان يمثله حزب البعث في السابق والان يتشكل من عدد من التكتلات منها بالطبع حزب البعث ولكنه خارج ما يسمى العملية السياسية. هناك ايضا تيار القوميون الكرد. بامكانك ان تضع اي من الاحزاب البرجوازية العراقية في خانة من هذه الخانات الاجتماعية البرجوازية المتصارعة. ان الاستقطابات تحدث داخل الحركات والاجنحة المعينة وحسب الظروف والقدرات او الصراعات الفكرية، وحتى داخل الاجنحة الاسلامية كالجناح الاسلامي الشيعي، فان الصراعات الجارية داخل اقطاب الجمهورية الاسلامية تنعكس على الاوضاع في العراق ايضا. فمثلا الانقسام بين ما يسمى المحافظين والاصلاحيين يؤثر على التيار الاسلامي الشيعي في العراق. في المحصلة النهائية، هذه الحركات تريد ان تجمع القوة لها من اجل الصراع مع الاطراف الاخرى. مثلا التيارات الشيعية شكلت تحالفين قويين (في السابق) والان يفكرون في توحيدهما. التيار السني العروبي، وهو تيار القوميين العرب من بعثيين وغيرهم هو الاخر شكل تحالفا. ويمكن تصنيف بقية القوى الاخرى ضمن هذه الاطر العريضة. هناك في كردستان التحالف الكردستاني، من الحزب الديمقراطي والاتحاد الوطني والان هناك تيار التغيير. وبالنسبة للاخير فانه يقترب من تيار التحالف الكردستاني لاجل الحركة القومية الكردية. اما حول استعمالهم لكلمة الوطني فلان كل طرف من هذه الاطراف يريد القول انني المنقذ والمخلص للاوضاع في العراق. كل الناس تعرف ان اوضاع العراق اوضاع مزرية ومأساوية وليس هناك نتيجة او حل لها. الدولة غير متشكلة لحد الان والصراعات الدموية مندلعة في الشوارع في بغداد وكركوك والموصل والعديد من المدن الاخرى وهناك العديد من الميليشيات التي تتحرك منها جيش القدس وجيش المهدي وقوات بدر وقوات البيشمركة وغيرها. كل طرف الان يريد ان يتحدث الى الجماهير يجب عليه القول "انا وطني" لانه يريد ان يحصد الاصوات منهم على اعتبار انه قادر على انهاء الاوضاع. برأيي، كل تلك القوى هي من نفس الخامة ولها كلها نفس السياسة والبرامج وليس هناك اي اختلاف.

 

نحو الاشتراكية: هل من الممكن القول ان القوميين العرب يطرحون انفسهم اليوم بشكل اكثر توحدا وقوة من السابق على اعتبار ان اياد علاوي قد غسل يديه من تحالفاته الاسلامية الشيعية ويذهب اليوم للتحالف مع قومي – اسلامي سني وهو صالح المطلك تحوم حوله الشبهات بارتباطاته الارهابية. ماهو رأيك بتكتل القوميين العرب اليوم في كتلة واحدة وخاصة ان هناك اشاعات عن رجوع البعثيين ؟

 

سمير نوري: بالنسبة للارهاب فلا استبعد اي طرف من الاطراف الحالية عن الضلوع في الاعمال الارهابية، سواء ضد الجماهير او ضد الاحزاب الاخرى، واستعمال التصفيات الجسدية للمخالفين، من الشمال حتى الجنوب، لا استثني اي طرف. ليس فقط صالح المطلك بل كلهم. كل الاطراف الحالية يستعملون الارهاب كوسيلة للتخويف او الاغتيالات حسب الظروف والاوضاع. اما موقعية القوميين العرب، فقبل ان نتحدث عن العراق فان موقعية القوميين العرب في المنطقة اصبحت مسألة حاضرة. من حركة فتح في فلسطين الى القوميين في العراق وعموم المنطقة اصبحوا الان مطروحين. فحركة الاسلام السياسي اليوم تتراجع الى حد ما. مثلا في ايران فان الاسلام السياسي في ازمة، وتحت ضغط الهجوم الثوري لجماهير ايران، ومن طرف اخر فان السياسة الدبلوماسية لامريكا مع الاسلام السياسي والجلوس على طاولة المفاوضات، كلها جعلت الاسلام السياسي يفقد بريقه وشعاراته التي كان يرفعها واصبح للقوميين العرب فرصة ليعلنوا انهم مستعدين اليوم ليلعبوا هذا الدور. في العراق يحدث نفس الشئ. من العام 2003 ولحد الان وبعد ضرب حزب البعث والقومية العربية فانه يراجع قواه وينظم صفوفه باشكال مختلفة؛ من الصحوة الى اياد علاوي وجبهته والوفاق الوطني والتوافق والحوار الى عدنان الدليمي وغيره. نلاحظ في البدء ان بعض هؤلاء لم يدخلوا العملية السياسية ثم بدأوا الدخول بوجل الاخرين فيما يسمونه العملية السياسية ويطرحون انفسهم كبدائل قائلين: بامكاننا نحن ان نغير الاوضاع. يقولون ان القوميين العرب يستطيعون تخليص العراق من هذه الاوضاع وحتى طارق الهاشمي ( الحزب الاسلامي) يريد ان يبلغ هذه الرسالة. لو نلاحظ الجدل الحاصل بين طارق الهاشمي ولاريجاني في زيارة الاخير فان الموضوع متعلق بهذا الامر. الجدل ليس حول تبادل الاسرى ولكن الصراع بين الاسلام السياسي التيار الشيعي، وبين التيار القومي – السني.

 

نحو الاشتراكية: حديث محمود عثمان عضو ما يسمى بمجلس النواب مع راديو زاكروس يقول انه يرفض مشروع الامم المتحدة الاخير بالنسبة للانتخابات ويقول اننا عارضنا لبعض النقاط في مشروع الامم المتحدة وخاصة حول كركوك. نلاحظ انزعاج القوميين الكرد من الموقف الامريكي ويتهم محمود عثمان الامم المتحدة بتبني الموقف الامريكي من مسألة كركوك واتهام لامريكا بلعب دور خبيث في هذا الموضوع. ما سر هذا الانقلاب في العلاقة مع امريكا ؟

 

سمير نوري: القوميون الكرد يريدون ان يبقوا على العلاقة والمكانة التي منحتهم اياهم امريكا. ولقد عبرنا في احد قرارتنا السابقة عن ذلك. قلنا ان القوميين الكرد بدأوا بفقدان مكانتهم وموقعيتهم مع امريكا. فعند احتلال العراق وبدأ الحرب كانوا يمثلون الحليف الوحيد الداخلي للامريكان في العراق وبمثابة قاعدة استند اليها الامريكان، وبالمقابل حصلوا من الامريكان على مكانة لم يكن ليحلموا بها. فرئيس جمهورية العراق اصبح جلال الطالباني وهو زعيم الاتحاد الوطني في العراق. اليوم فان التركيز ( الامريكي ) هو على الدولة المركزية في العراق. وذلك اساس المسألة. اليوم فان الامريكان لا يمنحوا القوميين الكرد فرصة اكبر مما يخططون هم لهم. ولكن القوميون الكرد يريدون ابقاء المكتسبات والمكانة السابقة لهم. ان الصراع على كركوك ( او نفط كركوك ) يتسم بنفس الطابع. فاعطاء كركوك للقوميين الكرد سيقوي موقعهم في التوازن السياسي في العراق والمنطقة. ولكن القوى الاخرى كامريكا والقوميون العرب والاسلام السياسي الشيعي لا يقبلون بذلك وبل يعطونهم اكثر مما لديهم كالحكم الذاتي في كردستان.

 

نحو الاشتراكية: هل اصبح الامريكان اليوم ضد الفدرالية وضد مكانة القوميين الكرد بهذه الاستقلالية او الموقعية ؟

 

سمير نوري: الفدرالية كلمة براقة لم يحصل جماهير كردستان من خلالها على اي مكسب. لقد كانت كردستان مستقلة قبل غزو العراق في العام 2003 ولكنها اليوم فقدت حتى تلك الاستقلالية السابقة. لم تعطهم الفدرالية اي مكسب واي شبر ارض اضافية. كل المناطق التي يريدها القوميون الكرد اليوم معنونة ب ”المناطق المتنازع عليها“. اكثر من 6 سنوات وهم يسمونها المناطق المتنازع عليها. ليس اي من القوى يعطي المجال للقوميين الكرد بالحصول على مكاسب الان.

 

نحو الاشتراكية: هل الدولة المركزية مازالت السبيل لانجاح السياسة الامريكية في العراق اذن ؟

 

سمير نوري: نعم. برأيي ان الحكومة الامريكية تريد تطبيق مشروع الدولة المركزية، ليس في العراق فحسب بل في افغانستان ايضا. انهم يركزون الان على الدولة المركزية وليس على الدويلات الفدرالية. بغير هذا المشروع فان العراق سينقسم الى دويلات. ليس في نية امريكا تقسيم العراق الى دويلات. في عدة مناسبات صرح الامريكان بانهم لن يعطوا حكومات فدرالية اقوى من الحكومة المركزية. القوميون الكرد لحد الان لهم سلطة اقوى من المركز؛ من الناحية الاقتصادية والامنية والعمرانية .

 

حول موقف الحزب ”الشيوعي العمالي“ العراقي من مهزلة الانتخابات

 

نحو الاشتراكية: اصدر الحزب ”الشيوعي العمالي“ العراقي بيانا اعلن فيه اشتراكه بالمهزلة الانتخابية. وقد اسس موقفه على جملة من الافكار منها تطبيع الاوضاع في المجتمع وترسخ الدولة. وصف حزبنا موقف ذلك التيار باليميني والمتخاذل. هل يمكن توضيح اسباب نقدكم لذلك الموقف ؟

 

سمير نوري: لقد اعلنوا واعلنا نحن ايضا بان المشاركة في الانتخابات ليست من الممنوعات. ماركس وانجلز ولينين ومنصور حكمت كلهم قالوا بان الاشتراك في الانتخابات ليس امرا مستحيلا. ولكن هذه الانتخابات ليست انتخابات ولا تمتلك اي معايير للانتخابات. ليس فيها اي ظروف طبيعية اجتماعية لاجراء الانتخابات. بعد اعلانهم لهذا الموقف واثر الانفجارات الاخيرة التي حصلت في بغداد ( انفجار الصالحية ) اصدروا بيانا اخر نفوا فيه انفسهم بشكل غريب. قالوا انه لا يوجد وضع امني وهناك انفجارات وميليشيات وتهديد. كلام مناقض لكل اسس اشتراكهم في هذه المهزلة. دول المنطقة تلعب بمصير الانتخابات، حيث تعطي الدول كالسعودية وايران اموالا طائلة لاطراف الاسلام السياسي الشيعي والسني. في حين المفروض بالانتخابات ان يكون هناك  حد ادنى من ارادة الانسان الفرد للتحكم بارادته. في هذه الانتخابات فان ارادة الانسان ليست فقط منفية ولكنها مسلوبة. ذلك الحزب يتحدث عن العملية السياسية والتغيير داخل العملية السياسية ولكن ما يسمى العملية السياسية ما هي الا مستنقع. اسأل: هل من الممكن الدخول الى المستنقع والادعاء بانك تستطيع تغييره؟! اي شخص يدخل في هذا المستنقع محكوم بالغرق داخله. هم يريدون الذهاب بارجلهم الى المستنقع. لقد بدأ تشكيل هذا المستنقع منذ الهجوم الامريكي على العراق وتعريفه كدولة مقسمة على اسس دينية وطائفية وقومية وبالتالي تقسيم البشر على تلك الاسس. قالوا انه "مزهرية جميلة" من هذه الاديان والاطياف والاقوام.! لقد عرفوا الجماهير على هذه الاسس الرجعية. هذا ”البرلمان“ هو لويا جيركا (مجمع الملالي ورؤساء العشائر). وقد تحدث مؤيد احمد عن ذلك البرلمان في السابق وسماه اللويا جيركا.

 

نحو الاشتراكية: مالذي تغير الان ليغير موقفه ويريد المشاركة في هذا "اللويا جيركا" ؟!

 

سمير نوري: اعتقد انهم هم الذين تغيروا وليس الواقع كما يدعون. قالوا بنفسهم ان الواقع لم يتغير، الميليشيات في مكانها والارهاب في مكانه والتفجيرات مستمرة وهذه الوحوش الكاسرة مازالت موجودة وقالوا ان الانتخابات ليس فيها معايير، اذن مالذي يدفعك الى الذهاب اليهم؟. برأيي هم الذين تغيروا. الواقع لم يتغير. هم الذين تبنوا سياسة اخرى ويريدون تطبيع انفسهم مع البرجوازية او تطبيع انفسهم مع الاوضاع ويدخلوا العملية السياسية. في احسن الاحوال فان هذه الدولة ستكون دولة رجعية جدا معادية للعامل ومعادية للتحرر والمساواة. ان العملية السياسية برمتها مبنية على الرجعية السياسية وعلى تهديد الانسانية ونفي الهوية الانسانية. ان دخول هكذا انتخابات من قبل الشيوعيين معناه الغرق في المستنقع.

 

نحو الاشتراكية: يدعون ايضا ان سبب مشاركتهم هو من اجل التصدي للقوانين الرجعية . انت تقول انهم يقومون بعملية تطبيع مع البرجوازية وليس تطبيع الاوضاع سبب لموقفهم ؟ ما هي اثار تطبيع انفسهم مع البرجوازية الوحشية الحاكمة؟

 

سمير نوري: يريدون كسب الشرعية من الطبقة البرجوازية. احد النقاط التي يريدون تحقيقها هو كسب الاعتراف من البرجوازية. يقولون لهم نعم. لقد اتينا الى الانتخابات ، قبلنا بكم، بدولتكم ، ببرلمانكم، بكل تركيبتكم، وبالمقابل عليكم ان تعترفوا بدوركم بنا.  انه اعتراف الحزب“ الشيوعي العمالي“ العراقي بهذه القوى السياسية وهذه الدولة، التي هم انفسهم لا يعترفون بوجودها، وهذا البرلمان النتن والمتعفن والذي لا يمتلك اي نزر من الديمقراطية او الانتخابات او التصويت او احترام رأي الجماهير، والظروف اليائسة والمرعبة، والناس الجائعين المجبرين على بيع اطفالهم، والعاطلين المجبرين على حمل السلاح للذهاب مع هذه الميليشيا او تلك، وبغض النظر عن اراءهم ومعتقداتهم بهذه الميليشيات، كل هذا الوضع الحالك في العراق وهم يقررون الاقتراب من هذه القوى السياسية السوداء. رأيي ان موقفهم هو انتحار واضح ولا يمثل موقف الشيوعية العمالية. الشيوعية العمالية هو تيار راديكالي وثوري وياخذ تاكتيكاته من مواقفه الثورية ايضا.

 

من المثير ان نرى ان الحزب ”الشيوعي العمالي ” والحزب ”ألشيوعي العمالي“ الكردستاني وهما في الواقع حزب واحد، غير مقتنعين بمواقف بعضهم البعض في هذا الموضوع. برأيي انهم حتى عجزوا عن اقناع اغلبية اعضاء وكوادر حزبهم نفسه بهذا الموقف. اقرأوا مقابلة أمجد غفور الذي يعرف اوضاع العراق نفس تعريف حزبنا ؛ اي الاوضاع الكارثية والمأساوية وقوى سوداء حاكمة خارج ارادة الجماهير. وعندما يأتي الامر للحزب ”الشيوعي العمالي“ فانه يقول موقفهم صحيح. لماذا ؟ وهو نفسه ينتقد ويمتنع عن الاشتراك في الانتخابات ؟ لا احد يدري. واضح انه لا يقول الحقيقة ازاءهم. من الواضح انهم في ورطة. اصل المسألة هو انهم فقدوا افاقهم السياسية وفقدوا الامل بالطبقة العاملة وفقدوا الامل بتغيير الواقع وبالنضال وتنظيم الجماهير والتوعية واستعمال الشارع للدفاع عن الجماهير. عدم وجود الامل لديهم بالتغيير خارج البرلمان ومن هنا يذهبون الى ”اللويا جيركا“.

 

نحو الاشتراكية: نادية محمود عضوة المكتب السياسي لهم تقول ان هذا الواقع ”مفروض“. والملاحظ ان مطالبهم اصبحت شديدة التواضع و“عاقلة“. كيف تعلق على ذلك؟

 

سمير نوري: عندما تريد ان تدخل مفاوضات يجب ان تتنازل عن بعض المسائل. انهم يريدون ان يجلسوا على طاولة المفاوضات. الطرف الاخر لم يقبل بهم ورفضهم في السابق. ولكن لكي تجلس معهم وانت عديم الحول والقوة، فان عليك الهبوط كثيرا والتنازل كثيرا ليقبلوا حتى النظر اليك. ريبوار احمد ارسل رسالة الى جلال الطالباني وقال سنوقف كل صراع ضدكم من جانب واحد. ولكن جلال الطالباني حتى لم يرد عليه !. البرجوازية لا تجيب عديمي القوة والضعفاء. حتى من ناحية اللغة السياسية والشعارات والمطالب فانهم مجبرين على تغييرها. لن يستطيعوا ان يديموا اللغة الراديكالية للشيوعية العمالية ويتحدثوا بها داخل البرلمان ! لن يستطيعوا ان يتحدثوا مع جلال الطالباني بلغة ومنهج الشيوعية العمالية الراديكالية. سيقول لهم فوراً : من انتم تأتون لتتحدثوا معنا بهذه الطريقة ؟ من انتم ؟ اين هي قوتكم ؟ من اين ؟. حين تدخل العملية السياسية وليس في ظهرك اي قوة تستند اليها فمن المؤكد ان تتنازل اولا. تقول انني اتنازل والان اتي لتتحدثوا معي. وحول قول نادية محمود حول ”الواقع المفروض“ فان ذلك هو نفس منطق وسياسة  الحزب الشيوعي العراقي اي تشكيل الجبهات والدخول في تحالفات والتنازلات للبرجوازية. الحزب الشيوعي العراقي صار له اكثر من سبعين سنة يتحدث عن ”الواقع“. في عام 1958 قبل 14 تموز قام الحزب الشيوعي العراقي بتحالف ووقع على وثيقة لا تقر باسقاط الملكية بل باسقاط حكومة نوري السعيد. القوى الاصيلة للبرجوازية لم تكن تسمح له بذلك. برر الحزب الشيوعي العراقي ذلك ب“الواقع“. في السبعينات دخلوا الجبهة مع حزب البعث وبعد ذلك مع القوميين الكرد في كردستان وكل ذلك برروه ب“الواقع“. ان كل الاحزاب الشيوعية التقليدية يقولون نفس الكلام. اسألوا حميد مجيد موسى: لم تجلس انت في البرلمان ؟ ماذا تعمل هناك ؟ مالفرق ان جلس ريبوار احمد او فارس محمود او حميد مجيد موسى ؟ هل سيذهبوا ليتحدثوا عن الاشتراكية ؟ عن الثورية والراديكالية ؟ ام عليهم ان يغيروا من لغتهم ونبرتهم وسلوكهم  ليستطيعوا الجلوس فقط هنا. لا يمكن. الطبقة العاملة ليست معك والشارع ليس معك وانت ضعيف. انهم بالطبع واهمون حول انهم سيصلون الى السلطة السياسية بالشراكة، وهي نفس فكرة الحزب الشيوعي العراقي: تشكيل الدولة التحالفية الائتلافية والتي جلبها كورش مدرسي ايضا، جلبوها في مؤتمر حرية العراق اولا والان يريدون ممارستها على صعيد حزبهم. ان كل المسألة تأتي من ذلك  الموقف (موقف الدولة التحالفية مع البرجوازية). الامر اذن لا علاقة له باستغلال الشيوعيين لمنبر البرلمان. اي انسان عاقل يفهم ان هناك مكان ما بامكان الشيوعيين استغلاله لتقوية الاشتراكية والثورية في المجتمع. كل الشيوعيون يفكرون باستغلال اي منبر. ولكن المسألة بدأت من قبل. افكارهم مطابقة لافكار الحزب الشيوعي العراقي؛ اي ان بامكانهم فقط مع القوى الاخرى الوصول للسلطة، او ان يقولوا ان الطبقة العاملة الان غير مستعدة، الاشتراكيين غير قادرين، او لنكون ”واقعيين“ ونتعامل مع الواقع وغيرها!. اما لينين فلم يكن هكذا مطلقا. كان يطرح التحالف ولكن مع القوى الثورية. اين هي القوى الثورية في هذا البرلمان النتن وهذه العملية السياسية ؟. مرة اخرى اقول ان هذا هو المستنقع واي شخص يدخل به اما ان يغرق بمياهه الاسنة او يخرج رأسه ممرغاً ب"وحله وطينه". لا سبيل اخر.

 

نحو الاشتراكية:الحزب الشيوعي العمالي اليساري العراقي يطرح المبادئ الثورية وله افق ثوري للجماهير بشكل عام في العراق. ماهو طرحه لغير الانتخابات ؟ ماذا تفعل الناس بهذه القوى السوداء  الموجودة؟ القوى الميليشياتية مسلحة، الاحتلال موجود، ماهو الحل ؟

 

سمير نوري:ان ارسال رؤساء هذه المليشيات المسلحة الى البرلمان او "اللويا جيركا" ليس حلا. ان نفينا للموضوع هو جزء من الموضوع، جزء من حلنا للموضوع. ان ارسال مجموعة من رؤساء العشائر والشيوخ والملالي وقادة الميليشيات ل"تمثيل" الجماهير مرفوض من قبلنا ومن هنا رفضنا هذه الانتخابات. نقول ان هذه الانتخابات ليست انتخابات ولن تصل بالمجتمع الى اي مكان آمن. لا نعترف بهذه الانتخابات وقلنا ان هذه العملية هي سلب لارادة الجماهير. بديلنا هو الناس، البشر. نحن ماركسيون. لدينا قناعة ببراكتيك البشر وحركة الجماهير. لدينا حزب سياسي يريد لعب هذا الدور ولكن اساس الموضوع هو تنظيم البشر والناس. بدون تنظيم الجماهير في الحزب السياسي، حزبنا، دون تنظيمهم في المنظمات الجماهيرية وتقوية جبهتهم ودون ابراز صفوف من القادة الثوريين السياسيين والميدانيين فان الامر لن يتحقق. من الناحية الواقعية فان نزع سلاح الميليشيات واخراج الاحتلال الامريكي من العراق وفرض اصلاحات ضرورية وعاجلة للناس تشكل جزءا اساسيا لتهيئة الاوضاع الامنية والسياسية حتى الجماهير والطبقة العاملة بامكانها لعب دورها واسترجاع ارادتها. دون ذلك، فان الاوضاع لا تبشر بخير. برأيي ان الطبقة العاملة لديها القوة والجماهير متطلعة للحرية وللمساواة وقادرة على الحركة. ان الانفجارات الاخيرة تريد ان ترجع ارادة الجماهير الى الخلف. ان تحقيق بديلنا بحاجة الى نضال قوي وجدي. ولكن التضحيات الجسيمة التي تضحي بها الجماهير حاليا، سدى ودون اي جدوى، هي اكثر بكثير من اي جهد جدي مطلوب منها لتغيير الاوضاع. برأيي ان بديلنا لن يسبب تضحيات للجماهير باكثر ما تخسره حاليا ويذهب هدرا بل وتعمق من مأساتها وكارثتها وويلاتها.

 

حو الاشتراكية:رفيق سمير شكرا ونتمنى لكم النجاح.