مقابلة نحو الاشتراكية مع الرفيق سمير نوري

عضو الهيئة التنفيذية للحزب الشيوعي العمالي اليساري العراقي

حول الاعتراضات الجماهيرية في كردستان

 

 

نحو الاشتراكية: رفيق سمير هل  من الممكن ان تخبر قرائنا عما حدث في كردستان مؤخرا من اعتراضات جماهيرية واسعة بلغت حدود ً جدية من المواجهات مع السلطة القومية الحاكمة في كردستان . ماهي اسباب تلك الاعتراضات وخلفية الاحداث؟

 

سمير نوري : الأعتراضات والاضرابات والمظاهرات في الستة اشهر الماضية في كردستان شملت اكثر المدن والقصبات في المنطقة، منها السليمانية واربيل ودهوك ورانية وكلار وعقرة، وشملت الاعتراضات فئات واسعة من الجماهير، وشارك فيها الأف المواطنين وادت في اكثر الاحيان الى مصادمات بين المتظاهرين والقوى المسلحة للأحزاب مما ادى الى قتل وجرح واعتقاال المتظاهرين. و لحد  اليوم فان تلك الاعتراضات تبرز تارة وتختفي تارة اخرى . في مدينة كلار شارك اكثر من 5000 شخص في التظاهرات وبسبب عنجهية ادارة المنطقة التي يديرها الاتحاد الوطني الكردستاني ادت التظاهرة الى مواجهة عنيفة بين المتظاهرين و قوات ألأسايش "الأمن" وادت الى قتل اثنين من المواطنين وجرح العشرات واعتقال عشرات اخرين ومن جانب الجماهير تم احراق مقرات الاتحاد الوطني ومقرات المنظمات التابعة له وضرب قائمقام المدينة بالحجارة. وفي مدينة عقرة شارك اكثر من الف شخص في التظاهرات واحرقت محطتين للبنزين ونهب بيت صاحب المحطة بسبب شحة البنزين وعدم المساواة في توزيعها. كما قامت اعتراضات وتظاهرات للسواق في السليمانية وتظاهرات الحركة الطلابية والمعلمين والتي ووجهت من قبل ميليشيا الأتحاد بأطلاق النار والأعتقالات. وفي اربيل جرت اعتراضات اساتذة الجامعة ضد الفساد ألاداري مما ادى الى فصل الاساتذة والمدرسين المعترضين. وفي الحقيقة فان هذه الحركة هي حركة احتجاجية من اجل تحقيق المطالب الأنية من الكهرباء والوقود ومناهضة الفساد الاداري ونقص الخدمات الأجتماعية. ان هذه الحركة جديدة وهي تنمو يوما بعد اخر، اكثر واكثر خاصة بعد ان ولت الحكومة الأستبداية في بغداد، وبعد ممارسة الحكم في كردستان من قبل الأحزاب القومية- العشائرية ومرور فترة طويلة تجاوزت الــ 14 سنة من حكمهم وعدم تغير ظروف حياة المواطنين واتساع الفجوة بين الفقر والغنى، وازدياد تراكم رأس المال في كردستان بشكل سريع وازدياد فقر الجماهير من الجانب الاخر يشكل المحور الاساسي لتفجر الأوضاع  وخاصة ان الحزبين الحاكمين لم يقوما بتقدم ادنى مستوى من الخدمات الأساسية للجماهير في كردستان.

 

نحو الاشتراكية: هل هنالك منظور سياسي واضح للحركة الحالية؟ بمعنى اننا ندرك ان الحركة الحالية هي حركة احتجاجية تسعى الى نفي واقع الحرمان وانعدام المساواة والفقر الذي تفرضة البرجوازية على الملايين من العمال والكادحين في كردستان، هل تدرك هذه الحركة منظور مسارها؟ واذا لم تمتلك هذا المنظور كيف بامكاننا كحركة سياسية التقدم ببديلنا ونسعى الى جعل افقنا الاشتراكي هو السائد؟

 

سمير نوري : ان الحركة الموجودة هي حركة لنيل المطاليب الانية ولحد الآن لم تتجاوز هذا النطاق ولكن كردستان ايضا حالها حال كل البلدان المعروفة بالعالم الثالث تعتمد على الأجر الرخيص للعامل وشدة الأستغلال الى اقصى الحدود وان أي اعتراض اقتصادي وسلمي من قبل العمال والكادحين يتحول الى مواجهات سياسية واطلاق النيران على المتظاهرين واعتقالهم وقتلهم وتخويفهم وتتحول الى حركة سياسية ومواجهات سياسية تتخطى حدود اهداف الحركة نفسها. هذا من جانب، ومن جانب اخر فان وجود حركة شيوعية عمالية  في كردستان وترسيخ تقاليدها وسننها من تنظيم الجماهير وكيفية مواجهة البرجوازية ساعد هذه الحركة على ان تنمو بسرعة وتتحول الى حركة ضد البرجوازية الكردية وخاصة التيار القومي العشائري.

 

ان واجبنا كحزب سياسي شيوعي عمالي دعم كل اصلاح في حياة الجماهير نحو الاحسن و نصرة الحركات الأحتجاجية لأجل الوصول الى اهدافها. الا ان مشاركتنا في هذه الأعتراضات لا تقف عند هذه الحدود وانما تتخطاها الى حدود الأصلاح واحداث التغييرات في النظام السائد و يوجه نقدا جذريا للنظام الرأسمالي والعمل المأجور، وسعينا لتلبية قيادة اشتراكية وقياديين اشتراكيين للحركة ومساعدة القادة المحليين على تبنيهم الأشتراكية بدورها تضع مجمل الحركة في مسار الأشتراكية .

 

نحو الاشتراكية: هل تعتقدون بان سقوط النظام القومي العربي ممثلا بالبعث قد سحب البساط من تحت اقدام الحركة القومية الكردية المنافسة نفسها وجعلها تقف بمواجهة الحركة الجماهيرية المطلبية وجها لوجه دون ان تستطيع الاختباء خلف شعاراتها السابقة حول " الاظطهاد القومي"؟ ما تعليقكم حول ان الحركة الاعتراضية الجماهيرية قد وضعت نفسها مباشرة بمواجهة القوى القومية التي كانت تستثمر صراعها مع البرجوازية القومية العربية لتخدير الجماهير وايهامها وتأجيل مطالبها؟

 

سمير نوري : ان شعار "الآن نحن في مرحلة التحرر الوطني و ليس النضال الطبقي" كان شعارا يروج له من قبل القوميين والقوميين من اشباه الأشتراكيين والماويين والحزب الشيوعي العراقي (الكردستاني حالياً) لعقود من الزمن في كردستان. كانوا يخدرون الجماهير بهذه الشعارات ولكن بعد وصول القوميين الكرد الى السلطة السياسية وخاصة بعد سقوط خصومهم القوميين العرب في بغداد، فرغت هذه الشعارات من أي قوة ، ولم يعد هذا الشعار يسمن او يغنى احدا. انتهت الحرب وانزاح غبار المعركة، لم يعد للدبابات والمدافع من وجود على حدود سلطة القوميين الكرد وبكلمة اخرى ازيل التهديد. الأدارة المحلية ثبتت اقدامها الى حد ما، وبدأت البرجوازية الكردية تستثمر رساميلها وتجمع الأرباح وتبني القصور والبنايات وتغازل الخليلات وترسل الدولارات الى البنوك العالمية وتنشط التجارة وغيرها من مصادر جمع الارباح. من البديهي الا يبقى المجتمع اي الجماهير الواسعة والتي ضحت بفلذات اكبادها لأيصال هذه القوة السياسية الى السلطة، ساكتا، وخاصة اذا لم يحصل من كل هذه التغييرات على أي تحسن في ظروف معيشها.

 

نحو الاشتراكية: قفزت العديد من القوى السياسية الى الاحتجاجات الحالية محاولة استثمارها سياسيا. من تلك الحركات قطاعات معينة من الحركة القومية الكردية نفسها ممثلا بشخصيات واجنحة من حزب جلال الطالباني – الاتحاد الوطني الكردستاني والحزب الشيوعي العراقي اضافة الى احزاب وحركات اخرى. ماهو برأيكم هدف تلك الحركات؟ وهل تتبنى تلك الحركات البرجوازية فعلا هموم وامال الجماهير وتسعى لتحسين اوضاعها وهي التي راهنت على الحرب الامريكية وتساومت مع احقر الحركات السياسية معاداة للعمال والانسانية عموما كالاسلام السياسي مثلا؟.  هل تود تلك الحركات حرف هذه النضالات وتوجيهها الى وجهات تساومية تمهيدا لاطفاء جذوتها؟ ام ان تلك الحركات تسعى الى استثمار تلك الحركات المطلبية لاعادة انتاج نفسها سياسيا في المجتمع؟  لتحسين مواقعها السياسية مثلا؟ مارأيكم؟

 

سمير نوري : ان سعي الأحزاب القومية الكردية وذيولها من الأحزاب القومية الصغيرة للحصول على مكانة داخل الأعتراضات الجماهيرية لا يقبل الشك ، ولكن الواقع يبين عكس مطامحهم وعلى سبيل المثال اضراب المعلمين في السليمانية، ففي اول خطوة خطاها تم عزل وفضح اتحاد المعلمين التابع للاتحاد الوطني الكردستاني. هذه الحركات لا تساعد على اعادة انتاج التيار القومي في كردستان بل بالعكس فان التظاهرات والأضرابات الجماهيرية والثورات تولد الراديكالية وتقوي الشيوعية في المجتمع. اما الحرب و القمع والانتخابات البرلمانية وغيرها من السنن  والتقاليد البرجوازية فانها تولد وتقوي البرجوازية. الا ان البرجوازية لا تقف مكتوفة الأيدي عندما تكون الجماهير في الساحة السياسية وفي حالة اعتراض ونهوض. وبالنسبة للحزب الشيوعي العراقي فان تاريخه خلال الفترة المنصرمة لا ينفصل عن تاريخ الأحزاب القومية الكردية في كردستان وكان حزبا من ستة احزاب داخل الجبهة الكردستانية خلال التسعينات. ولم يكن يخالف السياسات الرسمية للقوميين الكرد وشارك في قمع الكادحين والحركة المجالسية والشيوعيين العماليين. ان محاولاتهم المشاركة في الحركة الأعتراضية الجديدة لن يرجع لهم الثقة ولا يعطيهم المصداقية والمجال لأستثمارها لتقوية موقعه السياسي في المجتمع. اما بالنسبة للأسلام السياسي داخل هذه الحركات فيقترب الى العدم لأن هذه الحركة منبوذة ومكروهة من جماهير كردستان ولا فرصة لهم للعب أي دور في هذه المجال.

الحركة الوحيدة التي بأمكانها ان تقود هذه الحركة هي الشيوعية العمالية. اولا لأنها حركة سياسية تطابق اهدافها وبرنامجها امال واهداف الجماهير، وثانيا فانه خلال عقد ونصف خلا، بينت  تلك الحركة انها الوحيدة التي تقف الى جانب العمال والنساء والكادحين والفئات المحرومة في المجتمع، وثالثا لانها قدمت نماذج وتجارب حية ونضالية خلال ذالك الفترة لتنظيم الجماهير وتوحيد صفوفها ورسخت تقاليد ثورية وراديكالية داخل صفوف العمال والكادحين . بناءا على تلك النقاط فان هذه الحركة هي الوحيدة التي بأمكانها ان تقود الجماهير ليس فقط للحصول على مطالبها الفورية وانما للوصول الى تحقيق تغيير جذري في المجتمع وبناء عالم أفضل. 

 

نحو الاشتراكية: ماهي كلمتكم الى الجماهير المحتجة والمحرومة والمستغلة (بفتح الغاء) في كردستان. مالذي تودون قوله لهم حول نضالهم من اجل تحقيق مطالبهم في الرفاه والمساواة والحرية؟

 

سمير نوري : اولا نحن نساند الجماهير المحتجة والمستغلة في كردستان بكل الأشكال، وندعوهم الى توحيد صفوفهم في المنظمات الجماهيرية الواسعة. ان الحركة الوحيدة التي تقف معهم في نضالهم هي حركة الشيوعية العمالية. أي توهم بالبرجوازية سوف يسبب انتكاستهم وعدم بلوغهم النصر حتى لو كان طفيفا. ان الرفاه والمساواة والحرية الواقعية غير ممكنة الأ في ظل الأشتراكية والمجتمع الأشتراكي، وان الحزب الوحيد الذي يناضل اليوم من اجل الأشتراكية هو الحزب الشيوعي العمالي اليساري العراقي. ادعو الجماهير الى الالتفاف حول راية حزبهم هذه ورص صفوفهم في هذه الحزب المناضل. نقطتي الأخيرة هي دعوتهم الى توحيد نضالهم مع نضال مجمل عمال وكادحي العراق لان الجماهير في انحاء العراق ايضا يعانون من الحرمان من الكهرباء و ماء الشرب و المواد الغذائية وابسط الخدمات الأجتماعية وبمعنى اخر ان هذه المطالب الفورية هي مطالب فورية لمجمل جماهير العراق و ليس جماهير كردستان فقط. من الضروري اذا الا تتقوقع اعتراضات جماهير كردستان فقط في حدود كردستان ويجب العمل  على توسيعها في كل انحاء العراق حتى تساعد على نهوض جماهير العراق كلها من اجل حقوقها وامالها. ان صفوف المستغلين(بكسر الغاء) موحدة في سلطتها وبرلمانها وحكومتها ودستورها على صعيد العراق، فلا يوجد أي مبرر لعدم  توحيد المستغلين ( بفتح الغاء) على صعيد العراق ايضاً.

نحو الاشتراكية: شكرا رفيق سمير. نتنمى لكم الموفقية في نضالكم من اجل الاشتراكية.