مقابلة مع سمير نوري عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي العمالي اليساري العراقي

حول أحداث منطقة بهدينان وخلفياتها السياسية

نحو الاشتراكية: يبدو ظاهريا" أن الأعمال التخريبية وتدمير مقرات الاتحاد الاسلامي في منطقة بهدينان قد بدأت على أعقاب الفتاوي التي أطلقها بعض الملالي الرجعيين عقب صلات الجمعة في مدينة زاخو. فهل ان الحقيقة هي على هذه الصورة أم هناك أيادي خفية هي التي قامت بتحريك تلك الجموع البشرية؟ واذا كان الامر كذلك فمن هو المستفيد من تلك الأعمال التخريبية؟ ولماذا قام بتلك الاعمال؟

سمير نوري: ان الفتيل الذي أشعل هذه الأعمال البربرية و البعيدة عن التحضر كما رأيناها في وسائل الأعلام في كردستان العراق بدأ بالتحريض الذي قام به بعض الملالي اثناء صلات الجمعة في زاخو و مدن  اخرى في المنطقة، ولكن الامر كما تبين هو ليس فقط اعمال طائشة بعد الصلات قام بها بعض المتعصبين ضد بعض الأماكن الترفيه في المدينة، بل ان اعمال التهديد و الهجوم طالت على الحريات العامة و اماكن الترفيه كالنوادي و المساج ومحلات بيع المشروبات الروحية و المكتبات و خاصة المكتبات التي تتوفر فيها الكتب اليسارية و العلمانية والمعادية لاضطهاد المرأة. وكذلك طالت حملتهم على حرية اختيار الملبس وحتى طريقة المشي في الشوارع و السفر و تواجد الشباب و الشابات مع بعضهم البعض. وهذه الانتهاكات قد أصبح امرا" مألوفا" في يوميا في كردستان العراق ضد الجماهير بصورة عامة و النساء يصورة خاصة وكذلك ضد الحريات المدنية. ان الاسلاميين هم الذين يقومون بهذه الأعمال و بدعم ومساندة من قبل القوميين، ولذلك فالامر معروف من الذي يقوم بمثل هذه الاعمال و من هو المستفيد منها ليس فقط في كردستان العراق انما في كل المنطقة و جميع البلدان المعروفة بال"العربية او الأسلامية" . و عليه فان الحملة ضد المسيحين و الصابئة المندائيين و البهائيين و اليزيديين و الدعوة لتصفية اليهود و النصارى نكاد  نسمعه يوميا ومن على منابر الجوامع من قبل الملالي و رجال الدين و قادة الأحزاب الأسلامية و حتى من دول كأيران.

ان شكل الحملة والوسائل التي تم به الهجوم والشكل المنظم لطبيعة تلك الاعمال تبين بانه كان هناك اطراف معينة قد قاموا بالتحضير والاستعداد للقيام بهذه الأعمال, ان حدوث مثل هذه الأعمال موجود في مناطق اخرى ايضا" و لكن بتاثير اقل. لقد أيد ملا كريكار بشكل مباشر تلك الاعمال الأرهابية في المنطقة ، وهذا يعنى ان الهجوم على اماكن المساج و اماكن الشرب و الفنادق هي من اعمال الأسلامين وهم الذين يشجعون مؤيديهم بشكل يومي للقيام بمثل هذه الأعمال ، و انهم يسعون من وراء مثل هذه الاعمال الغوغائية ان يفرضوا انفسهم على الساحة السياسية.

ان اسلمة المجتمع و فرض السنن و العادات و القوانين الأسلامية هي من اعمال الأسلاميين و انهم بخلق اجواء الرعب و التخويف و تدمير الوجه الحضاري للمجتمع يحاولون فرض انفسهم على الجماهير. ولهذا فانهم يصطادون في الماء العكر.

نحو الاشتراكية: هناك اتهامات متبادلة بين الحزب الديمقراطي الكردستان والاتحاد الاسلامي حول تبعية المسؤولية عن تلك الاعمال. أنتم في الحزب الشيوعي العمالي اليساري العراقي كيف تقيمون تلك الأحداث وهذه الحرب الاعلامية بين هذين الحزبين الرجعيين؟ وهل هناك بوادر لمزيد من التوتر في الوضع السياسي والامن الاجتماعي في كردستان على خلفية تلك الاحداث؟

سمير نوري: اني من مؤيدي الحرية السياسية و ادافع عن حرية النشاط السياسي و لكني لا ادافع عن اطراف يهاجمون المرأة ليلا و نهارا  يرشون النساء بالتيزاب و يعتبرونهم ناقصات العقل، انهم يسعون لمنع اختلاط الجنسين في كل اماكن المجتمع وعن الذين فرضوا قانون تعدد الزوجات السيء السيط، عن الذين يصدرون الفتاوي ضد الشعراء و الأدباء و العلمانيين و يحرقون كتبهم وكراريسهم في الشوارع ، ولذلك فان امثال هؤلاء هم من ألد اعداء حرية التعبير و الحرية السياسية و لذالك اني لا اسف على اغلاق مقرات حزب الأتحاد الأسلامي لانهم ضد الحرية السياسية و حرية التعبير و النشاط الساسي .

انهم برفقة الحزب الديمقراطي الكردستاني يشكلون الجبهة البرجوازية المعادية للجماهير. كما وان ما يسمى  " المعارضة ، الجماعة الأسلامية و التغيرو حزب الأتحاد الأسلامي" يشكلون جبهة معارضة برجوازية ضد الاتحاد الوطني الكردستاني و البارتي و ان صراعاتهم هي صراع حول السلطة و النفوذ و وكم السهم في السلطة وليس لها اي علاقة مع مصالح الجماهير، ان هدف صراعاتهم  هو مثل تحالفاتهم، اي الغرض منها هو تهميش الجماهير و اجباره على التراجع عن مطاليبهم و امانيهم. هناك اوضاع اكثر عمقا يؤثر على اوضاع كردستان من الناحية السياسية و الأمنية مثل انسحاب القوات الأمريكية من العراق و سلسلة الثورات في المنطقة و الصراعات بين القوى و الحركات الاجتماعية في العراق بين القوميين الكرد و العرب و الحركات الأسلامية السنية و الشيعية ، ان التوتر و الصراعات في كردستان بين القوى المحلية بهذا المعني يؤثر سلبا على اوضاع الجماهير المعيشية و الأمنية ، ولهذا فان الأسلامين بتصورهم الساذج يعتقدون انهم يعيدون تجربة اخوان المسلمين في كردستان العراق.

نحو الاشتراكية: لقد بادر مسعود البارزاني الى تشكيل لجنة قضائية واخرى برلمانية لتقصي الحقائق على خلفية تلك الاحداث التخريبية ووعد بتقديم الجناة الى المحاكمة وتعويض المتضررين. ماهي قرائتك لهذه المبادرة والوعود؟ وهل بامكان تقرير قضائي وتعويض المتضررين أن تنهي هذا الصراع بين الاتحاد الاسلامي والحزب الديمقراطي؟

سمير نوري: ان الصراع هو صراع سياسي بين قوتين سياسيتين، لا يحلها القضاء و لا اللجان المشكلة، مسعود البرزاني هو طرف من الصراع بالتأكد يقوم بما يخدم مصالحه و مصالح حزبه. حيث ان كردستان العراق خاضع لحد الان لحكم ميليشيات الأحزاب و منقسمة على مناطق النفوذ ، الدولة و القضاء كلها تابع للحزب المسيطر على المنطقة لذالك فان هذه السيناريوهات ليس سوى اساليب و الاعيب سياسية بين القوى الموجودة. أما بهذا الصدد فاننا لم ننسى اغتيال سردشت عثمان و مهزلة تشكيل اللجنة التحقيقية من قبل مسعود البرزاني و مدى مصداقية هذه الانواع من اللجان و التحركات.

اننا من الحزب الشيوعي العمالي اليساري نطالب بتعويض المتضررين في المنطقة و ندعو الى محاكمة الامرين و المنفذين للاعمال التخريبية. ونطالب بتوفير كل الحقوق المدنية و السياسية للجماهير و حماية الجماهير من الحملات المتطرفة و الرجعية.

نحو الاشتراكية: للمرة الثانية تتعرض مقرات الاتحاد الاسلامي في منطقة بهدينان للتدمير اضافة الى قتل واعتقال كوادره وفعاليه الحزبية في منطقة نفوذ الحزب الديمقراطي الكردستاني. فلماذا كل هذا التركيز على ضرب الاتحاد الاسلامي فقط  دون غيرها من القوى السياسية؟ ولماذا في منطقة بهدينان دون غيرها من المناطق؟ وهل هناك اية علاقة بين هذه الأحداث وانتخابات مجالس المحافظات؟ علما" عندما تم ضرب الاتحاد الاسلامي في المرة السابقة ايضا" كان بالتزامن مع قرب اوان الانتخابات البرلمانية!

سمير نوري: منطقة بهدينان منطقة مغلقة للنشاط السياسي من قبل الحزب الديموقراطي الكردستاني منذ سيطرتهم على المنطقة بعد احداث حرب الخليج الأولى و اول قوة سياسية تعرضت للقمع كانت اليساريين و الشيوعيين في المنطقة ان اغتيال رؤوف كامل و ابو نصير و نذير عمر و غيرهم من اليساريين و الشيوعيين و اغلاق مقر التيار الشيوعي كانت الحملة الأولى للحزب الديموقراطي الكردستاني وحلفائه في تلك المنطقة. ان ضرب مقرات حزب اتحاد الأسلامي يقع في خانة منع النشاط السياسي في المنطقة. و بالتأكيد ان الأنتخابات البرلمانية و الديمقراطية التي يدعيها الاحزاب القومية في كردستان  لا يتعدى أبواب دورهم ، لانه هناك يوميا حملات الأعتقال ضد النشطاء السياسيين و اليسارين و وحملات الاعتقال ضد الصحفيينبغية ترهيبهم وليس هذا فقط ، بل و اغتيالهم وقد حدث ذلك فعلا" في السنتين الماضية فحملة اغتيالاتهم قد طالت في هذه الفترة كلا" من ( سوران مامه حمه و سردشت عثمان و عبالستار تاهر شريف ).ولهذا فليس امرا" غريبا" اذا كان هذه الاحزاب القومية و الدينية يهاجمون بعضهم بعضا و خاصة" عندما تكون هناك تهديد لسلتطهم و نفوذهم السياسي.

انهم احرقوا مقرات حركة التغير في العام الماضي ايضا و هذا يعني انه ليس الأسلاميين و حزب الأتحاد لوحدهم قد تعرضوا للهجمات و القمع ، وبنفس الخصوص فقد قام الاتحاد الوطني الكردستاني بقيادة نوشيروان مصطفى الذي يدعي التغيير، بحملة شرسة ضد الحزب الشيوعي العمالي و اغتال خمسة من رفاقهم. ولكنه لدي قناعة كاملة بأن الحزب او الطرف الذي يهاجم حقوق الناس و ينشر الفوضى و يسلب الحريات الفردية و المدنية و السياسية و ينظم الناس حول افعال كهذا يجب منعه من النشاط السياسي و يجب اغلاق مقراته و اذا تبين ان حزب الأتحاد الأسلامي يقوم بتنظيم انشطة معادية للجماهير يجب تعاقب على اعماله.

نحو الاشتراكية: لقد أصدر مسعود البارزاني بيانا" لجماهير كردستان حذرهم فيها بأن الحزب الديمقراطي الكردستاني  معرض للتهديد والمؤامرة. كما وصرح العديد من مسؤولي الحزب الديمقراطي بان هناك مساعي خارجية هي التي تقف خلف تلك الأحداث بهدف نسف امن واستقرار الاقليم. فكيف تقيم تحذير مسعود البرزاني وتصريحات بقية قادة حزبه؟ وهل هناك فعلا" تهديد خارجي لأمن واستقرار كردستان؟ ولماذا يلجأ مسعود البارزاني وحزبه الى نظرية المؤامرة لتبرير ما حدث في منطقة نفوذه؟

سمير نوري: ان الذي حدث في بهدينان كان اعمالا" غوغائية و فوضية و هجمية ضد الجماهير و الحقوق المدنية و الفردية و حرية العقيدة و حرية التعبير,و لكن بالتأكيد يريد مسعود البرزاني ان يخوف الجماهير بالتهديد الخارجي و بالأخص اعضاء ومؤيدي حزبه و سلتطه، وهذه التعابير هو تهيئة الأجواء للقمع و سلب الحريات و الحملات ضد النشاط السياسي و المعارضة السياسية و الأجتماعية .

صحيح هناك خطر في المنطقة يهدد كل الحكومات و القوى الرجعية و المستبدة و المعادية للجماهير و تتلخص هذا التهديد بوجود الثورات في المنطقة و " الربيع العربي" و كما نعرف لا يوجد اي شيء عربي في هذه الثورات، ان هدف هذه الثورات هو تحقيق الحرية و الخبز و الرفاه و الكرامة الأنسانية و ليس لها اي علاقة مع التطلعات الأسلامية و القومية و الحركة "الموالية للديموقراطية" انما نضال جماهيري من اجل التدخل في السلطة و المصير السياسي للمجتمع.

ان الاسلاميين بسذاجدتهم يسعون الى تحريك الشارع حول قضايا رجعية و معادية للجماهير وهذا الغرض ينظمون الحركات الغوغائية و يهاجمون حقوق الجماهير و الوجه المدني للمجتمع في حين ان كل الثورات في المنطقة تتقدم بشكل راقي ضد الاستبداد و القمع وان الجماهير ينظمون ثوراتهم بارقى اشكال التمدن وفي نفس الوقت مخالف لكل الاعمال التي هي على شاكلة ما حدث في منطقة البهدينان و بتشجيع من الأسلاميين.

ان جماهير كردستان بدؤوا بحركة متمدنة ثورية في شهر شباط  الماضي و تطورت الحركة لتشمل اكثر المناطق و هددت سلطة القوميين الكرد و قمعت الحركة بقوة السلاح و ان شبح تلك الحركة الثورية لا تزال يهدد مسعود البرزاني و جلال الطالباني وسلتطهما ، ولكن تلك الحركة ليست لها اي ربط بالحركة التي قام بها الاسلاميين في منطقة بهدينان بل على العكس كانت حركة معادية  لتلك الحركة الثورية.

ان جماهير كردستان و حركتهم الأعتراضية تهدد سلطة القوميين ولا تشكل  تهديدا" لامن كردستان، انها حركة ثورية من اجل الخبز و الحرية و الكرامة الأنسانية و المساواة و العدالة الأجتماعية ، اذا كان مسعود البرزاني يقصد مثل هذا التهديد فهذا شيء واقعي و ثوري و موجود وتتطور وتتصاعد يوما بعد يوم، ولهذا فان حزبنا يقف في الصف الأمامي لهذه الحركة المتمدنة و العلمانية و الراقية والهادفة الى تحقيق الحرية و المساواة و التمدن و الرفاه.