نتيجة الحروب المتتالية

اكثر من مليوني امرأة فقدن أزواجهن في العراق

كلمة"معيل" تمييز ضد المرأة

 سمير نوري

Samir_norry@yahoo.com

 

عدد النساء اللواتي فقدن ازواجهن في الحروب في العراق في تزايد مستمر. والكثير من النساء ما زلن شابات يافعات وهن حبيسات البيوت. وقد صدرت احصائيات تقول ان اكثر من مليوني امرأة اصبحن بلا مصدر للدخل. ان وضع النساء في العراق وخاصة تلك اللواتي فقدن ازواجهن هو وضع كارثي.

 

تقول نرمين عثمان وزيرة شؤون المرأة في حكومة المالكي بان الوضع بات "قنبلة موقوتة". وتتحدث الاخبار على ان النساء يعانين منذ بدء الحرب الامريكية على العراق في العام 2003 من الحرمان والجوع وعدم القدرة على اعالة نفوسهن واطفالهن. ومع اتساع نطاق حركة الاسلام السياسي والميليشيات الاسلامية والقومية صارت فرص النساء في الحصول على العمل قليلة جدا حيث تجد العديد منهن انفسهن سجينات البيوت وعاجزات عن توفير الغذاء لاطفالهن.  وتسأل النساء الوزيرة عن السبيل لانفاق المال الشحيح الموجود لديهن؟ هل على الطفل الرضيع ام على مطالب ابنها الاكبر في المدرسة؟ ان تلك عينة من الاسئلة المؤلمة والمرة ولكن المثيرة للغضب.

لقد كنا ندرك منذ البداية، ومنذ ان مر العراق بسلسلة من الحروب الدموية الطويلة كالحرب العراقية الايرانية وحرب حكومة البعث مع القوميين الكرد وحرب الخليج الاولى لامريكا على العراق في العام 1991 وبعد ذلك هجوم واحتلال العراق من قبل امريكا في العام 2003 والحروب الطائفية اللاحقة بان وضع الانسان في العراق سيتدهور. وبمعنى اخر فان العراق ومنذ اكثر من عقدين يمر بحروب طاحنة وبدمار وسفك دماء. ان اكثر الذين قتلوا في هذه الحروب من الرجال كمقاتلين في الجيوش والميليشيات. وبالنتيجة فقدت النسوة ازواجهن والان لديهن عدة اطفال ووحيدات وبلا مصدر للمعيشة. ان وضع المرأة التي فقدت زوجها وشريكها في غاية البؤس والفقر والحاجة؛ مليوني امرأة فقدت زوجها ولديها اطفال وعائلة وفي وضع لا يوجد معه اي عمل مناسب او ظروف لعمل المرأة من اجل الحصول على دخل ثابت لاعالة نفسها واطفالها. كما ان هنالك ظروفا قاسية للمرأة فرضتها الاوضاع السياسية والقوى الاسلامية في داخل العراق. ان المرأة لا تستطيع ان تخرج من بيتها سواء للتسوق او للتنقل او للسفر او البحث عن عمل. انها لا تستطيع حتى ان تمارس حياتها وتحصل على شريك جديد في حياتها. كل ذلك يشكل مأساة محزنة بالنسبة للنساء واصبحت الحياة بالنسبة للملايين منهن جحيما لا يطاق. ومن المعروف انه ليس ثمة دولة في العراق لحل هذه المأساة.

 

معيل كلمة اسلامية تمييزية ضد المرأة:

 

ان كلمة معيل التي تستعمل في المجتمع وفي الاعلام لوصف النساء اللواتي توفي ازواجهن هي كلمة اسلامية تبغي ترسيخ مكانة المرأة الدونية في المجتمع. ان المعيل هو تعبير اسلامي مهين للمرأة. ولكن كلمة معيل كلمة مستعملة ولكن من اجل وصف من ليس له القدرة على العمل واعالة نفسه وبحاجة الى شخص اخر كالاطفال والعجزة وكبار السن. ولكن لم النساء بحاجة الى معيل؟. ان هذا التعبير الاسلامي الرجعي قد ادخل في القاموس السياسي والاجتماعي للمجتمع في حياة المرأة عنوة وبحكم الظروف التي خلقوها هم للمرأة. علينا نقد هذا المفهوم. ان السؤال الملح حول كلمة معيل هو: لم لا تستطيع المرأة ان تعمل وتعيل نفسها بنفسها؟ لم لا تستطيع ان تحصل على ضمان البطالة؟ لم لا تستطيع الخروج والبحث عن عمل؟ ما السبب؟. ان عبارة المعيل يبين ان المرأة عاجزة وهو يحاول ان ينتقص من كونها انسان كامل ومستقل وقادر على العمل والانتاج وهو يجعلها مواطن درجة ثانية. فهي في نظر الاسلاميين جالسة في البيت تنتظر "معيلها" الرجل ليعطيها مصروف معيشتها. وبطبيعة الحال ان هي فقدت هذا المعيل فانها ستموت جوعا. تلك افكار مهينة ومحقرة للمرأة.

 

لقد كانت حكومة البعث توفر الامكانات لما يسمى زوجات "الشهداء" لانها ربما كان لها قدرة اقتصادية اقوى والوضع اكثر طبيعية ولمنع تردي الاوضاع او تراجعها وتحولها الى ازمة داخل البلد. اما اليوم فان حكومة المالكي لا تفكر في قضية المرأة بل وحتى لا تفكر ولا يهمها ابدا وضع المجتمع برمته. ان تلك السلطة لا تعتبرنفسها مسؤولة عن المجتمع. فهناك مليونا امرأة بلا اي دخل ومصائرهن مجهولة تماما. كما ان هناك اربعة ملايين نازح من العراق وخمسة ملايين طفل يتيم. هذه الحكومة الفاشلة الاسلامية ليس لها اي دور يذكر: لا كهرباء ولا ماء ولا امن ولا استقرار ولا توفير لمستلزمات المجتمع المدني. هذه الحكومة خلقت اوضاع سياسية متأزمة وانعدام امن بنفسها. فميليشيات تلك السلطة الحاكمة كالميليشيات السنية والشيعية وميليشيات القوميين الكرد منشغلون بالحرب فيما بينهم وتقاسم المغانم والتقاتل على المناصب. انهم يقولون انهم مشغولون بالامور السياسية ولن يستطيعون اليوم الالتفات الى وضع النساء ؟ ولكن ماهي تلك المواضيع السياسية التي يعتبر البعض ان الحكومة مشغولة بها؟ هراء!!. ان الحكومة هي التي خلقت الازمة والكارثة في العراق وهي غير مهتمة باي حل لانها غير قادرة على حل الازمة.

 

ان تعبير "القنبلة الموقوتة" التي ذكرته نرمين عثمان، بالاضافة الى تعبير "وضع مخيف" لوصف عواقب وجود عدد ضخم من النساء العازبات لا تهدف الى وصف الكارثة من الوجهة الانسانية بل من وجهة الاخلاق والتقاليد والاعراف الاسلامية والعشائرية التي يحسبون لها الحسابات. ان وضع المجتمع حاليا وضع بائس وغير قادر على تهديد سلطتهم السياسية وبالتالي فان ما يقصدونه بالمخيف لا يعود الى الخطورة المحتملة لثورة او انتفاضة، بل الى احتمالات تحول النساء الى بيع الجسد كحل لمشاكل الفقر والجوع والمرض؟ وقد حدث ذلك فعليا. اليوم فان المجتمع في العراق ملئ بهذه الظاهرة وبعلم الطبقة الحاكمة ولكنهم يتجنبون الحديث حوله. ان اوضاع النساء او الاطفال اليتامى او الجوعى لا يهم الطبقة الحاكمة ووزرائها. فالحالة المأساوية لا تهم المسؤولين. ان ما يهتمون به هو الجوانب الاخلاقية التي تنبع من الاسلام ومن العشائرية.

 

ان انقاذ البشرية في العراق من التمييز وانعدام المساواة ومن الحرمان هو هدف الحزب الشيوعي العمالي اليساري العراقي وذلك لا يتأتى الا من خلال بناء الاشتراكية وخلاص الانسان من التمييز الاقتصادي – اساس كل تمييز واظطهاد. ومن جانب اخر فان برنامجنا عالم افضل ينادي ويطالب بازالة تمييز المرأة. هنالك في المجتمع تمييزا واضحا ضد المرأة كما بينا ويضع القاموس اللغوي للاسلاميين والقوميين في العراق الكلمات التي تهدف اغراضهم في ترسيخ دونية النساء.فكما رأينا كلمة معيل هنالك كلمة الارملة. وهي كلمة تعني للمرأة الكثير من المعاناة والحيف. فالرجل الارمل لا يهمه الامر ولا ينظر اليه المجتمع اي نظرة تحقيرية او يعامل بشكل خاص. اما الامرأة فتعاني من ضغوطات اجتماعية كبيرة. ينظر الناس الى الارملة دائما كانها تعاني من نقص او عيب وعليها اخفاء نفسها. ان ذلك تمييز ضد النساء. اما في الدول العلمانية كالدول الغربية فان للنساء المنفصلات عن ازواجهن او اللواتي توفي ازواجهن فهم يتمتعون بحياة طبيعية وكرامة كمواطن متساو في كل المجالات. هذه المرأة لديها حياتها وبيتها وعملها بالرغم من ان ظروفها قد تكون اصعب من غيرها لاسباب مادية. الا انها تعيش في كرامة وهي مواطنة متساوية مع الاخرين ولن يجرؤ احد على تنبيهها او المس بكرامتها او القول بما عليها ان تفعله او لا تفعله.

ان اي دولة تعتبر نفسها مسؤولة عن افراد المجتمع وضمان رفاههم عليها منح ضمان البطالة لكل انسان عاطل عن العمل وصل عمره الى سن الرشد – اي سن العمل وان 18 عاما قد يكون سنا ملائما لضمان البطالة ومن حق اي مواطن الحصول على ضمان البطالة اذا لم يكن لديه عمل مناسب.

 

لا تحتاج المرأة لمعيل وهي متساوية الحقوق كالرجل ويجب ان تحصل على ضمان البطالة مثلها مثل الرجل العامل. ان اقطاب الحكومة الرجعية للمالكي يتحدثون عن توفير 80 دولار ضمان للبطالة. ولكن اي مهزلة!!. ان مصاريف بنزين سيارة اي وزير ستزيد عن 80 دولار خلال يومين فكيف بعائلة ان تعيش ب 80 دولار لمدة شهر كامل؟!. ان المطلوب من الحركة العمالية والنسوية الوقوف بحزم والمطالبة بضمان البطالة الكافية لمعيشة العمال والكادحين. ومن الناحية الاخرى يجب رفع كل العوائق التي تضعها السلطة والميليشيات الاسلامية امام المرأة. كانسان متساو، يجب ان يكون للمرأة حرية العمل والملبس والخروج والسفر والتنقل وان الدولة مسؤولة عن تحقيق ذلك. ان الميليشيات الاسلامية المجرمة تسرح وتمرح في شوارع البصرة يحملون السواطير التي يهددون بها ملايين النساء بينما الدولة لا تقوم باي عمل لزج هؤلاء بالسجون وانقاذ المجتمع منهم ومن تياراتهم الاسلامية الرجعية المعادية للمرأة. يجب ان تحيا المرأة حياة طبيعية لها كامل الحقوق كمواطن مساو تماما للرجل.