في الذكرى العشرين لمجزرة حلبجة

يجب ادانة الحركة القومية كحركة معادية للانسانية

 

سمير نوري

Samir_noory@yahoo.com

 

تحل في 16 آذار الذكرى العشرين لمجزرة حلبجة التي ارتكبها النظام البعثي ضد المواطنين في مدينة حلبجة في كردستان العراق في العام 1988.

قامت بتلك الجريمة حكومة البعث باستعمال الاسلحة الكيماوية ضد الجماهير العزل في تلك المدينة. وقد ارتكبت الجريمة في اوضاع اشتداد الحرب العراقية -  الايرانية التي استمرت لمدة 8 سنوات وقتل فيها مئات الالاف من البشر. ان جريمة حلبجة كانت من الوحشية والقسوة بدرجة تضاهي جرائم الهولوكوست و الابادة الجماعية التي قام بها الاوروبيون ضد الهنود في امريكا او الجيش الامريكي ضد جماهير اليابان في مدينتي هيروشيما وناكازاكي وكل جرائم القتل الجماعي في التاريخ.  توضح جريمة حلبجة مدى بشاعة الحركة القومية سواء كانت عربية ام كردية ام غيرها. ان شعار الشيوعيين هو ان الحركة القومية هي حركة سياسية عنصرية معادية للانسانية وتشكل عاراً على البشرية. وبهذا الاطار فان حلبجة هي رمز لعار الحركة القومية ووحشيتها ووجودها كتيار داخل المجتمع.

ان تذكرنا لجريمة حلبجة لاعلاقة له باقامة الاحتفال لاحياء الذكرى وتجميع الناس في مدينة حلبجة، كما يقوم القوميون الكرد بذلك. بل اساساً في توجيه النقد الواضح للحركة السياسية المعادية للانسانية التي ارتكبت هذه الفظائع. ان تلك الحركة هي التيار القومي العربي. لقد قتل التيار القومي العربي ممثلة بحكومة البعث في تلك الجريمة النكراء ما لا يقل عن 5 الاف شخص خلال دقائق. ولحد اليوم يعاني مئات الالاف من البشر من الامراض الخطيرة والخبيثة كامراض سرطان الجلد وضيق التنفس جراء القصف الكيمياوي ، ولم تسلم حتى الاشجار والنباتات والطبيعة من اثار تلك الجريمة الوحشية والاسلحة الكيمياوية.

لقد حدثت جريمة حلبجة في وقت كانت الاوضاع السياسية فيه متشابكة ومعقدة بشكل اكبر من مجرد احداث الحرب العراقية الايرانية. فقد كان العالم يعيش ايام انتهاء الحرب الباردة وانهيار نظام القطبين. وكان الاتحاد السوفييتي حينها في طريقه الى الانهيار وسقوط معسكره. كان هناك تغيرا في المعادلات والاوضاع. وفي تلك الاجواء استثمرت الحكومة البعثية الفرصة لاستعمال ابشع الوسائل والاساليب للهجوم على الناس وقتل الابرياء ومنها الهجوم على الكويت واحتلاله. ان نظام البعث القومي العربي قد انتصر فيما بعد على التيار الاسلامي الممثل بالجمهورية الاسلامية واستطاع ايقاف الهجمة الاسلامية حيث كان نظام صدام يسمي نفسه حامي البوابة الشرقية للوطن العربي.

وفي تلك الفترة حصلت حكومة البعث على الضوء الاخضر من الحكومة الامريكية والغرب عموما لشن الهجوم. لم يكن بالامكان استعمال هذه الاسلحة في تلك الفترة من قبل دولة كدولة صدام حسين دون الحصول على موافقة الغرب. وبالطبع فان صدام حسين ونظامه انكرا استعمال الاسلحة الكيمياوية واتهم اطرافا اخرى بها. ومن جهته لم يقم الاعلام الامريكي باي محاولة لاثبات جريمة نظام صدام ضد السكان في حلبجة وفي مناطق اخرى من كردستان. كان هناك، برأيي، ضوءاً اخضر من قبل الغرب وامريكا لاستعمال هذه الاسلحة الفتاكة ضد البشر كالخردل والسيانيد وغيرها. بامكاننا النظر الى الصور المروعة لضحايا حلبجة وسنعرف بشاعة الجريمة و كيف سقط الالاف من البشر في الطرقات والساحات والبيوت ولم تسلم حتى العصافير والطيور من الهلاك. ان ادعاء الامريكيين اليوم بان على حسن المجيد هو انسان مجرم ويسمونه (علي الكيمياوي) واستعراض محاكمته هي عملية دعائية واستعراضية. فان من اعطى للنظام البعثي الاسلحة والامكانيات لشن الهجوم الكيمياوي هي الشركات الغربية والامريكية نفسها.

ومن جهة اخرى فسح القوميون الكرد المجال لاستعمال نظام صدام حسين للاسلحة الكيمياوية. فقد منحوه الوسيلة والتبريرات لحكومة البعث باستعمال تلك الاسلحة. فالاتحاد الوطني الكردستاني والذي كان في حينها قوة مساندة للجمهورية الاسلامية قد جلب الباسدار ( الحرس الثوري الايراني ) الى داخل العراق والى مدينة كركوك تحديدا من اجل ضرب حقول النفط في تلك المدينة وشل الاقتصاد العراقي. تلك الاعمال قد منحت حكومة البعث مجالا واسعا لاستعمال كل وسائلها الاجرامية المعهودة في شن الحرب. ان تحالف القوميين الكرد مع الجمهورية الاسلامية الايرانية قد فسح المجال لحكومة البعث القومية في مهاجمة الناس وحرق الاخضر واليابس والانطلاق كالكلاب المسعورة تنهش في اجساد الجماهير العزل.

كان بامكان القوميين الكرد في حينها اخراج الناس من حلبجة. وقد هرب فعلا العديد الة خارج حلبجة ولكن القوميون الكرد قاموا باغلاق الطرق لمنع الناس من المغادرة. لدينا رفاق من مدينة حلبجة وهم شهود عيان على منع القوميين الكرد للجماهير من الرحيل من حلبجة في ذلك الوقت. ان حياة الجماهير لم تكن تهم القوميين الكرد قيد شعرة فجل اهتمامهم كان اطلاق الدعوات للجماهير بالمقاومة والصمود!. لقد حولوا مدينة حلبجة الى ارض حرام ولم يكترثوا بحياة الجماهير. كما كان لديهم معلومات حول امكانية استخدام صدام للاسلحة الكيمياوية. وبعد رمي القنابل الكيمياوية هرب القوميين الكرد بقواتهم بينما بقى الناس داخل المدينة.

ان تاريخ القوميين الكرد يبين لنا بانهم دائما يعتاشون على الضحايا. ان حلبجة اليوم هي مجرد يافطة بايديهم من اجل الترويج لاهدافهم السياسية. انهم دائمي القول بان لديهم هذا العدد الكبير من الضحايا . ان تلك القوى تعتاش على الضحايا؛ كلما سالت دماء اكثر كلما كثرت مكاسبهم السياسية. لقد استخدم القوميون الكرد دماء الابرياء من اجل مصالح واهداف سياسية.