فشل تشكيل الحكومة في العراق

مقابلة مع سمير نوري عضو المكتب السياسي

 

نحو الاشتراكية: على الرغم من مرور اكثر من سبعة اشهر على مهزلة الانتخابات في العراق الا انه لازالت الكتل الفائزة في الانتخابات عاجزة عن تشكيل الحكومة. باعتقادكم هل ان سبب هذا الفشل مرتبط بالتدخلات الخارجية في الشان السياسي العراقي، ام مرتبط بانعدام الانسجام السياسي وحدة التناقضات بين تلك القوى والاحزاب السياسية الفائزة؟

 

سمير نوري:ان فشل تشكيل الحكومة ترجع الى فشل نموذج  الليبرالية الجديدة(المحافظين الجدد) والنظام العالمي الجديد للحكم، وترجع الى هزيمة هذا النظام البربري وسياسة البوشيزم والتي اعتمدت تقسيم الناس وفق القومية و الدين و الطائفة، والاعتماد على التعديدية الثقافية والنسبية الثقافية؛ أي ذلك النموذج الذي كان بعتبر ان العراق مزهرية مكونة من عدة اقوام واديان وطوائف وسلبوا الأنسان

 

العراقي هويته الأنسانية وألغوا المواطنة المتساوية و دمروا كل أسس المجتمع المدني وأبدلوها بالتقسيمات الشيعية والسنية والعربية و الكردية، و لحد الآن يتحدثون عن حكومة الشيعة والسنة و الكرد . لقد دمروا الدولة  لم يستطيعوا تعويضها بدولة اخرى، و نحن قبل اكثر من خمسة سنوات اعلنا بان البرجوازية المحلية و العالمية عاجزة عن تشكيل الدولة و قلنا في حال قدرته على بناء الدولة سوف تكون دولة رجعية دينية و قومية، والآن كل الحقائق المرة تتحدث عن فشلهم في تأسيس الدولة وتشكيل الحكومة.

 

أما بخصوص الشق الآخر من السؤال فلا نستطيع طرح الموضوع بهذا الشكل لان الموضوع لم يكن موضوعا محليا بل ول يكن حتى على مستوى المنطقة، ان الهدف من الحرب ضد العراق كانت سيطرة امريكا على العالم وفرض هيمنتها ونموذجها على العالم. ولا يزال العراق يعاني من نتائج تلك الحرب و المعضلات والكوارث و الماساة التي خلقتها للشعب العراقي.

ان الحرب قد حولت العراق الي ساحة لحسم الصراعات العالمية وخاصة بين قطبي الأرهاب امريكا و حلفائه من طرف و الأسلام السياسي في الطرف الأخر و لا يزال النزال بين القطبين على الساحة العراقية باقي بقوته. التدخل الأيراني من طرف و بشكل مباشر تشكيل جبهة بوجه امريكا و القوى السنية _ الناسيونالستية العربية. و بالتاكيد ان السعودية و الاردن و تركيا لهم حصتهم في اوضاع العراق حتى حسن نصرالله و عمر موسى والجامعة العربية لهم ضلع في الموضوع. ان الوضع شائك و معقد وكل العناصر العالمية والاقليمية موجودة ويلعبون دورهم في ألأزمة و تعميقها، و لكن في المحصيلة النهائية تبدو الاوضاع بان البرجوازية غير قادرة على ادارة المجتمع وتأمين ابسط متطلبات المجتمع من الأمن والخدمات.

 

نحو الاشتراكية: على ضوء زيارة نوري المالكي الاخيرة الى ايران والزيارات المتكررة لمختلف رموز كتلة العراقية تارة الى سورية واخرى الى مصر ودول الخليج. هل تعتقد ان طبيعة الصراع القائم بين مختلف القوى الاقليمية والدولية ذات العلاقة بالشأن السياسي العراقي هي التي ستحسم مشكلة تشكيل الحكومة ومعالجة الازمة السياسية في العراق، أم ان طبيعة الموازنات السياسية والاجتماعية بين تلك القوى داخل المجتمع العراقي هي التي ستعالج تلك المشكلة؟

 

سمير نوري: نحن تحدثنا عن الدور الأيراني في العراق و هناك تقارير تتحدث عن ذلك المشهد وتوضح كيف اتجه مقتدى الصدر و الصدريين الى جانب نوري المالكي وكيف احرجوا امريكا. وبعد التدخل الأيراني و خلق التوازن الجديد وحصول نوري المالكي على عدد كبير من الأصوات وسحب البساط من تحت قدمي علاوي و قائمة العراقية. بعد ذلك التغير في توازن القوى يسعى المالكي للحصول على تأييد دول المنطقة ويطمأنهم بالعلاقات الطيبة و اعطائهم دور في التطورات القادمة في العراق.

نحن قبل الأنتخابات بمدة طويلة بينا كيف ان الأنتخابات لن تحل مشكلة العراق وبينا كيف التوهم بالأنتخابات والتغيرات التي تلي الأنتخابات تدفع بالوضع العراقي الى اوضاع متعارفة، وقلنا بان الأنتخابات تدفع الوضع الى الأسوء و سوف تمر تشكيل الحكومة بمرحلة عسيرة. كما انتقدنا تصورات المدعين بالشيوعية العمالية الموالين " للمشاركة"، لاننا كنا نعرف بان الأنسحاب الأمريكي من العراق و صعود دور القوميين العرب سيؤثر على الأوضاع السياسية، و لحد الآن هذه التطورات تدفع بالأوضاع الى الأسوء و لا يزال لا يوجد افاق امامهم لتشكيل الحكومة.

 

نحو الااشتراكية: كل المراقبين السياسيين متفقين على مسألة ثقل الدور السياسي الايراني في الشأن السياسي العراقي.. هل تعتقد أن سبب التدخل الايراني في العراق وبقية دول المنطقة مثل لبنان وفلسطين مرتبط بمساعيها في معالجة أزماتها السياسية الداخلية، أم بمساعيها الهادفة لفتح جبهة جديدة ضد امريكا وحلفائها بغية تقوية موقعها التنافسي للسيطرة على مناطق النفوذ الاقتصادي والعسكري في الخليج وبقية المنطقة؟

 

سمير نوري: ان الثورة الجماهيرية التي اندلعت في حزيران من العام الماضي في ايران هزت كيان الجمهورية الأسلامية و دقت ناقوس انهاء دور الأسلام السياسي في المنطقة. ان توجيه الأنظار الى الخارج و ابعاد الخطر على جمهورية الرجم والأعدام يشكل مسالة حياة او موت بالنسبة لهم. ولا يزال قطب الأسلام السياسي يستفيد من قبل الجمهورية الاسلامية، وان ايران تعتبر المرجع المادي والمعنوي لهم، وان الصراع ضد اسرائيل وامريكا وابراز شعار الموت لاسرائيل والشيطان الاكبر يشكل المحتوى الايديولوجي لصراعهم .

ان تقوية جبهة الاسلام السياسي و رص صفوف حلفائه بالتكيد هو سعي للسيطرة على السلطة ومناطق النفوذ وهذه المسألة تمر بمجرى قيادته للحركة المعادية لامريكا. و لكن هل ستنقذ هذه المحاولات النظام الايراني من الأزمة السياسية و الأيديولوجية التي تواجهه الان داخل ايران. تلك مسألة اخرى.

 

نحو الاشتراكية: انتم في الحزب الشيوعي العمالي اليساري العراقي كيف تقرأون قضية الازمة السياسية في العراق عموما" وازمة تشكيل الحكومة وانتخاب الرئاسات الثلاث خصوصا"، وهل هناك علاقة معينة بين ازمة تشكيل الحكومة وتوسع الاعمال الارهابية التي تستهدف امن واستقرار جماهير العراق وتطلعها الى غد افضل؟ وماهو المخرج من تلك الازمة أو بالاحرى ما هو الحل الإنساني للخروج من تلك الأزمة؟

 

سمير نوري: ان كل القوى البرجوازية مشاركة في " الأعمال الأرهابية"  من نوري المالكي الى  القاعدة وامريكا والقوميين الكرد ورائحة كريهة تفوح من جرائمهم بين حين واخر. يمكن للقراء مراجعة وثائق ويكلييكس بهذا الخصوص حيث سيتبين مدى فظاعة وحجم جرائمهم ، وبإالامكان القول ان تصعيد الأرهاب هو مرحلة التصفيات فيما بينهم، برأي ان تصعيد الأرهاب وازمة الحكومة ترجعان كلاهما الى الوضع السياسي غير المستقر والى هشاشة الأوضاع وخطورتها.

 

ان الأنتخابات و تشكيل  الحكومة و ازمة تشكيل الحكومة كلها اجزاء من عملية تسمى بالعملية السياسية في العراق التي بدات بالحرب الأمريكية . ان خلاص الجماهير لا يمكن انجازه ضمن هذا العملية و لا من خلالها كما يدعي بعض من يسمون انفسهم شيوعيين او شيوعيين عماليين زورا. ان العملية السياسية برمتها معادية لجماهير العراق بقواها و شخصياتها وخطواتها، ان وثائق وكليليكس حول العراق الذي يبين بربرية البرجوازية في هذا العصر يشكل جزء بسيط من الجرائم التي نفذت بحق جماهير العراق ووسيلة هذه العملية السيئة الصيت. لذا حتى  اذا استطاعوا ان يشكلوا الدولة و الحكومة سوف يمارسون سلطتهم البربرية ضد الجماهير الواسعة و يبيضون وجه الجلاد صدام حسين مرة اخرى. لهذا فالمخرج من ذالك الأزمة لا يتطابق مع تطلعات الجماهير الى غد افضل. ان انهاء سلطة هذه القوى وازاحتهم هو المخرج من الأزمة التي خلقوها في العراق.

ان ظهور افاق الخروج من الأزمة و الكارثة التي يعاني منها اليوم الشعب العراقي مشروط بالنضالات الجماهيرية حول قضية الكهرباء في مدن الجنوب و نضال الجاهير في كردستان حول حرية التعبير و الصحافية و الحرية السياسية غير المشروطة. ان تطور هذا النضال الى حركة سياسية عريضة لازاحة تلك القوى البرجوازية  بناء الأشتراكية يمثل الحل الأنساني للخروج من الأزمة.